أ.د علي جمعة يجيب | ما حكم زيارة قبور الأولياء والصالحين؟

أ.د علي جمعة يجيب | ما حكم زيارة قبور الأولياء والصالحين؟ - فتاوي
يسأل عنه هل عندما يكون بجوار ضريح أحد الصالحين يزوره في كل مرة وكل يوم صباحاً ومساءً وما إلى ذلك. السلف الصالح لم يكن يفعل هذا. زيارة قبور الصالحين من الأمور المباحة التي تصل إلى المندوب. خلافنا مع الوهابية والنابتة والسلفية هو أنهم يحرمون هذا، وعندما دخل أحدهم إلى قبر النبي. صلى الله عليه وسلم فذهب إليه وسلم عليه ثم جاء إلى علي زين العابدين ابن الإمام الحسين فقال له: "أين كنت؟" قال: "كنت أزور سيد الخلق". قال:
"زيارتك له كسلام الأندلسي"، يعني الذي في آخر الدنيا، الأندلس كانت لم تُفتح بعد، أي شخص في بلاد الغرب البعيدة سَلَّم عليه فسلامه. عليه صلى الله عليه وآله وسلم كما لو جئته هكذا. كان السلف والحسن المثنى له نفس الكلام من أهل البيت الكرام، وظل القبر النبوي على حاله إلى وقت عمر بن عبد العزيز. فلما جاء عمر، انكشفت قدم، ففزع أهل المدينة أن تكون قدم النبي صلى الله عليه وسلم حتى.
أخبروا أنها قدم عمر، جزء من القدم ظهر من الأرض فسُتِرت وبُنِي عليها. هذا الكلام في ولاية عمر بن عبد العزيز قبل أن يتولى الخلافة، حيث كان والياً للمدينة. حتى قال له الصحابي الذي كان موجوداً: "هذه قدم جدك عمر"، لأن عمر بن عبد العزيز جده لأمه عمر بن. قال الخطاب: فلما انهدم الحائط، كانت بجوار القبر فخارة كُسرت من انهدام الحائط، أي كان القبر وكان بجانبه قطعة فخار وما شابه ذلك.
وقال: "يا علي، يا علي زين العابدين، قم فنظّف القبر الشريف"، أي نظّفه من التراب. وحتى هذا الوقت، منذ مائة سنة، كان هذا هو الحال الموجود في المسجد. النبوي الشريف قم فقم عند القبر الشريف فنظر إليه الحسن المثنى ابن الحسن وقال: قم يا حسن. حسناً، وأنت يا علي ما زلت ستقوم هكذا والحسن سيقوم. قال فأعطاها لرجل واحد اسمه حزام. قال: قم عند القبر الشريف. فلما ظهرت البدع وظهر الخوارج اهتم المسلمون بالأضرحة والقبور بحجة أنهم يتمتعون بالمباح، بل هو... مندوب
لأن النبي قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها"، وهذا يبين أن أهل السنة لا يعبدون القبور ولا يشركون بالقبر، وهم يعرفون هذه الحقائق أنها مسائل فقهية تنتقل من المباح والمندوب إلى شدة الندب وهكذا. ولذلك كان السلف الأول يعاملون هذه القضايا هكذا، فمفروض عليك أن تذهب. كل يوم أو كل صلاة أو كل كذا، وهذا بخلاف الحب، فقد أصبح المحب لا يرى قبر سيدنا الحسين إلا عندما ينجذب إليه. حسناً، ماذا أفعل له؟ يأتي إليَّ في كل مرة وكل يوم وكل شيء وهو يحب الله. هل أنت منتبه؟ نعم، هناك فرق بين الحكم الفقهي. وبين الحال القلبي
حال قلبهم هكذا، كل من كان بجوار الإمام الشافعي يحبه، حبه يغطي المنطقة كلها. كل من كان بجوار السيدة فاطمة في الضريح الأحمر، فاطمة النبوية بنت سيدنا الحسين، يحبها. أم اليتامى، أم المساكين، يحبها فينجذب إليها، يذهب ليسلم عليها وما إلى ذلك. وإذا دخلت ضريحها ومسجدها وجدت... عليه جلالاً حتى الآن وهو عليه جلالاً، إنما هذا واجب، لا ليس واجباً وإنما هو الحب. أمر على الديار دياري ليلة، أقبل هذا الجدار وذاك الجدار، وما حب الديار شغفن قلبي
ولكن حب من سكن الديار. ماذا سنفعل إذن في القلوب؟ القلوب هكذا، لم تحرم الناس بعد. من الحب، وعندما تنتشر الكراهية، وعندما تقسو القلوب، وعندما تُبيح رفع السلاح على الناس المسلمين وغير المسلمين، وطريق الدماء، هذا هو الذي نحن في ذلك الوقت نقول لهم مثل المولد النبوي الشريف. شخص لم يحتفل بالمولد النبوي، حسناً، لا يحدث شيء، لم يأثم. لكن من الحب، احتفل، يا سلام إذا كان. أبو لهب خفف عنه العذاب في النار لحبه للنبي. كان أبو لهب يحب النبي وأعتق ثويبة كما ورد في صحيح البخاري، فخفف الله عنه العذاب كل
يوم اثنين. أفلا ترغب أن المؤمن عندما يحب النبي ويحتفل به ويحتفي به، يكون ذلك مطلوباً في الدين؟ بل هو مطلوب لكنه ليس واجباً وتخييراً. الأحكام بدعة فالقضية هنا أننا دائماً يجب أن نفهم أن الشريعة هي المقياس وأن السلف الصالح ما كانوا على هذه الهيئة لا إفراطاً ولا تفريطاً، وكان عندما سُئل الإمام مالك بعد ذلك، فها نحن نتحدث الآن في أواخر القرن الأول مع عمر بن عبد العزيز ومالك. مائة وأربعة وسبعين. فلما سُئل: أنستقبل في الدعاء القبلة أم نستقبل قبر النبي؟ قال: هو قبلتك وقبلة آبائك
عليه الصلاة والسلام. فعندما يأتي أحدهم ويقول لي: لا، هذا يُضعف، أعطِ ظهرك واسأل الله، أنت لست سلفياً بهذا، بل أنت هكذا لست سلفياً، أنت هكذا تالف والله. السلف كانوا فاهمين وسائرين بشكل صحيح وجيد، ومدركين الفرق بين الواجب والمباح والمندوب، وما يصح وما لا يصح، وما هو كذا. هؤلاء الناس لو أنهم تركوا أنفسهم للمبالغة في تعظيم رسول الله لما استطاعوا أن يعيشوا بعده، ولذلك كانوا يقولون عندما واريناه التراب: أنكرنا قلوبنا. نحن الذين كنا... كيف إذن؟ قبلناها كيف؟ ولكن العقل يتحير، فعندما مات الرسول، قال من
قال أن محمداً مات، لأقطعنه بالسيف، هذا سيدنا عمر. فخرج أبو بكر ولم يسأل، بل نبّه إلى قوله تعالى: "أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم". قال عمر: فكأنني ما سمعتها إلا اليوم، وخرَّ مغشياً عليه من شدة الصدمة، إنها الفجوة التي بين الحب وبين... العقل، فهناك فجوة بين الحب والعقل تضبطها الشريعة. هذا ما نقوله، ولكن أكثر الناس لا يعلمون، وترى غلوّاً إلى أقصى ما يكون جهة اليمين أو جهة اليسار، والأمر ليس كذلك، والله أعلم بما هنالك.