#والله_أعلم | الحلقة الكاملة 6 ديسمبر 2015 | حقيقة الخلاف السياسي في الإسلام

#والله_أعلم | الحلقة الكاملة 6 ديسمبر 2015 | حقيقة الخلاف السياسي في الإسلام - والله أعلم
تحية لكم مشاهدينا الكرام في حلقة جديدة من والله أعلم. اليوم نستكمل مع فضيلة الدكتور ما بدأه بالأمس وتحدث فيه فيما يتعلق بالفتنة الكبرى التي أعقبت مقتل سيدنا عثمان وما تلى ذلك من أحداث نعتبرها في عصرنا الحالي أنها كانت أحداثاً مؤسفة وأحداث فتنة بمعنى الكلمة وراح ضحيتها الآلاف من الصحابة وحتى من المبشرين بالجنة. فضيلته تحدث بالأمس حول طبيعة هذا الأمر الذي لا يجب أن نقيسه
بمقاييس العصر الحالي، فإنما كان لكل عصر ظروفه وكانت له ملابساته. كان هناك كذلك الطرف الخفي أو الطرف الثالث الذي كان دائماً ما يحاول الوقيعة ما بين الطرفين، ما بين طرف. الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه وطرف السيدة عائشة ومعاوية بن أبي سفيان وكذلك الصحابة الأجلاء. اليوم نستكمل مع فضيلة الدكتور ما كنا قد بدأناه بالأمس. أهلًا بكم مولانا، أهلًا وسهلًا بكم، أهلًا بفضيلتك. مرحبًا مولانا، توقفنا بالأمس عند سؤال حضرتك، قلت ليتنا نبدأ بحلقة اليوم ألا وهو الواحد. عندما يستشعر المرء تبعات هذا الأمر ومعركة صفين أو عفواً موقعة الجمل الأولى ومقتل طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وآلاف الصحابة، الاثنان من المبشرين بالجنة، كيف يمكن أن يتخيل الإنسان أياً كان وحتى إن كان يشعر أنه على الحق أن
يقتل صحابياً جليلاً مبشراً بالجنة؟ بسم الله الرحمن. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. هذه قضية تتعلق بعدم الرؤية عند دخول الإنسان في الأحداث وتحتاج إلى تجريد، وهذا التجريد لا يكون إلا عند المفكرين وليس عند عموم الناس. وكما ذكرنا بالأمس فإن تحرك السيدة عائشة وطلحة والزبير لم يكن للقتال وإنما كان للإصلاح والتوفيق بين وجهتي نظر، وجهة نظر تفضل الإيمان على الأمن ووجهة نظر أخرى تفضل الأمن على الإيمان. ورأى هذا الفريق أنه لا
تعارض بين هذا وذاك وأنه يمكن أن نصل إلى حل. والغريب العجيب في الأمر أنهم وصلوا إلى حل، فإذا ما هاجت الأمور واهتاجت وعرفنا أمس كيف أن تلك اليد الثالثة التي تريد تفكيك الدولة الإسلامية، الدولة الإسلامية عندما دخلت، على الهندوس، دخلت على الفرس، دخلت على الروم، دخلت على المصريين، وكان هناك بعض المصريين ما زالوا على العقيدة الوثنية الأولى، لم يدخل المصريون كلهم في المسيحية، وهناك أناس انتقلوا بعد ذلك من الوثنية إلى الإسلام مباشرةً دخلتُ على تركيبةٍ مختلفةٍ لغويةٍ ودينيةٍ ومصالحٍ وغير ذلك، ولذلك ليس
هناك بعدُ، ونحن نتكلم الآن في سنة خمسٍ وثلاثين، وسنة من خمسٍ وعشرين إلى خمسٍ وثلاثين هي ولاية عثمان رضي الله عنه هجرياً، يعني في أوائل الإسلام، وأصبحت الدولة بدلاً من اقتصارها على مكة والمدينة، أن تمتدَ من حدود ليبيا إلى حدود الهند، هذا وقد دخل الصحابة الهند وأفريقيا واسطنبول، وأبو أيوب الأنصاري مدفون في اسطنبول. أصبحت الدولة ضخمة كبيرة، فيُراد تفكيكها. لأنه إذا قرأنا أحداث التاريخ وأعدناها، فهذا ليس مفيداً كثيراً - الكلام في الكتب - وإنما التأمل والوقوف عند أولئك الذين يريدون أن يذهبوا إلى البلاد ليتحصنوا فيها، يعني كل واحد يأخذ بلدًا يعني التقسيم
والتفكيك، هذا الكلام حدث في سنة أربع وثلاثين وخمس وثلاثين، الذي يتكرر بعد ألف وأربع مئة سنة: دولة كردية، السنة، الشيعة، وما شابه. الذي يتكرر بعد ألف وأربع مئة سنة ويكاد يكون بنفس الصيغة وبنفس الكيفية، وهو استعمال بعض الخلافات ووجهات النظر ونصدر فيها مجموعة من الأشياء: أول شيء المال وعدم الفساد المالي، وثاني شيء الفساد من ناحية النساء، وثالث شيء الفساد من ناحية التهمة بالعمالة، ورابع شيء الفساد من ناحية المحسوبية. هذه خمسة أشياء إلى يومنا هذا، وكأن العقل لم يتطور، وكأن الناس لم تعرف كذا إلى آخره: المال والنساء والمحسوبية والعمالة الخارجية والجهل، يقول. هذا جاهل وأنا أولى
منه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الموحى إليه والمعصوم من عند ربه. نبَّه عثمان قائلاً: لا تخلع قميصك. لماذا؟ لأن عثمان سيُقتل. عثمان لا يريد أن يمد يده على أحد ولا شخص واحد فقط عنده، ولا من أجله، لدرجة أن آخر من غادر البيت حينئذٍ الحسن بن علي، لماذا يفعل عثمان هكذا؟ لأنه رجل تقي. لماذا يقول له النبي اقعد؟ حتى لا تتفكك الدولة، فانتبه دائماً أن هناك تفكيكاً للدولة. الناس عائشة وطلحة والزبير رضي الله تعالى عنهم ذهبوا للصلح، وقد كان القعقاع عندما ذهب إليهم كما قلنا بالأمس، نعم، وكلمهم وقال لها ألا تحضر لي الله
يخليك يا أماه. نعم، تحضر لي الزبير وطلحة. قالت له: نعم، تعالوا اجلسوا" وهكذا إلى آخره. ذهب فرحاً وأحضر سيدنا علي بالليل. الأشخاص الآخرون الذين هم الطرف الثالث. نعم والله هذه مصيبة سوداء. اتفقوا على أن علي يترك الناس الذين عليهم علامة استفهام أو الموافقين على مقتل سيدنا عثمان، وكما يحدث الآن في الجماعات الإرهابية، هناك أناس يصلون معنا في المسجد وفي نفس الوقت ينتمون إلى جماعات. فلما ظهر لنا ذلك، وظهر للسيدة عائشة عندما قام الأسود بن سريع - كما ذكرنا بالأمس - في المسجد يدعوهم حسناً ما نُسلمهم الذي يريدون، فهم يقولون له هكذا. رموه بالحجارة، وهذا في البصرة. نعم في البصرة، هم في البصرة. نعم تماماً. فعندما
رموه بالحجارة، انظر هؤلاء الناس ليسوا خارجين للقتال لأنهم يبلغون تسعمائة فقط. لكن لو عرفت أن الجيوش التي قاتلت كانت عشرين ألفاً وثلاثين ألفاً، سيدنا علي كان معه عشرون ألفاً والسيدة عائشة ثلاثون أو نحو ذلك إلى آخره، عشرون ألفاً وثلاثون ألفاً يعني هذه الأرقام هكذا، حينها تعرف أن التسعمائة الذين خرجوا معها والتسعمائة الذين خرجوا مع علي من المدينة لأجل كذا، وعمل عليها قثم، لم تكن هذه الحرب بل كانت سرية صغيرة هكذا ذاهبة يعني لأجل حل المشكلة؟ هل سنستطيع أن نتوافق على صيغة نقدر بها أن نفعل الأمرين معاً، وهما الأمن والإيمان؟ نعم، ذلك ممكن من خلال إعلاننا مفاصلتنا مع هذا قال حاضر، نعلن المفاصلة.
فالأخرين ذهبوا إلى طلحة والزبير وقالوا لهم: "ما رأيكم الآن لقد فاصلوهم فلنقتلهم هل نقتل المتهمين بقتل عثمان؟" الأمر أنك عندما تقتل المتهمين أو الذين عليهم علامة استفهام، ستثور قبائلهم، وعندما تثور قبائلهم ستتفكك الدولة، فنكون قد وصلنا إلى ما نريده وهو تفكيك الدولة. فعندما قتلوا من هنا قليلاً ومن هناك قليلاً، ليقول لك من الذي قتل: أنا لم أقتل. الجماعات الإرهابية درست هذه الأمور جيداً جداً ومنهم. مَن تخصص فيها، مَن خصصوه فيها، تجد أنه لم يتخصص لهذا، خصصوه فيها لماذا؟ عندنا الأسماء على فكرة لماذا؟ لكي يفعل نفس الشيء التي نجحت في هذه الفتنة. حسناً، لكنها لم تنجح يا
أعمى القلب، لماذا؟ لأنها لم تنجح. النهاية قدر الله سبحانه وتعالى. هو الذي جرى فقط بعد أن أثم من أثم وقتل من قتل وعاش من عاش إلى آخره، لكن الحق الذي تركه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلى من البينات وأوضح من الواضحات. لماذا أو كيف يقتلون؟ فتنة. هو عندما يقع المرء في جمهور من الناس هكذا وجاءت. رصاصة طائشة ستقول لي من الذي قتل من؟ هل الذي ألقى الرصاصة كان يقصد ذلك التقي النقي الورع صاحب الجنة، أم أنه كان ذاهباً لكي يُقتل؟ إنها فتنة، ماذا تعني الفتنة؟ سفك الدم بغير حق، ليس حقاً، لا يوجد حق. سفك الدم بغير حق، سفك الدم بغير
حق قد حصل. حدث أن الإجابة على السؤال كانت أنها كانت فتنة مشتعلة، من الذي أشعلها؟ كل من يهدئها يعيد إشعالها. فقال طلحة والزبير لهؤلاء: أمر علي بالتسكين. علي هذا عندهم أمر عظيم، فهو مرجع، أي عالم، أي أن الشرع يقول هكذا أنه أمر علي بالتسكين، أي أن نسكن عن هذه المسألة بالرغم من ذلك هاج الجيشان على بعضهما وأصبح الوضع حيث لا تستطيع عندما تحدث هذه الفتنة العامة أن تسيطر على الأمور. ما اسمها؟ نسميها في الأدبيات الحالية الحالة السائلة. ما معنى الحالة السائلة؟ إنها حالة لا يطيع فيها أحد أحداً، ولا يسمع أحد لأحد، ولا يُعرف أين القيادة وأين كذا إلى آخره، فاصطدما الجيشان ببعضهما عندما اصطدم الجيشان ببعضهما، انتصر جيش علي وكان القتال شديداً
جداً على السيدة التي أخرجوها بهذا الشكل السيدة عائشة، فسميت موقعة الجمل لأن كان الدفاع عن الجمل كي لا يحدث له شيء ولا تُمس السيدة، إلى أن كسروا رجل الجمل وقتلوا أناساً كثيرين، وكان ذلك قد حدث من هم يرون أن عندما جاءهم حكيم بن جبلة الذي هو رأس من رؤوس هذه الفتنة وكان مختفياً في البصرة، وقُتل ستمائة من الجيش الذي كان مع سيدنا طلحة والسيد الزبير والسيدة عائشة. أما معاوية فلم يكن معهم، إذ كان لا يزال في الشام، ولا شأن لنا به. الأصل أن هناك فرقاً؛ فنحن نتحدث الآن عن سنة ست وثلاثين، بينما دخل معاوية في الأربعين، لا بل في سبع وثلاثين، نعم، لكنه تولى الحكم وأنفرد به بعد
وفاة سيدنا الإمام علي في سنة أربعين، فنحن هنا نتحدث عن أن سيدنا عثمان عندما توفي، سنة خمس وثلاثين، وعندما قُتل قُتِلَ في الثامن عشر من ذي الحجة، وكانت عائشة هناك في مكة تؤدي الحج. الثامن عشر من ذي الحجة يعني مضت عشرة أيام على عيد الأضحى، فقُتِلَ في هذا الوقت. ولما قُتِلَ في هذا الوقت، بعد خمسة أيام بُويِعَ لسيدنا علي رضي الله تعالى عنه، وبُويِعَ طلحة والزبير وكلهم. إنما قضية سيدنا معاوية هي التي أحضرت هذه القصة كلها قالوا القتال، القصاص أولاً، حسناً. فذهب هؤلاء وأخذت فكرة القصاص أولاً هذه. يريدون التوفيق إذاً بين علي ومعاوية. معاوية لا يرفض التعاون، ولا يرفض
معاوية درء الدم، ولا يرفض معاوية هذا الأمر. إنه يريد أن تبقى هيبة بني أمية على المحك تماماً. لا يوجد أحد يتمرد علينا، والذي يتمرد علينا لا بد أن تكسر هيبة الدولة ظهره قبل كل شيء. قال له: نعم، حاضر، سنفعل ذلك، لكن هذه الأمور عندما نقتص أولاً، سنقتص أولاً. فكرة معاوية نقتص ثم نبايع. الأمور أننا لا نعرفهم بالضبط، نحن نعرف أناساً منهم كانوا يتحدثون، جاء من مصر واحد اسمه الغافق بن حرب من مصر من هنا، وشخص اسمه عبد الله بن سبأ، بعض الشيعة وغيرهم
يقولون إن عبد الله بن سبأ هذا عبارة عن خيال، وأنه شخص يهودي تخيلتموه يا أهل السنة لكي تبرروا أفعالكم أو ما شابه ذلك. بعض الباحثين ينكر وجوده، ولكن لا، هو موجود عبد الله بن سبأ وكان سبب كبير في هذه الفتنة قادم من الكوفة عمرو بن الأصم، معروفون، نعم إنهم معروفون، لكن أين عمرو بن الأصم؟ وهو قادم من الكوفة معه زيد بن صولجان العبدي؟ انظر إلى الكلمة، زيد ابن ماذا؟ صولجان، ما هو الصولجان؟ الصولجان هو عصا الملك، صولجان يعني فيها حرف صاد وجيم ليس هناك في لغة العرب كلمة فيها صاد وجيم. من علامات أنك تعرف الكلمة عربية أم ليست عربية أن تجد فيها
بعض الحروف. من ضمن هذه الحروف التي إذا اكتشفناها هكذا وجدناها، فنعرف أنها ليست عربية: الصاد والجيم. فكلمة "صج" ليست عربية. لماذا؟ لأن فيها. حسناً، هذه المادة اسمها "صج"، إذاً ليست عربية، و كلمة "صاج" ليست عربية فلا بد أنها فارسية أو تركية أو شيء من هذا القبيل. حسناً، "صولجان"، ها... إذاً بالتالي الكلمة ليست عربية، الكلمة ليست عربية. حسناً، و"جص"، "جص" ليس عربياً، إذاً هذا الجص الذي نطلقه على الإسمنت أو نطلقه على هذه الأشياء. الخاصة بالبناء لا تكون عربية، ما الذي أخبرك إذاً، إن شاء الله أنت كنت تحفظ لسان العرب؟ قلت له لا، لأن فيها الجيم والصاد. هل انتبهت. صولجان؟ هذا الرجل زيد بن صولجان
العبدي ليس عربياً. هؤلاء قادمون من الخارج ومعهم أجندات. هل كان عندهم أجندات منذ ألف وأربعمائة سنة؟ من ألف وأربعمئة سنة وفي أجندات وأجندات مختلفة وأجندات مرتبة ومستعملة أشياء يمكن نعم أن أقول عنها إنها خاطئة وأنها غلط وأنها كذا إلى آخره، غيّر لنا - الله يحفظك - هذا الوالي، فغيروه، لا غيّره لنا ثانيةً، حسناً، وماذا بعد، هناك مقتضيات لاستقرار الدولة، هل تفهم؟ فالوالي كان عمرو بن العاص ثم ذهب واضعاً في مصر عبد الله بن أبي سرح أخاه من الأم. ووضع سعيد بن العاص هناك في الكوفة، ثم أزاله عندما حدثت مشاكل ووضع أبا موسى الأشعري، ووضع عبد الله بن عامر في البصرة، وأبقى معاوية كما
هو، وكل هذا بعد سنة من وفاة عمر لأن عمر قال له إياك أن تغيّر الولاة وذلك حتى تستقر الدولة، أتفهمون؟ فإذاً لماذا يقاتل هذا؟ إنها فتنة. وماذا تعني الفتنة؟ تعني الاضطراب، تعني غمامة كما حدث مع عبد الله بن عمر. قلنا بالأمس أن هذه الغمامة حصلت، والقتل وقع دون وعي أو قصد. حسناً، يحمّل البعض معاويةَ بن أبي سفيان أنه المسؤول الأول عن هذه الفتنة، ربما لأنه لم يبايع واشترط البيعة بعد أن يتم القصاص لعثمان. كذلك فيما يتعلق بمعركة صفين، البعض يلومه أو يعتبره أو يحمله مسؤولية ما حدث في صفين، وكذلك هذه الفتنة التي أدت إلى
رفع المصاحف على أسنة الرماح، وكان هذا أول توظيف سياسي وحربي. إن جاز التعبير بعد أن تغلب الجيش الذي كان مع سيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه على جيش معاوية. ورحلت السيدة عائشة مرة أخرى إلى المدينة. دعونا نقول مع جيش طلحة والزبير، مع جيش طلحة، مع جيش طلحة والزبير لأننا ما زلنا في معركة الجمل، حسنا، وسيدنا معاوية لم يأتِ بعد، أي سيأتي لاحقاً. نعتبر أنه قادم يا مولانا. نعم، البعض يرى في هذا الأمر ومجيء معاوية بجيشه أن هذا الأمر أدى إلى اشتعال هذه الفتنة، وحينما أمر أو نصح
برفع المصاحف على أسنة الرماح، فكان هذا أول توصيف أو أول توظيف سياسي للدين، ما ردك فضيلتك خاصة في هذا الهجوم على معاوية بن أبي سفيان؟ ونحن عندما نقرأ في موضوع الفتنة لاحظنا أن كثيراً من الروايات متداخلة وأنه لا سند لها وأنها أُلقيت إلقاءً في هذا الموضوع، ومن ضمنها الحكاية المشهورة بين عمرو وأبي موسى الأشعري، وهذه القصة ثبته وخلعته مثلاً، نعم، لم تكن كذلك. وهذه الحكاية بالذات بهذه الكيفية من غير سند ليست ذات سند. حسناً مولانا، أنا أعرف أنها تُدرَّس في إحدى المراحل التعليمية في الأزهر الشريف. للأسف قصة أبي موسى الأشعري، نعم، ولكن انتبه، فإنه يقول إذا خرج الحديث من المدينة شبراً وصل إلى العراق
ذراعا ولكن هناك شبر في جلسة المفاوضات الصغيرة التي حدثت. في هذا الشبر موجودة. نعم، ما حدث أننا ثلاثة. أولاً الذي تحرك هو سيدنا علي، وصفين هذه تجدها على نهر الفرات حالياً وهي تابعة للشام على حدود الشام مع العراق، سوريا مع العراق، لكنها في الأراضي السورية الآن صفين، فسيدنا علي هو الذي تحرّك وليس معاوية. تحرّك في اتجاه الشام، تحرّك في اتجاه الشام لكي يُقنع معاوية بالتي هي أحسن أو بالتهديد قليلاً أو بالضغط أن يبايعه ويتوقف عن الفتنة، وكي تستقر الشام كما استقرت على ما يبدو العراق، وأيضاً إن لم يكن هناك مانع بعضه ويمضي، هذا معاوية، هذا معاوية، لأنك
أنت أولاً هذا خليفة، والخليفة قد بويع خلاصاً، وأنت سيادتك والٍ عنده، والوالي الذي عنده يمكنه جداً أن يعزلك، صحيح؟ فلماذا ستظل تجادل؟ الحق مع علي أينما كان، خلاص. النبي يقول هكذا، نحن لا نقول ذلك من أجل تحليل سياسي ولا من أجل بعضها باطل وبعضها لا أعرف ماهيته، وليس لأننا نحب سيدنا علي أكثر من معاوية، بل نقول ذلك لأن سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام قال علامة حدثت بعد ذلك اسمها "تقتلك الفئة الباغية" لعمار بن ياسر. فالمهم أن علي بن أبي طالب تحرك لكي ينهي هذه القضية لأنه لن تستقر الدولة في هذا الاضطراب، والمركب التي لها قائدان تغرق، فلابد لمعاوية أن
يقف عند حده. سمع معاوية ذلك، فخرج بجيش من الشام ومعه عمرو بن العاص من مصر، وكان عمرو بن العاص قد افتعل مشكلة مع عثمان بن عفان. عجباً، كنت مفتعلاً مشكلة مع عثمان ابن عفان ذاهب الآن إلى معاوية، لماذا أنت عمرو بن العاص مثلاً؟ يعني هذا هو التحليل السياسي وليس الديني، لكن جميعهم أفاضل وجميعهم جاهدوا في سبيل الله وجميعهم فتحوا وعملوا وهكذا إلى آخره، لكن عندما تأتي لتتعجب، تتعجب من عمرو بن العاص عندما أقاله، والأول أزال منه المال، السياسة المالية وأعطاها لعبد الله بن أبي سرح، وقال لعبد الله بن أبي سرح وعثمان: "يا عبد الله، لو استطعت أن تفتح إفريقيا، فستأخذ خُمس الخُمس (الخُمس عشرون في المائة، وخُمس الخُمس أربعة في المائة)، فمعنى
ذلك أنه سيأخذ أربعة في المائة، وذلك من الغنائم الخاصة بالفتوحات. نعم، هذا شيء يساوي مليارات. وهذا أخوه أي أخو عثمان، وهو عندما تجاوز عبد الله بن أبي سرح في حق النبي وأباح دمه في مكة. نعم صحيح، واحتمى بأستار الكعبة الذي ذهب به عثمان. صحيح والنبي عليه الصلاة والسلام كان يحب عثمان كثيراً. لماذا؟ لأن عثمان هذا في الأصل رجل غني، جداً. غنيٌّ ملياردير، يعني خلاص، وجهَّز جيش العسرة، وقال: "ما ضرَّ ابن عفان ما فعل بعد ذلك". سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام فلم يفعل إلا أنه مات شهيداً على المصحف. فسيدنا عثمان لما انقطع عن التجارة وانقطع عن ماله وما إلى ذلك، أصبح يأخذ من بيت المال، لكن ماذا يأخذ؟ في قصره تربى هكذا ابن عز هو، فقالوا له: "انظر، انظر، أنت لا تأخذ مثلما يأخذ سيدنا عمر".
نعم، سيدنا عمر لم يكن هكذا، سيدنا عمر كان يعيش على قدر حاله طوال عمره، لكن هذا عثمان هو هكذا. قال لهم: "يا أولاد، لا، لستم تدركون أن الخليفة يأخذ من بيت المال ما يكفيه ولا يأخذ أكثر، لكن ما يكفيه وهذا هو الذي يكفيني. هل أنت منتبه للصراع الطبقي الآن بمعنى كيف أن يكون لدى شخص غني سيارة مرسيدس. لا، نفس النفسيات كانت موجودة في الثورة على عثمان، أو كانت تُستغل من أجل تفكيك الدولة، صحيح، فالمهم أن عمرو بن العاص غضب لأن السياسة المالية خرجت من يديه وأُعطي له القيادة العسكرية فقط، فقال له: "أأنت غضبت؟"، قال له: "أنا غاضب"، فقال له: "حسناً، ولا القيادة العسكرية ذهبت
لعبد الله بن أبي سرح"، فذهب كله إلى عبد الله بن أبي سرح. حسناً، أنت عندما فعلت هذا وعمرو انت غاضب ذاهب إلى معاوية قريب عثمان لماذا؟ لأجل أن تُعارض سيدنا علي -وجهة نظر- أتنتبه؟ فهو يا أخي بشر، في الأصل هم ليسوا معصومين، سبحان الله. لكننا ونحن نتخيل، كان الشيخ الغزالي رحمه الله سبحان الله غاضباً من عمرو بن العاص، غاضباً، فالشيخ البقوري أحمد حسن البقوري رأى في المنام أن سيدنا عمرو بن العاص جاءه وقال له: "قل للغزالي ألا يغضب مني". فذهب أحمد حسن البقوري، رحم الله الجميع، إلى الشيخ الغزالي وقال له: "ما الأمر يا محمد؟" وكان اسمه محمد الغزالي
السقا. سأله: "ما الأمر يا محمد؟ هل أنت غاضب من عمرو؟" قال له عمرو من؟ قال له عمرو بن العاص قال له نعم أنا غاضب منه كثيراً قال له حسناً هو جاء لي في المنام وقال لي اجعل محمداً لا يغضب مني فالشيخ قال له لأن ما فعله مع سيدنا علي يعني لا يصح فقال له هو يقول لك هكذا وبعد ذلك يا أخي الشيخ البقوري يقول للشيخ الغزالي - الشيخ البقوري أسن من الشيخ الغزالي يعني أكبر سناً - قال له: "يا أخي، عمرو بن العاص هذا، أليس هو الذي فتح عُمان؟" قال له: "نعم". قال له: "وفتح لا أعرف كذا؟" قال له: "نعم". قال له: "وفتح مصر؟" قال له: "نعم". قال له وصلوات كل الناس في هذه الأماكن في ميزان حسناته، هو كالدال على الخير كفاعله، فستذهب
في ميزان حسناته. قال له: نعم. قال له: حسناً، يعني انظر، عندما تسعون مليون شخص صلاتهم - يا عيني - تذهب ثمانون مليون منهم وغيرهم من المسلمين بعُمان على الأماكن الأخرى، وبعد ذلك هؤلاء التسعون الموجودون الآن ماذا عن الستين التي كانت قبل ذلك؟ وماذا عن الخمسين والعشرين التي كانت قبل ذلك أيضاً وهكذا. فأنت يا محمد، أليس كذلك؟ فاقتنع الشيخ محمد الغزالي رحمه الله، وتولى خطابة مسجد عمرو بن العاص بعد هذا الحديث، ما شاء الله، من بعد هذه الرؤيا. يا للعجب! على الجمال أنه، يا إخوانا، يعني مَن ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط؟ محمد الهادي الذي عليه جبريل هبط. هذه هي الحكاية، فنحن لا ننكر الخطأ، لا يا أخي. إذا كنت سترى أن طلحة والزبير هما اللذان كانا على الحق في هذا القتال وليس علي، لا علي، لأنه
الولي الشرعي علي ولا معاوية لا، علي لأنه الولي الشرعي. من الذي وهكذا، حسنًا. نأتي الآن لأن هناك خللًا في الروايات وما إلى ذلك. ونأتي إلى ماهية الشبر وماهية الذراع في الرواية. حدث أنهم بدأوا، فذهب علي وهو لا يريد قتل المسلمين، ومعاوية لا يريد قتل المسلمين أيضًا للعلم. فكانوا يفعلون ماذا؟ يرسلون الأشتر النخعي مالك بن الأشتر النخعي على كتيبة صغيرة، نحو خمسين أو ستين أو مائة أو مائتين. أما جيشه فكان ثمانين ألفاً. هذا الجيش الذي مع من يا مولانا؟ مع سيدنا علي، ثمانين ألفاً. ثمانون ألفاً، والذين مع سيدنا معاوية مائة وعشرون ألفاً. بالطبع هذا لأنها أرضهم، أرض
الشام هذه جيوش جرارة، أي جيوش كبيرة بأعداد هذا الزمن. نعم، لا تصل إلى الثمانين. بدأوا يوم الأربعاء واستمروا حوالي عشرة أيام: أربعاء، خميس، جمعة، سبت، أحد، اثنين، ثلاثاء، وما زالوا لا يستطيعون القضاء على بعضهم. قتال شديد، ولكن كانت مثل سرايا، نعم، يرسل عبد الله بن عباس، ويرسل الأشتر النخعي يرسل فلان علان، والآخر أيضاً يرسل عمرو بن العاص، ويرسل فلان علان، وهكذا. فيقتتل الفريقان ويقتلون بعضاً منهم من هنا ومن هناك، ثم يعودون مرة أخرى. فيرتفع في الليل صوت القرآن في المعسكرين. لا حول ولا قوة إلا بالله! انظر إلى الفتنة الآن، هنا يدعون ويقولون: يا رب انصرنا على هؤلاء، وهنا يدعو ويقولون:
"يا رب انصرنا على هؤلاء". ولذلك عندما درس الأئمة هذه الحالة، ولم يريدوا أن تعود ثانيةً في الأمة، قالوا لنا: "ظلم غشوم ولا فتنة تدوم"، وهذا صحيح. فأحد خبراء السياسة والاقتصاد الذين ظهروا في قناة الجزيرة وغيرها قال: "أخطأ الإمام مالك". لا يا سيدي، ليس هو الذي أخطأ، أنت الذي أخطأت. أنت تستبيح هكذا الدماء، مطلق الدماء وخاصة دماء المسلمين. لا، هم كلامهم صحيح: "ظلم غشوم ولا فتنة تدوم". صحيح قال: "لا فتنة تدوم ولا ظلم غشوم". لا، إنك أنت مفسد في الأرض، إنك خارجي بهذا الشكل وأخذ بال حضرتك كيف هذا؟ ما هذا الغباء؟ ما الذي يحدث؟ هذا أستاذ في السياسة والاقتصاد وفي العصر الحديث، فما هذا الغباء الذي نزل عليه؟ من
أين أتى؟ آه، إذن هذا أمر الله فيه، أن الغباء عندما ينزل على إنسان يصبح هكذا وأشد من ذلك. فأنا أريد أن أقول لسيادتك أنهم جلسوا ولم يقدروا على بعضهم، وهناك تفاصيل كثيرة في هذا الموضوع، لكنهم مكثوا عشرة أيام يقاتلوا، وقبل ذلك كانوا شهرين أو ثلاثة أشهر، وفي النهاية قالوا: "يا جماعة ليس هكذا، هيا بنا نحكم الآن بشكل جيد". فدعوا إلى التحكيم، إذاً التحكيم حدث ،صحيح، فجانب من سيدنا علي رفض التحكيم وقال: يا جماعة دعونا من التحكيم لأنني أعرفهم، هم الذين يستغلون الدين لمصلحة الدنيا، فلنتجنب ذلك. لا تنخدعوا بالجماعات الإرهابية ولا الجماعات الخارجة ولا غيرها إلى آخره، ولا بمن يُسبِل عينيه. لا
تنخدعوا ولا تطيعوا الخوارج الذين أصبحوا خوارج. الذين كانوا في جيش سيدنا علي في ذلك الوقت، الذين كانوا مع سيدنا علي، ووجد أن الأمور ستنفرط منه تماماً، وكانوا مصممين على ذلك، قال: "حسناً، سنرسل الأشتر النخعي". كان الأشتر النخعي شديد الولاء لعلي، وكان سيُرسَل والياً على مصر مكان عمرو بن العاص، عندما كان عمرو بن العاص [فيها]. وأرسل معه رسالةً فائقةً رائقةً حققها الشيخ محمد عبده وطبعها، وقد أجريتُ عليها دراسةً، إنه لأمرٌ غريبٌ عجيبٌ! كلامٌ كأنه يشارك في وضع ميثاق الأمم المتحدة: الإنسانية والمساواة والإخاء. والأشتر النخعي، رحمه الله، لم يتولَّ مصر لأنه توفي قبل أن ينفذ الوثيقة.
قالوا له: لا، إلا الأشتر النخعي. هؤلاء الخوارج الذين كانوا في جيش سيدنا علي، عندما بدأت حركة الخوارج. أرأيت؟ يجب علينا أن نقرأ. لقد قالوا له: "لماذا يجب عليك أن ترسل أبا موسى الأشعري الضعيف الذي كذا وكذا؟" ليه؟ هنا يوجد يداً خفية تتلاعب بأناس وتثيرهم، وهؤلاء الناس الذين يهيجوا يكمن وراءهم في الأساس هدف تفكيك الدولة هذه هؤلاء واضح الذين كانوا قادمين من البصرة ودخلوا في جيش الإمام علي ومن كل ذلك ظلت الخلايا نائمة داخل جيش الإمام علي، لا، يجب أن لا نختار الأشتر إلا الأشتر إلا الأشتر، فذهب أبو موسى واجتمع مع عمرو وبعد ذلك قال له: حسنًا، فلنُحضِر أيضًا الكبار، فجلس ابن عباس ليس هناك حكاية "وليت هذا وخلعت هذا كما أخلع كذا"، فهذه روايات موجودة عند إخواننا
الشيعة لكنها غير موثقة إطلاقاً وليس لها سند وليس لها أي شيء. يعني ألم يتفقوا -يا مولانا- أن الإمام علي ومعاوية بن أبي سفيان، الاثنين، أن يخلع عنه أو يتنازل عن الإمامة ومعاوية عن الشام وينتخبون خليفة جديدًا للمسلمين، أبدًا ما حدث، لا ما حدث هذا الكلام كله، هذا كلام ماذا يعني؟ سيناريوهات، أبدًا سيناريوهات، إنما هم الذين اتفقوا بعد أن جاء الناس وجمعوا مرة واثنتين وثلاثة، يوم واثنين وثلاثة، اتفقوا على أنهم يجلسون حتى رمضان، نحن نتكلم الآن في صفر، نعم يعني عندما بدأت المعارك في اليوم الرابع، كان ذلك في الثامن من صفر سنة سبعة وثلاثين، فقالوا: "لننتظر حتى رمضان، لننتظر حتى رمضان". كانت حربهم عشرة أيام على فكرة. في آخر العشرة أيام دخل جيش علي كله، ثم دخل جيش معاوية كله فانهزم. جيش معاوية
صحيح وبعد ذلك جاءت فكرة لا تحكموا، قالوا له: سنحكم يعني سنحكم. والذين قالوا له سنحكم يعني سنحكم هم الذين بعد ذلك أصبحوا الخوارج. هل هناك لعب؟ توجد اتفاقيات مع جهات أجنبية. عندما آتي وأقول إنها اتفاقيات مع جهات أجنبية، لا يقل لي أحد إنها عقلية المؤامرة. لا، ليست عقلية المؤامرة، بل هي قراءة. للأحداث وما حدث أنهم في الأيام الثلاثة اتفقوا على قضية خلع هذا وعزل ذاك كما وضع هذا الكلام الذي حدث حسب الاتفاق، سيدنا عمرو بن العاص أقنع سيدنا أبا موسى الأشعري أن هذا يُخلع وذاك يُعزل. فسيدنا أبو موسى الأشعري قال: "خلعت علياً" وعمرو بن العاص. قال: ثبت معاوية، يعني فحصلت خديعة. يعني كل هذا كلام لم يحدث، لا لم يحدث. الذي حدث أنهم اتفقوا على رمضان تماماً حتى تهدأ النفوس، وكل واحد واتفقوا على ذلك. فانسحب
علي بجيشه عليه السلام إلى... ما الذي جعل جيش علي يتفوق وكاد أن ينتصر؟ موت عمار، كم كان عمره حينها؟ تسعون سنة، يا الله! تسعون سنة وقتلوه. فأول ما قتلوه اهتزت أركان الدنيا كلها. الفئة الباغية هي التي تقتل عماراً. الفئة الباغية. بدأ المائة والعشرون ألفاً ينسحبون الآن. "الله! لقد كنا نقاتل على أساس أننا على الحق". نعم، أتفهم؟ وكنا نقتل فيكم التي هي المراجعات التي قامت بها الجماعة الإسلامية؟ نحن بغاة إذا. اكتشفها المساكين بعد ذلك، فبدأوا ينسحبون. ثم قال الآخر: لا نحكم، وحدثت هذه الفتنة. هي فتنة، صحيحة. لكنني أريد أن أقول لك وأؤكد كلامك
أنها مستمرة حتى اليوم. وذهب كل واحد منهم منفصلاً واستمروا في الجلوس وتولد هنا طائفة الخوارج، حسناً أستأذن حضرتك، سأعود بعد الفاصل لفكرة رفع المصاحف في معسكر معاوية، حيث رفعوا المصاحف على أسنة الرماح، وفي معسكر علي - الإمام علي - خرج منه الخوارج الذين قاتلوا الإمام علي بعد ذلك، ومنهم يُنسب أنهم هم من قتلوه، وبداية هذا الفكر، هل يمكن أن تشرح لنا فكر الخوارج، كيف بدأوا؟ وهل يمكن أن نقول بأن هذا اليوم وهذا التاريخ هو تاريخ ظهور الخوارج في الأمة الإسلامية؟
مولانا، ما الدرس المستفاد من رفع بعض من كانوا في معسكر معاوية للمصاحف على أسنة الرماح، وهذا شيء مستغرب يستنكره العقل. وعلى الناحية الأخرى، هناك الخوارج الذين حوالي عشرون ألفاً، قالوا بأنهم عشرون. ألفُ شخصٍ خرجوا على الإمام علي، كيف تصف هذا الأمر وكيف يمكن أن نستفيد من هذا الدرس في عصرنا الحالي؟ ربنا سبحانه وتعالى عندما تكلم عن مسجد الضرار، نعم سماه مسجد ضرار، وبدأ في عصر النبي عليه الصلاة والسلام تلاعبٌ بالمصطلحات الشرعية. التلاعب الذي نحذر منه هو التلاعب بالدين لمصلحة. أي شيء آخر لمصلحة السياسة أو لمصلحة الاقتصاد أو لمصلحة الاجتماع أو لمصلحة المكانة الاجتماعية، لأن الدين أرقى، إذ هو
علاقة بين العبد وربه ومنهج حياة، ولا علاقة له بالاستخدام الحزبي من أجل تحقيق مصالح شخصية. لكن الناس تحب الدين، ولذلك تنبهر عندما تُرفع شعارات الدين في غير ما وُضعت أنا أقول إن الدين موجود، والسياسة يجب أن تراعي الدين، لا أن تتدخل في الدين، ولا الدين يتدخل في الحزب. يعني لا أتي وأقول لهم: "والله انتخبوني لمجلس النواب لأنني رجل شيخ متدين، أتقي الله، وورع. انظروا إلى لحيتي وصلاتي وصيامي". هذا الكلام ممنوع تماماً لأنني التقي الذي فيهم لكن المرشح أمامي احذر منه لأنه لا يصلي وهو يسهر بالليل، إذاً أنا الآن أستعمل الدين في غير ما هو
له. هذا الدين علاقة بيني وبين ربنا سبحانه وتعالى، أنا أعتز بها وأحميها ولن يستطيع أحد أن ينزع مني ديني أصلاً. لكن لا استعمله هذا الاستعمال. لا تأخذني المنحط، إنه استعمال منحط. نعم، نبَّه ربنا سبحانه وتعالى في سورة التوبة في قصة مسجد الضرار على هذه القصة، على التلاعب بالمصطلحات الشرعية. المصحف رمز من الرموز، ولذلك تجد بعد ذلك السيدات يعلقن المصحف في صدورهن، أي أنه رمز من. الرموز عندما وضعوها على الرماح يعني ماذا بيني وبينك؟ كتاب الله، والأمر الثاني أنني مسلم يا أخي، أنت تقتلني وأنا مسلم، دعنا نفكر قليلاً إلى آخره. التحكيم الذي وافقوا عليه
ورفضوا المحكم وهو الأشتر النخعي مالك بن الأشتر الذي عينه علي وذهب أبو موسى واتفقوا على ذلك. هذا الرمز عندما استُعمل، استعمل في غير مكانه من جيش معاوية. نعم، سيدنا علي عليه السلام كان معه ثمانون ألفاً، ومعاوية مائة وعشرون ألفاً. من الثمانين ألفاً هؤلاء ذهب اثنا عشر فقط، اثنا عشر ألفاً، ليس عشرين ألفاً، لا، اثنا عشر فقط، اثنا عشر ألفاً. وعندما جاء علي ليقاتلهم. بعد ذلك الذين هم الخوارج، أي الذين خرجوا من جيش علي، وسبب تسميتهم بالخوارج يا مولانا، نعم، لأنهم خرجوا على الحاكم الشرعي، ولأن لهم فكراً معيناً، صحيح، وهو التشدد. لا يريدون المؤسسات، ويريدون أفكاراً مجردة، ويريدون أن يكون
الناس ملائكة، لكن الناس ليسوا ملائكة، والأفكار المجردة. لا بد من وجود من يرعاها، فقالوا: "لا حاكم إلا الله"، فقال: "كلمة حق أُريد بها باطل". وأرسل إليهم ابن عباس، فكانوا حينها ستة آلاف، يعني من أصل الاثني عشر ألفاً الذين خرجوا هؤلاء، ظلوا يتناقصون هكذا إلى أن أصبحوا ستة آلاف. فابن عباس قال له: "أذهب إليهم وأكلمهم"، قال: طيّب، كلّمهم بالسنّة ولا تكلّمهم بالقرآن، فإن القرآن حمّال أوجه. كلما تأتي له بآية يقول لك: لا، أصلاً ليس معناها هكذا. وهنا نبّهنا الإمام إلى أن هناك فارقاً بين النص والفهم للنص، فالفهم الخارجي للنصوص فهم سيء وفهم يؤدي إلى الهلاك، وفهم مخالف للسنة والتطبيق المعصوم للكتاب
هو. السُّنة ولذلك الذين يدعون إلى فصل السُّنة عن القرآن وأن نلقي بالسُّنة في البحر سيؤدون في النهاية وهم لا يدركون إلى فكر الخوارج الذي سيصبح متاهة، ثم سينفصل الفهم عن النص، وهذا ما دعا إليه بعض العلمانيين أن نفصل الفهم عن النص لأن النص مع قارئه لو حدث ذلك، سيحدث مثل داعش، يعني هم لا ينتبهون أنهم يضرون أنفسهم. انظر إلى الفتنة الآن: أن شخصاً لا يفهم بعمق أنه لو فصل السنة عن القرآن لأصبح القرآن حمّال أوجه ولضل الناس، لأن كل شخص سيقرأه وفق هواه. الباطنية يفسرونه وفق أهوائهم، والسنة وفق منهجها، والشيعة وفق منهجها، والخوارج وفق أهوائهم. وكل واحد يستدل به على فعله وتحسين
فعله، فرجعنا مرة أخرى إلى أن الحجة أيضاً في الكتاب والسنة. ابن عباس عندما ذهب إلى الستة آلاف، رجع معه ألفان، يعني ألفان هم المخلصون الذين كانت الفكرة مشوشة عليهم، وأربعة آلاف ظلوا خارجين كما هم بهذا الشكل: العنف، والقتل، والمشرب العنيف، والنصوصية، والجهل. كانوا هم هذه حتى وصل الأمر أنهم اتهموا الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه بالكفر. نعم، هذه أمور بسيطة، شيء غريب! لا، هذه بسيطة. بقتله وإهدار دمه، يعني شيء لا مثيل له في التناقض. وهو يمشي، خبط الولد بعوضة هكذا أو ناموسة فسال دمها هكذا، فقال: الله! حسناً، والدم؟ هذا نجس أم ليس نجساً، وهل بهذا انتقض وضوئي
أم لم ينتقض وضوئي؟ وهو يذهب لقتال أمير المؤمنين عليه ويقتله، يعني انظر كيف والتدبير الذي قاموا به الثلاثة الذين منهم ابن ملجم - لعنة الله عليه - لكي يذهب ويقتل الإمام علي بهذا الشكل، هو الفعل الشنيع الذي حدث في رمضان الثامن عشر من سنة أربعين، صحيح يا مولانا، فإذاً نحن أمام خوارج خوارج وهذا الفكر هو الفكر الذي نجده في الجماعة الإرهابية، وبعد ذلك نفس الطريقة. هل كل الخوارج كانوا فاهمين؟ هل كل الإخوان المسلمين هؤلاء فاهمون؟ أبداً، ولو سمعوا كلامنا هذا يقولون: لا، نحن يقولون هكذا نحن لسنا خوارج، ولكن على فكرة هؤلاء غير فاهمين وهؤلاء أيضاً غير فاهمين. إنها نفس الطريقة، والمخلص منهم سيعود ويتوب إلى الله ويتبين له فظاعة
جرم ما يفعل، وأنه استُغل وأنه يستغل الدين دون أن يشعر. لكن الذين سوّلت لهم أنفسهم ماذا؟ أننا نقيم للدين لواءً، نعم. في سبيل الله كنا نبتغي رفع اللواء، فليقم للدين مجده أو تُرَق فيه الدماء، تُرَق فيه الدماء. ما هي هكذا، نعم بالضبط، هذا كان نداء الشباب وهم في سجنهم، مساكين هؤلاء يحتاجون إلى إعادة تأهيل، لأنه يظن أن أحداث مقتل السادات كانت في سبيل الله كنا. نبتغي رفع اللواء، فأي لواء وأي واقع أنت تعيش فيه؟ لقد أصبحت ألعوبة في يد الآخرين، يلعبون بك في كل مكان. صحيح أن البعض لا ينتبه لهذا إطلاقاً ويصر على ما هو عليه لأنهم أفهموه أنه في سبيل
الله. كنا نبتغي رفع اللواء فليقم للدين مجده أو ترق فيه الدماء. حسناً، أليس سينهض الدين بهذه الطريقة التي تطرحونها والتي يكون مجد الدين فيها بإراقة الدماء؟ فماذا عندما أريقت دماء الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه، هل رفع اللواء مثلاً؟ أم أن الخلافة الراشدة انتهت صحيح وكان الخليفة الراشد الخامس هو سيدنا الحسن الذي حكم ستة أشهر فأكمل الثلاثين سنة النبي عليه الصلاة والسلام أخبر عنها، وبعد ذلك أصبح الملك ملكًا عضوضًا، ومعاوية أعطاها لابنه يزيد. هذا كان مصيبة، كان له رجل اسمه سرجون، نعم، وسرجون هذا كان المستشار الخاص به، وكان مربي قردا. أعتقد أن سرجون هذا كان يهوديًا، نعم صحيح، ولكن ليست المسألة أنه يهودي من عدمه، وإنما انظر كيف تعمل التركيبة من أجل الاندساس في وسط متخذي القرار، نعم! ويخرج
للناس بقرد هكذا، ويذهبون لإحضاره يوم الجمعة فيجدونه سكران، لا حول ولا قوة إلا بالله. يزيد ومعاوية يعرف هكذا أنه الشاب سكران، ويتحدث مع أمه قائلاً: "حسنًا، وماذا بعد؟ هذا هو الولد الذي لي." الذي كنت أريده أن يكون كذا وكذا، كيف سيذهب الشاب السكران إلى المسجد يوم الجمعة؟ ولا بد أن يذهب الإمام إلى المسجد يوم الجمعة حينئذ، ولا بد أن يصلي مع الناس، وسيذهبون لإحضاره في يوم الجمعة وهو سكران. وقد مكث ثلاث سنوات، في إحداها قتل الحسين، وفي السنة الثانية هدم الكعبة بالمنجنيق، والسنة الثالثة استباح المدينة. ولا حول ولا قوة إلا بالله، هذا هو يزيد، ولذلك كان الناس في الزمان يقولون: "العن يزيد ولا تزيد". طيب، هناك أناس يا مولانا - وهذا آخر سؤال بعد إذن فضيلتكم قبل أن نستقبل المكالمات الهاتفية - هناك أناس أيضاً يلعنون معاوية، ما حكم ذلك؟ هم غاضبون منه كثيراً. [يمكنه أن يغضب
منه يغضب منه لأنه بشر، نعم هو بشر، نعم هو بشر يصيب ويخطئ، نعم هو بشر، لكن لا يجوز سبه إطلاقًا، هذا لا يجوز سبه، لماذا؟ لأننا لسنا معتادين على السب، صحيح، أنت تعلم، انظر عندما قلت لك في القصة، ذكرت لك أن علي بن أبي طالب كان يخرج من أربع ثلاثمائة أربعمائة هكذا يذهب ليقاتل من الثمانين ألفاً بالضبط، فيخرج له ثلاثمائة أيضاً، نعم يقاتلون بعضهم هكذا ويتناوشون ويقتلون، حرب خاطفة ويفعله لأجل دماء المسلمين، تماماً. معاوية حريص على دماء المسلمين، وسيدنا علي عليه السلام أيضاً حريص عليها، فالسبب لا، ولكننا لسنا نتولى ما فعله معاوية؟ لا، نحن معترضون على ما فعله معاوية، ونحن ضد ما فعله معاوية، ولكن لا مانع لو أننا في الطريق هكذا قلنا سيدنا معاوية، لن يحدث شيء. لكن هذا سيثير الشيعة، سيثورون
ويغضبون هكذا، إنه مثل الفول في النار، كيف قلت سيدنا؟ ما هذا سيدك؟ طيب، أليس سيدنا عمر وسيدنا علي وسيدنا عثمان وسيدنا معاوية لم يحدث شيء. سيدنا عمرو بن العاص، كلهم ساداتنا. ولقد اجتهد يا أخي، أخطأ أو أصاب أو ما شابه، لكن هل نحن نوافق مواقفه؟ لا، لسنا مع مواقفه، نختلف مع مواقفه. كان بعض علمائنا، علماء أهل السنة كانوا ينكرون أنه كاتب للوحي لكن كتابة الوحي ثابتة في صحيح مسلم وأن النبي صلى الله عليه وسلم مدح علي بن أبي طالب. أقول لك إن هناك شيئاً اسمه "فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل، حوالي ثمانمائة ورقة هكذا في مجلدين، ستمائة ورقة منها في علي بن أبي طالب. يا سلام! والمائتان ورقة الباقية في بقية الصحابة. بقية الصحابة خلاص، فجاء الإمام النسائي فذهب وألّف كتاباً لطيفاً اسمه "خصائص الإمام علي". خصائص يعني المدح الذي مدح به النبي الإمام علي. فلما مدح الإمام خصائص
الإمام علي، قالوا له: ألِّف لنا كتاباً في خصائص معاوية، فقال لهم: إنني لم أجد ولا حديثاً في خصائص معاوية من المائتين صفحة الثانية التي في المجلد، غير موجود ولا مذكور فيها. أنا لا أحفظ إلا "لا أشبع الله له بطناً". النبي قال هكذا عن معاوية: "لا أشبع الله له بطناً". أرسل إليه شخصاً: "أحضروا معاوية". فقالوا له: "إنه يأكل الطعام هكذا انتظر ثلث ساعة". "أحضروا معاوية"، قالوا له: "إنه يأكل. ثلاث مرات قال ما هذا يأكل طوال هذه الفترة. كان معاوية شرهاً قليلاً، ومعاوية هو الذي ابتكر الكنافة الخاصة برمضان لتحل له مشكلة الشعور بالجوع هذه، ومعاوية هو الذي صنع هذه الأشياء. فأنا أريد أن أقول يا جماعة إنه جاهد وبنى وبذل وأخطأ، نعم، لكن أليس هناك
ميزان؟ صحيح. فمعاوية، نعم، لا، نسبه. معاوية نقول عليه سيدنا معاوية. أخطأ؟ نعم أخطأ، وما المانع؟ والحق مع علي أينما كان. وهذا على فكرة، لكي بعض الناس لا تتوه، هذا هو الذي يمنع التشيع، لأن الأمر واضح ومضبوط. ليس فقط أنك أنت لا تسب، نعم هنا، لكن أنتَ تقولُ عليٌّ عليه السلام وعليٌّ رضي الله عنه وكرَّم الله وجهه وعليٌّ هو الذي على الحق، سيأتي الشيعي ويقول لك ماذا بعد ذلك؟ خلاص، تمام، أنت هكذا. سيقول لك: لا، ولكن اشتم لي معاوية. أنت مجرد سبَّاب بالضبط. أنا أقر بفضائل الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه، هكذا، فإذا القضية يجب أن تكون هكذا. طيب، نأخذ بعد إذن حضرتك سؤالًا من الأستاذة نهى. تفضلي يا سيدتي. أنا آسف جدًا يا سيدتي، تفضلي. نعم، مساء الخير. مساء
الخير أستاذ عمرو. مساء الخير شيخنا الجليل الدكتور علي. أهلاً بحضرتك، تفضلي يا سيدتي. أنا سؤالي أريد إيضاحًا. عن كلمة "رحم": هل علاقة الزوجة بأهل زوجها علاقة رحم؟ وإذا حدث أن الزوجة قطعت صلتها بعائلة زوجها (الأب والأم والأخوات) قطيعة تامة، فهل هذا يُعتبر قطع رحم؟ ما حكم الدين في هذا الموقف؟ أشكرك يا فندم على السؤال الجميل، شكراً جزيلاً. تفضل مولانا. لا، ليس من قبيل قطع الرحم. ولكن من قبيل المعارضة للزوج، يعني هي هكذا ستُتعب زوجها، وإذا كانت هي لا تريد الذهاب إلى حماها وحماتها وما إلى ذلك، ولم تستطع أن تنزلهما منزلة الأب والأم، فعليها ألا تمنع زوجها أو أولادها، لأنه بالتالي هنا أصبح رحم أولادها، نعم في أولادها رحم، هي تريد أن تعتزلهم،
اعتزلي، وإن كنت تفعلين الشيء الأدنى وليس الأفضل. الأفضل هو أنك تضغطي على نفسك قليلاً وتذهبي، لكن إن لم تكوني قادرة، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها. ولذلك لا تمنعي أولادك وزوجك من أن يقوموا بواجباتهم في هذه الصلة، أما أنت فاعتزلي، هذه طاقتك، ماذا نفعل! بارك الله فيكم مولانا، شكرًا لك، ربنا يحفظك، بارك الله في حضرتك، شكرًا جزيلًا لحضرتك، شكر موصول لحضراتكم. غدًا إن
شاء الله ستكون حلقة مفتوحة للأسئلة لمدة ساعة بإذن الله. إلى اللقاء.