أحكام العقيقة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل مولود مرهون بعقيقته" | أ.د علي جمعة

أحكام العقيقة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل مولود مرهون بعقيقته" | أ.د علي جمعة - فتاوي
جاء سؤال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل مولود مرهون بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه". وقد رزقنا الله بطفل يوم الجمعة، فمتى تكون العقيقة؟ يعني كيف نحسب كلمة "سابعه"؟ أهو سابع يوم أم الإضافة ليوم الميلاد؟ فلغة العرب كيف تحسب؟ إنها مسألة لغوية نريد بها تفسير كلام سيدنا. صلى الله عليه وسلم، لو
حسبنا ذلك اليوم لكان الخميس لأن الخميس هو يوم السابع من الميلاد مع احتساب يوم الميلاد. ولو لم نحسب اليوم كما هو الحال في السفر ثلاثة أيام دون احتساب يومي الدخول والخروج، فإننا لم نعد يوم الدخول ولا يوم الخروج، فيكون إذاً هو يوم الجمعة لو كان سابعه. هذه تعني سبعة أيام متتالية، فما بين الاثنين يكون يوم السبت. وهذا ما تقتضيه لغة العرب، فنحن نشير إلى أهمية لغة العرب لأن النصوص باللغة العربية، فلا يجوز أن تفسرها بهواك
ولا بعقلك وحسك ورغباتك وإرادتك. هذه لغة موجودة لها أصول ولها قواعد، مكثت بها يوماً ويوماً وثالثاً ويوماً له. يوم الترحُّل الخامس، أي أنه مكث كم من الوقت؟ فعلماء اللغة وهم يروون هذا يقولون: مكث ثمانية أيام. نقول مرة أخرى: مكثتُ بها. ذهب إلى المدينة وبقي فيها يوماً، هذا واحد، ويوماً بين اثنين، وثالثاً بين ثلاثة، ويوماً
بين أربعة. وبالإضافة هكذا، الهاء هي التي تخص السابع له. فيكون له يوم الترحُّل الخامس. له له، هو يكون ذلك العد هو الذي هو أربعة. هذا واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة، يصبحون ثمانية. هم ثمانية. قالوا: طيب، ربما مكث فيها خمسة أيام. هل انتبهت؟ مكثت بها يوماً ويوماً وثالثاً ويوماً، له يوم الترحل الخامس، ويكون هكذا. قال: يقول لها لأن كل جمع مؤنث يكون كان يجب أن يقول ماذا لها يعني
لتلك الأيام الأربعة الماضية، المجموعة والمجموع مؤنس، فلا يقول له هذا، إذا قال له فسيرجع للأخير ويصبح ثمانية، وإذا قال لها فسيصبح خمسة أيام، وأضاف ليوم يوماً لها، يعني لتلك الأيام الأربعة، فيصبح مكثت بها يوماً ويوماً وثالثاً ويوماً له يوم الترحل. الخامس يكون ثلاثة وخمسة ثمانية، وعليه فعندما يقول في يوم سابعه يكون يوم الخميس، لأن يوم الميلاد معدود. من أين أتى بها؟ من اللغة. اللغة هي التي قالت هكذا. إذاً سنستفيد
أصلاً آخر من أصول التفكير المستقيم وهو أن اللغة منقولة بمعانيها لا بمحض نصوصها. لا يأتي شخص ويقول لك... ما الذي قال لك أن هذا هو اليوم الثامن؟ ربما يعطيك احتمالات عقلية. لا يا حبيبي، إن اللغة عندما نُقلت، نُقلت بألفاظها ومعانيها. هذه قاعدة كبيرة جداً في الشريعة يتلاعب بها الآن. لقد ملّوا من الشريعة ومن حملة الشريعة ومن الواقع المرير، فيريدون أن يجتهدوا. نعم، الاجتهاد له أصول. والأصول معروفة مفهومة وستريحك. ماذا تريد
فقط؟ بالأصول سنصل إلى ما تريد تحقيقه: المقاصد الشرعية والمصالح المرعية ومراعاة المآلات وعدم الخروج على الإجماع والاهتمام باللغة. سنصل. أنت لا تريد مصالح الناس؟ بل أنا أريد مصالح الناس وأريد أن يعيش الإسلام. قلنا له: حسناً، توجد شيء يسمى قواعد الاختيار وقواعد. الاختيار وفق القواعد واحدة تلو الأخرى هكذا معنا ستصل إلى ما تريده ولكن بصورة علمية رصينة لا تسبب فتنة ولا مخالفة ولا شذوذاً، إنما ستحقق مصالح الناس. ارمِ نفسك في أحضان طريق الله،
ستنجو وستقول كلاماً صحيحاً وإن اعترض عليك المعترضون، لكنه كلام متين ليس فيه هدم وإنما فيه استعمال طيب. والذي يجعلنا في مكانه، إنه طريق صعب. الطريق الذي أتحدث عنه هذا طريق صعب يحتاج إلى علم وانضباط، يحتاج إلى تحمّل المشقة. ما معنى "نتحمل المشقة" يا جماعة؟ الناس الآسيويون يقولون لنا: نحن نقصدك. "نتحمل المشقة" ماذا تعني؟ إنها كلمة مصرية معناها "نبذل جهداً كبيراً"، معناها يا جماعة أي السير بدون قواعد. إنها سهلة أصلاً. سهلٌ المشي من خارج هذه القواعد، فيقفز أي يعبث ويلعب ويلهو قليلاً
هنا وقليلاً هناك وقليلاً هناك وهكذا. إذن، إذا ذُبحت العقيقة فتذبح على سبيل السنة وليس على سبيل الأحكام، فالأحكام شيء آخر، لأنه يمكن أن تذبح في اليوم الثاني واليوم الثالث، لكن النبي أرشدنا إلى اليوم السابع، ومن يريد أن يسأل عنه. يقول: "أنا أريد أن أفعل ما قاله النبي بالضبط. ماذا أفعل إذاً يوم الخميس؟ لأنه قال: كل مولود مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه". هذا هو الكلام. إذاً سابعه الذي هو - هل سنعد اليوم أم لا نعده؟ لماذا؟ لأن لغة العرب هكذا. لغة العرب تقول ماذا؟ تقول: "مكثت بها يوماً". ويوماً وثالثاً ويوماً، وله يوم الترحل خامس، ثمان
أيام، ولم يقل ثمانية. أجل، لم يقل ثمانية، لكن المعنى المنقول إلينا أيضاً كما نُقل هو ذاك، أنه ثمانية، وهذه هي القواعد. والله سبحانه وتعالى أقام لهذه اللغة أناساً كثيرين من أجل حفظها. حسناً، وماذا بعد؟ أيضاً، هناك قاعدة يجب أن نتعلمها: مجرد الاحتمال العقلي لا يقدح في قطعية الدليل. ليس صحيحاً أن أي شيء قد يكون في أي شيء آخر، سواء في السيرة أو الحديث أو القرآن أو الدين. نعم، الإمكان
العقلي وارد ولكنه غير حاصل في الواقع. شخص ما قال لي مرة: "أليس من الممكن أن القرآن قد وُجد في ألمانيا وأن محمداً شكّل لجنة؟" واحد منهم يعرف السريانية، وواحد منهم يتقن العربية، وواحد منهم يعرف السنسكريتية القديمة والمصرية القديمة، وشكلوا لجنة ألفوا فيها هذا القرآن. قلت له: نعم، ربما، لكن هذا لم يحدث. هذه اللجنة غير موجودة عندنا، أي لم تكن موجودة، ولو كانت موجودة لكان مشركو قريش جمعوا كل ثلاثة أشخاص مقابل قرش واحد. ما معنى هذا التعبير "بقرش"؟ يعني كانوا يمسكون الثلاث بيضات ويبيعونهم بقرش صاغ، أي أنهم صنعوا له فضيحة. لو كانت هناك لجنة كهذه،
ولكن لا توجد لجنة. وعندما قالوا "إنما يعلمه بشر"، لم يعرفوا من هو هذا البشر، فذهبوا واخترعوا كلاماً مضحكاً كهذا، قائلين إنه عداس الغلام الذي في ذلك المكان. عداس هذا فتى صغير يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً تقريباً. أيعقل أن يكون عداس هذا عالماً كبيراً جداً يعرف اللغة السريانية والآرامية والمصرية والهندية؟ يا سلام! هل هذا ممكن أم لا؟ وأن يفعل لي هكذا؟ ماذا أقول له؟ هل هذا ممكن عقلاً؟ هل يمكنني أن أغمض عيني هكذا وتختفي اللجنة؟ هل هذه اللجنة وُجدت أصلاً؟ إنها غير موجودة. من الممكن أن لندن غير موجودة، أليس كذلك؟ هذا احتمال عقلي. نعم، ليس مستحيلاً. يمكن أن تكون موجودة أو غير موجودة، لكنها موجودة في الواقع. من الممكن أثناء حديثنا هكذا أن تكون الأرض قد خُسِفت بها. هذا
ممكن، لكن لماذا لم تُخسف بها الأرض؟ لأنه لا توجد أخبار عن خسف الأرض بلندن. الأرض كانت ستأتي، أي كانت ستظهر في التلفزيون المصري، أي شيء حسناً. وهكذا مطلق الاحتمال العقلي لا يقدح في قطعية الدليل. هذا دليل قاطع مستنبط من اللغة.