التعسف في استعمال الحق | أ.د. علي جمعة

التعسف في استعمال الحق | أ.د. علي جمعة - فتاوي
توفي زوجي وترك شقة تمليك وسيارة في حياة أبيه وأمه، فكان نصيب الأم والأب السدس والسدس، فثلث هذه التركة كان من نصيب الأب والأم للمتوفى، ثم إنهما ماتا فحل محلهما الورثة من أبنائهم، يعني أعمام الأولاد الموجودين، ولهم الثلث. فعندما نتصل بهم حتى ننهي هذه الشراكة ويأخذ
كل واحد حقه. يرفضون الاستجابة ويرفضون حتى الحضور عند القاضي، يعني هذا يسمى بالمشاكس، الشريك المخالف أو الشريك المشاكس. فماذا نفعل؟ حيث ذهبنا إلى القاضي فقال: "وماذا أفعل؟"، يعني القاضي نفسه تحير في هذا الشأن. هذا معروف في الفقه والقانون تحت عنوان التعسف في استعمال الحق. حقك الثلث، حقك ولكن أنت تستعمله بطريقة... فيها تعسف وإيقاع الضرر بالغير، ولذلك فهذه
قضية مدنية وليست قضية لمحكمة الأسرة. ومن هنا احتار القاضي في الحكم عليها لأنه ماذا يفعل وهم يأبون الحضور ويرفضون التقسيم والفرز وكذا وكذا. نذهب إلى القاضي المختص نرفع دعوى اسمها التعسف في استعمال الحق. أنا أمتلك قطعة أرض وأنت جاري وأنا في ملكي أفعل ما أشاء، فبنيت حائطاً حتى يحجب الشمس عنك. في ملكي أنا لم
أعتدِ عليك في شيء، ولكن سأمنع عنك النور والهواء. لماذا هذا التعسف في استعمال الحق؟ فنذهب لنرفع عليه دعوى ونأمر القاضي أو نطلب منه: "يا حضرة القاضي، هذا الرجل يتعسف فيما قد أعطاه الله له". من حقٍ فيستعمله في الإضرار بالغير، واستعمال الحق في الإضرار بالغير ممنوع. ويحكم القاضي بهدم هذا الحائط المشؤوم الذي بُني من أجل منع النور والهواء عن الجار، لأن الجار قد تضرر. وهكذا هنا، وكذلك في كل شريك مشاكس، الشريك
المشاكس يُرفع أمره باعتبار أنه قد تعسف في استعمال حقه ولو. كان حقاً له لأن استعمال الحق مشروط بعدم الإضرار بالغير.