الأربعين في أصول الدين للإمام الغزالي | المجلس الأول | أ.د علي جمعة

الأربعين في أصول الدين للإمام الغزالي | المجلس الأول | أ.د علي جمعة - الأربعين في أصول الدين, تصوف
مباشر على الفيس الآن جاهز تماماً، نقول بسم الله. نعم مولانا، أعدنا الكونكت من أجل أن نبدأ. بسم الله الرحمن الرحيم، ألّف الإمام حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي المتوفى سنة خمسمائة وخمسة عن عمر يناهز الخمسة والخمسين، يعني في
شبابه أو يكاد، بقبولته ألّف. كتاب "أسماء جواهر القرآن"، وهذا الكتاب الذي نقرؤه الآن هو جزء من هذا الكتاب الكبير أو الموسوعة التي وضعها الإمام الغزالي، والتي تُسمى بـ "جواهر القرآن". وسيستمر لقاؤنا لمدة ساعة في كل مرة، وسنقرأ في الكتاب ما يسَّر الله لنا، وعدد الجلسات التي سنمضيها سوياً هي عشر جلسات، والله المستعان. فيقرأ السيد طارق تفضل: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على
سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. قال المصنف رحمه الله ونفعنا بعلومه في الدارين آمين: قسم ثالث من أقسام كتاب الجواهر وقسم اللواحق. ولعلك تقول: هذه الآيات التي أوردتها في القسم الثاني تشتمل على أصناف من العلوم والأنواع المختلفة، هل... يمكن تمييز مقاصدها وشرح جملها على وجه من التفصيل والتحصيل حتى يمكن معه التفكر في كل واحدة منهما على حياته ليعلم الإنسان تفصيل أبواب السعادة في العلم والعمل ويتيسر عليه تحصيل مفاتيح التفكير فأقول نعم ذلك ممكن وأنا أميزه لك إن شاء الله تعالى فإنه تنقسم جمل مقاصدها إلى علوم والأعمال تنقسم إلى
ظاهرة وباطنة، والباطنة تنقسم إلى تزكية وتحلية، فهي أربعة أقسام: علوم وأعمال ظاهرة، وأخلاق مذمومة تجب التزكية عنها، وأخلاق محمودة تجب التحلية بها. كل قسم يرجع إلى عشرة أصول، واسم هذا القسم كتاب، إن شاء أن يكتبه مفرداً فليكتبه، فإنه يشتمل على زبدة علوم القرآن القسم. الأول في جمل العلوم وأصولها وهي عشرة قسم ذات القسم يقول الحمد لله الذي عرّفنا على لسان نبيه المرسل وأنه في ذاته واحد لا شرط لا عرض
لا بد له قديم لا أول له أزلي لا بداية له مزعج لا فر له قيم لا نهاية له قوم لا انقطاع له لا يقضي عليه بالانقضاء تصرم الآمال والانقضاء، هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم. هو لا يُقضى عليه (المبني للمجهول) لا يُقضى عليه بالانقضاء والانفصال، وبتصرم الأوقات وانقضاء الآجال، بل هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم. والله سبحانه وتعالى عرّف
لنا نفسه وما كنا أن نعلم. ذلك لولا أن علمنا ووصف نفسه في الكتاب بأكثر من مائة وخمسين صفة وفي السنة بأكثر من مائة وستين صفة وجمع الاثنين مع حذف المكرر يكون نحو مائتين وأربعين صفة، فوصف ربنا نفسه بالجمال والجلال والكمال. هذه الصفات التي شاعت وذاعت وحفظها المسلمون في أسماء الله الحسنى وفيما ورد من... رواية حديث أبي هريرة عند الترمذي بثلاث روايات إلى آخر ما هنالك، فالمهم أننا لا نعبد مجهولاً من كل جهة، ولكننا لا ندرك ذاته لأنه لم تُركَّب فينا إدراكات
هذا الموجود العظيم سبحانه وتعالى. وفي الآخرة تُركَّب فينا آلات أخرى، حتى قال ربنا: "وجوهٌ يومئذٍ ناضرة، إلى ربها ناظرة" ورؤية. الله سبحانه وتعالى ثبت في الكتاب والسنة الأصل الثاني في التقديس تفضل وأنه ليس بجسم مصور ولا جوهر محدود مقدر وأنه لا يماثل الأجسام لا في التقدير ولا في قبول الانقسام ولا في قبول الانقسام بفاتح القارش ولا في قبول الانقسام الانقسام لأن الخماسي والسداسي همزتها همزة وصف الانقسام الانقسام إنما ما زلت تنطقها بهمزة
القطع الانقسام الانقسام الانقسام الانقسام خطأ الانقسام صحيح الانقسام لأن لأن هذا عبارة عن مصدر خماسي والسداسي همزته همزة وصل نعم تفضل وأنه ليس وأنه ليس بجوهر ولا تحله الجواهر ولا بعرض ولا تحله الأعراض بل لا يماثل موجودًا ولا يماثله موجود وليس كمثله شيء ولا هو مثل شيء وأنه لا يحده المقدار ولا تحويه الأقطار ولا تحيط به الجهات ولا تكتنفه الأرض والسماوات وأنه مستوٍ على العرش على الوجه الذي قال وبالمعنى الذي أراد استواءً
منزهاً عن المماسة والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال لا يحمله العرش بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته ومقهورون في قبضته. وهو فوق العرش وفوق كل شيء إلى تخوم الثرى فوقيةً لا تزيده قرباً إلى العرش والسماء كما لا تزيده بعداً عن الأرض والثرى، بل هو رفيع الدرجات عن العرش كما أنه رفيع الدرجات عن الثرى، وهو مع ذلك قريب من كل موجود وهو أقرب إلى العبيد من حبل الوريد، وهو على كل شيء شهيد، إذ
لا يماثله قربه قرب الأجسام، كلا، كما لا تماثله ذاته ذات الأجسام، وأنه لا يحل في شيء ولا يحل فيه شيء، تعالى عن أن يحويه مكان، كما تقدس عن أن يحده زمان، بل كان قبل أن خلق الزمان والمكان، وهو الآن على ما عليه كان. وأنه بائن عن خلقه بصفاته ليس في ذاته سواه ولا في سواه ذاته، وأنه مقدس عن التغير والانتقال لا تحله الحوادث ولا تعتريه العوارض بل لا يزال في نعوت جلاله منزهاً عن الزوال وفي صفات كماله مستغنيةً عن زيادة الاستكمال،
وأيضاً لديك المشكلة هي هي: الاستكمال الاستكمال الاستكمال. نعم، وأنه في ذاته معلوم الوجود، وأنه في ذاته معلوم الوجود بالعقول، مرئي الذات بالأبصار نعمةً منه ولطفاً بالأبرار في دار القرار، وإتماماً للنعيم بالنظر إلى وجهه الكريم. وهذا هو ما سماه بالأصل الثاني، وفيه أمور الكائنات. التي حولنا والتي كوّنها الله سبحانه وتعالى إما أن تكون لها حيز في الفراغ وإما ألا تكون لها حيز في الفراغ. والذي له حيز إما أن يكون بسيطاً مكوناً من فرد لا
يقبل التجزئة ويسمى بالجزء الذي لا يتجزأ، وإما أن يكون مركباً من هذا الجزء الذي لا يتجزأ فيسمى جسماً. فالذي له حيز في الفراغ إما أن يكون جوهراً وإما أن يكون جسماً، والذي ليس له حيز في الفراغ كالمرض والغنى والمعاني والصفات والألوان والطول والعرض والكيف، كل ذلك يسمى بالعرض. إذاً فأنا عندي ذات إما أن تكون مفردة فتسمى جوهراً، وإما أن تكون مركبة فتسمى جسماً، وكلاهما له حيز في الفراش إلا أن هناك موجودات ليس لها حيز لكنها تحتاج إلى أن تقوم
فيما له حيز، وهذه الأشياء نسميها بالعرض، فالعرض يحل في الأجساد. فترى الطفل صغيراً ثم ينمو في طوله ووزنه ولونه ويتغير تغيرات حياتية أو حيوية، ولكنه هو نفس الإنسان. يمكن أن نتخيل إنساناً أبيض نتخيله. أسود، لكن كل هذه أعراض يمكن أن تكون. الصحة عرض، وقد يكون المرض عرضاً، وقد يكون اللون عرضاً، وهكذا. فالله بخلاف ذلك، لأنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فالله ليس جوهراً وليس جسماً وليس عرضاً، ومعنى
هذا أنه مخالف للكائنات. فالله مكوِّن وليس كائناً، بل هو موجود واجب الوجود. لكنه مخالف لبقية هذه الكائنات، فهذه الكائنات تحتاج إليه وهو لا يحتاج إلى أحد، تقوم به سبحانه وتعالى، لكنه هو قيوم السماوات والأرض. لها بداية لكنه أول بلا بداية، لها نهاية لكنه آخر بلا نهاية، وهو مخالف لهذه الحواف. كل هذه الصفات قائمة به سبحانه وتعالى، فمن عرف نفسه بالابتداء. وبالفناء وبأنه قائم بغيره عرف ربه بأنه هو الأول والآخر والظاهر والباطن وقيوم
السماوات والأرض وهو بكل شيء عليم، فالرب رب والعبد عبد، وهناك فارق بين المخلوق والخالق. هذه الأعراض التي تحيط بالأجسام عدّوها تسعة وجعلوا الجسم واحداً، وهذا مجموع في قوله: زيد الطويل الأزرق ابن مالك في بيته بالأمس. كان متكئاً بيده غصن لواه فالتوى، فهذه عشر مقولات سوى، وأسموها بالمقولات العشر. زيد يشير إلى الجسم الطويل يشير إلى الكم، الأزرق يشير إلى الكيف، ابن مالك النسبة، في بيته المكان،
بالأمس الزمان، كان متكئاً الوضع، بيده غصن الملك، لواه الفعل، فالتوى الانفعال، زيد الطويل الأزرق ابن مالك في بيته. بالأمس كان متكئاً بيده غصن لواه فالتوى، فهذه عشر مقولات سنة، وهذا العرض له أحكامه أنه لا ينتقل من مكان لمكان، بل إن الله سبحانه وتعالى يخلقه في ومضات متتالية. فلوني هذا الذي بدأنا به اللقاء غير لوني هذا الذي نحن عليه الآن. اللون الذي كان انتهى لأن العرض
لا. يبقى زمنين ولا يقوم في محلين ثم خلق الله نفس اللون في ذات المكان مرة أخرى وهذا عند أهل السنة والجماعة وهو محل خلاف بين المحققين هل يبقى العرض زمنين أو أنه لا يبقى زمنين على كل حال هو لا ينتقل من مكان لمكان وهو لا يبقى زمنين وهو لا يقوم بنفسه بل يحتاج إلى جسم يظهر فيه إلى آخر هذه الأحكام التي لعلنا نتعرض لها بعد ذلك وهذا معناه أن الله سبحانه وتعالى جل في علاه هو خارج عن الزمان والمكان ولذلك يجب علينا أن نتصور العالم كله في ملكه وملكوته
مخالفاً لله خارجاً عنه لا يماسه ولا يكون. ربنا ليس حالاً في المكان ولا مواجهاً له لأن الله هو الذي خلق المكان. هذا التصور يصعب على كثير من الناس، كيف يكون هناك موجود لكنه يصعب في التصور لأننا في داخل الزمان وفي داخل المكان، فيصعب علينا أن نتصور كائناً، أن نتصور موجوداً سبحانه وتعالى مكوناً للخلق نتصوره وهو خارج هذا. المكان لا يمكن أن يتصور إنسان هذا لكنه يصدقه، لماذا؟
لأن العقل الرياضي يصدق هذا، لأن قواعد الفكر المستقيم تصدق هذا. وهذا سيحل لنا قضية القضاء والقدر، وسيحل لنا قضية الاختيار والإجبار، وسيحل لنا قضية الصبر على بلاء الدنيا وعلى أحوالها، وسيحل لنا التصور الكامل بالحياة الدنيا مع الحياة الآخرة. وما العلاقة بينهما سيحل معضلات كثيرة يتشتت فيها الناس ويسألون عنها. ابدأ في تنمية التصور أن الله سبحانه وتعالى خارج الزمان وخارج المكان. إذا وصلنا إلى هذا الحد وإلى ذلك التصديق
سهلت علينا المسائل واتضح لنا أنه لا حول ولا قوة إلا بالله وأنه لا رب سواه وأن ملكوت السماوات. والأرض بيده سبحانه وتعالى يقلِّب فيها كيف يشاء، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، فعَّال لما يريد، ولا يظلم ربك أحداً، وأمره بين الكاف والنون، كل ذلك من ذلك الأصل العظيم الذي ينفي الزمان والمكان عن رب العالمين، الأصل الثالث وأنه حي قادر جبار قاهر لا لا يعتريه كسل ولا عجز ولا تأخذه سنة ولا نوم ولا يعارضه فناء ولا موت، وأنه ذو الملك
والملكوت والعزة والجبروت، له السلطان والقهر والخلق والأمر، والسماوات مطويات بيمينه، والخلائق مقهورون في قبضته، وأنه المتفرد بالخلق والاختراع، المتوحد بالإيجاد والإبداع، خلق الخلق وأعمالهم وقدر أرزاقهم وآجالهم، لا يشذ عن قبضته. مقدور ولا يعزب عن قدرته تصريف الأمور، لا تُحصى مقدوراته ولا تتناهى معلوماته. إذاً هو المطلق، وهذا صدام بين هذه العقيدة وبين فلسفات كثيرة تنكر المطلق وتؤكد النسبي، كفلسفة نيتشه وغيره من الفلسفات.
وإنكار المطلق فيه إنكار لله، وما فعلوه إلا لإنكار التكليف وإنكار الحلال والحرام وبناءً عليه وتهدئة. لنفوسهم أنكروا الله سبحانه وتعالى، ولذلك فهذا المسطور من أنه حي قادر جبار قاهر لا يعتريه قصور ولا عجز ولا تأخذه سنة ولا نوم، إنما هو يؤكد الإطلاقية أن الله مطلق، ولذلك ليس هناك ما يحده لا في المكان ولا في الزمان ولا في الأفعال ولا في الصفات، فهو على كل شيء قدير الرابع وأنه عالم بجميع المعلومات محيط
بما يجري من تخوم الأراضين إلى أعلى السماوات. لا يغيب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، بل يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ويدرك حركة. الذر في الجو الهواء ويعلم سره وأخفى ويطّلع على هواجس الضمائر وحركات الخواطر وخفيات السرائر بعلم قديم أزلي لم يزل موصوفاً به في الأزل الآزال لا بعلم متجدد حاصل في ذاته بالحلول والانتقال وهنا يقولون حتى نحفظ هذه الصفات فقدرة إرادة سمع بصر علم كلام
علم حياة كلام استمر فهذه سبعة يسمونها هذه الذاتية فقدرة إرادة سمع بصر علم حياة كلام، استمر وسوف يعالجها واحدة واحدة. الخامس أنه سبحانه مريد للكائنات مدبر للحادثات، فلا يجري في الملك والملكوت قليل أو كثير، صغير أو كبير، خير أو شر، نفع أو ضر، إيمان أو كفر، عرفان أو نكر، فوز أو خسران. زيادة أو نقصان، طاعة أو عصيان، إلا بقضائه وقدره وحكمه ومشيئته، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن،
لا يخرج عن مشيئته لفتة ناظر ولا فلتة خاطر، بل هو المبدئ المعيد الفعال لما يريد، لا راد لحكمه ولا معقب لقضائه ولا مهرب لعبد من معصيته إلا... بتوفيقه ورحمته ولا قوة له على طاعته إلا بمعونته وإرادته، لو اجتمع الإنس والجن والملائكة والشياطين على أن يُحرِّكوا في العالم ذرة أو يُسكِّنوها دون إرادته ومشيئته لعجزوا عن ذلك، وأن إرادته قديمة قائمة بذاته في جملة الصفات، لم يزل كذلك موصوفاً بها، مريداً في أزله لوجود الأشياء في أوقاتها. التي قدّرها ووجدت في أوقاتها كما أرادها
في أزله من غير تقدّم ولا تأخّر، بل وقعت على وفق علمه وإرادته من غير تبدّل ولا تغيّر. دبّر الأمور لا بترتيب أفكار وترصّد الزمان، فلذلك لم يشغله شأن عن شأن. اعلم أن هذا المقام صحيح، اعلم أن هذا المقام، اعلم. إن هذا المقام مزلة الأقدام، ولقد زلت فيه أقدام الأكثرين؛ لأن تمام تحقيقه مستمد
من تيار بحر عظيم وراء بحر التوحيد، وهم يطلبونه بالبحث والجدال. ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما ضل قوم بعد هدى إلا أوتوا الجدل". ويستدلون بآيات القرآن مؤولين، وليسوا من أهل التأويل. ولو نال كل واحد مقام التأويل لما قال صلى الله عليه وآله وسلم داعياً لابن عباس رضي الله عنهما: "اللهم فقهه في الدين وعلمه تأويل التأويل"، ولما قال يعقوب ليوسف عليهما السلام: "وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث". قال صاحب الكشاف: يعني معاني كتب الله وسنن الأنبياء وما... ما غَمُضَ واشتبه
على الناس من أغراضها ومقاصدها يفسِّرها لهم ويشرحها ويدلُّهم على مستودعات حِكَمِها. نعم، وإنما أكمل مولانا. وإنما زلَّت أقدام الأكثرين في هذا المقام لأنهم يتَّبعون الذين يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم، وهؤلاء ليسوا براسخين. فلقصورهم لم يطيقوا ملاحظة كنه هذا الأمر وألجموا عما لم يطيقوا خوض غمراته، فقال: "أبهذا أُمرتم أم بهذا أُرسلت إليكم؟ إنما
هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر. عزمت عليكم في هذا الأمر أن لا تتنازعوا فيه". وعن أبي جعفر... قال: "قلتُ ليونس بن عبيد: مررتُ بقومٍ يختصمون في القدر". فقال: "لو أهمَّتهم ذنوبهم ما اختصموا في القدر. ولو امتلأت مشكاة بعضهم نوراً مقتبساً من نور الله، وكان زيتهم صافياً يكاد يضيء ولو لم تمسسه نار، فاشتعل نوراً على نور، فأشرقت أقطار الملكوت
بين أيديهم بنور ربها، فأدركوا الأمور". كما هي عليها، فقيل لهم: "تأدبوا بأدب الله واسكتوا، وإذا ذُكِرَ القدر فأمسكوا". فلذلك أمسك عمر رضي الله عنه لما سُئِلَ عن القدر، فقال للسائل: "بحرٌ عميق، بحرٌ عميق لا تلجه"، ولما كرر السؤال قال: "طريقٌ مظلم لا تسلكه"، ولما كرر الثالثة قال: "سرُّ الله قد خُفِيَ عليك فلا تفتشه". خفي عليك وقبل ذلك عفا، خفي عليك، عفا، خفي، خفي، حسناً، خفي عليك أو خفي عليك، خفي عليك وامتلأت مشكاة، امتلأت مشكاة بعضهم نوراً مقتبساً، نوراً
مقتبساً، أي على الفاعل المفعولية ليست الفاعلية، نعم، نوراً مقتبساً، مقتبساً، نعم، أرأيت إذاً مقتبساً، مقتبساً، ومن أراد معرفة أسرار الملكوت فليلازم بابهم بالمحبة. والإخلاص والصدق والإعراض عن أعدائهم والامتثال بأوامرهم والسعي فيما يرضيهم، وكذلك من أحب معرفة أسرار الربوبية فليلازم باب الله بالمحبة والصدق والإخلاص والتعظيم والحياء والامتثال بالأوامر والانتهاء عن المعاصي والمجاهدة والإقبال بكنه الهمة والتعرض لنفحاته والسعي
فيما يرضى، وإن لم يطب، يعني نحن عندنا هنا والصدق والإعراض عن أعدائهم. وليس عن أعدائهم، لأن الأعداء قد يكونون غائبين. فعن عدائهم (أعدائهم)، سنجعلها "عدائهم"، يعني سنحذف الهمزة. نعم، نعم. وإن لم يثق بذلك فعليه أن يعتقد
في هذا البحث ما عليه أبو حنيفة رضي الله عنه وأصحابه رحمهم الله، حيث قالوا: "إحداث الاستطاعة في العبد فعل الله واستعمال". الاستطاعة المحدثة فعل العبد حقيقة لا مجازًا، يعني هذا أن الله خلق ولكن العبد هو الذي اختار. لو تصورنا أنه
لا زمن يحدّ الله سبحانه وتعالى ولا مكان، وتصورنا أن الله عليم بكل شيء "والله بكل شيء عليم"، وأن الله - للتقريب - صوّر الخلق من البداية إلى النهاية، صوّر منذ الخلق. بداية الخلق وإلى يوم القيامة صورها في وسيلة تخزين وهذه الوسيلة مثل الكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، يعني كأننا مُصوَّرون صوتاً وصورة، الأمس مصوَّر والغد مصوَّر، أنا داخل هذه
الصورة. من الذي أوجد هذه الصورة؟ الله. من الذي خلقني؟ الله. من الذي خلق حتى أفعالي؟ الله. ولكن... في داخل الصورة من الذي اختار أن أصلي أو لا أصلي، أن أفعل المعصية أو أمتنع عن المعصية؟ أنا الذي اختار. دفعًا داخل هذه الصورة، لم يدفعني أحد بأن أفعل أو لا أفعل، تركني باختياري، وعلى ذلك تجري الأمور. إن هناك اختيارًا في داخل العالم، ولكن هذا الاختيار بما فيه. من الأكوان وبما فيه من الأفعال وكذلك إلى آخره هو من صنع الله سبحانه
وتعالى، ومن هنا تنفك قضية المعارضة بين الظلم وبين مطلقية الخلق. الله خالق وهو مطلق في خلقه، والله لا يظلم "ولا يظلم ربك أحدًا". نعم، والقدرية أنكروا قضاء الله ورأوا الخير والشر من أنفسهم، أرادوا بذلك... تنزيه الله عن الظلم وفعل القبيح، ولكنهم ضلوا إذ نسبوا العجز إلى الله في ضمن ذلك ولم يدروا. والجبرية اعتمدوا على القضاء ورأوا الخير والشر من الله، ولم يروا من أنفسهم فعلاً. رضوا بذلك تنزيه الله عن العجز، فضلوا إذ نسبوا
الظلم إليه في ضمن ذلك، وأضلوا سفهاءهم فكانوا يعصون الله. وينسبون إلى الله كالشيطان حيث قال: "بما أغويتني"، فالحاصل أن القدرية تُثبت الاختيار الكلي للعبد في جميع أفعال العباد وتُنكر قضاء الله وقدره بالكلية في أفعال العباد، والجبرية نفوا الاختيار بالكلية في أفعال العباد واعتمدوا على القضاء، فينبغي للباحث معهم أن يضربهم ويمزق ثيابهم وعمائمهم ويخدش وجوههم وينتف أشعارهم وأشفارهم. وشواربهم ولحاهم وليعتذر بما اعتذر هؤلاء في سائر أفعالهم
القبيحة الصادرة منهم، يعني سيضربهم كل هذا الضرب وبعد ذلك يقول لهم: أنا متأسف، الله هو الذي خلق هذا الضرب وأنا ليس لي دخل. يعني يريد أن يقول أن كلامكم هذا حتى اجتماعياً مرفوض وقانونياً مرفوض أن تقوم أنت بفعل. شيء ما وباختيارك ثم بعد ذلك تقول إن الله هو الذي خلقه فتمسكهم وتضربهم وتقطع شعورهم وما إلى ذلك، وبعد ذلك تقول لهم: "على فكرة، أنا ليس لي علاقة، هذا الله هو الذي سلَّط عليكم هكذا لأنكم تقولون هكذا". فأنتم تفعلون الشيء الذي يفعله الله بالضبط هكذا، أي كنوع من أنواع السخرية. من فكرهم الذي يقولون به، يعني لا أجرؤ أن أخطئ أمام فضيلتك وأقول هذا ليس
مني. نعم، لا تقل الحكاية. والمعتزلة أضافوا شرًا فقط إلى أنفسهم وأثبتوا لأنفسهم الاختيار الكلي تحرزًا عن نسبة القبيح إلى الله والظلم، ولكنهم نسبوا إلى الله العجز في ضمن ذلك ولم يدروا، تعالى الله عن ذلك. علواً كبيراً، وأهل السنة والجماعة توسطوا فلم ينفوا الاختيار عن أنفسهم بالكلية، ولم ينفوا القضاء والقدر عن الله بالكلية، بل قالوا: أفعال العباد من الله من وجه ومن العبد من وجه. واعلم أن قضاء الله على أربعة أوجه: قضاء الطاعة والمعصية والنعمة والشدة، والمذهب
المستقيم في ذلك إذا قضى لعبد. الطاعة فعليه أن يستقبله بالجهد والإخلاص حتى يكرمه. نعم، أي لعلنا نقف هنا. واعلم أن قضاء الله للمرة الأخيرة، وسنأخذ إن شاء الله أكثر من ساعة لكي نعوض فيها ما بدأناه. وبداية موفقة إن شاء الله، وربنا سبحانه وتعالى يبارك فيكم ويجمعنا على الخير في الدنيا والآخرة. وإلى لقاء سيدي. سيدي، نسألكم الدعاء، ربنا يشرح صدركم وينفع بكم ويعلمكم. ربنا يبارك فيكم وينفع بكم ويعلمكم العلم. مع السلامة، اللهم آمين. جزاكم الله خيراً سيدي.