الإسلام كتاب مفتوح - عقد الأمان

الإسلام كتاب مفتوح - عقد الأمان - الإسلام كتاب مفتوح, فتاوي
أعزائي المشاهدين، مساء الخير. نلتقي ونتواصل مع فضيلة المفتي الأستاذ الدكتور علي جمعة. أهلاً بحضرتك. أفادني، أهلاً وسهلاً بكم. فتواك بعدم إباحة دم اليهودي في الدولة المسلمة، هل هو لأنه يحمل رخصة دخول الدولة المسلمة وما يُعرف فقهياً بعقد الأمان والذي لا يجوز الاعتداء عليه، أم لماذا؟ ما هي الأسباب؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. الفقهاء العظام عبر التاريخ تحدثوا عمن يُؤمِّنه المسلم، وأخذوا ذلك من السيدة صفية عمة النبي
صلى الله عليه وسلم، حينما أمَّنت مشركة، فقالوا لها: "لا، لا بد أن نقتلها"، فذهبت إلى رسول الله. صلى الله عليه وسلم وقالت: "يا رسول الله إني أجرت فلاناً"، أجرت يعني جعلته في جواري. فقال: "ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم". ومعنى الحديث أن من هو ضعيف في الهيئة الاجتماعية الإسلامية، دائماً نضرب مثلاً بكناس الشارع. كناس الشارع هذا على فكرة يقوم بمهمة جليلة، مهمة جداً، جليلة جداً. وإلا وإلا هي المسألة كلها انتهت نعم، ولكن نحن دائماً نقول باعتبار أنه دائماً هذا الصنف من الناس يكون فقيراً ويكون محتاجاً وليست لديه كفاءات أخرى يستطيع بها أن يقوم، ولذلك يعني يكون في
الهيئة في التركيبة الاجتماعية تخيل هذا الكناز يستطيع في الفقه الإسلامي أن يكفله شخصاً للدخول. فيؤمنه على نفسه وأن الدولة بجلالة قدرها لابد أن تحترم هذا الالتجاء أو هذا الجوار طبعاً لأنه مواطن مثل سائر المواطنين، لكن هذا حُكم حربي. نعم، نعم، انتهى، نعم. "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه". أتعلم ما معنى "أبلغه مأمنه"؟ يعني ستوفر له وسيلة السفر. آه، الله، ما هذا! سأسافر على حسابه. نعم، تطلب التذكرة إلى البلد فيصل على حسابه. الدين الذي يقول لنا هكذا يجب أن نفهمه ونفهم
كيف يطبق في العصر الحاضر، لأن بعض الإخوة من صغار طلبة العلم يذهبون إلى الكتاب ويقرؤون كلمة هنا وكلمة هناك ويحاولون وهم لا ينتبهون إلى أن الدنيا. تغير أنه لم يعد هناك المفهوم الحاد لدار الإسلام ودار الحرب. ليس هناك الآن أصبح هكذا. كانت إنجلترا قديماً دار حرب، لكن الآن لا أستطيع أن أقول عن إنجلترا التي أباحت وجود عشرات بل مئات المساجد فيها، وأنا لا أريد أن أقول آلاف، إنها دار حرب. أمريكا كذلك، فرنسا كذلك. كان قديماً عندما تدخل فرنسا أو إنجلترا ويفتشونك فيجدون معك مصحفاً، يقومون بحرقه ويدوسونه بأقدامهم ويفعلون أشياءً لا
أعرف ماهيتها، وقد يقتلونك أو شيئاً من هذا القبيل. فنهى الفقهاء عن السفر إلى بلاد العدو، لاحظ كلمة "عدو" لأنهم كانوا يسيئون إلى المصحف، ولأن هناك خطراً على المصحف أن يُهان. أما اليوم فالمصحف يُطبع في ألمانيا بأفضل طباعة. طباعة ألمانيا! ما هذا؟ لقد تغيرت الدنيا في الاتصالات، في المواصلات، في التقنيات الحديثة، في العلاقات الدولية، في التركيبة الاجتماعية، في التكييف القانوني للديار. ويجب علينا أن نجتهد ولكن تحت مظلة الشرع الشريف المكوّن من الكتاب والسنة، بعقلية الفقيه القديم الشافعي لكن بواقع العصر الذي نعيش فيه. طبعاً الشافعي أو... أبو حنيفة أو أي فقيه
هذا لضرب المثال، فإذا عُرضت علينا هذه القضية، هل نتصور هكذا: شخص سائح يهودي أتى ليزور أبو حصير (لديهم هنا قبر يسمى أبو حصير) ويقول لك نريد أن نزور وما إلى ذلك، ثم قام شخص بذبحه، ما هذا؟ يعني هذه هي الصورة التي أتحدث عنها. للعالم يا عالم أنا مسلم وأقول للعالم أنا أدعو إلى السلام وديني اسمه الإسلام وتحيتي هي السلام عليكم. ما هذا؟ طبعاً إسلام يعني سلام، والإسلام أيضاً. أنا أريد أن أفهم ما هي مقاصد الشرع الشريف. نعم، هناك فتوى تقول أنه يجوز لنا أن نقتل هذا. حسناً، قتلته وبعد ذلك، ما الذي أصابك وأصاب؟ الأمة من أكله قال: "شافيت غليل". قلت
له: "حسناً، إذن أنت رجل مغلول، أي لا يصح هكذا. فالله سبحانه وتعالى يقول: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}. هل هناك شيء أوضح من ذلك؟" يريد أن يُضلني وهو يعرف ضعفه وصفحه. لم يقل اضربه، لم يقل اتبعه، نعم حتى يأتي الله بأمره، إن الله على كل شيء قدير. وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله، ما شاء الله. إذاً أنا أمام دين يأمرني بالدعوة إلى الله ويأمرني بكل حُكم. يوصلني إلى هذه الدعوة، هل عقد الأمان يعني تحريم دمه حتى لو كانت بيننا
وبينه حرب قائمة؟ فماذا يفعل السفراء عندما يأتون إلينا أثناء الحرب نفسها للتفاوض؟ هل نقتلهم؟ أبداً، هذا لا يجوز. وماذا لو أن السفير القادم إلينا قلَّ أدبه علينا وسبَّ ديننا أو هدَّدنا؟ قم... نقول له: "لولا أن السفراء لا تُقتَل لقتلناك لقلة أدبك، لكننا لا نقتلك". أنت تلاحظ أنه يهينني ويأتي ليعتدي عليه وعلى دينه وعلى غير ذلك إلى آخره، ومع ذلك لم يقتلوه. هذا هو الدين الأصيل الذي يفتقده هؤلاء الناس الذين يقولون: "نقتل ونفعل" وما إلى ذلك، إنهم يظنون أن الإسلام هذا دينهم. الخاص بهم وفي حين أن الإسلام هو دين رب العالمين لعباده أجمعين إلى يوم الدين، هذا الأمر غائب في
العقل من الداخل. بعضهم يظن أن الإسلام هذا للعرب فقط، ولذلك يفرض عليك أشياءً لا علاقة لها بعالمية الإسلام لم يقلها الله ولا رسوله عندما يأتي في مجتمع ويحرِّم. السياقة على النساء، نعم، يمكنك جعلها مسألة خاصة بك، حسب أنظمتك ووضعك وعلاقتك الاجتماعية التي قد لا تسمح إلا بذلك، لكن أن تفرضها على نساء العالمين وتجعلها حكماً عاماً في الإسلام، فهنا يكمن الخطأ. ونقول له: لا، هذا حكم لا يصلح في أمريكا أبداً، فماذا تفعل المسلمة التي في أمريكا، هل تقود السيارة؟ أيضاً ولا يحدث شيء، وقِس على هذا أيضاً عشرات المسائل التي مثلاً مرة عُرض
على بعض العلماء شراء الطائرات. عندما أشتري خمس طائرات من أمريكا، من الممكن أن ثمن هذه الطائرات يعدل ميزان المدفوعات الأمريكي، يعني من الممكن في وقت معين وطائرات معينة أن هذه الخمس طائرات تعدل ميزان المدفوعات. الأمريكية لأنها بأموال طائلة، طائلة ماذا؟ ما رأيك؟ يجب أن ألعب السياسة الآن، نعم، ويصبح من الدين أنني هنا أضغط عليهم في شيء أريده، آخذ شيئاً أريده هكذا. الطائرة عندما تُباع يُعمل لها عقد صيانة وعقد لملئها بالوقود، يعني ملؤها بالوقود هذا فن يختلف من طائرة لأخرى، وأريد أنه... إذاً في عقدٍ مَن الذي يملأ هذه
الطائرة وعقدٌ للتدريب، فلديَّ فريق عمل أو أعضاء يريدون التدرب في شركتي، فيجب عليك يا بائع الطائرة أن تدربهم لي، وعقدٌ للضمان، وعقد آخر. ما هذا العقد؟ فيقوم بعرضه على شخص فقيه، فيقول: "هذا لا يجوز". لماذا؟ لأن هذا عقدٌ وشرط عقد. بيع مشروط وعقد بيع مشروط لا يجوز عندنا يا سيدي، هذا ليس مثل عم حسون البقال. عم حسون البقال عندما يشتري منتجاً من الشخص، ويكون له شرطان، فالنبي قال: "لا" - دعنا نتجنب هذا الغرر. لكن هنا إذا لم نقم بإعداد العقود، فهذا يعتبر غرراً. تخيل أنني أخذت خمس سيارات وأوقفتها عندي. لا أنا أعرف كيف أدرب عليهم ولا أعرف كيف أملؤهم بالوقود ولا أعرف أصولهم ولا أعرف كيف أغير قطع غيارهم ولا
أعرف كيف أضمنهم ولا أعرف كيف أؤمّن عليهم ولا أعرف... تخيل هكذا، أجل، إذا هؤلاء الذين يتكلمون بمثل هذه العقلية في الفتوى ويظنون أنفسهم من أهل العلم وأنهم كهنة الحفاظ على الفقه الإسلامي، نحن... نقول لهم لا مؤاخذة، أنتم ستُضيِّعون الدنيا والدين، وأنتم ستُضيِّعون الأمة، ونحن نرفض رفضاً تاماً أن نسير وراء هذا العوج والانبعاج في الفكر وفي السلوك. لا، أنا عندما أدرس الفقه الإسلامي الموروث أدرسه وأفهم نظرياته، ثم آتي وأُطبِّقها في واقع لا بد أن أُدرك حاله ثم أُفتي بناءً على العبارة
الشهيرة التي يقول فيها: كيف نقتل اليهودي في بلادنا وهو من أهل الذمة؟ هل تتفق معه في هذه العبارة؟ أهل الذمة هم أهل البلاد الأصليون، ونحن عندنا في مصر يهود، فلعله يقصد هذا المعنى، وهو معنى صحيح لأن اليهودي من أهل الذمة. وما معنى أهل الذمة؟ بعض الناس لوّث هذا المفهوم. الاسم وكرهه الناس فيه وجعلوه كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، وهذا غير صحيح، غير صحيح. إنما الصحيح هو أن أهل الذمة معناه
أنهم في كنفي وحمايتي، أحبهم وأعتني بهم وأحميهم كما أحمي نفسي. ولذلك قال رسول الله: "لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، أي حقوق وواجبات. فهذا هو معنى أهل الذمة. أنهم في ذمتنا يعني وإن كانوا قد اختلفوا معنا في ديانتنا إلا أنهم ما زالوا مستقرين في ذمتنا. أهل الذمة، هذه الذمة معناها العهد، معناها الوفاء. أهل الوفاء، أنا أوفي لهم ذمتهم. يا أخي، هذا كلام جميل جداً لو عرفناه على حقيقته وبالبساطة هذه. يقول: طيب وأنا. كنتُ أنقص حمايتك يا أخي ونحن نتخاصم، أم أننا أحباء؟ إنه يقول لي: "احمهِ، وإياك أن تخذله، وإياك أن تسلمه، وإياك أن تعتبره
مواطناً من الدرجة الثانية". إياك! إنه ينبهني على رعايتك والاعتناء بك. هل نحن أطفال حتى تعتنوا بنا؟ لا، ولكنه ينبهني ويقول لي أن ديانتك المختلفة معه لا تتيح لك الاعتداء عليه. عليه لا تتيح لك أن تطرده من بلاده، ولا تتيح لك أن تعامله معاملة أدنى، بل هو في ذمتك، يعني معنىً راقٍ جداً طبعاً، ولكن بعض الناس يفهمونه خطأً، ويأتي ليقول لي طالب: "ما دمت تأخذون الجزية منا، فلماذا؟" يا أخي كنا نأخذ الجزية كتكلفة مثل الضرائب. يعني ما كانت تذهب إلى جيب الحاكم. نعم، هنا عمر زوجته وفّرت قليلاً من المال لتشتري حلوى، وبعد ذلك سألها: "ما هذا؟" فقالت له: "والله هذه ثلاثة دراهم، سأذهب فقط لأشتري شيئاً حلواً لأنني اشتقت
إليه، فادخرتها". فقال لها: "إذن هي زيادة عن حاجتك"، وذهب وأخذهم وردّهم إلى بيت المال. فلم تكن هناك أموال تذهب إلى جيب الحاكم، ولم تكن هناك أموال تُهدر. أما إذا ذهبت الأموال إلى جيب الحاكم فهذا يخالف النظام الإسلامي. نحن نتحدث عن النظام الراشد الذي يطبق الإسلام. أما التجاوزات الفردية الشخصية وتغيرات العصور التي أدت إلى هذا، فهي قضية أخرى. فيجب أن نعلم أن هذه قضية بالغة الأهمية، وأن ذلك صحيح. أنا فقط أنبه هنا أننا نريد أن نخدم كلمة، لكنني شخصياً لا أستطيع فهم هذه النقطة. يعني أهل الذمة، لأنه بسبب ما يحدث في الواقع المتغير الآن، نعود إليها. ولكن "أهل الذمة" كلمة أراها جليلة، وإن كان بعض الناس لا يريد أن يكررها ويقول: "لا، خلاص". نحن أهل الذمة انتهوا، حسناً.
إذا كنت تعتقد في ذهنك أن أهل الذمة هم المواطنون من الدرجة الثانية، فنحن ليس لدينا أهل ذمة. إذا كنت تقصد، يعني هذا المصطلح في ذهنك يا أستاذي السائل، أنه يعني الأدنى، فنحن لدينا شأن آخر. لا، لا، بالطبع على الإطلاق، على الإطلاق. إنما أهل الذمة الذين كنا... نعرفهم، فمن أحببته أحميه وأدافع عنه وأنزله منزلة نفسي، له ما لنا وعليه ما علينا من الحقوق والواجبات. وجاءنا في سنة ألف وثمانمائة وأربعة وخمسين أو ستة وخمسين، وصدر الخط الهمايوني الذي ألغى فيه الجزية والتفرقة، وأنه لا يدخل الجيش إلا... إكراماً لهم يعني بإكرامه أنه لا يذهب ليتعثر في الجيش، يعني قالوا: "لا، خلاص،
ندخل الجيش، الكل يدخل الجيش". فأصبحنا والحمد لله انتهينا من هذه القصة، وأصبحنا على نظام حديث لا يخالف بالمناسبة النظام القديم. والقضية كلها هي قضية تنظيم حديث ارتضيناه ونجحنا فيه. نعود الآن إلى السؤال الذي تريدينه أنتِ. وكما تشاء يعني وقعت سيدنا عمر التي ذكرتها فضيلتك والواقع المتغير الآن في العصر الحديث، نعم، ما رأيك؟ سيدنا عمر يضع لنا المناهج، نعم، يضع لنا منهج الإنسان الذي يعرف حقائق الكون وأنه سوف يموت وأن الكفن ليس له جيوب وأن هناك حياة أخرى سنعود فيها إلى ربنا للحساب وللثواب. والعقاب وأن
تقوى الله سبحانه وتعالى ألا نحقر صغيرة، ويضع لنا منهجاً، هذا المنهج أرى أنه يجب أن يُطبَّق في كل عصر وفي كل مصر وكل بلد وفي كل زمان. لا بد أن يُطبَّق هذا المنهج، وأنه إذا طُبِّق حدثت العدالة وشاع السلام الاجتماعي وحدث نوع من أنواع الاعتزاز بين. الحاكم والمحكوم، والمحكوم يكون حساساً جداً تجاه الحاكم، ودائماً ما يُعظم قدره ويتواصل معه. حتى إذا مات، صلى عليه الناس جميعاً. بيننا وبينكم الجنائز، أي انظروا كم عدد المصلين عليه، كم يحبه الناس. شعروا أنه نزيه، وأنه
قدم شيئاً للبلاد، وأنه فعل ذلك لوجه الله دون مقابل، قياماً بالحق. هذا المنصب وهذه الحال، إنني أتعلم من عمر المنهج الذي يمكن أن نطبقه في عصرنا الحاضر. هناك مقتضيات للضيافة، أُعِدّ مقتضيات الضيافة. قال ربنا لي: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين" لكن لا تسرف. قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا خذوا زينتكم عند..." عند كل مسجد خذوا زينتكم وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه
لا يحب المسرفين وخذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين. هذا الكلام ينبغي أن يُطبق بصورة لشخص يخاف الله. فأنا لو تذكرت هذا الكلام آكل وأشرب وأتمتع بنعم الله علي، لكن مسألة الإسراف مرفوضة. اليوم نحن نرى وحضرتك تعلم... بالطبع أعني أعلم ما يحدث في بعض الأحيان، فالمسؤولون سواء كبار المسؤولين أو حتى صغار المسؤولين يسرفون إسرافاً كبيراً في المصالح الحكومية أو في أي مؤسسة. لن أذكر هذه الوزارة أو تلك، بل أتحدث بشكل عام عن الوزارات. وهذا الإسراف كبير جداً جداً جداً، وبالتأكيد هذا خطأ. إذا كان
هو مسرفاً فإن الله لا يحب المسرفين، إنه لا يحب المسرفين. خطأ أن يسرف أي شخص، يكون ذلك خطأً. يعني حضرتك تقدم مثال سيدنا عمر رضي الله عنه، نعم بالطبع، لكن ما هو الإسراف؟ متى نطلق على شيء أنه إسراف؟ المعيار هو العادة والعرف، فالعادة والعرف هما اللذان يحددان لي. ما المستوى الذي أعيش فيه وما هو الإسراف في ذلك؟ أهذا عدل؟ أنا لا أريد أن أطلق الأحكام لأن
الناس متنوعة بشكل غريب جداً. هؤلاء الناس كالغابة، تجد الإنسان نفسه في السنة الأولى من ولايته كان مسرفاً، وفي السنة الثانية معتدلاً، وفي السنة الثالثة شحيحاً. وشخص آخر هو نفسه... ليس شخص واحد بمعنى أنه نفس النموذج، فشخص آخر في السنة الأولى شحيح، وفي الثانية معتدل، وفي الثالثة مسرف. الله إذا لم تكن هناك حكمة عامة تجمع الناس، وترجع هذا إلى ماذا؟ يعني الإنسان المختلف له تربيته وله عقليته وله ثقافته السائدة المختلفة، فهناك شخص يقول لك هذا شبعان فيتصرف (بناءً على ذلك). تصرفات الشبع، وهناك شخص آخر لا تأخذني أي لا تؤاخذني في الكلام، جائع فنهم
جداً، أي متعلق بالدنيا وأتعبته الدنيا، فيتصرف تصرفات النهم. فالإنسان مختلف، بل مختلف في مراحل حياته طبعاً. وبعد ذلك انتبه أن الهداية بيد ربنا سبحانه وتعالى، فتجد المسرف الذي كان في البداية أصبح ماذا؟ أصبح معتدلاً، والشحيح الذي... ضابط كان في البداية مفتوناً فأصبح مسرفاً، ثم مرة ثانية تاب إلى نفسه فرجع، وهكذا. فأنا أتعامل مع الناس في الحقيقة ولا يوجد نموذج واحد. لا نستطيع أن نقول هكذا بتعميم أن كل المسؤولين مسرفون، وهذا عصر فيه إسراف كما أسمع بإذن من بعض الدعاة من أبنائنا. خطأ يا أبناء، أنت تعمم كنا. نتناول في المنطق في الأزهر أن من أخطاء الفكر التي يقع فيها الفكر البشري
التعميم، نعم بالطبع. نعم، من أخطاء الفكر عندما نقول هكذا: "كل الناس أخيار". نعم، على فكرة هذا خطأ. نعم، هناك في الناس الخير والأشرار. "كل الناس أشرار"، حسناً، هذا غير صحيح. فإذا كان "كل الناس أخيار" خطأ، فإن "كل الناس أشرار" خطأ أيضاً. كل الناس أشرار، إنما بعضهم وبعضهم. صحيح، إذاً هذا التعميم منطق، المنطق الذي كنا ندرسه في علم المنطق يقول لك هكذا: التعميم من أخطاء الفكر. نعم، احرص على ألا تعمم. يذهب أحدهم فيقول: "النساء أدخلننا النار، النساء مسرفات ثرثارات". من الذي قال لك هذا وأمامه نساء فاضلات ونساء من أهل العلم ونساء من أهل... تقوى في المسجد وجالس يشدد عليهم بقوة في السب واللعن والانتقاد
والانتقاص. ما هذا الخطأ الذي يقع فيه هذا الداعية؟ إنه التعميم. أقول هكذا: لقد رأيت نموذجاً واحداً فقط، امرأة سيئة وفيها الصفات الفلانية، ثم عممت. إذن أنا خرجت عن الصواب بأنني اتهمت كل النساء بهذه الصفة الناقصة، وبعد ذلك أقول... له يا الله يعني كن حذراً، واجعل كل واحدة فيها جزء من هذه الخصلة بعيدة عنها. فلو فعلنا هكذا سنخاطب الناس بعقل أكثر انفتاحاً وأكثر استقامة في التفكير. أنا شاكر جداً، شاكرون لفضيلتك وعلى وعد باللقاء غداً بإذن الله. شكراً لك. أعزائي المشاهدين، نتواصل ونلتقي مع فضيلة المفتي. غداً سنتحدث عن
اتفاقية الكويز، وهل هي مباحة في أصل الشرع، غداً بإذن الله. إلى اللقاء.