فن الدعاء | حـ #27 | مجاميع أهل الله في الدعاء | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون وأيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة ولقاء متجدد مع فن الدعاء. نريد أن نلخص ما فات في ما ذكرناه حتى لكي يستجيب الله دعاءنا، أولاً يجب أن نطيب مطعمنا من الحلال. أطب مطعمك تكن مستجاب الدعاء، وأكل الحلال بأكل الرزق
الحلال، فلا نقبل رشوة ولا اغتصاباً ولا سرقة ولا أن نأخذ مالاً لليتيم ولا ميراثاً لأحد. وأيضاً ألا نتناول الحرام كالميتة والخنزير والخمر ونحوها من القاذورات. أطب مطعمك في رزقك وفي. طعامك تكن مستجاب الدعاء، وثانياً التمس الأوقات المباركة التي ذكرناها، وثالثاً التمس الأماكن المباركة التي ذكرناها، ورابعاً التمس الأحوال التي يستجيب الله فيها الدعاء، وخامساً التمس الأشخاص الذين يدعون الله لك بالحسنى، وسادساً تأمل في أدعية
القرآن من أجل أن تتعلم كيفية صياغة الدعاء الذي تجد عنده قلبك، وسابعاً لا لا تحرم نفسك من دعاء القرآن ولا من دعاء السنة المشرفة ولا من دعاء الصالحين، ولا تلتفت إلى من ينهاك عن هذا. وثامناً، يجب أن تستفيد من المجموعات التي ألفها العلماء في الدعاء، فقد جمعوا مجموعات كثيرة. تجد كتاباً موجوداً في الأسواق ألفه سيدنا الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم، جمع فيه كثيراً من الأدعية التي يجد الإنسان عندها قلبه
وسماه مفاتح القرب، ومفاتح القرب هذا فيه أدعية كثيرة تدعو الله بها، سواء كان دعاءً قرآنياً: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"، "ربنا تقبل منا"، "ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين"، "ولا تحملنا ما لا". طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا وأنت خير الناصرين وانصرنا على القوم الكافرين إلى آخر ما هنالك من أدعية كثيرة في القرآن الكريم وكذلك السنة المشرفة. اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك أنزلته
في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك إلى آخر ما هنالك، أو دعاء الصالحين: اللهم أحينا مسلمين وأمتنا مسلمين غير خزايا ولا مفتونين، اللهم احشرنا تحت لواء نبيك يوم القيامة، واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدًا، ثم أدخلنا. الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب، كن لنا ولا تكن علينا، فارحم حينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا. اللهم يا ربنا افتح علينا فتوح العارفين بك، وعلمنا الأدب معك، واسلك بنا الطريق إليك. إلى غير ذلك من الأدعية في الكتاب أو السنة أو كلام الصالحين. الاهتمام
بتلك المجاميع يدرب. الإنسان على أن يلهج لسانه بالدعاء، وكما أن القلب إذا حضر لأنه من الشرط، أو المسألة التاسعة: القلوب الضارعة المتألمة من إخلاص العبادة لله، والثقة في الله، واستحضار القلب عند الدعاء، فإن الله سبحانه وتعالى يسمع للإلحاح في الدعاء والتكرار فيه، لأنه في حد ذاته عبادة، والجزم
والعزم دون التردد. كل هذه الأمور وغيرها مما ذكرناها يلخص لك حال كثير من الناس. يسأل البعض عن أمور أخرى وهي أننا عندما نقرأ بعض هذه المجاميع القديمة كالأوراد مثلاً، نجد فيها ألفاظاً لا نعرف معناها. وهذه الألفاظ التي لا نعرف معناها، هل يجوز الدعاء بها ونحن بين أمرين، لأن المسلمين درسوا هذه الظاهرة. دراسة مستفيضة وتكلموا عنها كلاماً واسعاً ودرسوها دراسة علمية
متتبعة، ويقول ابن حجر العسقلاني إنك إذا لم تكن تعلم معناها كما كان يعلم معناها الأولون، فإنك لا تذكر بها، وذلك لأسباب: السبب الأول إنك لا تعلم نطقها الصحيح، والسبب الثاني أن هناك اشتباهاً في الذكر إذا ما ذكرت أو دعوت. دون نطقها الصحيح أن تكون ذهبت لتدعو ربك فسببت نفسك، ولأن هذه ألفاظ قد تكون قد وردت في لغات أخرى قد تكون لها معانٍ عندهم، قد تكون لها تراتيب، لكننا
لم نتلقها بالضبط الصحيح الذي نثق فيه، فإذا كنت تعرف معناها فهي كدعاء الله بأي لغة كانت، فهل يجوز؟ دعاء الله باللغة الإنجليزية مثلاً أو بالفرنسية، بدون شك، نعم يجوز. دعاء الله هو سؤال العبد لربه، ويجوز بكل أنواع ما هو مُفهِم وما هو مفهوم. فما دام الكلام مُفهِماً في لغة ما، وما دام الكلام مفهوماً في لغة ما، فيجوز الدعاء بها. إذاً المسلم الإنجليزي أو الهندي أو الروسي إذا... دَعَا ربَّهُ بلُغَتِهِ جازَ هذا باتِّفاقِ
المُسلِمينَ حتى أنَّ أبا حنيفةَ رضي اللهُ تعالى عنه يُجيزُ لهم تِلاوةَ القرآنِ بلُغتِهِم إذا تَعَذَّرَ عليهم تِلاوَتُهُ بلُغةِ العَرَبِ التي نَزَلَ بِها والذي حُفِظَ بِها والتي هيَ إعجازٌ في حَدِّ ذاتِه. وبالرغمِ من ذلك فإنَّ المقصِدَ هو عِبادةُ اللهِ سُبحانَهُ وتَعالى فهذا النص. من ابن حجر يؤكد لنا أنه ما لم نفهم هذه الألفاظ الواردة في تلك المجاميع القديمة كالأحزاب، فإننا نتعداها ونستفيد من هذه الأحزاب فيما هو مفهوم لنا ومفهوم لدينا وتلقيناه، فأصبح مفهوماً مفهماً. إلى لقاء آخر، أستودعكم
الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.