الباعث | من أسماء الله تعالى الحسنى | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع اسم من أسماء الله الحسنى، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، نعيش هذه اللحظات مع اسمه سبحانه الباعث، وهو اسم مما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: إن لله تسعة وتسعين أسماء مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة وهو الحديث المشهور الذي أخرجه الترمذي والذي يحصي فيه أبو هريرة أو أنه قد يكون قد نقله عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأسماء التي يحفظها كثير منا ومنها
الباعث والباعث من البعث والبعث لا يكون إلا من إخراج الحي من الميت وهو سبحانه وتعالى قادر على أن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي فهو الذي بيده الإحياء والإماتة لكن كلمة الباعث تدل على كمال القدرة وتدل على كمال الإرادة وتدل على أن أول خلق إنما كان بيد الله سبحانه وتعالى فهو الذي أخرج هذا الكون من العدم وأخرج الحي من الميت وأخرج الميت من الحي قد نرى البذرة والبذرة ساكنة لو تركناها لا تنمو لكن إذا وضعناها في الأرض ورعيناها بشيء
من الماء والسقي وبشيء من العناية نجدها أنها تنمو وتربو ويخرج منها الحي الذي ينمو ويتحرك ويستجيب ولكنها هي نفسها ميتة فالله سبحانه وتعالى يبعث هذا من هذا الله سبحانه وتعالى يبعث من البويضة التي خلقها وجعل وكأن الحياة كامنة فيها يبعثها ويخرجها جنينا فطفلا إنسانا يسعى في الأرض أو حيوانا يسعى في الأرض أيضا بإرادته وبحركته وكذلك إذا مات الإنسان فإن الله يبعثه يوم القيامة
والله سبحانه وتعالى في كلمة الباعث يذكرنا بأنه هو الأول وهو الآخر وهو الظاهر وهو الباطن وهو بكل شيء عليم وهو بكل شيء محيط ويذكرنا بأنه هو القادر وهو المريد وهو العليم وهو الحكيم ويذكرنا بأنه هو المحيي وهو المميت وهو الحي وهو القيوم كل هذه المعاني موجودة في كلمة الباعث لأن الله لا يكون باعثا إلا إذا كان متصفا بمثل هذه الصفات كلها، فإن الذي يبعث هو الذي خلق أول مرة، وإن الذي يبعث هو الذي أمات أول مرة، وإن الذي يبعث هو القادر على ذلك، ولذلك فكلمة الباعث من الكلمات التي تدل على كمال الله سبحانه وتعالى، فهي من صفات الكمال وفيها
نوع من أنواع المقارنة. بين العدم والوجود وبين الحياة والموت، الحياة أفضل من الموت والوجود أفضل من العدم، وكلمة الباعث كأن فيها منة يمن الله بها علينا أنه هو الباعث الذي يحيي القلوب بعد موتها والذي يوجد التقوى فيها بعد أن لم تكن موجودة والذي يمن علينا بالإيمان بعد أن كنا تائهين وضالين. في متاهات الحيرة فهو الباعث أيضا لمثل هذه المعاني ولذلك فإذا ما ذكرنا الله سبحانه وتعالى بهذا الاسم الجليل الباعث نتذكر كل هذه المعاني أنه باعث في عالم
الحس من إخراج الوجود من العدم والحي من الميت وأنه باعث أيضا في جانب الروح فهو الذي يهدينا وهو الذي يملأ قلوبنا إيمانا وهو الذي يرشدنا إلى الصواب وهو الذي يرزقنا فهو الباعث لأنه قد بعث وأوجد وأحيا شيئا بعد أن لم يكن موجودا ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى إذا فهو قد يجد اليتيم فيؤويه إليه كما فعل مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لا حول له ولا قوة إلا بالله العلي العظيم يتيما وكان صلى الله عليه وسلم كسائر البشر لكن
الله سبحانه وتعالى هداه بالوحي إليه وجعله هو المصطفى الأعلى الباعث من أسماء الله الحسنى العظيمة التي تدل على كماله إلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته