الإسلام كتاب مفتوح - البنوك الإسلامية

الإسلام كتاب مفتوح - البنوك الإسلامية - الإسلام كتاب مفتوح, فتاوي
أعزائي المشاهدين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نستكمل اليوم الحوار مع فضيلة المفتي الأستاذ الدكتور علي جمعة، الحوار حول الإسلام والاقتصاد. فضيلة المفتي، أهلاً بحضرتك. أهلاً وسهلاً بكم، لنتواصل في الحوار حول قضايا الإسلام والاتصال استكمالاً لما بدأنا. ما هو حكم أن نضع نقودنا في البنوك الإسلامية التي لا تحدد. الفائدة مسبقاً بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. إن قضية البنوك الإسلامية قضية نشأت من
محاولة تنفيذ تجربة لإحياء شرعية إسلامية تراثية وإمكانية الاستفادة من الخبرة الإسلامية التي تراكمت على مر العصور في مجال السوق ومجال التجارة في النشاط والحراك الاقتصادي. الاجتماعي المعاصر هذا لا يعني أن البنوك التقليدية بنوك خارجة عن نطاق الشرعية أو عن نطاق الإسلام، وهذا لا يعني أنه لا فائدة في البنوك الإسلامية التي نشأت من فكرة هي فكرة التأصيل. البنوك التقليدية
هي نشأت مع مصالح الناس وحراك المجتمع، لكن هذا الحراك في حقيقته ونشأته الأولى كان من نموذج معرفي آخر غير النموذج المعرفي الإسلامي، ولذلك نجد في البنوك التقليدية بعض العمليات التي أصلاً لا تسأل نفسها عن مدى مقاربتها أو مخالفتها للشريعة ولا للفقه الإسلامي، هي لا تسأل أصلاً هذا السؤال. هي تسير في طريقها سواء وافقت أو خالفت، فهي نشأت من نموذج معرفي آخر هو نموذج. المعرفي الغربي تاريخ آخر بيئة أخرى ثم سارت دخلت بلادنا تحت الاستعمار، العالم كله أصبح مطبوعًا بالنموذج الغربي باعتبار نهايات التاريخ كما يقولون، وباعتبار
السيطرة التامة لهذا النموذج على مقدرات الدنيا، ومن هنا فهي لا تشغل نفسها ولا بالها عن الموافقات والمخالفات مع الشريعة الإسلامية، نعم نحن نرصدها من الخارج ونقول إن هذه المعاملة قد تكون جائزة، والأئمة الأربعة يقولون، والأئمة الأربعة لا يقولون، وهكذا. لكنها في نفسها لا تسأل ولا تعني نفسها بهذا، وهي تسير في طريقين. فأنا أريد أن أقول إن البنوك الإسلامية التي تسأل حضرتك عنها هي تجربة أصيلة، هي تجربة استفادة، هي تجربة مشاركة. حضارية للحراك الاجتماعي والنشاط الاجتماعي ولا تعني في وجودها حرمة الآخرين ولا تعني في وجودها إلغاء الآخرين وهي لم تقم بذلك. بالعكس، عندما نشأت البنوك الإسلامية
حققت فائدة كبيرة جداً وهي جذب المدخرات الصغيرة. فعندما قمنا بتحليل ميزانيات البنوك وإجراء دراسات عليها، وجدنا أن وجود البنوك الإسلامية لم يؤثر إطلاقاً. يظن بعض الناس أن البنوك الإسلامية دخلت في منافسة مع البنوك التقليدية وأنها جذبت الأموال من البنوك التقليدية إلى الإسلامية، ولكن الناس - اسمح لي يا فضيلة المفتي - ينجذبون إليها لأنها تخضع لرقابة، فيها رقابة شرعية تقول هذا حلال وهذا حرام. إذاً فهو نموذج تأصيلي، نموذج جديد، نموذج... إضافة وليس نموذجاً معارضاً ولا نموذجاً ينقض الموجود بالبطلان ولا نموذجاً يدخل في منافسة مع الآخرين، بل هو نموذج مضاف وليس نموذجاً معاكساً.
وإن كان البعض يهمس في الآذان أنهم يخدعونك، بماذا ترد عليهم؟ لا، إن البعض الذي يهمس في الآذان بأنهم يخدعونك قد أتى من أمور أخرى. وهي أن البنوك التقليدية نفسها عندما رأت نجاح التجربة وجذب المدخرات الصغيرة التي معها خمسة آلاف وستة آلاف، حيث يخاف الشخص من دخول البنك ويضع الخمسة آلاف تحت البلاط، جاء البنك الإسلامي فأخرجها، فذهبوا وأنشأوا فروعاً لأنفسهم وسموها إسلامية، فأصبحت هناك بنوك كثيرة لديها الفرعان التقليدي والإسلامي. نعم، وحينئذ بدأ الناس يتشككون ويتكلمون ويذكرون
ما هذا؟ هل هم - كما يقول أهل الاقتصاد - في وعاء واحد؟ يعني في حوض واحد؟ أي أنها خدعة؟ أي مجرد اسم لجذب الأموال؟ أم أن هذه الفروع الجديدة لديها رقابة ولديها متابعة ولديها تأصيل ولديها نماذج للعقود المجازة شرعاً ولديها ولديها... هذا من... هنا بدأ السؤال، وهو سؤال نشأ من نجاح البنوك الإسلامية، فقد نجحت في جذب المدخرات الصغيرة، ونجحت في تقليب الأمور والأموال، ونجحت في أن تؤصل شيئًا ما وتشارك في الحالة الاقتصادية، ونجحت أيضًا في أن تُبرز دور البنك الاجتماعي. يعني البنك دائمًا مفهومه أنه مؤسسة اقتصادية لا علاقة له بالسير. الاجتماعي وليست من وظيفته ولا
يلتفت إليها، ولذلك عندما نشأ بنك مثل بنك ناصر الاجتماعي - اسمه هكذا "بنك ناصر الاجتماعي" - أي نشأ بعيداً عن البنك المركزي، فهو ليس تحت البنك المركزي، لكن هذه البنوك الإسلامية تقع تحت البنك المركزي. هذه البنوك الإسلامية تقوم بدور اجتماعي، فتجد مثلاً فيها لجنة زكاة، تجد مثلاً أنها تبني دُوراً للأيتام وللعجائز وللفقراء وللخدمات الاجتماعية. إذاً أنا لا أستطيع أن آتي وأقول الآن أن هذه البنوك الإسلامية خادعة. لا أستطيع أن أقول الآن أن هذه البنوك الإسلامية لا يجوز وضع النقود فيها. سؤال حضرتك كان يقول: هل يجوز لي أن أضع نقودي في البنوك الإسلامية وهل هي حلال؟ نعم، هي حلال وهي كذلك. إننا الآن نتجاوز هذا السؤال إلى سؤال
آخر يطرحه الناس: "حسناً، عرفنا البنوك الإسلامية، فماذا عن البنوك التقليدية؟ ماذا يحدث عند وضع الأموال فيها؟". ما الذي يحدث وما الفرق؟ هذا هو السؤال الأول الذي سألته لحضرتك. الفرق بين البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية هو مسألة تغير العائد، نعم. حسناً، كيف يتم تغيير هذا العائد؟ هيا بنا ندخل في مادة البنوك والنقود التي تُدرّس في السياسة والاقتصاد والعلوم السياسية، وتُدرّس في كلية التجارة وكلية الحقوق وهكذا. نعم، ماذا تعني النقود والبنوك؟ ماذا نفعل بها؟ النقود والبنوك هنا، البنك المركزي هو بنك البنوك، هو أبو البنوك. وهو مسيطر على البنوك كلها وهو الذي يضع الأسس والسقوف
للبنوك كلها. هذا البنك، ذلك البنك التقليدي، يحدد كيف سعر الفائدة الذي سيمنحه للناس وسعر الفائدة الذي سيأخذه من المستثمرين. كيف؟ لجنة تجتمع وتجلس لتحدد هذه الفائدة. من أين؟ من لجنة اسمها لجنة السياسة النقدية تجتمع في البنك المركزي وتحدد. للبنوك أنهم لا يتجاوزوا حدوداً معينة، حسناً، ومن أين يأتون بها وكيف يحسبونها؟ وهل حسابهم هذا عادل أم غير عادل؟ قالوا لنا: تعالوا، نحن لدينا كمبيوتر ولدينا شيء اسمه بحوث العمليات
(وهي مادة)، ولدينا شيء اسمه الإحصاء (وهو مادة علمية)، ولدينا شيء اسمه الجداول الاكتوارية، ولدينا شيء اسمه واسمه واسمه واسمه... علوم محاسبة. ومسك دفاتر كل مجموعة العلوم هذه جعلتني أقوم بشيءٍ يسمونه في الإنجليزية "الباكستنج". ما معنى الباكستنج؟ قال إنه التنبؤ للخلف أو للماضي. ماذا يعني ذلك؟ يعني عندما يأتي شخص ويقول لك: "إن إنتاج هذا المصنع كان اثنين، وفي السنة التالية أصبح أربعة، وفي السنة التي تليها أصبح ستة، وفي السنة التالية أصبح ثمانية، وفي السنة التالية سيصبح..." عشرة. ماذا تتوقع هذه السنة؟ يقول له: اثنا عشر. حسناً، ومن أين سيأتي هذا؟ الاثنا عشر هذا سيأتي من أننا وجدنا كل سنة تمضي اثنين اثنين اثنين اثنين. نعم. حسناً، وهل هذا رجم بالغيب أم
هذه دراسة؟ فأجروا دراسات على ذلك وقالوا: لا، هذا ليس رجماً بالغيب، هذه دراسات، هذه دراسات. والإمام القرطبي في التفسير يقول هكذا أنه عندما أقول أن الشمس ستطلع من هنا غداً، فهذا يأتي من باب التنبؤ بالماضي. وعندما أقول أن السحابة السوداء هذه ستمطر، فهذا أيضاً من باب التنبؤ بالماضي. وعندما أقول أن المرأة هذه ستلد ولداً لأن شكل بطنها كذا أو ما شابه ذلك. أيامها هذا خبرة مسبقة، نعم، يعني خبرة طبعاً. فهذه الخبرة وصلت إلى حد غريب جداً لدرجة أنها وصلت إلى حد أنها تتحكم في السوق، نعم، من أجل مصلحة الناس وعدم التضخم. قلت له: "والله أنتم هكذا تكونون أناساً طيبين، تكونون أناساً تعملون لمصلحة البلد، تكونون أناساً تعملون". لمصلحةِ الإنسانِ تكونوا أناساً تعملونَ لمصلحةِ الاقتصادِ ولمصلحةِ الرفاهيةِ، يعني
أنتَ عندما تقولُ: "أَوْدِع عندي ألفاً وسأعيدُها لكَ ألفاً ومائة"، فأسألُكَ: "من أينَ جئتَ بهذهِ المائةِ؟" فتقولُ لي: "إنها مِن دراسةٍ". فأقولُ لكَ: "أهذا مِن دراسةٍ فقط؟" فتقولُ لي: "بل مِن واقعٍ أيضاً". فأقولُ لكَ: "كيفَ مِن واقعٍ؟ كيفَ يكونُ ذلكَ؟" يعني أنت عندما وضعت عندك الألف جنيه، كنت قد حققت المائة جنيه هذه من قبل. قال لي: نعم. قلت له: كيف؟ لست أفهم. نحن نفهم أن الشخص يضع عند عم تامر البقال ألف جنيه فيستثمرها له فتصبح ألفًا ومائة فيعطيها له. قال: لا، الأمور أصبحت أعقد من ذلك وأفظع. هكذا والمائة جنيه هذه محققة، قلت له كيف يعني؟ قال لي أنا بنك، ذهبت واشتريت صفقة حديد بمائة مليون في عرض البحر أو نحاس أو زنك من البرازيل بمائة مليون،
وذهبت أبيعها بمائة وعشرة أو مائة وعشرين مليونًا لزيمبابوي على الورق، وقلت للمركب الذي في عرض البحر في المحيط. الهندي بدلاً من أن تأتي إليّ هنا، اذهبي إلى زيمبابوي. ضعي [الأموال] هناك لأننا بعناهم بالفعل. الرجل الذي في البرازيل الذي لديه مائة مليون يريد أمواله. طبعاً أنا آخذ هذه الأموال وأعطيها للرجل الذي هناك، وفي نهاية السنة متفق مع زيمبابوي أن ترسل لي مائة وعشرين مليوناً، وأكون قد ربحت كم؟ عشرين. مليون أأخذ أنا عشرة وهذه للناس أصحاب المائة مليون. كيف أجمع المائة مليون؟ أجمعها منك
ومن غيرك ومن غيرك ومن غيرك، فيصبح إذًا هذه حالة أنا فعلاً رابح قبل أن أجمع، لكنني أجمع لكي أسدد للبرازيل، وأنا أول ما ستأتي من زيمبا بويبا إدهار البنوك التقليدية أنت. أريد أن تقول لي حلال أم حرام، نعم البنوك، كلمة واحدة حلال أم حرام. لا يوجد هكذا، نعم لا يصلح هكذا. الكلام الذي قلته كله هذا، هذه البنوك تتصرف تصرفات الأصل فيها أنها حلال، نعم وهي التصرفات التي تقوم بها هذه البنوك في عملية التمويل. الاستثمار وتقليب المدخرات هذا حلال. هذه البنوك عندما تحدد هذه الأرقام تحددها عن دراسات
وهذا حلال. هذه البنوك لا تُعنى نفسها بالسؤال عن الحلال والحرام، لا تُعنى نفسها. حسناً، ماذا أقول أنا الآن؟ أقول إنه أيتها البنوك أنتِ حلال ولكن اجعلي لنفسك اهتماماً بالسؤال عن الحلال والحرام. حكيماً أنت لا تسأل عن الحلال والحرام أبداً، فإذا فعلت ذلك عرفتُ أنك تكون محل شك. والآن كيف الحال؟ الوضع أن تسعة وتسعين في المائة من أعمال البنوك حلال وواحد في المائة حرام. حسناً، حسناً. إذن الإجابة واضحة، واضحة جداً. فشخص يأتي ويقول سأضع أموالي... في البنك لأستثمره أم لا؟ أقول له: ضع في البنك
وخذ فائدة ثابتة. خذ فائدة ثابتة. الفائدة الثابتة حرام؟ لا، ليست حراماً لأنها تأتي من دراسات وليست آتية من تخمين. حسناً، وما تفعله البنوك من واحد في المئة الحرام الذي تتحدث عنه، ماذا أفعل به؟ قلت له هذا نسكت عنه، نأمر البنوك، نسكت عنه، من قبلك أنت، أنت مالك ستأخذه من الحلال، نعم، والواحد في المائة هذا، الاثنان في المائة، العشرة في المائة، كأننا سنظل وراء البنوك ونقول لها لا تتعاملي بالحرام، لا تتعاملي بالحرام، لا تتعاملي بالحرام، لا تبقَي. تحليل الحرام حتى تتوقف عنه، وإذا لم تتوقف فسنظل نقول: "نعم، هذا ما قلته ستين مرة كيف؟" لأننا سنظل نقول: "نعم، خلاص". وهل يجوز شرعاً التعامل مع سوق الأوراق المالية؟ ربما خاصة إذا كان بقصد
المضاربة على الأسهم نفسها. لا تجوز المضاربة على الأسهم فهي حرام. كلمة "ورد" غطّاها. نعم، هذا التخمين حرام. نعم، أن أجلس أمام الشاشة وأتعامل بالمضاربات فهذا حرام. نعم، هذا قمار. نعم، هذا شخص يلعب القمار. نعم، لكنني أريد أن أقول لك: عندما نأتي لنسأل، فلنتجنب الأسئلة التي أقول فيها لك، فيقول لك: ما رأيك في الناس؟ يعني... ما رأيك في الناس، أهم سيئون أم طيبون؟ فيهم الخير وفيهم الشر، فيهم هذا وذاك. نعم، هكذا هو الأمر. ما رأيك في البورصة؟ البورصة فيها وفيها، نعم. عندما يذهب ليشتري لي. أسئلة عامة، عن ماذا؟ عن ماذا؟ ماذا يريد الناس أن يعرفوا الآن؟ يعني
أي واحد من السادة المشاهدين لا بد... أن يعلم من فضيلتك أنه وفيما يخص المضاربة على الأسهم نفسها فإن هذا يكون حراماً، نعم هو حرام. حسناً، هذا هو ما أردتِ. أنتِ تُوجهين كلامك إلى الأمة الإسلامية، ولكن عندما يأتي شخص ويقول لي: قل لي، هل سوق المال حلال أم حرام؟ أقول له: لقد وسّعت السؤال كثيراً هكذا. لأننا نتساءل كثيراً هكذا، ما رأيك في البورصة؟ يعني ما رأيك في البورصة؟ لا، لست أعرف، لست مطلعاً. عندما يأتي ليقول لي مثلاً: أنا سأشتري سهم هذه الخمارة أو المصنع الذي يصنع خمراً، فهذا حرام لأن الخمر حرام. ولكن اسمح لي فضيلة المفتي، الفتوى التي أفتيت بها بإباحة أداء...
فريضة الحج من فوائد الأموال المودعة في البنوك أثارت ضجة كبيرة بين مؤيد ومعارض. ما تعليقك على ذلك؟ لقد أثارت ضجة كبيرة بين مؤيد ومعارض من أهل العلم. من هم هؤلاء المعارضون؟ الشيخ يوسف القرضاوي. ماذا قال الشيخ يوسف القرضاوي وأين ومتى؟ قال إن التراضي بين البنك والمودع... لا يجوز أن يكون سبباً في تحليل ما حرّم الله، وما علاقة هذا بما نقوله؟ يعني يقول لك أنه يقول وهو مختلف في المسألة. طبعاً أنت تعلم يا حضرتك أن هذا مختلف في أصل القضية، وليس مختلفاً في الفتوى المتعلقة بأن الإنسان وما يترتب عليها، مثل أن حضرتك [في موضوع] الزكاة. اليوم أريد أن أؤدي فريضة الحج من أموال
حرام. قال: هذا لا يجوز، إذا علمت أنها حرام فلا تؤدِ منها فريضة الحج، وإلا فإن الملائكة تقول لك: "لا لبيك ولا سعديك، حجك مردود عليك". لكن القضية هي أن شخصاً وضع ماله في البنك ورأى أنه حلال ثم أخذ هذا المال وحج. به وهو يراه أنه حلال، خلاص هو يراه كذلك. إذاً ليس هناك أي خلاف ولا شيء. الخلاف هو في كون البنك حلالاً أم حراماً، وليس في أن الحج بالمال الحلال يكون حلالاً أم لا. أنا عندما قلت إن الحج بهذه الأموال حلال، فذلك لأنه حلال، انتهى الأمر فضيلتك. هي رايات الأمة الإسلامية، فإذا جاء أحدهم وقال لي: "لا، هذا حرام"، أقول له: "حسناً، ما دام حراماً عندك
فلا تفعله". فلو أن شخصاً أمامه كوب ماء وقال لي: "على فكرة، هذا خمر"، فقلت له: "يعني أنت تعتقد أن هذا خمر؟"، قال لي: "نعم"، قلت له: "يحرم عليك شربه إذن". إذا قال لك أن هذه مسمومة، يحرم عليه شربها، وهذا يعني الموت، ويعني أنه يحرم عليه هو شربها. أنا قلت له: "لا، هذه ليست مسمومة" وشربتها. لا يحرم عليّ ذلك، ولكن إذا ظهر أنها مسمومة فعلاً فمت، فلا يحرم عليّ بالرغم من أنني مت. لكنك فقدت حياتك، فقدت حياتي وفقدت مصداقيتك مع الذي حاورته أو... قلت له وفقدت مصداقيتي لكنني لم أقسم أمام الله، هذا الذي أمامي هو ماء لكنه يقول عليه خمر. قال لي: "على فكرة هذا خمر". قلت له: "أنت تعتقد ذلك؟" قال: "لماذا؟ إنه خمر، خمر"، ثم أمسكه وشربه.
قلت له: "لماذا تفعل هذا؟" قال لي: "أشرب الخمر بإجماع الفقهاء". أنه قد ارتكب إثماً يوم القيامة، ستظهر الحقائق وسيُحاسب على ما فعله، وربما يدخل النار لأنه تجرأ على الحرام الذي يعتقد أنه حرام. يعني هناك أناس تسمع كل هذا الكلام ثم تقول لي: اسمع، نحن نعرف أن هذا البنك حرام، حسناً، ما دمت تعرف وتتأكد... بهذا الشكل ولا تستمع إلى كلامي في وجهة نظري وتحليلي، فيكون البنك حراماً ويكون مالك منه حراماً ويكون الحج أنه حلال. ولو ظهر
يوم القيامة أن اجتهادي أنا هو الصحيح وليس اجتهاد العالم الآخر، فأنا أختلف مع العالم الآخر كما يختلف الشافعي مع مالك، حسناً، واحد منا على صواب. عندما نأتي يوم القيامة ويتضح أنني على صواب، وأنت مصر على أن البنك حرام مثلاً، فينبغي عليك أن تتعامل وفق ما تعتقد، لا أن تأخذ كلامي بأنه حلال دون أن تصدقه، ثم تقول لي أنك ستحج بأموالي وأنت لا تصدقني. لا، يجب عليك أن تصدقني أن البنك حلال وإلا يحرم عليك أن... أنت تضعه في واحد يقول لي: "لا، كلامك لا يدخل عقلي، لا يدخل". ولكن لا بد من إعمال الفكر، أي فكّر
ما هو الفكر المستقيم. يجب أن تُعمل الفكر المستقيم لا الفكر المشوش، ولذلك الكلام واضح جداً. أنا الآن لدي اجتهاد، هذا الاجتهاد يقول أن هذا البنك حلال للأسباب التي... قلتُ إنَّ هذا عقدٌ جديد، وهو تمويلٌ وليس قرضاً، وليس هناك محلٌ للربا في الذهب والفضة. هذا العقد ليس فيه غرر لأنه مبنيٌّ على علومٍ، ويحقق مصالح أطرافه، إذاً فهو حلال. أقول هذا فيردُّ عليَّ أحدهم: لا، هذا قرضٌ والربا يجري في البنكنوت، وهذا البنك ليس... متأكد أم لا من أي شيء، وليس هناك علوم أو شيء من هذا القبيل، والأموال التي في أيدي الناس هذه أصولها ذهب وفضة وهكذا. عقله يفكر بهذه الطريقة وعقلي يفكر بهذه الطريقة،
إذاً كل اجتهاد يُحترم، لكنني أقول الحكم وأذكر حيثياته. من يرى كلامي هذا صحيحاً فليأخذ به، لا معنى للذي... لا يراه على الإطلاق يقلّد الآخر، ولكن مع كلّ واحد من الاثنين إذا أنت وافقتني يكون حجّك حلالاً، ويكون زواج ابنتك منها حلالاً، ويكون كذا أكلك وشربك منها، هل لأنك مفتي الديار؟ مفتي الديار لا، لأنني اجتهدت، وليس لكونك عالماً بصرف النظر عن كونك مفتي الديار المصرية. هذا الكلام أنا أقوله. منذ عشرين سنة... نعم... أنا أقول هذا الكلام... نعم... نعم... إنني أعرف منذ عشرين سنة وأنا كاتبه منذ عشرين سنة... نعم... وهذا حصل قبل ذلك... أقول لحضرتك الفكرة نفسها... أنا كاتب هذا منذ عشرين سنة... فكون أنه مفتي ديار أو ليس مفتي ديار، على فكرة، هو ما أقوله. هذا لا يفيد الحكومة في شيء. فضيلة المفتي الأستاذ الدكتور علي
جمعة، تسمح لنا أن نتواصل في الغد ونستكمل معاً قضايا الإسلام والاقتصاد إن شاء الله.