سورة البقرة | حـ 343 | آية 282 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة وفي آية الدين يقول ربنا سبحانه وتعالى في ختامها "واتقوا الله ويعلمكم الله" وهذه أصبحت ذات دلالة مستقلة "واتقوا الله ويعلمكم الله" كلام أي في سياقه معناه أن تقواكم لله تجعلكم أهلا للتعليم، فيعلمكم ربنا كيف تفكرون، كيف تنظمون، كيف تسيرون حياتكم، كيف تقروا العدل، كيف تقاومون الظلم، كيف تريحون أنفسكم، تقللون من النزاع،
تحكمون بينكم، تشهدون، تقضون، هكذا. ولكن عندما نزيلها من السياق يصبح معناها أننا إذا ما قدمنا التقوى إلى الله واتقينا الله فإن الله يفتح لنا قلوبنا والله يعلمنا ما لم نكن نعلم واتقوا الله ويعلمكم الله فهناك دلالة سياقية ودلالة استقلالية وأنت عندما تقرأ القرآن يجب أن تفرق بين الدلالتين، السلف كانوا يفعلون ذلك، الدلالة السياقية هي معنى الكلام في السياق، الدلالة الاستقلالية هي هى ولا تكر على الدلالة السياقية
بالبطلان لكن يكون لها معنى تاني يمكن أوسع يمكن مغاير ويضيف إلى هذا شيئا جديدا لكن على كل حال إياك أن تنكر الدلالة السياقية و كذلك إياك أن تقف عند الدلالة السياقية فتجعل القرآن زمنيا يعني يصلح لزمانه فقط الذي نزل فيه فإن القرآن إنما هو كلام الله وكلام الله غير مخلوق وغير مخلوق معناه أنه تحرر من جهات التغير الزمان والمكان والأشخاص والأحوال تبقى الآية قد نزلت على شخص معين لكنها تخاطب العالمين إلى يوم الدين
وتبقى قد نزلت في موطن معين وحالة معينة لكنها سبحان الله تنفع المسلمين في جميع أحوالهم وتبقى قد نزلت بسياق معين هي فيه في مكانها ولكنها أيضا لها دلالة استقلالية تكون عنوانا على الخير وهكذا فالدلالة الاستقلالية هذه مهمة فمن ضمنها واتقوا الله ويعلمكم الله الدلالة الاستقلالية أن كلما اتقى الإنسان ربه كلما جعل ذهنه صافيا وقلبه شفافا والذهن الصافي والقلب الشفاف يدرك الحقائق يقرأ الأكوان قراءة أخرى
يتكلم العلماء في كل فن في الطب وفي الكيمياء وفي الفلك وفي الفلسفة وفي علوم الاجتماع وعلوم الإنسان أن ومضة من نور تأتيهم بفكرة تفتح على البشرية آفاقا جديدة هذه الومضة النور هذا جاء من عند الله فإن الله سبحانه وتعالى يعلم عباده ما يعمرون به كونه الشيخ عبد الوهاب الشعراني المتوفى سنة تسعمائة وخمسة وسبعين هجرية يقول لك بالمناسبة عندما تنزل بلاد غير المسلمين وتجدهم قد أطبقوا على طريقة معينة وأطبقوا على
فعل معين لا يخالف الشريعة ما ليس له علاقة إلا بتنظيم الحياة فاتبعه فإنه مما ألهمه الله لهم للمعاش وتحقيق الارتياش يعنى لكي يعيشوا مثل قواعد المرور هكذا الأحمر تقف والأخضر تمشي والأصفر تستعد هل هذا في الكتاب والسنة؟ قال لا، إذن أفعله أم لا؟ أقلده أم لا؟ قال قلدهم أتظن أن هذه الحكاية جاءت من مخيلتهم الظاهر هكذا فكروا وفعلوا هكذا قال أبدا هذا من إلهام الله لهم هذا ربنا الذي ألهمهم هذه الحكاية الجميلة فلما ألهمهم بها
حتى يحقق لهم سهولة المعاش ورفاهة الارتياش والرفاهة يعني أن تكون أي مريشة أي ما معناها أي شيء غني هكذا ورفاهة التي يسمونها الرفاهة يقولون عليها هكذا المعاش والارتياش فهذا من عند الله إذن فالله هو المعلم على الحقيقة وهناك علاقة بين التقوى وبين صفاء النفوس المستعدة لإدراك الحقائق واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم انظر كيف لئلا يقول أوه، كل شيء تقولوا ربنا, ربنا نعم عقيدتنا هكذا، والله بكل شيء عليم، لماذا أنت متضايق؟ ربنا عليم بكل شيء
وهو يعلمك، يقول لك يعني حسنا، ويغير من صوته مستنكرا وهو يتكلم، فانظر إلى الخاتمة، والله بكل شيء عليم، يعلمنا حقيقة إيمانية بسيطة لن نستفيد منها إلا كل خير وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.