وصايا الرسول | ح4 | أ.د. علي جمعة

وصايا الرسول | ح4 | أ.د. علي جمعة - سيدنا محمد, وصايا الرسول
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في هذه الحلقة من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى نجعلها لنا نبراساً وننطلق منها إلى ما بعد رمضان وفي حياتنا كلها من أجل أن نعيش بها ومن خلالها. عن أبي ذر رضي
الله تعالى عنه، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً مجدع الأطراف، وأن أصلي الصلاة لوقتها، فإن أدركت القوم وقد صلوا فأنت قد أحرزت. صلاتك وإلا كانت لك نافلة. أخرجه مسلم. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً مجدع الأطراف، وأن أصلي الصلاة لوقتها، فإن أدركت
القوم وقد صلوا كنت قد أحرزت صلاتك، وإلا كانت لك نافلة". هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه. وكان أبو ذر كما سمعنا من قبل دائمًا يتكلم عن سيدنا بأنه خليله، والخليل كما قلنا هو من تخللت محبته في جسم المحب. فأبو ذر يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حبًا جمًّا. أوصاني خليلي بالسمع والطاعة ولو كان ذلك الحاكم عبدًا مجدع الأطراف، عبدًا حبشيًا. كان هناك في رواية أخرى هكذا يعني الأمر ليس
باللغو وليس حتى بالوضع القانوني حينئذ من عبودية أو حرية ما دام هذا هو ولي الأمر فلا بد من السمع والطاعة هذا هو الإسلام. الإسلام يأمرنا بالطاعة وبالسمع. الخوارج لها رأي آخر وهي أنها أولاً تنتقد الحاكم ثم تنتقد المجتمع ثم تنتقي المعاصي السائدة. التي كانت سائرة في كل العصور منذ عصر النبي صلى الله عليه وسلم وإلى يوم الناس هذا. صحيح أن القرون تختلف في الخيرية، فخير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ولكن في النهاية
فكرة الانتقاء والتركيز على المساوئ ابتغاء الحكم، ابتغاء أن تصل الخوارج إلى الحكم حتى صار. الحكم عندهم جزءًا من الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم ينصح ويوصي فيقول في حديث البخاري: "فإن لم يكن في الأرض إيمان فاعتزل تلك الفرق كلها"، وفي حديث أحمد بن حنبل: "فإن لم يكن في الأرض خليفة فالهرب الهرب"، لم يقل لنا: "فإن لم يكن في الأرض خليفة فعليك أن". تسعى لإقامة الخلافة بطريقة قد تكون مضحكة مثل ما عليه حزب التحرير وهذه الهيئات الغريبة التي تتكلم كلاماً تضحك منه الثكلى ويسقط من
تسقط منه الحبلى ويشيب منه الأقرع لأنه يقول نريد أن نقلد النبي في بقائه في مكة أربعة عشر سنة وفي المدينة عشر سنين والمجموع ثلاثة وعشرين لأنه في سنة هنا ونصف سنة هناك نريد أن نفعل هذا، وفجأة سوف تأتينا الأنصار وسوف نعود بالخلافة، كلام لا يتكلم به إلا من فقد عقله، ولكننا سمعناه وعرفناه. كل هذا من الخروج عن وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتعامل مع الشرع الشريف باستخفاف وباستهانة، وبأدوات ليست هي الأدوات التي تكلم. عنها المجتهدون واتبعها العلماء العاملون، أصل
الدين هو ما قاله أبو ذر: "أمرني خليلي وأوصاني بالسمع والطاعة وإن كان عبداً مجدع الأطراف، وأمرني أيضاً وأوصاني أيضاً بالصلاة على وقتها، فمتى حلّت عليّ الصلاة صليت، فإذا أدركت المسجد ووجدتهم قد صلوا فالحمد لله أني أدركت الصلاة وصليت لوقتها، فإن وجدتهم في" صلاة التحقت بهم وجعلت صلاتي معهم سبحة يعني نافلة يعني زيادة في الخير. بعدما أنهى رسول الله مرة الصلاة التفت فوجد اثنين
لا يصليان في آخر المسجد، فأتى بهما وسألهما: لِمَ لا تصليان؟ قالا: يا رسول الله، صلينا في رحالنا يعني في الحي الخاص بنا، فلما أتينا وجدناكم تصلون ونحن قد صلينا. قال: إذا صليتم في رحالكم ثم أتيتم فوجدتم الجماعة، فصلوا معهم واجعلوا صلاتكم سبحة نافلة. سبحة يعني زيادة. "واجعل صلاتك سبحة". فهنا أبو ذر رضي الله تعالى عنه ينقل لنا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسلم في أمرين: الأمر الأول السمع
والطاعة، والأمر الثاني الصلاة على وقتها. انظروا حقيقة الدين، السمع والطاعة يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإن كان في الأرض إمام فالزم الإمام ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك". الإمام قد يكون عادلاً وقد يكون غير عادل، وعلى كل حالٍ فالزم الإمام لو... الإمامُ ضَرَبَ ظَهْري وأخَذَ مالي، هو ليس عادلاً، ولكنَّ الشَّرْعَ يُقَدِّمُ المصلحةَ العامةَ على المصلحةِ الخاصةِ. أحدُ الأساتذةِ من الخوارجِ يقولُ ويعترضُ على الإمامِ مالكٍ وهو يقولُ: "ظُلْمٌ غَشُومٌ خيرٌ من فتنةٍ تدومُ". يقولُ هذا
المسكينُ الخارجيُّ: "بل فتنةٌ تدومُ خيرٌ من ظُلْمٍ غَشُومٍ". هؤلاء أُناسٌ قد اختلَّت عندهم الموازين. موازين لا يعرفون ماذا وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أنهم عرفوا ما وصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالظن فيهم أنهم سيكفرون ولا يتبعون رسول الله، بل يتبعون أهواءهم وما تمليه عليهم عقولهم ونفوسهم الصغيرة التي تفضل الفتنة والدمى الذي يدوم على الظلم الغشوم الظلم. الظالم يصيبك أنت، ولكن الفتنة التي تدوم تصيبك وتصيب المجتمع من حولك. والفتنة
دائماً يربطها رسول الله صلى الله عليه وسلم دائماً يربطها بالدم، فلو سال الدم لكانت الفتنة. وإذا رأيت الفتنة فعليك الهرب والاعتزال وعدم المشاركة في دماء الناس. وصلى الله وسلم دائماً أبداً على محمد وأنه خير الخلق.
كلكم إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.