والله اعلم | الإيمان وأركانه وأخلاق الأسلام / الحلقة الكاملة

والله اعلم | الإيمان وأركانه وأخلاق الأسلام / الحلقة الكاملة - والله أعلم
أصلح الله أوقاتكم بكل خير وأهلاً بكم. معه من خلال هذه القراءة المتأنية في منهجه الإصلاحي والتجديدي حول الإيمان. ما معنى الإيمان؟ هل الإيمان هو علاقتنا بالغيب؟ ما أركان الإيمان؟ ماذا يعني أن تكون مؤمناً صادقاً وحقيقياً في هذه الحياة؟ مولانا الإمام، أهلاً بفضيلتكم، أهلاً ومرحباً بكم، مولانا، هذه الكلمة
"الإيمان" لكل حق حقيقة، فما الإيمان وما حقيقة الإيمان؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، صلى الله عليه وسلم. الألف والميم والنون هي الحروف الأصلية لهذه الكلمة المباركة، ومعناها في اللغة يدور حول الصدق والتصديق. فيقول إخوة يوسف لأبيهم عليه السلام: "وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين"، أي بمطمئن، بمصدق، بقابل، وهكذا. فالإيمان هو التصديق وهو الصدق، ومن هذا أُخذ الأمن. فالأمن معناه أن يكون
الإنسان صادقاً، ولذلك كان قديماً إذا تكلم أحدهم مع أحد الملوك أو الكبار يقول له: "آخذ عليك". الأمان، انظر إلى كلمة الأمان، الأمن، الإيمان، كلها مشتقة من الألف والميم والنون، أي أن تطمئنني وأن تصدقني، لأنه لو كذبه يقع عليه العقاب، لكنه يريد أن يأخذ منه الأمان بمعنى أنه يطمئن إليه ويصدقه فلا يوقع عليه العقوبة ما دام قد صدقه، فالأمن هو هذا، هو الذي اشتق منه ولذلك قال العلماء عندما حدثت الفتن: "الأمن قبل الإيمان". كانوا يعنون بها مسألة لغوية أنه
من "آمنة" يُؤخذ منها "الإيمان"، ولذلك الشاعر الذي تغنت به السيدة أم كلثوم ويقول - أظنه إقبال، إقبال: "إذا الإيمان ضاع فلا أمن ولا إيمان" - يعني أن الأمن والإيمان مع بعض، ولماذا الأمن قبل؟ الإيمان لأن الإنسان لا يستطيع أن يظهر إيمانه في وسط الاضطراب والقلاقل والأخذ مثل الدواعش هكذا عندما دخلوا والإرهابية عندما استولت وهي تتسلط على عقول الناس يعني إذا تكلمت قُتلت، كانت الدواعش هكذا قبل أن يذهبوا في نار جهنم. فالأمن والإيمان متصلان، فما حقيقة هذا الإيمان الذي قد أُخذ
من. التصديق من الطمأنينة من الاستقرار من الهدوء النفسي، وهكذا هو التصديق بالقضايا الكبرى، لأنني يمكن أن أصدق بأي قضية فأكون قد آمنت بها، ولتكن قضية العمل، قضية الإنتاج، قضية أريد القضاء على البطالة، أريد القضاء على المرض وأريد مقاومة المرض، التنمية، أريد قضية اسمها التنمية، قضية اسمها الحرية. قضية اسمها الأخوة الإنسانية، قضية اسمها التعايش، قضية اسمها عمارة الأرض، قضية اسمها فما القضايا الكبرى التي يجب أن أصدق بها لكي أكون مؤمناً. قضية، القضية الكبرى العظمى التي معها البداية والتي لها الحياة والتي إليها المنتهى والتي هي غاية
هذه الحياة الإنسانية بل والكون جميعاً: الإيمان بالله، هكذا بموضوعية. ولذلك كانت قضية الإيمان بالله هي البداية، هي المفتاح، هي الباب، هي الأساس - سمها ما شئت - ولكنها هي التي لو نُزعت من حياة الإنسان لصارت حياته أشبه بالحياة البهيمية. بل لا، أستغفر الله، إن الحياة البهيمية أرقى منها بكثير لأن البهيمة تعبد الله بحالها. لكن هذا لا يعبد الله بإرادته واختياره ولا يريد، ولذلك تصبح حياته مؤذية. تخيل أن الله خيال، مطلق،
وأن الله ليس موجوداً! ما الذي يمنع القوي من أن يفتري على الضعيف؟ ما الذي يمنع الغني من أن يحتقر ويستعبد الفقير؟ وصلت البشرية في أنماط كثيرة في... أشار العالم إلى أن هناك ظاهرة كانت تُسمى الإقطاع. ما هو هذا الإقطاع؟ كان الإقطاع هو نظام يمتلك فيه شخص الأرض ومن عليها. هذا النظام كان في أوروبا يا مولانا، في أوروبا. نحن لم نعرف الإقطاع في شرقنا عبر التاريخ، حتى عند الفراعنة والآشوريين والكنعانيين والهنود وغيرهم، لم يعرفوا الإقطاع ولكن كان هناك إقطاع بالمعنى الأوروبي الذي كان فيه السيد أو النبيل أو الإقطاعي يملك
الأرض ومن عليها. يعني ماذا يملك الأرض ومن عليها؟ وصل الحال بهم من الفساد وقلة الديانة وقلة العقل إلى أنه كان من حق السيد ليلة الدخلة، الليلة الأولى يا مولانا، الليلة الأولى، نعم يعني ما... لا يتزوج أحد في البلد إلا بعد أن تنام العروس مع أخينا الإقطاعي الحيوان هذا الذي هو نبيل وما شابه ذلك تشرُّفاً، أي أن زوجها هو الذي يحملها إليه لأنه يتشرف بأنها نامت مع هذا الأمير أو هذا الإقطاعي، ثم بعد ذلك تلحق بزوجها أشياء مقززة إذا ما قيست بمقياس زمانًا أو قيست بمقياس أي دين أو قيست بأي نوع من أنواع الأخلاق التي يحمدها
الناس، ولكن طغيان المادة ومفهوم الملكية يؤثر على هؤلاء لأنهم قد أخرجوا الله من نظام حياتهم. إذًا يبقى الإيمان هو الإيمان بالله، ماذا قال الله سبحانه وتعالى؟ قال الله لنا شيئًا حقيقيًا واقعيًا أن... العالم الذي نعيش فيه هو على نوعين: عالم الشهادة وعالم الغيب. هناك عالم مُشاهَد وهناك عالم غائب عنا. وحتى يُربي فينا هذه الملكة، تكلم عن بعض العوالم الصغيرة التي هي من عالم الغيب، والتي هي من عالم ما نسميه بالملكوت. يبقى هناك مُلك وهو مشاهدة المُلك الذي نحن فيه. مولانا الذي نراه، نعم، هو الحسين وهو
في الملكوت ونحن لا ندركه وهو خلف هذا المنظور، ومن الملكوت عالم الجن وعالم الملائكة وهكذا عالم الجنة ونعيمها والعرش والكرسي، كل هذه الأشياء مخلوقة الآن وموجودة الآن ولكنها من عالم الملكوت لأننا لم نرها، فأصبح هناك عالم الغيب والشهادة، ولذلك الإيمان رقم يصل إلينا بهذه الحقائق وهو الرسول، هو الذي لا يعرف القراءة والكتابة وإلا كان خارجاً عن الحقيقة والواقع ويصبح خيالاً وتصبح أساطير، ولكن الرسول عندما جاء، بمعجزة آمن البشر بمثلها، وأخبرنا عن الله سبحانه وتعالى، واتفقت كلمة الرسل في إخبارهم عن الله أن هناك عالماً آخر غير
منظور. عالم الملكوت، ولذلك كان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، ومن أجل هذا وهذه هي أركان الإيمان. فيما بعد حدثنا الله عن شيء عظيم جداً يؤثر في السلوك الاجتماعي وهو قضية التكليف. قال لي: صلِّ وصُم، إياك أن تزني، إياك أن تشرب الخمر، إياك أن تسرق، إياك أن تكذب، إياك أن الزور أفعل ولا تفعل. هذا التكليف استوجب حساباً يترتب عليه ثواب أو عقاب. هذه المسألة ستكون في يوم آخر، فأصبح الإيمان باليوم الآخر - وانتبه - يصبح إذاً: القضية الكبرى هي قضية الإله، والقضية الثانية هي قضية تكليف الإله
الذي يتم بالوحي عن طريق الرسل، والقضية الثالثة هي... الإيمان بالكتب التي نقلت هذا الوحي وسطرته وهي تُنبئ تحت كل سقف معرفي عبر التاريخ عما في هذه التوجهات الإلهية في كيفية عبادة الله وعمارة الكون وتزكية النفس. القضية التي بعدها الإيمان بالغيب. القضية التي بعدها هي الإيمان باليوم الآخر يوم الحساب، ولذلك الجماعة التي لم تأتِ والتي لم يؤمنوا. بالرسل أو اختلطت عليهم الحالة قالوا ما هذا؟ إذن أين الحساب؟ لا بد أن يحدث حساب، فذهبوا واخترعوا خيالاً من عند أذهانهم بالتناسخ والتراصخ والتفاسخ - هل تنتبه؟ - وقالوا: إن هذه الروح تخرج ثم تنزل
لكي تأخذ عقوبتها أو تأخذ حياتها أو تتحول في أشكال أخرى أو تتحول في أشكال أخرى من الحيوان فيسمونه التراسخ، نعم. أو إذا كان في الجماد فيكون تفاسخاً أو شيئاً مشابهاً. يعني التناسخ من بشر لبشر يكون تناسخاً، ومن بشر إلى حيوان يكون تفاسخاً، نعم. ومن بشر إلى حجر وجماد يكون تراسخاً لأنه أصبح راسخاً، فلا يتحرك، فقد ذهبت عنه خاصية الحركة. لكن هل هو بقرة أم جاموسة؟ يعني ماذا يكون؟ أما زال يتحرك؟ يتألم عندما تكويه بالنار، يتألم ويصرخ، هذا هو. وتصورهم عن هذه الحياة لأجل أن يحلوا مسألة الحساب. يا سلام! ماذا إذن؟ أنت الآن تقول لي افعل ولا تفعل، لن أفعل الشيء السيء وسأفعل.
الأمر الجيد، لكن ماذا لو افترضنا أنني فعلت الأمر السيئ، ماذا ستفعل بي من عقاب؟ وإذا افترضنا أنني فعلت الأمر السيئ، ماذا ستعطيني؟ إذن لا بد أن هناك ثواباً. نعم، عندما فعلت الأمر الجيد، فأين إذاً هذا الثواب والعقاب؟ أنا ليس لدي يوم آخر، ولذلك أخبرنا الله، وهم مساكين لم أو بلغهم ولم يصدقوا أو بلغهم وخفيت عليهم أخبارهم أنه لا يوجد يوم قيامة ولا شيء. حسنًا، فإذًا نستطيع أن نقول ماذا؟ أن أركان الإيمان ستة، نعم: الإيمان بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر والقدر خيره وشره. والقدر هنا، بعد أن آمنا بالذات العالية، آمنا بالصفات التي للذات العالية.
لدينا الشيخ حسن الإسلام جاء وقال لنا ماذا؟ قال لنا في ذات الله، وهي الذات العلية التي هي مفارقة للأكوان، والتي ليس فيها حلول ولا اتحاد، وفيها صفات، وفيها أكوان، وفيها كلمة واصلة بين الحادث والقديم. وسنفصل الكلام بعد الفاصل إن شاء الله، كما أن للإسلام أركاناً. أيضاً عندنا للإيمان أركان. فاصل ونعود إليكم، ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم مولانا الإمام. أوضحت لنا أن للإيمان أركاناً وللإسلام أركاناً، ونتحدث عن الإسلام لكي نفهم الإيمان أكثر. مزيد من التفاصيل في هذه النقطة تحديداً يا مولانا. ما بدأت وقبل الفاصل حول الإسلام وحول كيف نفهم
الإيمان. الإسلام هو ربنا سبحانه. وتعالى أرسل لنا الدين من أجل هذه الإجابات الثلاث بوضوح التي حيرت البشرية: من أين نحن؟ ماذا نفعل الآن؟ ماذا سيكون غدًا بعد الموت؟ الماضي والحاضر والمستقبل. أما الماضي فقد بيّن الله لنا أنه الخالق سبحانه وتعالى. خلصنا... هم يبحثون الآن في الجيولوجيا وفي الأنثروبولوجيا وفي علوم البحار عن كيف أتينا، وفي النهاية يقولون إننا أتينا بخلق، هناك من خلقنا، حسناً، هذه هي الإجابة على السؤال الأول: الله خلقنا. السؤال الثاني: ماذا نفعل هنا؟ حسناً، نحن نعيش وبقينا عقلاء، ماذا نفعل؟ فأجاب
الله عن هذا بأنكم مكلفون تحت عنوان "افعل ولا تفعل" خمسة وتسعين في المئة. المائة من الإسلام يا أستاذ حسن أخلاق، وخمسة وتسعون في المائة من هذه الأخلاق متفق عليها بين البشر. نعم، الصدق والتواضع واحترام الذات واحترام الآخرين في التعامل، يعني متفق عليها بين البشر. عندما تسأل الياباني أو الإنجليزي أو الملحد أو المتدين، سيقول لك: نعم، هذه أخلاق حميدة وليست... وحشة ليست سلبية وفي شرائع والإجابة على السؤال الثالث ماذا سيكون غداً، قال لنا: في يوم آخر وفي جنة وفي نار وفي حساب
وفي عقاب وفي ثواب. طيب، حسناً، خلاص اتضح الحال وظهر المآل. اتضح الحال الذي هو الآن وظهر المآل الذي هو في المستقبل. أنت تقول أن هذه يكاد الجميع متفقين على أن هناك خالقاً، حتى الملحدون غير قادرين على إنكار ما يسمونه بالإلحاد الأسود، وغير قادرين على إنكار عدم وجود السبب. لكنهم ماذا يقولون؟ يقولون إن هذا السبب موجود، ثمة سبب، ولكنه ليس فلسفياً ولا رياضياً. قلنا لهم: حسناً، نعم هو ليس فلسفياً وليس رياضياً لأن الله قالوا إنه سبب موجود لكنكم
تصفونه، فقلنا لهم: نعم، فهناك ذات وهناك صفات، وهذه الصفات عددها في القرآن الكريم يرد في مائة وخمسين اسماً في القرآن الكريم، وهي أسماء الله الحسنى. مولانا، ما هي أسماؤه؟ لي أن أسأل ولي أن تصحح. مولانا، هل هذه... الأسماء الحسنى ولا نعني بها أشياءً أوسع من ذلك، فمثلاً أسماء الله الحسنى التي حفظناها لا توجد فيها كلمة "قدير"، مع أن "قدير" موجودة في القرآن: "إن الله على كل شيء قدير". ولا توجد فيها "محيط"، مع أنها موجودة: "والله بكل شيء محيط". فإذن، هناك في القرآن أسماء غير التسعة هل أنت منتبه؟ وفي السنة مائة وأربعة وستون يوماً،
وعندما نجمعهم يصبح المجموع مائتين وعشرين. وأسماء الله الحسنى تسعة وتسعون، "إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحداً" أي تسعة وتسعون، تسعة وتسعون "من أحصاها دخل الجنة". ماذا تعني "أحصاها"؟ تعني أن تتخلق بأخلاقها، فتتخلق بالجمال، وتتعلق بالجلال، وتصدق بالكمال. ليس مجرد الحفظ، نحن نرجو الله سبحانه وتعالى أن من حفظها دخل الجنة يا رب من سعة فضلك يا رب، لكن الأساس هو أن نتخلق بهذه الأسماء، يعني ربنا يحب الرحمة، "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"، ربنا يحب الرحمة، فيكون بسم الله الرحمن. الرحيم ربنا يحب الرحمة "إنما أنا رحمة مهداة" و"ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"،
فيجب علينا أن نكون رحماء يا أخي، و"الراحمون يرحمهم الرحمن". انظر كيف أن معنى "تخلقوا" هو أن تتخلقوا بأخلاق الله. هذه التركيبة ليس فيها حديث، ولكنها معنى صحيح لمجموعة كبيرة جداً من الأحاديث. وإن كان هو المنتقم، بها ليس أن نتخلق يعني ليس أن أكون منتقماً جباراً عظيماً متكبراً. هذا الجلال يا مولانا، نعم هذا الجلال. دائماً ماذا أفعل به؟ أتعلق به. يا منتقم يا جبار احمني، يا منتقم يا جبار أغثني، وهكذا. وفي كمال الله الأول الآخر الظاهر الباطن الوالي المتعال البر التواب. ما هذا؟ هذا ولذلك نصدقه، ونصدق أنه هو الأول، ونصدق أنه هو الآخر، ونصدق أنه هو الظاهر، ونصدق أنه هو الباطن، ونصدق أنه
الله. فيبقى إذاً في ذات هذه الذات يكاد لا ينكرها أحد، حتى الملحدون الذين يتجادلون الآن على الفيسبوك وغيره، وما إلى ذلك، لا ينكرونها، وهي أن لهذا الكون موجود، لكن الله سبحانه وتعالى في المقام الثاني له صفات، وهذه الصفات قائمة بذاته فهي كثيرة، هل انتبهت؟ وبعض الناس يقولون إنها كثيرة جداً لأن النبي عندما يدعو - والنبي يعرف ربه - يدعو قائلاً: "اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك أنزلته في كتابك"، هذه مائة وخمسون، أو أحداً من خلقك الذي هو سيدنا النبي مثلاً أعطِ مائة وأربعة وستين آخرين تجمعهم
فيصبحوا مائتين وعشرين، أو استأثرت في علم الغيب عندك به، يعني يكون إذا هذا لله أسماء كثيرة جداً، يمكن لم يظهر لنا إلا واحد في المليون، المائتان والعشرون هؤلاء اضربهم في مائتين وعشرين مليون. أريد أن أقول لك أن هذه الصفات هي التي بيننا وبينهم، نقول لهم هذا حكيم فيقولون لا ليس حكيمًا، ويحاولون يا عيني - والله يكون في عون مدرسيهم، الله يكون في عونهم. لماذا يا مولانا؟ لأن الأطفال مقهورون من الداخل. أنا حتى الآن لم أصادف في حياتي شخصًا ينكر. إلى الآن الذين صادفتهم كثيراً ويعلنون الإلحاد ويقولون إننا ملاحدة
وما إلى ذلك، هؤلاء ينكرون صفات الله أو غاضبون من الله. هؤلاء الملاحدة حتى الآن لم أر واحداً منهم يقول إن الإله غير موجود، لكن رأيت مجموعة من الملاحدة وناقشتهم وما إلى ذلك، يقولون... إنَّ نحن غاضبون منك، حسناً، فليبرروا غضبهم بشيء يا مولانا، ما مبرر هذا الغضب؟ وما تجليات هذا الغضب؟ لا مبرراته غير تجلياته. حسناً، أنا أريد أن أعرف هذه وتلك. يا بُنَيّ، لماذا أنت غاضب من ربنا؟ قال لك: أخذ أخي، كان لي أخ من أمي وأبي، وفي ريعان الشباب دخلنا وجدناه ميتاً، هل تسمح أن تقول لي لماذا
أخذه؟ وهو يقول لك: هل تسمح أن تقول لي لماذا أخذه؟ تشعر أنه يعني أنه غير مؤمن بالله، ويقول أنه إذا كان هناك إله ما كان أخذه، لكن هذا يعني أنه لا يوجد إله، ولذلك هو مات فقط. لكنه ليس كذلك عندما في الكلام تجده غاضباً من الله، غاضباً من الله هنا لماذا؟ لأنه لا يعرف الحكمة ولأنه لا يعرف الحقيقة التي يوضحها الله في القرآن مرة والثانية والثالثة والرابعة والخامسة. وشخص آخر غاضب من الله لماذا؟ لأنه أعطاه عقلاً، وليس أي عقل بل أذكى عقل في العالم، وهو لا يعرف كيف أتدرك ذلك؟ حسناً، أليس من المفترض أن يكون هذا العقل
الجميل في جسم قوي ولو كان كالرجل الخارق، ويتزوج ويصبح لديه أموال وأولاد وأملاك وما شابه؟ هل يظل طوال الوقت جالساً يتناول الأدوية وهو موضوع على كرسي وهكذا؟ ماذا يريد إذن؟ إنه أحد أمرين: إما أن ينكر وإما... أغضب، لا يستطيعون إظهار الغضب لأن الغضب يعلم أنه لو أظهر غضبه ماذا سيفعل؟ سيبكي وبعد قليل يقول له: حسناً، اغفر لي، طيباً، هاه. من عظمة الإله، لكنه يُخفي ذلك بما يسميه هو بالإلحاد. بعد المناقشة يتضح أنه مقرٌ بوجوده، بل هو مقرٌ بصفاته، وإنما هو غاضب. يحتال على الشعور، نعم، يبعد من ذهنه
فكرة أنه غير موجود. بماذا يبعد من ذهنه أنه غاضب منه؟ بأنه غير موجود. لكنه غاضب، وغاضب جداً. وأصبح لكل شخص سبب من هذه الأسباب. هكذا، هذه قطعة أخرى، ولكن الله له. له. ذات وله صفات وصفاته قائمة به سبحانه وتعالى ونحن في المسلمين قد أخذنا هذه الصفات وصنفناها. قلنا إن هناك صفات قائمة بذات الله سبحانه وتعالى فهي صفات معانٍ: العلم، القدرة، الإرادة، السمع، البصر، الحياة، الكلام. فصفات المعاني هذه يخرج
منها صفات معنوية مثل ماذا؟ الصفات المعنوية مثل... أنه يعني أنه هو عالم ومريد وسميع وبصير وحي ومتكلم وهكذا وقيوم، فهذه الصفات السبع وسبع صفات أخرى معها، وصفة نفسية وهي الوجود أنه موجود، فهو ليس خيالاً وليس شيئاً فرضياً نحل به المشكلات، بل هو موجود فعلاً. ثم جاء هيجل وقال: ما رأيكم أن نعتبره شيئاً فرضياً؟ هكذا وأن هو ما يوجد إله الذي نحن يعني هو حل فينا هو الشيء الذي حل فينا. فنيتشه قال له تهت والأنا يصبح غير موجود. ما دام حل فينا كلنا يصبح هو غير موجود خارج العالم. فإذا توجد قضية
اسمها الذات وتوجد قضية اسمها الصفات، والذات والصفات قديمة كانت ولم. لم يكن شيء معها وبعد ذلك وجدت الكلمة، ولذلك في الكتب المقدسة يقول لك: "في البدء كانت الكلمة". هو الإنجيل يخبرنا: "في البدء"، في البدء، الذي هو بدأ ماذا؟ وما هي هذه الكلمة؟ ومن هنا فإن هذه الكلمة مهمة جداً في الأديان. الكلمة عند المسلمين يسمونها القرآن، وعند المسيحيين الكلمة هذه التي كانت في البدء، كانت الكلمة - هل تنتبه؟ - عند اليونانيين من بقايا أتباع الأنبياء يسمونها "اللوجوس"، كلمة في كلمة.
هنا حدث أن هذه "اللوجوس" تطورت بعد ذلك إلى أن أصبحت المنطق - هل تنتبه؟ - فتكون هذه الثلاثة جيدة. وبعد ذلك في الكون الذي نحن فيه والملكوت الذي نراه ولا نراه هو كون، لكن يمكننا أن نراه، ولذلك سيدنا محمد في الإسراء رأى الكون، رأى الكون. كيف نرى الكون؟ [فاصل] ونعود لنعرف هذه القراءة، كيف نقرأ هذا الكون ونفهم هذا الكون ليكون دالاً في إيماننا بالله سبحانه. الإمام أوضحت لنا أن للإيمان أركاناً
وللإسلام. أركان وبينما نتحدث عن الإسلام لكي نفهم الإيمان أكثر، نحتاج إلى مزيد من التفاصيل في هذه النقطة تحديداً يا مولانا. ما بدأت به قبل الفاصل حول الإسلام وحول كيفية فهمنا للإيمان، هو أن الإسلام هو دين أرسله الله سبحانه وتعالى لنا من أجل الإجابة بوضوح على هذه الأسئلة الثلاثة التي الآن ماذا سيكون غداً بعد الموت؟ الماضي، الحاضر، المستقبل. أما الماضي فقد بيّن الله لنا أنه الخالق سبحانه وتعالى. خلصنا، إنهم يبحثون الآن في الجيولوجيا وفي الأنثروبولوجيا وفي علوم البحار عن كيفية مجيئنا، وفي النهاية يقولون إننا أتينا بخلق، هناك من خلقنا. حسناً، ها هي
الإجابة. على السؤال الأول: الله خلقنا. السؤال الثاني: ماذا نفعل هنا؟ حسناً، نحن عشنا وبقينا عقلاء، ماذا نفعل؟ فأجاب الله عن هذا بأنكم مكلفون تحت عنوان "افعل ولا تفعل". خمسة وتسعون في المائة من الإسلام، يا أستاذ حسن، أخلاق. وخمسة وتسعون في المائة من هذه الأخلاق متفق عليها، متفق عليها. بين البشر، نعم، الصدق، والتواضع، واحترام الذات واحترام الآخرين، والتعامل، أي المتفق عليها بين البشر. عندما تقول للياباني أو الإنجليزي أو الملحد أو المتدين، يقول لك: نعم، هذه أخلاق حميدة، ليست سيئة، ليست سلبية. وهناك شرائح،
والإجابة على السؤال الثالث: ماذا سيكون غدًا؟ قال لنا: في يوم آخر وفي... جنة وفي نار وفي حساب وفي عقاب وفي ثواب، حسناً، اتضح الحال وظهر المآل. اتضح الحال الذي هو الآن، وصار المآل الذي هو في المستقبل. أنت تقول إن هذه الذات يكاد يكون متفقاً عليها أن هناك خالقاً، حتى الملحدون غير قادرين على إنكار ما يسمونه الإلحاد الأسود، ليس... قادرون على إنكار عدم وجود السبب، لكنهم يقولون: إن هذا السبب موجود، هناك سبب ولكنه ليس فلسفياً ولا رياضياً. قلنا لهم: حسناً، نعم
هو ليس فلسفياً وليس رياضياً لأن الله خارج العالم. قالوا: هذا سبب موجود لكنكم تصفونه. قلنا لهم: نعم، فالأصل أن هناك ذاتاً وصفات. والصفات هذه عددها في القرآن الكريم ورد في مائة وخمسين اسماً في القرآن الكريم التي هي أسماء الله الحسنى يا مولانا. ما هي أسماء الله الحسنى؟ لماذا أسأل ولماذا أن تصحح مولانا؟ هل هذه هي الأسماء الحسنى أم نعني بها أشياء أوسع من ذلك؟ ما هي مثلاً أسماء الله الحسنى؟ التي نحفظها لا تحتوي على كلمة "قدير"، و"قدير" موجودة في القرآن صحيح أن "الله على كل شيء قدير". "قدير" لا تحتوي على كلمة "محيط" وموجودة "والله
بكل شيء محيط". فإذاً هناك في القرآن أسماء غير التسعة والتسعين، هل أنت منتبه؟ وفي السنة مائة وأربعة وستين، وعندما نجمعهم يصبح المجموع مائتين الحسنى تسعة وتسعين، إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا، يعني تسعة وتسعين، تسعة وتسعين، من أحصاها دخل الجنة. أحصاها يعني ماذا؟ يعني تخلَّق بأخلاقها، فيتخلَّق بالجمال، ويتعلق بالجلال، ويصدق بالكمال. يعني ليست مجرد حفظها، ليس مجرد الحفظ. نحن نرجو الله سبحانه وتعالى أنه من حفظها دخل الجنة يا. رب من سعة فضله يا رب لكن الأساس هو أنني، أن هذه الأسماء يعني نتخلق بها، يعني ربنا يحب الرحمة، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
ربنا يحب الرحمة فيكون بسم الله الرحمن الرحيم. ربنا يحب الرحمة، إنما أنا رحمة مهداة، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، فيجب... لنكن رحماء يا أخي، والراحمون يرحمهم الرحمن. انظر كيف يعني، ما معنى "تخلقوا"؟ معناها تخلقوا بأخلاق الله. هذه التركيبة ليس فيها حديث، ولكنها معنى صحيح لمجموعة كبيرة جداً من الأحاديث. طيب، هو المنتقم؟ لا نتعلق بها، لسنا نتخلق بها، يعني لا أكون منتقماً أو جباراً أو عظيماً أو متكبراً. لا، مولانا هذا الجلال، نعم مباشرةً. ماذا أفعل به؟ أتعلق به. يا منتقمي، يا جبار، احمني. يا منتقمي، يا جبار، أغثني. وهكذا وفي كمال الله الأول الآخر الظاهر الباطن الوالي المتعال البر التواب. ما هذا؟
هذا كمال، ولذلك نصدقه به. نصدق أنه هو الأول، ونصدق أنه هو الآخر، ونصدق. أنه هو الظاهر ونصدق أنه هو الباطن ونصدق أنه الله، فيبقى إذاً في ذات هذه الذات يكاد لا ينكرها أحد حتى الملحدون الذين يتباهون الآن على الفيسبوك وغيره وما إلى ذلك، لا ينكرونها، وهي أن لهذا الكون موجِداً. لكن الله سبحانه وتعالى ثانياً له صفات، وهذه الصفات... قائمة بذاتها فهي كثيرة، أتنتبه؟ وبعض الناس يقولون إنها كثيرة جداً لأن النبي هو الذي يدعو، فالنبي يعرف ربه ويدعو فيقول: "اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك أنزلته في
كتابك" - هذه مائة وخمسون - "أو علمته أحداً من خلقك" - الذي هو سيدنا النبي مثلاً - هذه مائة تجمعهم تصل إلى مائتين وعشرين أو استأثرت في علم الغيب عندك به، يعني يكون إذاً دليل الله أسماء كثيرة جداً، ربما لم يظهر لنا إلا واحد في المليون. المائتين والعشرين هؤلاء اضربهم في مائتين وعشرين مليون اسم، فأريد أن أقول لك أن الصفات هذه هي التي بيننا وبينهم، نقول... لهم هذا حكيم قالوا لا ليس حكيماً ويحاولون يا عيني بكل الله يكون في عون المدرسين الخاصين بهم الله يكون في عونهم لماذا يا مولانا لأن الأطفال مقهورون من الداخل
أنا إلى الآن لم أصادف في حياتي شخصاً ينكر الله حتى الآن الذين صادفتهم كثيراً ويعلنون الإلحاد يقولون نحن الملحدون وما إلى ذلك، هؤلاء ينكرون صفات الله، أو غاضبون من ربنا. هؤلاء الملحدون إلى حد الآن لم أر واحداً منهم يقول إن الإله غير موجود، لكن رأيت مجموعة من الملحدين وناقشتهم وما إلى ذلك، يقولون إنهم غاضبون منه. كيف يبررون غضبهم يا سيدنا؟ ما مبرر هذا؟ الغضب تجليات هذا الغضب ما هي؟ لا مبررات له غير تجليات. أريد أن أعرف هذه وتلك. يا بني، أنت غاضب من ربنا لماذا؟ قال
لك: أخذ أخي. كان لي أخ من أمي وأبي، وفي ريعان الشباب دخلنا عليه فوجدناه ميتاً. هل تسمح أن تقول لي لماذا أخذه؟ وهو يقول لك: لماذا تشعر أنه غير مؤمن بالله ويقول إنه لو كان هناك إله ما كان أخذه، لكن هذا يعني أنه لا يوجد إله ولذلك هو مات فقط؟ لكن الأمر ليس كذلك، فعندما تضغط عليه في الكلام تجده غاضباً من ربنا، غاضباً من ربنا هنا. لماذا؟ لأنه ليس... أتعلم الحكمة؟ ولأنه لا يعرف الحقيقة التي يوضحها ربنا في القرآن مرة والثانية والثالثة والرابعة والخامسة. وشخص آخر غاضب من ربنا لماذا أعطاه عقلاً، بل أذكى عقل في
العالم، وهو لا يستطيع أن يتحرك. هل انتبهت؟ أليس من المفترض أن يكون هذا العقل الجيد في جسم قوي ولو... السوبرمان يتزوج ويصبح عنده أموال وأولاد وضياع وما إلى ذلك، يبقى طوال الوقت جالساً يتناول الأدوية وهو موضوع على كرسي وهكذا. حسناً، ماذا يريد؟ إنه أحد خيارين: إما أن ينكر وإما أن يغضب. هم لا يستطيعون إظهار الغضب لأن الغضب -كما تعلم- لو أظهره سيفعل... ماذا سيبكي وبعد قليل يقول له إذاً اغفر لي حسناً؟ من عظمة الإله، لكنه يخفي ذلك بما يسميه هو بالإلحاد. بعد المناقشة يتضح أنه
مقر بوجوده، بل هو مقر بصفاته، وإنما هو غاضب ويحتال على الشعور. نعم، يُبعد من ذهنه فكرة أنه غير موجود. هذا الشيء يُبعد من ذهنه أنه غاضب منه لأنه غير موجود، لكنه غاضب وغاضب جداً، وكل شخص أصبح لديه سبب من هذه الأسباب هكذا. هذا جزء من الموضوع، ولكن الله له ذات وله صفات، وصفاته قائمة به سبحانه وتعالى، ونحن المسلمين أصبحنا متمسكين بهذه الصفات. ومُصنِّفينها قلنا هذه في صفات يعني صفات قائمة بذات الله سبحانه وتعالى فهي صفات معانٍ: العلم، القدرة،
الإرادة، السمع، البصر، الحياة، الكلام. فصفات المعاني هذه يَخرج منها صفات معنوية مثل ماذا؟ الصفات المعنوية مثل أنه يعني أنه عالم ومريد وسميع وبصير وحي ومتكلم وهكذا وقيوم. هذه السبع صفات والسبع. صفات الذين معهم وصفة نفسية وهي الوجود أنه موجود، هو ليس خيالاً، هو ليس شيئاً فرضياً نحل به مشكلات، لا، إنه موجود فعلاً. هيجل جاء وقال: "ما رأيكم أن نعتبر أنه شيء فرضي هكذا وأنه لا يوجد إله"، الذي نحن، يعني هو، حلّ فينا، هو الشيء الذي... حلَّ فينا فنيتشل قال له: تهتُ،
والإله يبقى غير موجود. ما دام حلَّ فينا كلنا فيكون هو غير موجود خارج العالم. فإذا هناك قضية اسمها الذات وقضية اسمها الصفات، والذات والصفات قديمة كانت ولم يكن شيء معها، وبعد ذلك وُجدت الكلمة، ولذلك في الكتب المقدسة يقول لك ماذا؟ في البدء... كانت الكلمة هو جاء يوحنا في البدء، في البدء، الذي هو بدأ، وما هذه الكلمة، ومن هنا هذه الكلمة مهمة جداً في الأديان. الكلمة عند المسلمين يسمونها القرآن، وعند المسيحيين يسمونها يسوع. هذه الكلمة التي كانت في البدء، في البدء كانت الكلمة، انتبه عند جماعة
اليونان. من بقايا أتباع الأنبياء يسمونها اللوجوس، كلمة في كلمة. هنا حصل أن هذه اللوجوس تطورت بعد ذلك حتى أصبحت المنطق. هل انتبهت؟ إذاً هؤلاء الثلاثة جيدون. وبعد ذلك في الكون الذي نحن فيه، أي عالم الملك والملكوت، هذا الذي نراه ولا نراه، هو كون ولكن يمكننا رؤيته، ولذلك سيدنا... محمد في الإسراء رأى الكون، رأى الكون. كيف نرى الكون؟ فاصل ونعود لنعرف هذه القراءة، كيف
نقرأ هذا الكون ونفهم هذا الكون ليكون دليلاً في إيماننا بالله سبحانه وتعالى. ابقوا معنا. أهلاً بحضراتكم. أذكركم بسؤالنا على صفحة الفيسبوك: برأيك ما مفهوم الإيمان الحقيقي؟ مولانا، الإيمان قراءة الأكوان أو قراءة. الكون كيف تكون لتكون دالة على إيماننا بالله سبحانه وتعالى. لمّا تكلم العلماء على هذا التقسيم الرباعي أن هناك ذات وهناك صفات وهناك كلمة، وجعلوا الكلمة لها تركيز خاص. لماذا؟ لأن الذات والصفات قديمة كانت ولم يكن من هذا الكون، والكون حادث وهناك ما بين القديم والحادث الذي عمل. كل تفكير البشرية في كل فلسفات الأرض حول العلاقة بين القديم والحادث. نحن
موجودون الآن وحادثون، والله قديم. حسناً، كان الله موجوداً، فأين كان العالم؟ عدم. حسناً، كان العدم موجوداً، وقد وُجد العالم، فأين كان الله إذن؟ هل أنت منتبه؟ هذه العلاقة حيرت العقل البشري، وبدأ يفترض فروضاً: هل هذا سعال من ربنا، ثم قال: لا، ربنا لا يحل فينا هكذا. هل العالم خُلق ثم دخل ربنا فيه؟ يعني هل العالم داخل ربنا أم ربنا داخل العالم؟ إن هذا ما يسمونه الحلول والاتحاد: الله حل في العالم أو العالم حل في الإله، أبداً. هل الله سبحانه وتعالى جسم كالأجسام؟ إن ما يحيط بنا جسم وآخر مقابله، لكن
الله سبحانه وتعالى ليس جسماً. فما هو إذاً؟ انظر يا عزيزي، العلاقة بين القديم والحادث شغلت الناس، فظهرت مسألة الكلمة هذه. يا جماعة، هناك شيء يُسمى الكلمة، وهذه الكلمة قديمة باعتبارها صفة. صفة. من صفات الله لكنها حادثة إذا وجدت في الأكوان، ولذلك عندما رأوا هذا الكلام جماعةُ المعتزلة الشباب، انبهروا وقالوا: "لا، إذاً الكلمة حادثة، وبالتالي القرآن حادث". هذه هي فتنة القرآن، فتنة القرآن في عهد المأمون، فتنة المأمون. فجاء الناس الذين
كانوا يعيشون من العلماء الأساطين. أتعلم لماذا؟ لأنهم كانوا عارفين نعم، الذين نجحوا في اللغة العربية، فقه اللغة العربية، قالوا لهم لكن هذا الكلام ليس مستقيماً، كيف تقولون أن كلام ربنا الذي هو صفة من صفاته، كيف تقولون عنه أنه مخلوق؟ وجلسوا يا أخي الشيخ حسن، أقول لك الشيخ حسن، جلسوا حوالي مائة وخمسين سنة يتناقشون في... هذه العبارة: علماء الأصول يقولون لهم إن هذا غير ممكن. كلام الله غير مخلوق لأنه صفة من صفاته، ولا نستطيع أن نقول إن صفة من صفات الله مخلوقة. وهم يقولون دائماً: القرآن فينا، وما دام فينا فهو مخلوق. هل
انتبهت حضرتك كيف أن القرآن حادث أم قديم؟ مخلوق أم غير مخلوق إلى أن وصلنا إلى الإمام أحمد والإمام أبي الحسن الأشعري تلميذه، الله ظل يدرس المعتزلة ويفهم ما يقولونه جيداً. هذا الإمام أبو الحسن الأشعري، نعم، وظل يدرس كلام أحمد وفهم جيداً جداً ماذا يعني ولماذا هو واقف هذا الموقف الصلب هذا وقال. لكم أنتم لستم منتبهين، هاتان الحكايتان وجدناهما. قالوا له: ما هذا يا سيدنا أبا الحسن الأشعري (ثلاثمائة وثلاثين هجرية توفي). قال لهم: القرآن دال ومدلول، دال ومدلول. وما معنى ذلك؟ يعني عندما تكتب "الله" على لوحة هكذا، فهذه هي الدال،
وربنا جل جلاله هو المدلول. هل انتبهت؟ عندما... تكتب كلمة "حسن الشاذلي" على قطعة ورق، هذه الورقة ما علاقتها مع حسن الشاذلي الحقيقي؟ إنها علاقة الدال بالمدلول، لأنه أول شخص عندما يعطيني الورقة التي فيها كلمة حسن الشاذلي، يقول: "نعم، هذا هو مذيع برنامج والله أعلم في قناة سي بي سي"، فتكون العلاقة بين هذه الورقة وحسن هي ومدلول حرقت الورق. أنا حسن جرى له شيء فما جرى له شيء. رأيت كيف يكون هناك دال ومدلول؟ هذا المصحف دالٌ على كلام الله القائم بذاته سبحانه وتعالى الذي هو غير مخلوق وهو المدلول. فنحن هنا
فصلنا بين الدال والمدلول، وجعلنا واحداً حادثاً والآخر عبارة عن قائم بذاته. سبحانه وتعالى عندما فعلنا ذلك، قلنا إن القرآن هو الكلمة التي تحدث عنها الأنبياء، وهي باعتبارها صفة من صفات الله طبعاً غير مخلوقة، طبعاً هي قائمة بالله والله غير مخلوق، وباعتبار أنها موجودة بيننا ونحفظها ونسمعها ونقرأها في الصلاة ونطبع بها المصاحف، تكون حادثة. هل تنتبه؟ والشيخ الحصري عندما يقول حرفاً بعد حرف ألف لام مَن؟ حسناً، ها هو مرتب، وهكذا يكون حادثاً على الفور. يصبح الأمر واضحاً جداً أن الكلمة
باعتبار معين هي قديمة، وباعتبار آخر هي حادثة. والكون هذا، نعم، الكون حادث مائة في المائة، لا علاقة له بالقدم، وكل ما جاز عليه العدم فعليه قطعاً يستحيل. القدم يعني أن هذا العالم لابد له من يوم للفناء، وهذا هو كلام قيام الساعة. ولابد من بعد قيام الساعة بخبر الوحي أن الله سيعيد الخلق مرة أخرى فيما يسمى بيوم القيامة التي هي ركن من أركان الإيمان الستة. وما بان الإيمان في سياق كلامك، فقد قلت كلمة أريد أن قلتُ سنَّ النبيُّ عارفًا ربنا، هل غاية الإيمان المعرفة والغاية المعرفة العبادة؟ سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم نبي مرسل، يعني رحمة مهداة، يعني ربنا
كشف له من العلوم ما لم يكشف لبشر من قبله، كشف له حقائق الكون ففهمها، فأصبح يتكلم عن هذا الفهم الواضح، عن ماذا؟ عن واقع. يدرك الله وحده هذا الواقع المُدرَك. وبينما نحن نسعى لإدراكه، كنا نحتاج إلى سنوات طويلة للبحث ولكل الاكتشافات التي توصلنا إليها والتي ما زلنا سنكتشفها، كانت الحقيقة واضحة أمامه هكذا. حسناً، إذا فهمت هذا، فـ "من عرف نفسه فقد عرف ربه" - حكمة قديمة جداً كانت أيضاً على لسان الأنبياء من عرف نفسه فقد عرف ربه، يعني الرب رب والعبد عبد، وهناك فارق بين المخلوق والخالق. يعني ماذا؟ يعني أنا
حادث فالله قديم، أنا محتاج فالله قيوم، أنا متعدد فالله واحد، أنا وهكذا. إذن، من عرف نفسه بالفناء عرف ربه بالبقاء، من عرف نفسه بالاحتياج عرف ربه... بالقيومية من عرف نفسه بالوهكذا وقِس على هذا، فمن عرف نفسه فقد أدرك أنه ليس إلهاً، وهذه هي المعاناة التي عاناها إبراهيم في ترتيب الأدلة. ليست هناك حاجة تُسمى معاناة ترتيب الأدلة، هذه عاناها سيدنا إبراهيم، وهذا ما عاناه سيدنا إبراهيم عندما توصل في النهاية. بترتيب الأدلة وليس بالشك الحائر، إنما شك المنهج يوصل إلى أنه لا بد من وجود إله عظيم يستحق العبادة.
هذه هي قصة الإيمان، وهذه هي الخريطة التي نحن فيها. يوجد ملحدون لكن الإلحاد غير حقيقي وغير كامل، وكلهم غاضبون من الله، وفرص العودة موجودة وسهلة جداً، ولكنهم يتعنتون. هم غاضبون من الله لأسباب كثيرة مؤداها ورابطها أنهم لم يفهموا حكمة الله في كونه. فالذي يدخل يا شيخ حسن لقراءة البخاري بقلب محب سيخرج بفوائد كثيرة، أما إذا كان ذاهباً ليدخل لكي يبحث عن شبهة هنا وشبهة هناك ويلصق الكلام، فإن من يفعل هكذا مع القرآن، فإن القرآن يُغلق عليه يُغلَق، نعم وهو عليه مُعماة، هذا القرآن أليس كذلك؟ البخاري، أنا أقول لك الدرجة التي وصل
إليها البخاري هذه سنصل بها إلى أي مدى؟ سنصل بها إلى القرآن، لأنه ما من كلمة في البخاري إلا ولها أصل في القرآن. فهناك أمور تحير طالب العلم في المرحلة الأولى أو المرحلة في المرحلة العاشرة وقلنا قبل ذلك أن هذا البحر ليس ككل البحور، فإن الغائص فيه ينجو وأن العائم فوق سطحه يهلك. مولانا، ما زال لدينا الكثير من التساؤلات وسأقوم بها غداً إن شاء الله، ولكن اسمح لي أن أستعرض ما جاء في الفيسبوك عن سؤالنا: ما مفهوم الإيمان الحقيقي؟ الأستاذ... يقول أبو شاهر: الإيمان الحقيقي أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وراقب الله في أفعالك. الأستاذ أحمد سعد أو سعيد الإمام صادق بين الجميع، فطرة محبة وترابط وطاعة للخير والحكماء، وتقديم الفضل والتسامح في كل الأعمال لإبعاد الفتنة
وإصلاح المجتمع. يقول الأستاذ: علينا أن نتقي في كل قول وفعل ونسعى لإرضاء الله عز وجل. الرسول - سبحانه وتعالى - محمد حسن معروف. هو تصديق القلب التام بكل ما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وينعكس هذا التصديق على الجوارح فتلتزم بكل ما صدقت به من أمر ونهي. مولانا تعليق سريع هكذا قبل أن الحلقة ها هم في الطريق إلى الله سبحانه وتعالى، والطريق إلى الله محفوف بالذكر والفكر. مولانا الإمام السيد الدكتور علي جمعة، عضو كبار العلماء بالأزهر الشريف، شكر الله لكم. دائماً أهلاً وسهلاً بكم إلى اللقاء. نلتقي بكم غداً لنكمل هذا الموضوع ونسير دائماً، ولنلتقي على هذا الخير، إلى
اللقاء.