وصايا الرسول | حـ 18 | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من وصايا
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. نعيش اليوم مع أبي هريرة رضي الله. تعالى عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني، فأخبرني بأمر إذا أخذت به دخلت الجنة. قال: "أفشِ السلام، وأطعم الطعام، وصل الأرحام، وصلِّ والناس نيام، ثم ادخل الجنة بسلام". أخرجه أحمد. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو هريرة لما ينظر. للنبي هكذا يرتاح، وكان النبي عليه من الجمال والمهابة ما الله به عليم، لدرجة أنه بعد انتقاله جاء التابعون الذين لم
يروه ورآه الصحابة وقالوا: صِفوا لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكانت الصحابة بدأت تستحضر تفاصيل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم واكتشفت أنها كانت لا تصوب النظر إليه يعني ليسوا جالسين يتأملونه هكذا، لا، هم يرونه ولكن يغضون أبصارهم وأسواطهم عند رسول الله إجلالاً له ومهابةً له. وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أتانا في حديث أم معبد، وأم معبد لما وصفته كانت على حالة الشرك وهو ينتقل من مكة إلى المدينة في الهجرة. نزلت عليها ورأت منه معجزة وهي أنه أمسك الشاة الجعفاء التي ليس في ضرعها لبن فأنزل
منها كمية كبيرة من اللبن شربه هو وأبو بكر والدليل وشربت أم معبد، ولما جاء أبو معبد من الخارج أيضاً سقته، وتعجبوا من هذه المعجزة والخارقة، ووصفته أم معبد لأنها كانت تنظر إليه. النظر حتى رأت ملامح وجهه الشريفة وصفه هند بن أبي هالة وهو ربيبه ابن خديجة فهو تربى في بيت النبي صلى الله عليه وسلم فكان وهو طفل ثم شاب ينظر إلى النبي كثيراً وبعد هذا الوصف الذي وردت فيه وردت يعني أوصاف بسيطة مثل وصف عن أنس مثل وصف عن واحدٌ من الصحابة، وهكذا كانت عن سيدنا علي كانت أوصافٌ
قليلة، لكن الوصف التفصيلي جاء مع هند بن أبي هالة ومع أم معبد. أبو هريرة عندما ينظر إلى النبي تحدث له مهابة، وتحدث له راحة، وتحدث له شيء يعني نشوة من الحب، فقال: "يا رسول الله". أنا أريد أن أدخل الجنة، أوصِني. قال: أفشِ السلام، هذه واحدة. وأطعم الطعام، اثنتان. وصِلْ الأرحام، ثلاثة. وصلِّ بالناس بالليل والناس نيام، أربعة. تدخلوا جنة ربكم بسلام. أربع وصايا ترسم أيضاً برنامجاً آخر. كان رسول الله ينوع الوصايا حتى
يأخذ كل واحد منا وصية يعيش فيها، فإذا به تستقيم حياته كلها. أفشِ السلام. الصحابة عندما سمعت "أفشِ السلام"، كان اثنان عندما يكونان سائرين معاً وتفصل بينهما شجرة، فيلتقيان بعد الشجرة ويقولان: "السلام عليكم". أي إنه ينتهز فرصة لإلقاء السلام. أفشِ السلام وأطعم الطعام. انظر، انظر، انظر المفاتيح! الطعام، الطعام أمرٌ مهم عندما آتي أنا وأطعم الطعام في موائد الرحمن. يقوم بعضهم بالاعتراض ويقول لي: يعني هذه ظاهرة غير كذا، وهذه أنا ما شأني بالظاهرة وما شأني؟ إن إطعام الطعام من الإيمان، "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا
وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا". إن الطعام أحد الحاجات الأساسية الضرورية في حياة الإنسان، ولذلك كان إطعام الطعام. من وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة إكرام الضيف، وفي صورة عدم ترك الجار جائعاً، وفي صورة التكافل الاجتماعي الذي أمرنا به، وفي صورة إفطار الصائم، وأن لمن أفطر صائماً أجر هذا الصائم الذي أفطره، وفي صور كثيرة جداً فيها الإطعام، إطعام اليتيم وصلة. الأرحام هذه رقم ثلاثة لكي يكون المجتمع قوياً وليس متفككاً، هذا التفكك الذي نشعر به ونعيش
فيه ونبكي على الزمن الجميل. الزمن الجميل، ما الذي كان فيه؟ كانت فيه شهامة، كان فيه وفاء، كانت فيه صلة رحم. إنه من العيب أن تنعزل عن عائلتك وعن أسرتك الصغيرة والكبيرة، فكان فيه... صلة الرحم وصلة الرحم تولد بر الوالدين أحياءً وأمواتاً، لأنه إذا مات الوالدان فبرُّ أصحابهما ومن كان يحبهم أو أبنائهم. وصلِّ والناس نيام، قيام الليل يقول فيه ربنا: "قم الليل إلا قليلاً، نصفه أو انقص منه قليلاً أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً". ومن هذه الآية قسم أهل
الله الليل. والنبي يقول: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الأخير". إلى هذه الأرقام قسموها إلى النصف وقسموها إلى الثلث، ثلث وسدس الذي هو نصف الثلث يصير نصفًا، فيكون إذا عندنا ثلاثة أرقام: النصف والثلث والسدس. "قم الليل إلا قليلًا" الذي هو السدس، فيكون إذا عندنا عندما أخصم سدسًا يكون... قمت خمسة على ستة من الذي الخمس أسداس الذي هم ماذا؟ الخمس أسداس ثلاثة يمثلون النصف، ثلاث الأسداس ثلاثة على ستة يعني نصف، ومعهم
أيضاً سدسان، سدس وهذا سدس واحد، هذا معهم سدس واحد يعني. فأنا الآن سأقوم الليل كله إلا السدس نصفه، يبقى هذه سأقوم نصف الليل، يبقى في. شخص سيقوم الليل كله وآخر سيقوم نصف الليل أو أقل منه قليلاً الذي هو السدس، فيكون الثلث. إذن هناك من سيصلي سدس الليل، وهناك من سيصلي ثلث الليل، وهناك من سيصلي نصف الليل، وهناك من سيصلي نصف الليل زائداً سدساً، وهكذا إلى أن نصل إلى ثلث الليل الأخير. إذاً فالليل مُقَسَّم. إلى ستة أقسام كانوا يفكرون فيها هكذا: ستة أقسام، وقم
بالذي تقدر عليه، قم سدساً، قم ثلثاً، قم نصفاً، قم بزيادة سدس، زيادة سدسين، زيادة ثلاثة. افعل ما تريده ابتداءً من قيام الليل كله إلا قليلاً الذي هو السدس، أو نصفه، أو انقص منه قليلاً الذي هو السدس، هكذا. كانوا يتعاملون في هذا المقام لكنهم لم يتركوا قيام الليل، قيام الليل هذا بدلاً من الانشغال باللغو والانشغال بالقيل والقال. كره الله لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال. ستُحدث
فرقاً معك في حياتك الدنيا. في قول لا منه ولا نعني، هو الحبيب الذي تُرجى شفاعته لكل هول من الأهوال مقتحم. دعا. إلى الله، فالمستمسكون به مستمسكون بحبل غير منفصم. فاق النبيين في خُلُق وفي خَلْق، ولم يدانوه في علم ولا كرم. وكلهم من رسول الله ملتمس غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم. مولاي صلِّ وسلِّم دائماً أبداً على حبيبك خير الخلق كلهم. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته