أين الله عز وجل؟| أ.د. علي جمعة

أين الله عز وجل؟| أ.د. علي جمعة - فتاوي
أنا طالب بكلية الشريعة تعلمت أن الله موجود بلا مكان ولا تحيز فأفتوني في ذلك حيث أن هناك بعض من يتهجم على عقيدة الأزهر بذلك. يعني قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم. يعني هو يفعل هكذا لماذا؟ مريض الذي يتهجم على عقيدة الأزهر. هذا الماحي في جميع النواحي، هذا لا يعرف شيئاً بتاتاً نهائياً، لأن هذا علم وله علماء. الله ليس في مكان، نعم الله سبحانه
وتعالى كان. تخيل هكذا، هو كان موجوداً حقيقةً قبل خلق الزمان والمكان، فكيف يكون في مكان إذا كان الله موجوداً والمكان غير موجود والزمان؟ غير موجود والأشخاص غير موجودين واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد. حسنًا، هل تستطيع أن تتخيل هكذا؟ نعم، إنها سهلة. الله وحده وليس أحد معه، لا مكان ولا زمان
ولا أشخاص. حسنًا، قال "كن" فكان، فخلق المكان، خلقه خارجًا وليس داخله، هو لم يضع نفسه فيه. فيما خُلِق لا توجد حلول واتحاد. الذي يقول أن الله في مكان يعني أن الله حلَّ في ذلك المكان، فيصبح مكاناً ومكيناً. المسجد الذي نحن فيه هو مكان لأن له طولاً وعرضاً وعمقاً وارتفاعاً، ونحن أين؟ في المسجد، فيكون مكيناً. إذن هذا مكان، وأنا ماذا؟ مكين، أي ظرف، وأنا مظروف. يعني أنا داخل المسجد، وعندما أخرج خارج المسجد أصبح أنا خارج المسجد. حسناً،
إذا كان المسجد غير موجود أصلاً، فأين أكون أنا؟ لست في المسجد ولا خارج المسجد. والله الآن على ما عليه كان، لا زمان ولا مكان ولا أشخاص. فقال لي: هذه صعبة جداً أن أتصورها. قلت له: حسناً، وماذا أفعل لك؟ ماذا؟ أنت غير قادر على تصورها لأنها صعبة. لماذا هي صعبة؟ لأنك أول ما وُلِدت، وُلِدت في المكان، وأول ما وُلِدت، وُلِدت في الزمان، وأول ما وُلِدت، وُلِدت بين الأشخاص. أول ما نزلت هكذا من بطن أمك، استنشقت بعض الهواء هكذا فصرخت، فاستهللت
صارخاً، وبعد ذلك نظرت هكذا فوجدت أمك في وجهك وبعد ذلك لحظتين أعطوك لأبيك وحملك هكذا، ففعلت أنت الذي نظرت بعينيك هكذا. هل وجدت وجه أبيك في وجهك؟ أشخاص، طيب وأنت في أي مكان؟ متى في الماضي؟ ومتى أعطوك لأبيك؟ بعد ساعتين؟ الله! الماضي، ها هو. فلست قادرًا أن تتصور التجريد الشديد هذا. صعب كيف تتخيل عدم المكان، كيف تتخيل عدم الزمان. كيف تتخيل عدم الأشخاص هذا؟ أتتصور الفراغ المطلق أم تتصور ماذا؟ حتى الفراغ المطلق هذا مكان، ولماذا تريد أن
تدرك ربنا؟ "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار"، "ليس كمثله شيء". حسناً، أنا كائن وشيء، إذاً أنا مثله؟ إذاً لماذا له مكان ولي مكان، لكن المكان الخاص به... وسّع قليلاً هكذا، لا، هذا لا مكان له، هو موجود قبل الزمان وقبل المكان وقبل الأشخاص وقبل الأحوال، وهو على ما عليه كان. يبقى ولله المثل الأعلى. هذا الكون كهذه الورقة، والله سبحانه وتعالى خارجه. ولذلك هذا الكون بدأ متى؟ هنا. وسينتهي متى؟ يوم القيامة. هنا ربنا. أرى
الكل الآن، ولذلك هو علام الغيوب، يعلم ماذا سيحدث غداً؛ لأنه ليس لديه غد، فالغد هذا خاص بنا. نحن هنا اليوم، لا نعرف الجمعة، وغداً السبت، وبعده الأحد، هذا خاص بنا. أما هو سبحانه، فهو سبحانه يرى كل شيء منذ خلق السماوات والأرض، فخلق آدم، نعم، لكن هذه المسافة. مليار سنة، لا تريليون. هو يراها في وقت واحد هكذا. حسناً، أليس تريليون سنة كثيراً بعض الشيء؟ مائة تريليون، يا ساتر! تريليون، التريليون، أي شيء. هذا مجرد شيء أمامه سبحانه وتعالى، لأنه سميع، لأنه بصير،
لأنه عليم، لأنه قادر، لأنه حكيم، لأنه مريد، لأن الله، الله، الله. لماذا قال ربنا؟ لنا صفاته، لماذا؟ لأنه حتى تعرف مَن تعبد، فأنت تعبد واجب الوجود، قائماً بنفسه، حياً قيوماً، لا تأخذه سنةٌ ولا نوم، له ما في السماوات وما في الأرض، من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه. مرفوض إذاً كل شخص يظن في نفسه أنه صاحب سلطان ويسير على هواه قائلاً: أنا أريد، ولم يحدث. هل أنت كنت مالك الكون؟ استيقظ يا أخانا. أنت وهو لستما مالكي هذا الكون. لا حول ولا قوة إلا بالله. فالله خارج المكان وخارج الزمان وخارج الأحوال وخارج الأشخاص، ولذلك
لا حول ولا قوة إلا بالله.