#والله_أعلم | الحلقة الكاملة | 14 فبراير 2015 | وساوس النفس

أسعدكم الله وسهّل لكم كل خير وأرحب بحضراتكم في حلقة جديدة من برنامج "جو الله أعلم". في حلقة سابقة مع فضيلة الإمام تحدثنا عن وساوس الشيطان، كيف يمكن لنا أن نواجه هذه الوساوس، وتعلمنا أن كيد الشيطان كان ضعيفاً، وبالتأكيد هناك الكثير الذي تحدثنا فيه حول كيفية لكن اليوم ننتقل في الحديث إلى بُعدٍ آخر وهو بُعد وساوس النفس. هذه
المرة النفس التي قد تكون في بعض الأحيان أمارةً بالسوء، وهناك أنواعٌ أخرى من النفس كالنفس اللوامة. اليوم نتحدث مع فضيلة الإمام حول وساوس النفس، كيف يمكن أن نواجهها وما هو الفرق بين وسوسة... النفس ووساوس الشيطان وأيهما أشد. في البداية أرحب بفضيلة الإمام العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة. فضيلة الإمام، أهلاً بكم والحمد لله على سلامتكم. أهلاً بكم، مرحباً، أهلاً بفضيلتكم. فضيلة الإمام، أولاً: كيف نستطيع أن نميز - بعد أن تعلمنا من فضيلتكم تعريف وساوس الشيطان - وكيف يمكن أن نواجه الآن ما هو الفارق بين وسوسة هذا الشيطان الخناس وبين وسوسة النفس التي هي منا نحن؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. لأن الشيطان لم يجعل الله سبحانه وتعالى له
سلطاناً على بني آدم، نعم، إلا من اتبعك. من الغاوين، يعني القضية أنه ليس له سلطان ذاتي على الإنسان، فإنه وسواس بمعنى أنه يكثر من هذه الوسوسة، خناس كما وصفته حضرتك الآن، والخناس معناه أنه يبتعد، وهذه الحالة التي وصفه الله سبحانه وتعالى بها أنه يلقي الشيء ويجري، ولذلك قال العلماء في مقابلة النفس الأمارة: أمارة فعّالة يعني. صيغة مبالغة يعني أنها تلح في رغباتها وشهواتها وآمالها وما إلى ذلك. فالفرق بين وسوسة الشيطان ووسوسة النفس هو
أنك إذا جاء إليك خاطر من الوسواس بفعل شيء من الشر أو القصور أو النقص ثم ذهب، يكون من الشيطان. فإذا ألح عليك وعاد فدفعته، فألح عليك وعاد فدفعته، فألح عليك... وعاد فهو من نفسك، أي الذنب الذي يذهب ويزول. ولا بد من أنه لا يختفي إلا عندما أرتكب هذا الذنب. نعم، هذا من نفسك، هذا من النفس. أليس هذا من النفس لأن النفس هي التي صفاتها هكذا؟ يوسوس ثم يهرب، خنّاس، فيأتي يوسوس ثم يهرب. ولذلك الذي يذنب هو... نفسك هي التي ترجع الكلام وتقول له: "لا، اتق الله، اسكتي" أو "لا أعرف ماذا". لا تسكت! أنا أريد هذا فقط. النفس في
بدايتها يجب أن نفهمها أولاً، والله سبحانه وتعالى عندما خلقها، وهداها النجدين، "وهديناه النجدين". ما هذان النجدان؟ النجد هو المرتفع من الأرض، فهناك مرتفع. من الأرض هكذا وبجانبي طريق، وهناك مرتفع هكذا وبجانبي طريق، ففيه يمين وفيه شمال. صحيح يعني خير وشر جميل، فالله سبحانه وتعالى أعطى النفس معرفة الخير من الشر، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الإثم ما حاك في النفس وخشيت أن يطلع عليه الناس". يعني لا أحد يقول لي: "لا، أنا لا أعرف هذا، أنا لم أكن منتبهاً"، لم تكن منتبهاً، إذاً فعلاً هذه مسألة ملتبسة.
لكن في الغالب يكون في داخلك شيء ينبهك أن هذا خطأ لكنك تتغاضى عنه، نعم يقول لك هذا خطأ، هذا تستطيع أن تقوله للناس، تستطيع أن تعلنه كذا، إلى آخره... قلة الحياء في الحياة التي نعيش فيها، ففي الزمان الماضي كان هناك أناس لديهم حياء، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يعلم أن هذا الحياء الذي هو الإثم حاك في نفسه وخشيته أن يطلع عليه الناس. أما في أيام الفجر والفجور والعصور المظلمة التي نحن فيها الآن، والتي انفلت فيها الناس، إنني أريد أن أرتكب الذنب أمام الناس وأقول له: ما أقل حياءك! نحن نتحدث عن الإنسان الذي خلقه الله طبيعياً فطرياً، الذي يخجل ويستحي من الذنب، نعم. أما عندما تسمي قلة الأدب وقلة الحياء شفافية،
وتريد أن تجاهر بالمعصية، يرحم الله الجميع إلا المجاهرين. قالوا: ومن... المجاهر يا رسول الله؟ قال: الذي يفعل الذنب بالليل يستره الله، فيقوم ويقول: فعلت كذا وكذا، لا يبالي بالذنب. وكذلك يقول: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت. وها نحن الآن منتبهون للنابتة ومن الخوارج ومن الجماعات الإرهابية. كيف رفع الله... سقط برقع الحياء من وجوههم، وكيف أوصلهم إلى هذا الحد من قلة الحياء؟ لا، يمكن أن تقول غير ذلك، إنها قلة حياء. لماذا؟ قلة الحياء هذه أعمت بصائرهم فلم يعودوا يرون
شيئاً. على كل حال، إذا حاك الإثم في القلب وخفت أن يطلع عليه الناس، فالنفس السوية هداها الله. النجدين، لكن هناك من يزين لنفسه الشر ويأخذ في هذا التزيين إلى أن تنكت في قلبه نكتة سوداء فيرى المعروف منكراً والمنكر معروفاً، وهذا هو الذي يحدث الآن، أنه يرى أن قتل الناس الأبرياء بوضع قنبلة ثم الرحيل، حسناً، هذه القنبلة ستقتل من؟ وما شأن هؤلاء الذين يشهدون أن لا وأشهد أن محمداً رسول الله، فقتلت الرجل وابنه التي هي موجودة الآن في الإسكندرية. صحيح والله، ما هذا؟ ما هذا الذي تفعله؟ أهو جهاد أم حرب أم دفاع أم هجوم؟ حتى ليس له
معنى، إنه عبث. ويقوم الآخر هناك في قطر يقول له: نعم، نحن نُفتي لك. أنه في أي وقت ولا يهمك، انظر كيف وصلت قلة الأدب وقلة الحياء إلى أي جريمة، وكل هذا يا عزيزي من أجل الدرهم والدينار. هذا من النفس وليس من الشيطان، إنه من النفس لأنه مليح ومصمم ديكور خاص به هكذا ويمضي، لكن هذا من النفس، نعم حضرتك، فالنفس ربنا. هداها النجدين والنفس يمكن أن تضل نفسها فلا ترى إلا طريق الشر طريقاً، والنفس درجات فأولها الأمارة بالسوء، "ولا أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي". النفس الأمارة يأتي بعدها نفس لوامة تلومني،
فتأتي وتقول لي: "لا، إن ما تفعله خطأ، ارجع"، وفيها بعد. هكذا النفس الملهمة، أو أن ربنا يلهمها الصواب، وبعد النفس الملهمة تترقى النفس الملهمة إلى الراضية فالمرضية فالمطمئنة فالكاملة. فتكون درجات النفس سبعة. كيف ينتقل الإنسان من درجة إلى درجة ويرقي نفسه لكي لا تبقى الأمارة بالسوء هذه متعبة له؟ بذكر الله، قال تعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، أي مرحلة النفس المطمئنة فضيلة بمثال، هل هذا هو تفسير الآية الكريمة في سورة الشمس "قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها"؟ الذي زكاها التزكية بالذكر والفكر. "الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً
وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار" بالذكر والفكر. في كتاب الله المنظور بالعلم وفي كتاب الله المسطور بالعلم، اقرأ باسم ربك الذي خلق، اقرأ الكون، وبعد ذلك بقليل يقول لك: اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم الذي هو الوحي. إذاً واضح الكلام أن الذكر والفكر سيوصلانك إلى حالة التزكية، وبالتزكية تخرج من النفس الأمارة إلى النفس اللوامة فالنفس إلى أن تكون إنساناً طيباً، وهذا هو مراد كل هذه التربية. إذاً فالنفس أمارة ووسواسها يأتي مرات. طيب تسألني وتقول لي: "ما هو وسواسها؟" يعني ماذا تفعل؟ ماذا تقول لي؟ فتكلم العلماء بالتأمل
والتدبر، وعملوا استبطاناً للإنسان. هذه النفس بماذا تُغريني؟ رقم واحد: طول الأمل، رقم واحد: طول. الأمل لا زال مبكراً، لا زال مبكراً، فأنت لا زلت شاباً، أي هل انتهت الأمور الآن؟ وطول الأمل يعطل العمل. انظر ماذا يقولون: طول الأمل يعطل العمل. فاجئ نفسك، ألن تنتظم الآن في الصلاة؟ ألن تتحجبي الآن وتتقي الله؟ ألن تضبط نفسك هكذا وتذكر ربنا وتصبح شخصاً طيباً تفعل الخير؟ الخير أنت لن تتوقف عن المعاصي، فيقوم أحدهم بالقول له: دعك من اليوم واجعلها غداً، وهذا الغد يصبح العام القادم، والعام الذي يليه، وهكذا. وجدنا أناساً بلغوا السبعين عاماً وهم من أهل مكة
ولم يؤدوا الحج، لا إله إلا الله! من أهل مكة، وليسوا من أهل مصر أو المغرب أو ليس معه مال ربما عنده الصحة لكنه من أهل مكة ولم يحج، آه هذا يكون طويل الأمل. أصبحت حجتي حج وأنت لا تريد، لا أستطيع أن أقول له: الذي سيحج هذا أنت من أهل مكة، فيقول لك: والله يعني لم أحج بعد، سبحان الله. هناك أناس في المنطقة الشرقية والوسطى المملكة العربية السعودية، أصدقاؤنا حجّوا ولم يزوروا النبي، أي لم يذهبوا إلى المدينة ولا مرة واحدة في حياتهم، ولا يعرفون أين هي، وهم يعيشون في الرياض أو في الدمام أو في مكان آخر. هنا، يا سيدي، نقول بالكلام الصريح: ما هذا القلب؟ هذا الذي نفسه، هذا هو ما قلبه؟ هذا يعني حجر نقول له أنه لا، هذا بالمناسبة، يوجد أناس
كذلك، أحوال كذلك، يوجد أناس تكون بجوار المسجد وغير راضية أن تصلي، تكون معها المصحف في البيت وغير راضية أن تقرأ، تكون كذا وكذا، يعني المسائل ميسرة، هل انتبهت حضرتك؟ فهذا ماذا تسميه؟ طول الأمل يعطل العمل، وطول الأمل عمي متى ستقرأ؟ ومتى ستتوقف عن هذه المعصية؟ ومتى ستفعل الخير؟ يقول لك: يعني عندما أكبر قليلاً، عندما أتفرغ قليلاً، عندما أعمل... أول شيء: طول الأمل، ثاني شيء: النفس تقودها الشهوات. أنت ما الذي تحرمه؟ لماذا أنت تحرم نفسك الشهوات؟ لا تحرم نفسك من الشهوة الفلانية. والشهوة هذه تكون بأوضاعها وشروطها التي يريد قضاءها حرام، فهذا هو الأمر الثالث. التجربة،
يقول له: ما هذا الخنزير الذي تُحرِّمه؟ والله حرم الخنزير، ولكن لماذا حرمه؟ حسناً، أنا أريد أن أتذوقه وأختبره لأتأكد وأرى إن كان طيباً أم لا، وأقتنع وأجرب. لا بد أن أجرب كل شيء. لأن أيضاً ماذا عندما أمتنع عن هذا الفكر؟ هذا فكر هندوسي. ماذا يقول الفكر الهندوسي في أدبياتهم وآثارهم؟ يجب أن تقبل المعصية لكي يتوب الله عليك. حسناً، افترض أنك جئت إليه أبيض وليس هناك معصية، فعلى ماذا سيتوب؟ نعم، هذا فكر، هذا فكر إبليسي، أي أنه من النفس. الآمرة بالسوء أبداً تأتي فترفع درجاتك، تأتي فيستقبلك استقبالاً آخر. لقد سجد لك الملائكة، تأتي
وأنت ليس لديك ذنوب يعني تكون في المرتبة العليا. وكان رسول الله يسأل لنفسه الفردوس الأعلى. فمن ضمن الوسواس التجربة، أنا أريد أن أجرب التي هي مندرجة تحتها، أرتكب الذنب لكي أتوب، لدرجة أنه بُنيت وصلت الهندوسية في هذا الأمر إلى درجة أنه كان في بعض العصور توجد في المعابد مومسات - والعياذ بالله تعالى - في مدخل المعبد، فيدخل الشخص ليزني، ثم يدخل المعبد ليتوب ويبكي بشدة. وكانت مومسات المعبد هؤلاء قبيحات جداً، وكان الوقف فيهن باللغة الإنجليزية شيئاً كبيراً جداً، ولا أعرف
إذا ولا لا لأنه عندما تحولت الهند إلى دولة علمانية أبطلت كثيراً مما كان شائعاً من هذه الممارسات واعتبرتها أنها ضد حقوق الإنسان. نعم، إنما هي نفس تُصور لصاحبها المعصية بالتجربة، تقول له: جرّب، تقول له: اذنب لكي تتوب، لكي عندما تأتي للتوبة تعرف ما هي، فتكون توبتك حارة هكذا كان. التوبة مقصودة لذاتها وهي التوبة مقصودة حتى نمحو الذنوب، ليس فقط لكي نفعل هكذا. طيب، القضية التي بعدها: المدخل الرابع الرغبات، فالإنسان طمّاع عنده. ولو أن لابن آدم وادياً من ذهب لأراد ثانياً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب.
في البخاري، هذا الطمع الذي... هي الرغبات التي نحن تحت عنوانها لم ترضَ أن تنتهي يا أخي، يا سيدي. من أصبح منكم معافى في بدنه، آمنًا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا. فيقول لك: لا، أنا أريد، أنا معي مليار، لكن هذا المليار يعني قليل أيضًا، أنا أريد المليار الثاني، حسنًا أعطِ. له المليار الثاني، حسناً يعني، حسناً هو فلان لديه خمسة، حسناً اجلس عندي ثلاثة على الآن وهكذا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب، لا توجد فائدة، لن ينتهي. فهذه التي نسميها بكلمة الرغبات فيها نوع من أنواع الطمع، فيها نوع من أنواع... عدم
الرضا فيه نوع من أنواع - وبألفاظ أخرى - الجشع وما إلى آخره. فضيلة الإمام، عفواً، في بعض الأشخاص يمكن أن يكون لديهم هذا الإحساس وتطلع للدنيا وحب الدنيا، ولكن بالمال الحلال، يعني من عمله الحلال يكتسب منه رزقاً حلالاً فينفقه في الحلال، فهل هذا أيضاً؟ يُعتبر من وساوس النفس مسألة الرغبات أو الطمع في نفس الإطار، وليس هو ما يتعدى على حق أحد فيكون حلالاً من الناحية النظرية. الباحث مضى، نعم، وقد كان لمَّا أكابر الأولياء كانوا أغنياء مثل سيدنا سليمان النبي عليه الصلاة والسلام، فقد كانت عنده أموال تسد عين الشمس. سيدنا عبد الرحمن بن عوف عندما نزل المدينة واشتغل وعمل الرزق أتاه. هذا من ناحية النظرية. ما الذي نخشاه؟
ليس أن تكون معك أموال، لا، فقد كان من دعاء الصالحين كلمة فاصلة تبين لك الفرق بين ما ننعى عليه وما تسأل عنه: "اللهم اجعل الدنيا في أيدينا". ولا تجعلها في مال قارون ولا تجعلها في قلوبنا وبدؤوا يقولون كيف هذه الحكاية؟ فقال لك: لا تفرح بالموجود ولا تحزن على المفقود. نعم، بارك الله فيك يا فرد، اجعل الدنيا في يديك ماسكاً لزمامها، فإذا ذهبت فلا شيء يذهب، وإذا جاءت فلا تقفز فرحاً هكذا وكان. الله سبحانه وتعالى راضٍ عني، لا، هذا اختبار وابتلاء لكي يرى هل ستقوم بوظائف هذا المال أم لا. نعم، بارك الله فيك يا مولانا. بعد الفاصل إن شاء الله سنتعلم من فضيلة
الإمام إن كان هناك مداخل أخرى لهذه النفس الأمارة بالسوء لوساوس النفس أم لا حول بدلاً من أن يا سيّد، لماذا ستصلي وما شابه ذلك، والجو ما زال بارداً مما يجعلك تتوضأ، والوقت يمضي؟ أقول له: سأعمل عمل خير. يقول لي: أأنت؟ هل هناك من ينزل في هذا الجو؟ ألا ترى المطر؟ إنها تمطر. ابقَ في البيت. إذا كنت ذاهباً مثلاً لقضاء حاجة لأخدم شخصاً ما، يقول لي: لا تتكبّر، فالإنسان قد يقع تحت تأثير الشيطان، وتكون الغلبة للشيطان عليه، فيسرق وينهب ويدمر ويفعل
أي شيء. هذا أمر يكون داخل الإنسان، إنه شيء سيء يأتيه في لحظة، ويمكن أن يفكر فيه، لكن إذا كان إنساناً مؤمناً فلن يفعله، بل سيتراجع عنه. مثل الشيطان الذي يأتي إلى الإنسان، لكن بالطبع الإنسان يكمل إيمانه بربه بقوة، ويصلي، ويحاول التغلب على أمر كهذا، أو لا يسمح لأي شيء أن يسيطر عليه من النفس الأمارة بالسوء التي دائماً توسوس له بأن يفعل الخطأ باستمرار، فبالطبع تجد الشخص قريباً من الله. سبحانه وتعالى يتغلب على النفس الأمارة. في هذا الأمر، كلنا نعترف وكلنا نعلم أن هناك نفساً أمارة بالسوء، ولكن طرق المواجهة مختلفة. وأيضاً نحن لا نعرف كل
المداخل التي تُؤوي النفس الأمارة بالسوء حتى ندافع نحن عليها. فاسمحوا لنا أن نرجع مرة أخرى مع فضيلة الإمام لنستكمل باقي المداخل التي أربعة مداخل للنفس الأمارة بالسوء تعمل عليهم، نستكمل الباقي مع فضيلة الإمام. تفضل يا سيدي. نلخص ما ذكرناه بالأمل الذي يعطله العمل، طول الأمل، وأيضاً بالتجربة، يريد أن يجرب الشهوات والرغبات، هذه الرغبات قلنا إنها مثل الطمع وتعلق القلب بالدنيا، وهو غير راضٍ بأن تنتهي، مما يجعله على مشارف الحرام، بالتقوى مما يجعله، التي هي هذه النقطة التي قلتَ لي، يعني حسناً، افترض أنه بالحلال، نعم كان عندنا فضيلة الشيخ - رحمه الله
- الشيخ محمد ياسين الفداني، من مشايخنا في مكة المكرمة. كان مُسند الدنيا، وأخذنا عنه الأسانيد إلى أحاديث رسول الله والدفاتر والعلوم. وكان مرة من المرات أحدهم دخل عليه بحقيبة فيها مليون ريال وقال له: "هذه زكاة المال، خذها ووزعها على الطلاب الذين حولك الذين يدرسون". وكانت لديهم أنظمة في مكة أنهم ينفقون على الطلاب حتى يتخرجوا، فقالوا: "لا، ليس لدي أحد يأخذ". الشيخ لديه مدرسة ولديه طلاب، فلما فردها وقال له: "شكراً، نحن..."
متشكرين، قام الرجل وأخذ الحقيبة ومشى، فسأله سائل وقال: "يا سيدنا الشيخ، يعني هذا الرزق رزق ربنا ساقه للطلبة، والطلبة فقراء ومحتاجون، وتعطيهم مليون ريال؟" قال له الرجل: "هذا لم يكن أبوه تاجراً وليس من عائلة غنية، من أين حصل على أربعين مليوناً حتى يخرج منها مليوناً؟ صحيح في فترة..." ووليزة لا بدّ أنه ارتكب الحرام في هذه الفترة، فلا يمكن أن يحصل على هذه الثروة إلا إذا كان يعمل دون مبالاة بالحلال والحرام وما شابه ذلك. فهو سيفعل ما يريده فيما هو أمامه، وقد
ضاق صدري من هذا، ففعلت هكذا. وأقول لك فقط أن الطمع أحياناً يُنسي. الإنسان لكن إذا كان الإنسان معه مليارين وأصبحوا عشرة فيا رب ليصبحوا عشرين. نحن لا نكره للناس الغنى، وليس لدينا اشتراكية الفقر حيث يجب أن نكون شركاء في الفقر. لا، بل نحن نقول يا رب ليغتني الناس كي يقوموا بوظائف الغنى من الخدمة الاجتماعية ومن خدمة الناس وما إلى ذلك. الخامس الذي تدخل به النفس على الإنسان أحياناً هو الاحتياط، فتقول له بهذا الاحتياط إنه يحتاط زيادة عن اللزوم فيحرم الحلال، ويظل يحرم ما أجازه الله سبحانه وتعالى له.
وهنا يبدأ وسواس النفس أو يتحول إلى وسواس في نفسه، فحديث النفس يتحول إلى وسواس نفسي تحت ستار الورع. والتقوى التي هي عكس الطمع والامتلاك الذي هو التشدد، نعم، فالتشدد الذي ليس له نهاية والذي يقول عنه سيدنا الشيخ الغزالي في الإحياء وكأنه قد تورع تورعاً، فقد تورع الأنبياء. لا يصح أن الأنبياء الذين هم في المكانة العليا، لا يصح أن أتورع تورعاً لو فعلت ذلك. وتورعت تورعاً يفوق تورع الأنبياء فأنا المخطئ ويجب علي أن أرجع، ولذلك النبي عليه الصلاة
والسلام يقول: "إلا أني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء، ومن رغب عن سنتي فليس مني". إنها هكذا هنا لأن نفراً اجتمعوا فبعضهم قال: "أنا أصوم ولا أفطر"، والثاني قال: "أنا أقوم الليل كله". ولا أنام. الثالث قال وأنا أيضاً لا أتزوج النساء، أتبتَّل هكذا لله. فالنبي عليه الصلاة والسلام قال لهم: "لا، هكذا لن نستطيع أن نعمر الدنيا، مَن رغب عن سنتي فليس مني". فإذاً الاحتياط مدخل من مداخل حديث النفس، وكذلك الإحباط. هذا يكون الاحتياط والإحباط، تزيل نقطة فقط هكذا. يقول لك الإحباط، ما هو الإحباط؟ يعني ماذا يحدث؟
يقول: هل أنت نافع؟ هل أنت مؤمن؟ هل صليت بشكل صحيح؟ هل أنت... وهكذا. هل سندخل نحن الجنة؟ نسمع هذه الكلمة. هل سندخل نحن الجنة؟ وسنضغط على زر الإغلاق! والصحابة... نحن ليس لنا مكان في الجنة! نسمع هذا الكلام كثيراً، حتى دائماً وتريد أن تكون محبطاً، دائماً هكذا. هذا الإحباط ممنوع! الثقة بالنفس ليست التكبر، ليست العزة بالإثم، لا. يجب على المرء فقط أن يكون واثقاً بنفسه، يحترم نفسه. هذا نوع من أنواع مقاومة حديث النفس الذي يؤدي إلى الإحباط. لدينا مدخل آخر وهو اليأس - والعياذ بالله تعالى - يعني هذا الصدر الضيق
يصل إلى الشك في الله، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال لنا: عندما تجدون هذه الحالة، اعلموا أنكم مؤمنون. يعني يجعل النفس تدور بلا فائدة. ماذا تقول أنت؟ ماذا تقول لك نفسك؟ نفسك تقول لك أنه لا يوجد إله، وهذا من خلق الله، إذا كان الله خلق الدنيا. فمن خلق الله وجدتم هذا في أنفسكم قولوا لا إله إلا الله. قالوا: وجدنا يا رسول الله، ضاقت نفوسنا ولسنا مرتاحين. قال: هذا محض الإيمان. ما هو محض الإيمان؟ أنك لست مرتاحاً، وأنك عندما حدث شيء يعكر صفو العلاقة بين القلوب الضارعة وبين ربها، تضايقت. حسناً، أنت... إذن تصبح مؤمناً، لأنك لو لم تكن مؤمناً وكنت على عكس المؤمنين -
ومن هو عكس المؤمنين؟ شخص فاجر هكذا لا تهمه أي شيء، مستهتر بكل شيء - لكان الأمر مختلفاً، لكنك أنت حزنت ورجعت وتضايقت، وهذا مثل المناعة، فالإيمان له مناعة هكذا، إذاً. هذه هي المداخل التي نستطيع أن نقول عنها سبعة مداخل على أبواب النفس السبعة. سبعة مداخل: طول الأمل، التجربة، الشهوات، الرغبات، الإحباط، الاحتياط - هؤلاء السبعة هم المداخل إلى وأي شيء يشكو منه الناس سيرجع وحده من المجهول. حسناً فضيلة الإمام، بعد أن عرفنا هذا الأثر. علينا أي على عمر يمكن أن تضعف النفس من أي باب من الأبواب السبعة، ولكن بالنسبة للأنبياء، عندما نرجع إلى القرآن الكريم
سنجد في سورة يوسف "وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء"، وفي سورة النساء "ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك". للناس رسولاً وكفى بالله شهيداً صدق الله العظيم. هنا هل يشير سيدنا عندما يقول إن النفس لأمارة بالسوء، وفي هذه الآية "ما أصابك من سيئة فمن نفسك"، يعني هل أيضاً نفس الأنبياء لها نفس المداخل وقد تشعر بنفس الأحاسيس؟ حسنات الأبرار سيئات. المقربون مسألة نسبية، فقد أقوم بأمر معين وأراه حسنة. ماذا أفعل لو أن شخصاً طلب مني قائلاً: "أعطني هذه العصا، إنها جميلة"، فأقول له: "تفضل"، وأصبح مسروراً جداً لأنني فعلت ذلك. لكن النبي عليه الصلاة والسلام في حالة صفوان
بن أمية أعطاه وأعطى. ممتلئ بالإبل حتى قال صفوان: "والله لا يُعطي مثل هذا إلا نبي". فهناك فرق بين أن يعطي عصا وبين أن أعطي وادياً من الإبل هديةً. الأمر مختلف، فحسنات الأبرار سيئات المقربين. أي أنه لو أن نبياً من الأنبياء، حاشا سيدنا النبي، ما... لا نتحدث عنه لأنه عالي المقام جداً، لكن هناك نبي من الأنبياء مع عصا مثل هذه العصا وأعطاها الله إياه، يعني أي شخص يمكنه فعل ذلك، ولكنك كنبي، يا أيها النبي، يكون أمامك شيء آخر،
شيء يكون عظيماً جداً، مثل قيام الليل وهو فضل. وكل شيء عند الناس، لكنه فرض على النبي، فرض على النبي. فالقضية هنا تسمية ما يصدر من مقام الأنبياء بالسيئة، هي في الحقيقة ليست سيئة في ذاتها، بل هي سيئة منسوبة. ليست السيئة في الذات ذاتها سيئة معصية، يعني لا، بل هي شيء منسوب إلى أفعاله، يعني شيء قليل بالنسبة أفعاله، هكذا عندما تتأمل الآية تجدها أنها على سبيل الخبر وليست على سبيل، يعني لو حدث هكذا،
لو حدث أن هناك سيئة صدرت منك ستكون من نفسك. لم يقل أنك أنت صدرت منك سيئة. هل انتبهت كيف؟ لو حدث أنك أصابتك سيئة ستكون من نفسك على سبيل الإخبار على... سبيل الأخبار أنه لو حدث هذا ستكون من نفسك وحدث أبداً، هل انتبهت كيف؟ ففي هذا المقام هو مقام بهذا الشكل الذي هو أنه نسبي وأنه على سبيل الأخبار، فلا يتحتم أنه يُفرض قبل أن نتحول إلى صوت الهاتف. هل الخاطر الذي يأتي إلينا من أنفسنا هذا... ويُلح علينا هل نحن محاسبون به يعني أفعل هذا أو أفعل كذا أو أفعل المعصية هذه، هل نحاسب على ذلك؟ وأستغرق في
التفكير فيه. مراتب القصد خمس: هاجس، ذكر، يكون أول الهاجس فخاطر، رقم اثنين يكون الخاطر فحديث النفس، فاستمع، يليه هم، فعزم. كلها رُفعت سوى الأخير، ففيه الأخذ قد هو العزم، نعم. فسيادتك، أنا عندي خمس مراتب. القصة التي تسأل عنها هي على خمس درجات. الدرجة الأولى أن يكون شخص جالساً هكذا، وإذا بزجاجة خمر تظهر أمامه ثم تمضي، يسمون هذا هاجساً. زجاجة الخمر ظهرت وانتهى الأمر. ماذا هذا؟ هو لا يشرب الخمر. هذا مجرد خاطر، وبعدها يقول: ما هذه الأفكار التي تأتيني؟ لماذا تراودني هكذا؟ هل أنا أريد أن أشربها؟ مستحيل!
لا، يا شيخ، لن أشربها، فهذا حرام. حتى هذا مجرد حديث نفس. ولكن ماذا سيحدث إن شربها المرء؟ لقد بدأت نفسه تميل إليها. ما رأيك في أن نجربها، أي هذه التجربة، ثم يقول: لا. حسناً، سأشتريها. هذا ما ينزل يا حبيبي، ويستهلك المال وينزل ويذهب. نعم، لقد بدأت كل الخواطر التي مضت، هذه الخواطر الأربع مرفوعة، فالله سبحانه وتعالى لا يحاسبنا عليها إلا الأخيرة التي هي النية. "إنما الأعمال بالنيات"، أي ما هو القصد المؤكد والعزم الأكيد؟ نعم، فعمل هكذا ليجد الإخراج يوقظه. عليه بارك الله في فرس المان نتحول إلى اتصالات حضراتكم الهاتفية. أستاذ سامي تفضل. أهلاً وسهلاً. وعليكم السلام. كيف الصحة
يا فضيلة الإمام؟ أنعم الله عليكم بالصحة والعافية والرأي السليم باستمرار إن شاء الله جميعاً إن شاء الله بإذن الله. أود أن أستشيرك يا مولانا في مشكلة. أسرية تتعلق بالميراث وبالدين أننا فقط وهي صغيرة أصيبت بشلل الأطفال، الوالد والوالدة باستمرار يقدمان لها الدعم، ونحن ليس لدينا أفراد كثيرون، لكن حتى عندما انتهت من حياتها وزوّجت ابنتها بعدما علّمناهم وزوّجناهم وبنينا لها عمارة في التجمع وكل هذا الكلام الطويل، ما زالت الأخت مصرة على المزيد. وعلى المزيد، وقد تحدثنا معها عدة مرات وتحدثنا مع الأب والأم، لكن شعورهم أنهم سبب في أنها تتغير أو تصاب بهذه الإصابة وهذا المرض. شعورهم بالمسؤولية فيهم أكثر من حقنا، وقد أخذوا حقنا كله بالكامل في الميراث وفي الشرع إلى الأخرى. طيب يا أستاذ، حضرتك أنا آسف جداً لأن فأنا فهمت الفكرة، أشكرك وآسف جداً للمقاطعة.
أستاذ أحمد، تفضل. السلام عليكم وعليكم السلام. ما شاء الله، بارك الله في حضرتك. الله يحفظك يا سيدي، تفضل يا سيدي. سبحان الله، لا، نحن والحمد لله خلقنا على نعمة الإسلام بالفطرة، نعم، وكل واحد منا يُحاسب على أعماله في حكم الدين. ماذا عن الناس الذين لم يسمعوا عن الإسلام أو أن ديانتهم ديانة غير الإسلام؟ قال أيضاً إن هؤلاء الناس لن يدخلوا الجنة أبداً أو لن يحاسبوا. كيف يكون ذلك وهم لم يسمعوا عن الإسلام أو سمعوا عنه كما وصل إليهم من ديانات الدنيا، يعني سمعوا أنه مثل داعش؟ يعني هو أيضاً سمع عن الإسلام بنفسه طيباً أو الإسلام أنه داعش، يعني أشكرك يا فضيلة شكراً جزيلاً حضرتك. وهناك الأستاذة فريدة، لكن سننزل حضرتك يا أستاذة فريدة، ويكون
سؤال حضرتك بعد الفاصل. ابقوا معنا، أهلاً بحضراتكم مرة أخرى، وننتقل إلى الأستاذة فريدة، تفضلي سيدتي، مرحباً، مساء الخير، مساء. الخير يا سيدي، تحيات شريك الأستاذ عمر. نهنئك لأنك تستنير بصوتنا مع الشيخ المشافع أو شفوه يعني حضرتك. نهنئك يا شيخنا، الله يكرمك. أريد أن أسألك سؤالاً: أنا أؤجر شقة للشخص، للسيدة يعني، امرأة واحدة، واتفقنا أنها ستدفع لثلاث سنوات ولم يمض عليها سوى ثلاثة أشهر وجاءت الظروف. إنني أنا الذي سأحجز الشقة فيه وسأسكن في شقة أخرى. يمكنني أخذ شقة أخرى في مكان آخر، لكن هناك أشخاص قالوا لي: "لا، خذ الشقة التي في الأعلى التي اتفقت معها عليها". فبعد أن اتفقت معها على الشقة، يُعتبر غدراً، يعني أنا اتفقت معها وهي ائتمنتني أنها تكون لمدة ثلاث وضبط الشقة، فأنا لو قلت لها اخرجي الآن، أشعر أن هذا سيكون غدرًا بها. يعني من الممكن أن أحصل على فرصة للحصول على شقة في مكان آخر. هناك أناس يقولون لي: "لا،
أخرجيها واسكني مكانها". أنا أستحرم ذلك بصراحة. ما رأي حضرتك؟ حاضر، تحت أمر حضرتك. دعنا نرى إجابات فضيلتك. بالنسبة للأستاذ سامي، يعني أخت لها ظروف خاصة، فدائماً ما يكون تجاهها الأب والأم شاعرين بعاطفة أشد. هو دائماً الأب والأم هكذا، يعني دوماً واقفين مع الضعيف، سواء كان شخصاً لم يتعلم، أو شخصاً مصاباً بمرض، أو البنت المطلقة وما شابه ذلك. دوماً هذه هي طبيعة الأشياء، ولكن ربنا سبحانه... وتعالى أمرنا بالاعتدال في كل شيء، "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً"، وقال آية: "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا"، فالأكل والشرب نعم، لكن "ولا
تسرفوا إنه لا يحب المسرفين"، "إنه لا يحب المسرفين" في أي شيء. والحديث الذي ذكرناه أثناء الحلقة "ومن رغب عن سنتي فليس مني". حتى في العبادات الوسطية هكذا: قَدّر ربك طاقتك، أي على قدر استطاعتك، "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت". فنحن ننصح الأب والأم لأن الأولاد ضجّوا، وكلما احتاجوا شيئاً واحتاجوا معونة. أبوهم أمهم لا، هذا مخصص للفتاة المعاقة، والفتاة المعاقة استلطفت هذا وزادت فيه، فنحن نقول له: لا، ربنا سبحانه وتعالى يقول: "ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً"، ويقول: "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم
يقتروا وكان بين ذلك قواماً"، يعني القوام. هذا في وسط الطريق هكذا، فنريد أن نكون شهداء، نريد أن يكون كلامنا قائماً، نريد أن ندخل في حب الله، نريد أن أعمالنا تنتج أحسن الإنتاج، وهذا كله لا يتأتى إلا بالاعتدال الصحيح. فالاعتدال موجود في القرآن كله، وموجود في كل التصرفات حتى في العبادات، حتى في العطاء، وكان مشايخنا... يقولون لنا: إن كان معك فلا تبخل، وإن لم يكن معك فلا تتكلف. هل أنت معك أن تمنح كل أبنائك مثلما منحت هذا؟ قال: لا يا رسول الله. قال: اشهد عليه غيري، فإني لا أشهد على ظلم.
إن كان معك أن تعطي لكل الأبناء كل ما يطلبونه فأعطِ، لا يضر أخصص واحداً بكل شيء لكن أخص واحداً لأنني لست متأكداً. الأمر أنه أصيب بالحمى الخاصة بشلل الأطفال وأنا لم أصب بها. وهناك أناس يجلدون أنفسهم هكذا. هذا قدر الله، قدر الله. ولذلك نريد أن نكون دائماً مع شخص مثل السيد أحمد الذي يسأل عما نسميه في العقيدة الإسلامية أهل الفترة لم يبلغهم الإسلام في تلك الفترة بصورة لافتة للنظر، إذ لا بد أن تكون لافتة للنظر، وأنت تتحدث بطبيعتك. قلت له: نعم، ليست صورة داعش يعني. نعم، فعندما
نأتي بشخص من غير المسلمين من أهل جنوب شرق آسيا أو إفريقيا أو أي مكان أو أوروبا أو أمريكا ونقول له ما... أتأتي لتدخل ديناً يقتل ويذبح ويهين المرأة ويحتقر الطفولة ويفسد البيئة ويحرق الناس أحياء، وهو دين جميل جداً، يقول لك أي دين هذا؟ ادخل هذا الدين لماذا؟ قالوا له: هذا الدين اسمه الإسلام. قال: لا، أنا لا أريد الإسلام. وعلى فكرة، نحن أيضاً لا نريد هذا النوع. من أنواع الدين لأنه ليس هو الإسلام الذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم وبدأ القرآن فقال بسم الله الرحمن الرحيم. نحن لا نريد هذا الفكر الفاسد لأنه ليس إسلاماً، ولكن أحمد يسأل شخصاً إما سمع عن الإسلام بصورة مشوهة أو لم
يسمع عن الإسلام أصلاً. أمّا هذا فأمره إلى الله، وعند السادة الأشاعرة أنَّ مَن مات من أهل الفترة فهو من الناجين ينجو. فالذي لم يبلغه الإسلام بصورة لافتة للنظر، أي بصورة مقنعة، شخص دعاه، شخص دعاه مجرد دعوة يقول له: "نحن رحماء، نحن مسالمون، نحن أناس طيبون، اعبد ربنا"، اخرج. من عبادة العبادة عبادة الله إلى آخره، السيدة فريدة تقول إنها وعدت. لا يا سيدة فريدة، قلبك هو الذي صحيح، ولا تأخذي الشقة من التي وعدتِها أنك ستتركينها لها ثلاث سنوات. لا يجوز شرعاً، لأن
عقد الإيجار أُعطي له ثلاث سنوات، والعقود ألفاظ، وليس من الضروري أن يكون هناك ورق الإنسان يُؤخَذ بلسانه، فقلت لها ثلاث سنوات. حسناً، فليكن ثلاث سنوات. ولا يجوز من الناحية الأخلاقية، فهو لا يجوز من ناحية فقهية ولا من الناحية الأخلاقية. الإنسان مربوط من لسانه. بارك الله فيك فضيلتك، جزاكم الله خيراً. شكراً لك، شكراً لحضرتك. ونراكم إن شاء الله غداً في حلقة جديدة، والله. أعلم إلى اللقاء