البارئ | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة

مع اسم من أسماء الله الحسنى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها مع اسمه سبحانه وتعالى البارئ والبارئ اسم من أسمائه الخاصة التي تثبت مزيد القدرة لله الخالق يعطي معنى الصناعة معنى أننا نأتي إلى المادة ونصورها ونشكلها ونحولها من حالتها الخام الأولى إلى شيء آخر له خصائصه وله وظائفه وينتفع به فالخلق قد يكون عن مادة ولذلك يمكن أن يسمى الصانع خالقا ويمكن أن يسمى النبي الذي أتى
بالمعجزة أنه قد خلق فنرى سيدنا عيسى يوصف بذلك وهو يقول عن نفسه إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله فسمى هذه العملية خلقا ونسب فعل الخلق لنفسه بإذن الله وذلك أنه أتى بالطين مادة لكن هذا العالم الذي شكله الله سبحانه وتعالى على هذا النحو البديع من السماوات والأرض ومن الجن والإنس والملائكة ومن الملأ الأعلى والملأ الأسفل فإن هذا الخلق كان عن مادة لكن من الذي أوجد هذه المادة هذا هو معنى البارئ فإن
الله سبحانه وتعالى قادر على أن يخرج الممكن من حد العدم إلى حد الوجود بكلمة كن، وإنما أمره كما يقولون بين الكاف والنون، الكاف والنون من لفظ كن، فهو إذا قال للشيء كن فيكون، ولا يستطيع أن يتأخر عن أمر الله سبحانه وتعالى، فهو يخلق من العدم، هذا معنى البارئ. فالبارئ ليس مجرد خالق قد يكون قد اعتمد على مادة أو أنه استعمل مادة أو أنه قد حول مادة من شيء إلى شيء، ومن هنا قال تعالى فتبارك الله أحسن الخالقين لأنه قد يصف أحدهم نفسه بالخالقية إذا كان
مبدعا لشيء أو إذا كان صانعا لشيء أو قد حول شيئا من صورة إلى صورة أخرى كالنجار الذي يحول الخشب إلى الأثاث أو كالحداد الذي يحول المعادن إلى المشغولات الحديدية فكل أولئك هم من الصانعين وقد يقول ألم تر كيف خلقت هذا الشيء لكن البارئ هو الذي يأتي بهذه المادة الأولى من العدم الخالق كذلك يمكن أن يطلق من باب أولى على من يأتي من العدم بشيء ولا يأتي من العدم بشيء إلا الله فالله هو الخالق على الحقيقة لأنه قادر أن يأتي بالشيء من العدم
وأن يحول الشيء من صورة إلى صورة أما كلمة البارئ فهي كلمة خاصة بذلك الإبداع بذلك الخلق المبتدأ بذلك الإخراج من العدم إلى الوجود الله سبحانه وتعالى وهو بارئ فينبغي علينا أن ندرك هذه النعمة وأن نعلم أنها من صفات الكمال والكمال يجمع بين الجمال وبين الجلال وإذا ما تأملنا هذه الصفة وجدنا فعلا إنها تجمع بين الجمال والجلال فانظر إلى ما حولك من عالم فإننا نرى فيه الجمال باديا انظر
إلى الشمس حين تشرب وحين تشرق وحين تغرب حين تشرق الشمس نراها في أبدع صورة لدرجة أنها قد أضلت كثيرا من الناس فعبدوها ظنوا أن هذا الكوكب بهذا الجمال أو أن هذا الجرم السماوي إن صح التعبير لأنه جسم مشتعل بهذه الطريقة التي يخرج بها والأشعة والفوائد التي نحصل عليها ظنوها أنها لا بد أن تكون لها قداسة ولها مكان في هذا الكون فعبدوها وهم مخطئون في ذلك لأنها جرم من ملايين الأجرام التي قد خلقها الله سبحانه وتعالى فهذا الخلق وهذا
الكون فيه جمال كذلك فيه الجلال والجلال يتمثل في هذه القدرة وفي هذا الإحكام غير المتناهي فإننا كلما بحثنا في هذا الكون وطالعنا على حقيقة تركيبه وجدناه حكيما ينبئ عن أن الذي صدر عنه إنما هو سبحانه وتعالى حكيم، ولذلك وصف بأنه هو العزيز الحكيم. البارئ اسم من أسماء الكمال التي جمعت بين الجلال والجمال، تخلق به وتعلق به فإنه اسم من أسماء ربك. إلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام. عليكم السلام ورحمة الله