وصايا الرسول | حـ15 | أ.د. علي جمعة

وصايا الرسول | حـ15 | أ.د. علي جمعة - سيدنا محمد, وصايا الرسول
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على سيدنا رسولِ اللهِ وآلهِ وصحبهِ ومَن والاهُ. أيها الإخوةُ المشاهدون، أهلاً ومرحباً بكم في حلقةٍ جديدةٍ من حلقاتِ وصايا الرسولِ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم. اليومَ نعيشُ
مع أبي هريرةَ رضيَ اللهُ تعالى عنه: "أوصني"، قال: "لا تغضب"، فرددَ مراراً، قال. لا تَغْضَبْ، أخرجه البخاري، وفي رواية: "لا تَغْضَبْ ولَكَ الجَنَّة"، وفي رواية لأحمد قال الرجل: "فَفَكَّرْتُ حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال، فإذا الغضب يجمع الشر كله". الغضب يُفقِد الإنسان الحكمة، ومن يُؤْتَى الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا. الغضب قد يجعلك تتهور فتفعل شيئًا بعكس مرادك وما... تريد ونحن في الإفتاء رأينا
عجباً في مَن أطلق الطلاق على زوجته التي يحبها أو على زوجته وله منها أولاد وهي مستقرة. الغضب مجامع الشر كله في الغضب. القتل حدث من قضايا كثيرة أن قتل لأنه كان غاضباً. الغضب كأنه يعمل شللاً في المخ فلا يستطيع معه الغاضب أن يتخذ. القرار السليم: النبي صلى الله عليه وسلم يدربنا على عدم الغضب فيقول:
"ليس الشديد بالصُّرَعة". أنتم تظنون أن الشديد هو من؟ المصارع قوي البدن المتدرب على أعمال المصارعة وأعمال القتال، هو هذا الشديد؟ قال: لا، ليس هذا هو الشديد. "ليس الشديد بالصُّرَعة" - الصُّرَعة تعني المصارع - ولكن الشديد من ملك. نفسه حين الغضب هو الشديد حقاً، من يستطيع ضبط نفسه عندما يبدأ الغضب يشتد. أتتذكرون قصة سيدنا موسى مع المصري؟ فضربه موسى فقضى عليه بسبب الغضب. وكان موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام إذا غضب تصدر منه
هذه الأشياء. الغضب هذا هو الذي جعل موسى يقتل إنساناً بضربة واحدة. يقصد لا يقصد قتله هو فقط وهكذا فالقدر والأجل، لكن هذا من الغضب. عندما رجع بالألواح في يده، اشتد غضبه على بني إسرائيل أن عبدوا العجل، فألقى الألواح فتكسرت، والألواح هذه كان فيها مفاتيح كل خير لبني إسرائيل وللعالم من بعدهم. ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد من
يملك نفسه. عند الغضب في رواية لأحمد في هذا الحديث عن سيدنا أبي هريرة يقول: قال الرجل الذي كأنه استقلّ كلمة "لا تغضب"، يعني: "حسناً، لن أغضب". فأين إذن الوصية؟ أريد وصية من عدة أسطر. فالرجل قال: ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما... قال: "فإذا الغضب يجمع الشر كله". الرجل السائل هذا هو الذي يقول: "والله أنا تدبرت في كلام سيدنا الرسول ووجدت فعلاً أن الغضب مفتاح لكل الشر، يجمع الشر كله. هل يكون
الغضب شيئاً بسيطاً؟ لكن في وصية من رسول الله: لا تغضب، وفي حديث آخر: لا تغضب ولك الجنة". إذا الغضب يؤدي بنا إلى الحكمة في الدنيا لكنه يؤدي في الآخرة إلى الجنة. لا تغضب ولك الجنة، لا تغضب فالدنيا تصيبك منها الحكمة لأنك تفكرت وتدبرت ورتبت أموراً مجهولة معلومة تتوصل بها إلى مجهول وتفكير منطقي وقرار يصدر من عند نفسك تؤدي وهناك ثواب
في الآخرة، فهذه الأحاديث لا. تغضب وحديث "لا تغضب ولك الجنة"، وحديث "ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب"، وحديث "ففكرت في ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت الغضب يجمع كل الشر". هذه الأحاديث من وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى نستطيع أن نعالج. الغضوب هو كثير الغضب الذي لا يملك نفسه ويقول: "أصل أنا يعني
عصبي قليلاً" أو ما شابه ذلك. رسم علماء التربية المسلمون القدامى لذلك طريقة. أولاً: طريقة العد، يقول لك: عندما تأتيك موجة الغضب هاجمة عليك، ابدأ بالعد، قل: واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة. وهناك طريقة ثانية وهي طريقة التسبيح. سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله، حتى يهدأ وينشغل بالك بالتسبيح فتهدأ. وقالوا لا تتعجل فيها، يعني اذكر النون "سبحانًا"، يعني يجب أن تظهر النون. سبحان الله، سبحان الله، فتكون
كل تسبيحة كأنها في نَفَس، لكن لا تكن متتابعة هكذا، ففيها نوع من أنواع السرعة والعجلة، فلا تؤتي أثرها. سبحان الله. سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله. لا تُظهر الكلمة واقرأها في نفسك. سبحان الله، سبحان الله. حتى هذا النَفَس يساعد على هدوء النفس. مولاي صلِّ وسلّم دائماً أبداً على حبيبك خير الخلق كلهم. مولاي صلِّ وسلّم دائماً أبداً على حبيبك خير الخلق
كلهم. فانسبْ إلى ذاته ما شئت من شرفٍ وانسبْ إلى قدره ما شئت من عِظَمِ، هو الحبيبُ الذي تُرجى شفاعته كلُّنا إلى لقاءٍ
آخر. أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.