التفاعل الإجتماعي | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

التفاعل الإجتماعي | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة - مجالس الطيبين
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين في شهر رمضان المعظم الكريم. معنا عدة مواقف وأحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعلمنا القيم ويعلمنا الأخلاق القويمة ويربي أصحابه ويربينا من بعدهم إلى يوم الدين، عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور الأنصار ويسلم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم.
إذن هذا يعلمنا قيمة هي قيمة التفاعل الاجتماعي، والتفاعل الاجتماعي نوع من أنواع المسؤولية رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار، هم الذين نصروه، هم الذين استضافوه هو وصحابته من المهاجرين، هم الذين حاربوا معه ودافعوا عنه، ولذلك في هذه الزيارة نوع من أنواع التفاعل الاجتماعي، ويسلم على صبيانهم، كان يحب الطفولة ويرعاها ويشعرهم بالحنان وبالأمان، وهذا فيه ما فيه مع التربية
ويمسح رؤوسهم ومسح الرأس يشعر الطفل بالأمان ويشعر الطفل بالحنان ولذلك قال من مسح على رأس يتيم كان له بكل شعرة في رأسه أجر عن عائشة رضي الله تعالى عنها فيما أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال إن الله عز وجل يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه، وهذا الحديث ينبغي أن يكون شعارا لكل المهنيين ولكل العمال ولكل
الحرفيين إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه. الإتقان قيمة من القيم الحضارية الكبيرة وهي مندرجة تحت قيمة المسؤولية العجلة الاستهانة والاستهتار كلها تقدح في الإتقان، فالإنسان قد يصنع شيئا جيدا ثم بعد ذلك يتعجل، وسبب العجلة كثير، فقد تكون أسبابا مادية، وقد تكون أسبابا فنية، وقد يكون ذلك لأنه يجهل ترتيب صنعته، ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن يتصدر في غير ما تعلم،
فيه يقول المستشار مؤتمن ولذلك إذا أتيت بالحرفي وهذا الحرفي أراد أن يعمل الحرفة السباك والكهربائي والنجار وجميع أنواع المهن والسائق والميكانيكي وما إلى ذلك جميعهم معدودون من المستشارين فإذا قصر في حرفته فإنه لم يتقنها وهذا يكرهه الله سبحانه وتعالى وبذلك يكون قد فرط في المسؤولية التي سوف يسأل عنها وعن سهل بن الحنظلية قال: مر رسول
الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه، ظهر البعير لحق ببطنه أي أنه لا يأكل، متعب مجهد كأنه في مجاعة، فقال: اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة هذه لا تعرف أن تتكلم ولا تستطيع أن توصل إليك لغتها، اتقوا الله لأنك هكذا تكون وصلت إلى أذية هذا الحيوان فاركبوها صالحة وكلوها صالحة أنت الآن لماذا تفعل بها هذا فتجعلها لا هي قابلة للركوب ولا قابلة حتى للأكل لما كانت بهذه الكيفية
من الضعف، مسؤولية رأى منكرا فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، رأى شيئا يحتاج إلى نصيحة فنصح، رأى شيئا فيه تقصير فنبه إليه، ولذلك يعلمنا صلى الله عليه وسلم في تعامله مع الناس في مسألة الدواب وفي مسألة الطفولة وفي مسألة إتقان العمل أو في مسألة الزيارة والصبيان والعطف عليهم يبين لنا في كل ذلك المسؤولية أنه صلى الله عليه وسلم كان يعلمنا قيمة المسؤولية في أنفسنا بجوانبها المختلفة حديث عن جابر بن
عبد الله أخرجه الإمام البخاري يحكي لنا هذه المسؤولية كيف كان يرعى أصحابه كيف كان يتفقدهم في مرة جابر بن عبد الله قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فأبطأ بي جملي جعله يتأخر رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يلتفت يمينا ويسارا لا يرى جابر ويراه في آخر الركب بل إنه متأخر عن القافلة فيذهب إليه فأتى علي النبي صلى الله عليه وسلم فقال جابر فقلت نعم قال ما شأنك لماذا تمشي بطيئا هكذا ما شأنك
قلت أبطأ علي جملي وأعيا أي تعب فتخلفت فنزل يحجنه بمحجنه رسول الله وهو راكب جمل وجابر راكب على الجمل، قام رسول الله ينزل من الجمل ومعه عصا المحجن أي العصا فيضرب بها الجمل في أماكن معينة حتى يتقوى، خبرة وعلم، لكنه لا يترك أصحابه ويتفقدهم ويتفقد أيضا هذا الحيوان الذي يستخدمه للركوب، ثم قال اركب فركبت، ركب جمله وهو جمل ضعيف وبه إعياء ولكن عندما
ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحجنه وبعصاه استطاع أن يكمل قليلا فلقد رأيته أكفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن فعل ذلك بالجمل، شد الجمل قوته إلى درجة أن جابرا كان يقوده قليلا بعيدا عن رسول الله صلى الله عليه حتى لا يصيب رسول الله بسبب الهمة والنشاط الذي جاء له قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر تزوجت يعني إذا بعد ما أصلح له الجمل إن صح التعبير وبعد ما جعل الجمل نشيطا ابتدأ يؤانسه بالكلام تزوجت قلت نعم قال بكرا أم
ثيبا قلت بل ثيبا قال أفلا جارية تداعبها وتداعبك لماذا تزوجت ثيبا كنت تزوجت بكرا لكي تسعد في حياتك وتكون هي تأخذ من طباعك لأن الثيب يكون لها وجهة نظر أخرى ولكن هناك مصلحة جابر بن عبد الله رآها قلت إن لي أخوات صغيرات عبد الله أبوه مات في أحد وترك له بنات صغيرات محتاجات للعناية أحد يمشط شعرهن أحد ينظف خلفهن فيقول لي أخوات فأحببت أن أتزوج امرأة تجمعهن وتمشطهن وتقوم
عليهن قال أما إنك قادم فإذا قدمت فالكيس الكيس ثم قال أتبيع جملك قلت نعم فاشتراه مني بأوقية حتى إذا جاء المدينة أمر بلالا أن يزن له أوقية فوزن لي بلال فأرجح فانطلقت حتى وليت فقال ادعوا لي جابرا قلت الآن يرد علي الجمل يعني جابر يعرف أن النبي سيرجع له الجمل مع المال وقد كان مسؤولية تفقد الأصحاب تربية ومواقف تعلم منها الصحابة الكرام الكثير ونتعلم منها نحن الكثير وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته