وصايا الرسول | حـ 11 | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات وصايا الرسول، نعيش فيها هذه اللحظات مع معاذ بن جبل، عن معاذ بن عن معاذ بن جبل رضي
الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيده يوماً ثم قال: "يا معاذ، إني لأحبك". فقال له معاذ: "بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وأنا أحبك". قال: "أوصيك يا معاذ، لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك". أخرجه ابن حبان وأحمد والنسائي وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذه الكلمات هذه الأدعية في دبر كل صلاة وكأنها كنز يرشده به صلى الله عليه وآله وسلم "يا معاذ إني
أحبك، بأبي أنت وأمي يا رسول". الله فيرد عليه وقال: أوصيك ألا تدعَنَّ هذه الكلمات في دبر كل صلاة. يقول فيها رسول الله: "اللهم أعِنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك". وكلمة دبر الصلاة معناها في نهاية الصلاة. نهاية الصلاة قبل السلام أو نهاية الصلاة بعد السلام، فهِمَ الأئمة الأعلام كلاً من هذين الفهمين، بعض الأئمة فهم... أن في
دبر كل صلاة يعني قبل السلام، أي في نهاية كل صلاة، وفهم بعضهم بعد كل صلاة. والكلمة تحتمل أن تكون بعد السلام وتحتمل أن تكون قبل السلام. والخطب هين، لماذا؟ لأن هذا دعاء وذكر وضراعة والتجاء لله سبحانه وتعالى، وهو ليس من الكلام الدنيوي الذي يفسد الصلاة. بل إنه من الكلام الذي كانت الصلاة له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذه الصلاة لا ينفع فيها من كلام الناس شيء، إنما هي ذكر وتسبيح وتهليل
وقراءة قرآن". فإذا سبحت ربك أو دعوته وأنت ساجد: "اللهم اغفر لي، اللهم ارزقني، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن". عبادتك كانت هذه الكلمات الطيبات مكانها الصلاة التي هي للعبادة وللذكر وللضراعة ولقراءة القرآن كالفاتحة وكالسورة التي بعدها إلى آخره، لكن نقف عند هذه الوصية لنفهم طبيعة وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي صحابته والأمة من بعده يوصيهم
بمفاتيح بشيء يستطيع. به يستطيع الإنسان أن يستمر، ويستطيع به الإنسان أن يفعل غيره من الأعمال، ويستطيع به الإنسان أن ينشئ همة عالية عنده. هذا الدعاء أولاً هو دعاء لله رب العالمين، نلتجئ إليه فيه أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته. فإن استجاب الله لنا اطمأن فؤادنا، ألا بذكر الله تطمئن القلوب، شعرنا. بالأمن وبالسكينة ونفعل هذا في نهاية الصلاة أو
بعد السلام. سبحانه وتعالى، صلتنا بالله سبحانه وتعالى مبناها "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون". صلتنا بالله مبناها العبادة "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون". وبهذه العبادة سيتم الهدوء، هدوء البال والحال. إذا استجاب الله لنا نزلت السكينة على قلوبنا. كان يحب رسول أراد الله صلى الله عليه وسلم أن يعطينا مفاتيح بسيطة فإذا بها تُغيِّر من حياتنا. علَّمنا الوضوء، والوضوء مسألة نراها كمسلمين
منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة. إنها مسألة سهلة: نغسل وجوهنا وأيدينا ونمسح رؤوسنا ونغسل أرجلنا. مسألة سهلة وليست معقدة، يفعلها الفلاح في حقله ويفعلها العامل في مصنعه. سهلة ولكن هذا الوضوء يُحدِث نظاماً غريباً عجيباً في حياة الإنسان، يجعله محباً للنظافة. النظافة من الإيمان، وإن الله نظيف يحب النظافة، أخرجه الترمذي. غريب هذا الحديث أن الله نظيف يحب النظافة، بمعنى أن تخلقوا بأخلاق الله. يحب هذا، يحب النظافة، يحب الطهارة. الوضوء شيء سهل، ولكن
تكراره أنشأ للمسلم. داخل معيننا وربطه به قضية أنا متوضئ أم غير متوضئ، جعلت هناك وكأنها ثقافة معينة تعين الإنسان على حياته، فيخرج الإنسان من بيته متوضئاً وينشئ في نفسه معنى أن الوضوء هو سلاح المؤمن، فيصلي حيثما تدركه الصلاة في أي مكان. نظام الصلاة، هذه الصلاة غريبة عجيبة صعبة ولكنها... يسَّرتَ، وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين. إن هذا الدعاء دعاء بسيط، المداومة عليه تجعلنا متصلين
بالله، والمداومة عليه تُشعرنا بحمد الله سبحانه وتعالى وتذكُّر نِعَمه وفضله. دعاء بسيط ولكنه يدعونا إلى الإتقان وحسن عبادتك. دعاء بسيط لكنه يذكرنا دائماً بالضراعة والمناجاة. إذا داوم الإنسان على هذا الدعاء ولهج به، أصبح إنساناً آخر. قد نستهين كمسلمين بهذا المعنى ولكنه معنى عميق في
النفس البشرية. مولاي صلِّ وسلِّم دائماً أبداً على حبيبك خير الخلق كلهم. مولاي صلِّ وسلِّم دائماً أبداً على حبيبك خير الخلق كلهم. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.