التواب | من أسماء الله تعالى الحسنى | أ.د علي جمعة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، فمع اسم من أسماء الله الحسنى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها نعيش هذه اللحظات مع اسمه سبحانه وتعالى التواب وهو صيغة مبالغة تدل على أن الله سبحانه وتعالى يقبل التوبة من عباده مرات ومرات وكثير من الناس شياطين الإنس والجن يعترضون على قبول التوبة وفتح باب ذلك من الله سبحانه وتعالى، ويتهمون الإسلام بأنه يدعو الناس إلى السوء لأنه دعاهم إلى كثرة
التوبة، وهو منطق مغلوط لأن الله سبحانه وتعالى من رحمته ومن حبه لابن آدم، لأن ابن آدم من صنعه سبحانه وتعالى، فتح له باب التوبة. وقال يا ابن آدم لو جئتني بقراب الأرض ذنوبا وفي رواية بقراب الأرض ذنوبا ثم جئتني تائبا لغفرت لك، ولذلك مهما صدر من الإنسان من معصية فإنه لا ييأس ولا يقنط من الله سبحانه وتعالى، بل إن عليه أن يتوب وأن يبادر بالتوبة مهما كان قد قدم من عمل فإن الله سبحانه وتعالى يغفر الذنوب جميعا، وجاء فيما
قصه علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا ممن كان قبلنا قبل الإسلام قد قتل تسعة وتسعين نفسا، والقتل كبيرة من كبائر الذنوب في كل دين أنزله الله سبحانه وتعالى لدرجة أن الله يضع إثم كل قتيل وكل قتل على واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا، هذه القصة قصة قتل قابيل لهابيل، قصة موجودة في القرآن وموجودة أيضا في الكتب السابقة وهي قصة تدل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من قاتل يقتل إلا وجعل الله عليه كفلا
أي نصيبا أي جزءا من إثمه على ابن آدم الأول الذي قتل فمن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من اتبعها إلى يوم الدين فقتل الرجل تسعة وتسعين نفسا ثم ذهب إلى عابد، كلمة عابد معناها أنه لا علم عنده لكنه كثير العبادة كثير الصلاة والصيام وكذلك والتبتل والتنسك والأذكار لكن لا علم عنده والنبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من هذا النوع، بل جعله صفة من صفات الخوارج فقال: تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلى صيامهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية. تبقى المسألة ليست مسألة تنسك وتعبد، لكنها مسألة علم،
فهذا الدين مبني على العلم. فذهب إلى العابد وقال له: فعلت كذا وكذا. هل لي توبة قال له أبدا كيف يتوب الله عليك وقد قتلت تسعة وتسعين نفسا فقتله فأكمل به المائة قال ما دام الأمر كذلك فإن الله سيدخلني جهنم سيدخلني جهنم فلأقتله إذن لأنني غاضب فهذه الأبواب كلها تغلق انظر ماذا نفعل بالناس لو أغلقنا رحمة الله عليهم نجعلهم في ضلال فقتله فأكمل به المائة، ولكن قلبه هكذا وفطرته ما زالت ترجو الرحمة من الله، فذهب إلى عالم وقال له قتلت مائة نفس فهل لي من توبة؟
قال ومن الذي يمنعك من التوبة؟ من هذا الذي في الأرض الذي يمنعك من التوبة والدخول على الله لأنك صنعته، صنعة ربنا، فربنا يحب صنعته فالله تواب فتاب إلى الله قال له لكن تعالى الذي لم يعرف العابد كيف يعبر عنه قال له تعالى تسعة وتسعون نفسا كيف قتلت واحدا اثنين ثلاثة تصبح مجرما كبيرا وسفاحا ولا بد أنهم كانوا سيقبضون عليك الله لم يقبض عليك لماذا أليس من الواجب أن يخافوا منه لا، هؤلاء الناس سيئون لأننا عندما نكون في سفينة واحدة يجب علينا جميعا أن نضرب على يد من يريد أن يخرقها حتى لو كان في
مكانه، لأنه إذا ضربنا عليه كما ورد في الحديث نجا ونجونا، وإذا تركناه هلك وهلكنا، فالقضية أننا نسير في مجتمع واحد عندما يكون موجودا فيها هذا الصنف ونتركه فليس من المناسب أن أراك في أرض قوم سوء فارحل عنها واذهب إلى أرض كذا فإن فيها أقواما يعبدون الله أي مراعين كلمة الله في الواقع وليسوا تاركين المفسدين يعيثون في الأرض يعيثون في الأرض فسادا لا فذهب الرجل مهاجرا إلى هذه البلد التي سوف يعبد فيها ربه فقضى في الطريق يعني مات في الطريق فاختلفت فيه ملائكة العذاب وملائكة الرحمة، ملائكة العذاب يقولون
لم يفعل شيئا من الصالحات وقتل مائة نفس، وملائكة الرحمة يقولون تاب ومن تاب الله عليه فإن الله هو التواب الرحيم، فأرشدهم الله إلى أن يقيسوا بين جثمانه وبين كل من المدينتين فظهر أنه أقرب إلى مدينة الصلاح منها إلى مدينة الفساد وأدخله الله الجنة، الله تواب الرحيم. إلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.