أين مدرسة أبى الحسن الشاذلى من المدرسة الغزالية ؟ | أ.د علي جمعة

أين مدرسة أبى الحسن الشاذلى من المدرسة الغزالية ؟ | أ.د علي جمعة - فتاوي
السؤال الآن هو أين مثلاً مدرسة أبي الحسن الشاذلي من المدرسة الغزالية؟ نقول إن أبا الحسن الشاذلي هو من المدرسة الغزالية، يعني المستعمل في الأبحاث ومن مدرسة التصوف السني، لأنه كان يهتم بقضية العلم. ولذلك عندما جاء انبهر به سلطان العلماء الذي هو العز بن عبد السلام، والعز. ابن عبد السلام عالم وكان ينحرف عن التصوف، أي يظنهم بعض المبتدعة هكذا أو دراويش أو شيء من هذا القبيل. فلما جلس إلى أبي الحسن أخذ الطريق عليه وألف كتاباً سماه "الزبدة"، زبدة التصوف.
الذي هو من؟ إنه العز بن عبد السلام سلطان العلماء، والعز بن عبد السلام مدفون. على يمين السائر في طريق الاستراد عند مواجهته بسيدي ابن عطاء الله السكندري والقبر الخاص به يُرثى لحاله أطلال، ويذهب إليه اللصوص والسُراق ليُخفوا المسروقات وأشياء مماثلة، لأنه لا أحد يهتم به. وهكذا حالنا مع كبار علمائنا، نمدحهم في المجلات وغيرها، ونترك قبورهم وأضرحتهم على هذا الشأن. طيب هل هذا ما كنت تريده، طيب، إذاً مدرسة التصوف السني هي مدرسة تهتم أولاً بالعلم، وثانياً هي
تهتم بالذكر والفكر، فلا بد عندها أولاً من إقامة الشريعة، ثم نملأ هذه الشريعة بتعلق القلوب الضارعة لله سبحانه وتعالى عن طريق "والذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق". السماوات والأرض الذكر والفكر وهي قائمة أيضاً على ما أسماه الغزالي المهلكات والمنجيات، فنخلي قلوبنا من المهلكات ونحلي قلوبنا بالمنجيات. الربع الثالث والرابع من إحياء علوم الدين، وهذه المدرسة هي التي شاعت وذاعت في الدنيا، مدرسة التصوف
السنية. أما مدرسة التصوف الفلسفية فعندما اطلع عليها أهل السنة، بعضهم قال هذا. كلام ليس لكل أحد هو يتكلم عن أشياء لا بد أن تفهم بطريقة معينة فإذا لم تفهم بهذه الطريقة فكتبنا حرام على غيرنا وراحوا عملوا القاعدة هذه لا تقرأها لأن الذي سيخطر في ذهنك خطأ هو لا يقصده ومن هنا رأينا محي الدين بن العربي وهو يؤلف الفتوحات المكية فيضع دليلاً يرجع إليه عند اشتباهك في المعاني في أثناء الكتاب وهي مقدمة الفتوحات، إذا اشتبه عليك شيء ارجع للمقدمة ماذا يقول فيها، ووضع
فيها ضابطاً بحيث إنك لا تفهم خطأ أي ما يخالف المقدمة فأنت فهمت خطأ، فيجب عليك أن تتقيد بالمقدمة. هكذا هو يقول وهكذا يكتب مقدمة الفتوحات المكية. أهل السنة تصوف. أهل السنة عندما قرأوا كلام هؤلاء الفلاسفة فإنهم ارتضوه وقالوا هذا لا شيء فيه وهو لا يخالف الشريعة ولا يخالف الحقيقة وأن ظاهره غير حقائقه لأنه يستعمل مصطلحات وأنت تحملها على اللغويات ولذلك لا تقرأه ولا تلتفت إليه وإذا دخلت فيه فلا بد أن
تدخل بمصطلحاته. وبمفاهيمه وهكذا كان عندنا هنا شخص اسمه محمد عبد الوهاب إيواظ، والشيخ عبد الله إيواظ مدفون في مقام سيدنا الحسين في القبلة الثانية، اسمه الشيخ عبد الله إيواظ القصري. فكان محمد عبد الوهاب هذا يعني كأنه من أحفاده، وقد آتاه الله الشفافية التي يقرأ بها الفتوحات وكتب الشيخ، فكان الشيخ المراغي. شيخ الجامع يستشكل ويقول: "أنا لا أفهم ما هو الإحياء وما هي الفتوحات وما هي الفصوص"، وهذا الكلام غير صحيح. وكان محمد عبد الهادي يقول له: "تعال اسألني
وأنا أجيبك"، فهناك من يفهم وهناك من يُغلق عليه. والذي يُغلق عليه احذر أن يأخذ مفهومه ويطير به لأنه مفهوم منحرف. من أين أتى هذا الانحراف؟ أتى من المصطلحات التي لا أعرف حقيقتها، فأحملها على معانيها اللغوية، فيتم هذه الفجوة. وهكذا ألَّف الإمام السيوطي "تنبيه الغبي في تبرئة ابن عربي". هذه هي أحوال التصوف، والذي نسير عليه هو التصوف السني الذي على رأسه الغزالي، والذي منه أبو الحسن الشاذلي وغيره. من الطرق السنية المرضية التي تجعل الذكر والفكر والقلوب الضارعة هي الطريق إلى
الله، هناك ألف طريقة على وجه الأرض الآن. والطريقة عندما أتى الشيخ أبو الحسن الشاذلي وربَّى أربعين في المغارة في تونس ثم جاء إلى هنا، فكان له تلاميذ، فصار لكل تلميذ بعده طريقة، كلها هي. من داخل الطريقة الشاذلية، والطريقة الشاذلية هي الطريقة الأولى في العالم انتشاراً وكثرةً وهكذا، لكن بعد ذلك ستجد في المقال شيئاً اسمه الطريقة الدرقوية، ومن الدرقوية توجد الطريقة الصديقية، وكلها شاذلية، كلها شاذلية، فلا تقل لي لماذا إذن الطريقة البازية، حسناً، ألا إن الطريقة البازية شاذلية وهكذا الطريقة الإدريسية. شاذلية
إلى آخره، لكن عندما نعدهم هكذا، سيكثرون جداً ويصبحون شيئاً آخر.