وصايا الرسول | حـ 21 | أ.د علي جمعة

وصايا الرسول | حـ 21 | أ.د علي جمعة - سيدنا محمد, وصايا الرسول
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من وصايا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، نعيش فيها مع وصايا سيدنا صلى. الله عليه وسلم فيما تركه لنا عسى أن تتضح
لنا معالم الطريق إلى الله سبحانه وتعالى وعسى أن نطيعه فيما تركه لنا من المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك وعسى أن نحسن النية في فهم مرادات رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ما كان يريد لنا إلا كل الخير في الدنيا والآخرة، هيَّا بنا مع وصايا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. سُئِلَ عبد الله بن أبي أوفى رضي الله تعالى عنه، سُئِلَ عبد الله بن أبي أوفى: هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم. شيئاً
يوصى فيه وإنما أوصى بكتاب الله، أخرجه ابن حبان. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصاياه لم يوصِ لأحد بالخلافة، رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يوصِ بتمييز أحد على أحد. رسول الله أوصى بكتاب الله وأكد على كتاب الله مراراً وتكراراً يؤكد هذا، ويرشحه ويقويه ما رواه جابر بن عبد الله راوي حجة الوداع. روى جابر عن
سيدنا صلى الله عليه وسلم، قال: روى جابر بن عبد الله عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله". الله أخرجه مسلم وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. يتبين لنا أن محور حضارة المسلمين هو النص المقدس، هو كتاب الله. محور الحضارة الذي تركه وأوصانا به هو كتاب الله. ما معنى هذا؟ معناه أن ننطلق، وهذا هو معنى كلمة محور، أن ننطلق منه، معناه أن
نعود إليه في. التحاكم فيما بيننا معناه أن نقوم بخدمة هذا الكتاب حتى يصبح محوراً للحضارة، ومعناه أن نعتبره معياراً لتقويم الخير من الشر، والعدل من الظلم، والصحيح من القبيح. هذا هو معنى كون الشيء محوراً. المحور هو الذي يكمن في الحضارة. قالوا إن محور المصريين القدماء في حضارتهم كان الموت، كانوا الموت. هزَّ مشاعرهم، ولذلك بنوا الأهرام وكتبوا البرديات وسجَّلوا على الحجر والصخر. كانوا
يحافظون بالتحنيط على الجثمان، وكانوا يضعون الكنوز في المقابر. الموت كان يشغل بالهم، وهو محور حضارتهم. أما محور حضارة المسلمين فهو كتاب الله، منه المنطلق، وبه المعيار، وله الخدمة، وإليه العودة للتقويم. هذا هو معنى كتاب الله فعلاً. المسلمون بعدما قضوا على الخوارج - ظهر الخوارج سنة سبعة وثلاثين هجرية وقُضي عليهم تماماً سنة اثنين وثمانين من الهجرة - خمسة وأربعين سنة وهم يفتكون في عضد الدولة الإسلامية حتى قتلوا سيدنا علي الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن: "أنا مدينة العلم
وعلي بابها". الله ما والى من... والِ من والاه وعادِ من عاداه، عليُّ بن أبي طالب أساسُ أهل البيت الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي". هذا الرجل الذي هو أصل أهل البيت قتله الخوارج، وظل المسلمون يقضون على الخوارج وفتنتهم. الخوارج خمسة وأربعين سنة ثم بعد ذلك أفاق المسلمون لأنفسهم فبنوا حضارتهم على محور كتاب الله في الفنون في الآداب في العمارة في العلوم وفي تقسيمها وانطلقوا والحمد لله رب العالمين ملأت حضارتهم العالم وعلموا الناس كيف يكون العدل
وأنها دولة القضاء وأنهم لا يظلمون أحداً ظل المسلمون يعملون كشرطي. للعالم أن يقيموا العدل وينصروا المظلومين ويذهبوا هنا وهناك، فظن الناس أن الإسلام قد انتشر بالسيف. القرآن الذي هو محور حضارتنا يقول: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي". القرآن الذي هو محور حضارتنا يعتبر أن من أُكره إنما هو من طائفة المنافقين، فلسنا مأمورين أن ننتج منافقين بالإكراه. فقال إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار. القرآن يقول: ما على الرسول إلا البلاغ، القرآن يقول: لكم دينكم ولي دين، القرآن يقول: لست عليهم بمسيطر، القرآن يقول: وما أرسلناك عليهم حفيظاً، القرآن يقول:
ما على الرسول إلا البلاغ. القرآن يقول واضح، واضح، القرآن يقول عكس ما يحمله النابتة من. قهر الناس أو محاولة ذلك بالسلاح على الإسلام، الإسلام لم يعرف هذا الشأن، بل كان أمراً زمانياً يدافع فيه المسلمون عن أنفسهم ويقيمون العدل، لأنهم اتخذوا كتاب الله وسنة نبيه وعترة أهل بيته الكرام نبراساً لهم في حياتهم. فيما أخرجه أحمد، أوصى رسول الله فقال: "تركت فيكم ما إن تمسكتم..." به لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وسنتي. وفيما أخرجه الترمذي قال: "كتاب الله وعترتي أهل بيتي". وفيما أخرجه مسلم: "كتاب الله". وبذلك
تكون السنة هي التفسير المعصوم الوحيد لكتاب الله. تركنا رسول الله بالجملة على المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها، وأوصانا بكتاب الله، ولذلك لما جاء وهو حريص على... متى أن يكتب كما أخرجه البخاري كتاباً يوصي فيه بكتاب الله، فقال عمر وكأنه قد فهم مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه سمعه في حجة الوداع يدعو إلى كتاب الله، سمعه في غير موطن يقول بكتاب الله، فأدرك عمر أن الكتاب إنما هو المقصود أن يوصي رسول الله. صلى الله عليه وسلم بجعل كتاب الله محوراً لحضارة المسلمين، وموئلاً للرجوع إليه، ومعياراً
لتقويم الخير من الشر، ففهم عمر، فقالوا: "يا رسول الله، نعرف أنك حسبك كتاب الله" يعني نحن معنا كتاب الله. من قرأها قراءة معوجة فإنه يريد أن يجعل أن عمر حرم رسول الله من كتابة شيء. يفوق هذا عمر فهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونفذ مراده وبين للناس من حوله أنه يريد أن نتمسك جميعاً بهما. اللهم صلِّ وسلم دائماً أبداً على حبيبك خير الخلق كلهم. اللهم صلِّ كالشمس
تظهر للعينين من بعد صغيرة وتكل الطرف من عظمتها. مولاي صلِّ وسلِّم دائماً أبداً على حبيبك خير الخلق كلهم. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.