أنا إنسان مريض بمرض مزمن وأتمنى الموت كل يوم ليرحنى الله.. فيقولوا لى حرام و كفر؟ | أ.د علي جمعة

أنا إنسان مريض بمرض مزمن وأتمنى الموت كل يوم ليرحنى الله.. فيقولوا لى حرام و كفر؟ | أ.د علي جمعة - فتاوي
أنا إنسان مريض بمرض مزمن وأتمنى الموت كل يوم حتى أرتاح، فيقولون لي: هذا حرام أو كفر. تمنَّ الموت لأجل لقاء الله وليس لأجل الراحة من العناء، فالذي أنت فيه لو اطلعت على ثوابه لتمنيت من الله سبحانه وتعالى أن يديم عليك مرضك، لأن الثواب عظيم، وسترى ذلك يوم القيامة. وتستقل نفسك الله!
طيب، إذا كانت الحكاية هكذا، قف هنا، ستؤلمك رجلك قليلاً وسأعطيك عشرة ملايين. قلت لي عشرة ملايين جنيه؟ قلت لك: لا، بالدولار. تقول لي اقف هنا! إنني سأقف هنا يومين أو ثلاثة، وستحدث أشياء أفزع من هذه بكثير. وأنت في يوم القيامة، إنك أصبت بمرض لكن... المرض هذا على فكرة لك به ثواب وثواب جزيل. تقول له: يعني مثل ماذا؟ فيريك فقط قطعة صغيرة من الجنة. تقول: الله! ألا تخبروننا يا إخواننا؟ ألا تخبروننا؟ والله لو كان الأمر هكذا لعشت مائة سنة وأنا مريض بهذا الشكل. حسناً، لقد أخبرناكم. عليك أن تعلم أنه حتى
الشوكة التي يُصاب بها المؤمن له بها أجر وترفعه درجة وتحط عنه سيئة، كما قلنا، وكان دائماً سيدنا ينبه على هذا المعنى. فجاءه رجل أعمى فقال: يا رسول الله ادعُ الله لي حتى يرد علي بصري. فقال: أوَلا صبرت؟ صبرت أولاً؟ صبرت؟ قال له: لا أنا. يريد أن يرد على بصري، فسيدنا يقول إن من أخذ الله حبيبتيه عوضه بها الجنة، خلاص لا يوجد حساب ولا يوجد شيء، وكذا ما هذا! ما هذه الحلاوة! طيب، فمن فقد حبيبتيه ماذا يعني؟ يعني سيقول الحمد لله، كرم ربنا كل
هذا. من أين يأتي هذا؟ من أننا ننظر. إلى الدنيا أنها نهاية الآمال وأنها كل شيء وانتهى، وأننا عندما نموت لا نعرف ماذا سيحدث، لا، بل جوهر العقيدة أننا عندما نموت سيكون هناك يوم قيامة وجنة ونار. جوهر العقيدة أن هذه الحياة الدنيا بحسابنا سنمكث فيها كم؟ مائة سنة، قل مائة سنة، ها، ولكن هذه المائة هي ثلاث دقائق عند ربنا. تحسبها عندما تعرج الملائكة وتروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فيكون اليوم عند ربنا بألفي سنة. تقسمها على ستين
ثانية، ثم على ستين دقيقة، فتكون الدقيقة بثلاثة وثلاثين سنة وثلث. يعني مائة سنة تساوي ثلاث دقائق. "إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً". "كم لبثتم؟" سيسألك. في يوم القيامة لا أعرف ماذا سيحدث. نحن تعرضنا، يعني أنا تعرضت لمصائب كثيرة. إنني مستحيٍ أن أجيب "كم لبثتم؟". قالوا: "لبثنا يوماً"، ثم وجدوها واسعة قليلاً "يوماً أو بعض يوم". انظر إلى الحالة النفسية التي تُجيب، قالوا: "لبثنا يوماً أو بعض يوم". أي إنه يعرف أن حتى "بعض يوم" هذه، انظر كيف هي مُبهمة. هكذا بعض يوم، حسناً، لو لو سألوهم مرة أخرى بعض يوم يعني
ماذا، سينظر هكذا في الزمن ويقول: ما هذا؟ دقيقتان يا ربي، ثلاثة، ثلاث دقائق. حسناً أنا قلت لك، حسناً لماذا لم تقولي؟ أنا قلت لك، أنت الذي لا ترضى أن تعيش المعاني، تقرأ القرآن وأنت لا ترضى أن تعيش المعاني. قال تعالى: "إن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون" وقال: "تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فاصبر صبراً جميلاً إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً" فلو حسبت على خمسين ألف سنة، تكون ساعتك مقابل ألفي ساعة عند ربنا، وألفي سنة من سنواتك وزيادة أيضاً. ستون دقيقة في الساعة، أي أن
الدقيقة تساوي ثلاثة وثلاثين سنة وثلث، وثلاث دقائق تعادل مائة سنة. يعني لو مكثت هنا مائة سنة، بالإضافة إلى سنوات عدم التكليف قبل البلوغ، فإنك ستعيش نحو مائة وخمسة عشر سنة جيدة. هذه المائة والخمسة عشر سنة مرت عند الله في ثلاثة أيام فقط. ستأتي يوم القيامة وستفاجأ بهذه الحقيقة وستقول عندما يسألونك كم لبثت قالوا لبثنا يوماً وبعد ذلك تناقشوا هكذا في الأعداد والأشياء وما إلى ذلك وبعد ذلك وجدوا أن هذا يكون كذباً، يوماً يعني أنني مكثت في الأرض خمسين ألف سنة فقال ماذا بعدها
أو بعض يوم يعني لم يؤخذ علينا وإنه يقول ماذا فاسأل. اسأل الناس الذين يعدُّون هذه العدادات، هل تصدق كل هذا؟ ستُفاجأ بيوم القيامة. فلو أنك أدركت في نفسك أنك ستعيش ثلاث دقائق عند الله، هل ستصبر؟ فالرجل المريض المزمن الذي معنا هذا يصبر الثلاث دقائق، لكنه يتبرم فيسأل الموت. والموت لا نسأله إلا عند خوف الفتنة. الإمام البخاري مرة دعاه الأمير. المختص بالمدينة فدعا الله أن يقبضه إليه غير مخزي ولا مفتون، فمات بعد يومين، ثمانية وأربعين ساعة. هكذا الحال في هذا المقام،
فالصبر الجميل، فصبر جميل والله المستعان. وهكذا الحال، إنك في كل محنة يضعك الله فيها منحة يجهزها الله لك، وأن هذه الحياة الدنيا ليست هي نهاية الآمال وغاية. المراد أن هناك آخرة نرجع فيها إلى الله سبحانه وتعالى فيجازينا بما كان في تلك الدنيا خيراً إن شاء الله.