وصايا الرسول | حـ 27 | أ.د علي جمعة

وصايا الرسول | حـ 27 | أ.د علي جمعة - سيدنا محمد, وصايا الرسول
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة من وصايا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. نعيش في هذه الحلقة مع وصية رسول. الله صلى الله عليه وسلم من كل جهة فيما ذكره
ورواه ابن عبد الحكم في فتوح مصر، وابن عبد الحكم من أهل مصر ألّف هذا الكتاب من أجل أن يجمع فيه فضائل مصر، وفضائل مصر لا تُحصى، وفضائل مصر يكفيها شرفاً أنها ذُكرت في الكتب المقدسة، وفضائل مصر يكفيها شرفاً. إنها كانت موئلاً وأرضاً للأنبياء، عندما دخل الصحابة الكرام أرض مصر ذهبوا إلى منطقة الأهرام، وهناك وجدوا هرمين، وكان الهرم الثالث وبقية الأهرامات الصغيرة ما زالت مطمورة في تلال وجبال من الرمال. يقول الإدريسي في كتابه أنهم
صلوا في عرصات الأهرام وقالوا: "هذا مصلى الأنبياء". الصحابة الكرام عندما وصلوا. هناك لم يفهموا منه أن هذا موطن عذاب وأنه ينبغي علينا الإسراع بالخروج منه كما هو الحال في أرض عاد أو كما هو في أرض ثمود أو هذه الأماكن التي نزل بها العذاب. أبداً، فهموا منها عبادة الأنبياء فصلوا في هذا المكان. أول من نبهنا إلى هذا أحمد باشا تيمور حيث وجد هذا. عند الإدريسي الشريف الإدريسي فنقله حتى طُبع كتاب الشريف الإدريسي في أسرار النجوم، ووجدنا نقل أحمد باشا تيمور كما هو في هذا الكتاب، وأن
الصحابة الكرام قد صلوا في عرصات، أي في فناء، أي أمام الأهرامات، وكتبوا أسماءهم عليه، على الهرم كتبوا أسماءهم: فلان بن فلان يوحد الله، أي في... بعض الناس يكتبون هكذا للذكرى الخالدة: فلان وكذا. هل هذا ورد عن الصحابة أنهم كتبوا على الأهرام؟ وكانت الأهرام مغطاة بكثير من الألابستر الأحمر وهكذا، فكتبوا عليها: فلان بن فلان من الصحابة الكرام يوحد الله، يعني يقرِّب وحدانية الله. نذكر هذا لوصية أخرى من وصايا رسول الله صلى الله عليه. وآله وسلم يرويها ابن
عبد الحكم في فتوح مصر وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندًا كثيرًا، فذلك الجند خير أجناد الأرض، لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة". فلذلك قدمت مصر. رواه الحاكم. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ
قال: "إذا فتح الله عليكم مصر"، إذ هنا بالتصريح. قبل ذلك رأينا قوله: "إنكم ستفتحون أرضاً يُذكر فيها القيراط" وقوله في حديث عمرو بن حريث: "ستقدمون على قوم جُعد رؤوسهم". إذ هنا يتكلم عن مصر مباشرة وليس بالعلامات، "إذا فتح الله عليكم مصر" وهذا. معناه أنه قد يفتح الله عليكم مصر وقد لا يفتحها، ومعناه أن مصر سوف تُفتح على أيديكم أو على أيدي غيركم من أبنائكم، فاتخذوا فيها جنداً كثيراً، فذلك
الجند خير أجناد الأرض؛ لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة. لم يقتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذكر الجنود. بل ادخل أيضاً أزواجهم وأهلهم، وكيف أن المرأة النصيرة التي ترتبط بجندي من جنود الله وأسد من أسود الله، كيف أنها تشاركه في الثواب لأنها تصبر على غيابه وتصبر على غيبته في أولادها، فتقوم هي بالتربية وترعى
شؤون البيت وكأنه حاضر، فلها من الأجر والثواب في كل تنقل وفي كل ذهابٌ وفي كل جهادٍ لهذا المجاهدِ فإنها تأخذُ من ثوابِهِ أو مثلَ ثوابِهِ إنْ صَحَّ التعبيرُ. اتخذوا فيها جُنداً كثيراً، فذلك الجندُ خيرُ أجنادِ الأرضِ. ليس هناك جندٌ صبورٌ على التدريبِ، صبورٌ على الأُخُوَّةِ العسكريةِ، صبورٌ على الاستفادةِ من أخطائِهِ، صبورٌ على التخطيطِ للمستقبلِ أكثرَ من الجندِ المصريِّ، ولذلك نرى. أمورٌ عجيبةٌ غريبةٌ نتعجب منها، محمد
علي باشا عندما بنى الجيش المصري مرةً تلو الأخرى بعد بناءاتٍ كثيرةٍ عبر التاريخ، اهتم بالجند المصري وليس بالجند التركي أو الشركسي أو من أي جهةٍ كان، بل اهتم بالجند المصري. ذهب الجيش المصري للقتال في المكسيك، ما شأن مصر بالمكسيك وأين تقع؟ مصر وأين تقع المكسيك حتى نرى حملة يجردها محمد علي باشا من الجيش المصري فتذهب هناك وتؤدي واجبها على أحسن ما يكون وترجع منتصرة. ذهب الجيش المصري في الشرق وفي الغرب في الشمال وفي الجنوب وهو
واضح القضية وواضح البنيان. انتصر الجيش المصري انتصارات هائلة تؤكد صحة هذا الذي ذكره. لنا وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتؤكد أنها ينبغي علينا أن نتخذ منها جنداً كثيراً كثيفاً، والذي يهمنا كبشرى فذلك الجند خير أجناد الأرض، خير أجناد الأرض في كل العصور، والحمد لله رب العالمين. يستفيدون من أخطائهم، إذا حدثت هزيمة ترى حدث بعدها انتصار، إذا حدث انكسار. ترى لا يحدث هذا الانكسار أبداً
بعد ذلك لأنهم يتعلمون من أخطائهم في صبر يُحسدون عليه، في صبر يُغبطون عليه، في صبر يكونون فيه النموذج الأتم للعالم كله. فعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا فتح الله عليكم مصر..." فاتخذوا منها جنداً كثيراً، فذلك الجند خير أجناد الأرض لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله.