التوكل على الله | المبشرات | حـ 17 | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. حلقة جديدة من حلقات برنامج المبشرات مع فضيلة الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. أهلاً ومرحباً بك، أهلاً وسهلاً بكم. نحن فضيلتكم، نستمتع بعلمكم، زادكم الله علماً يا مولانا. نتحدث عن صفات جيل النصر، وقد وصلنا إلى الصبر والشكر في الحلقة الماضية. نريد أن نتحدث عن صفة من صفاتهم وهي التوكل على الله. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. التوكل على وتعالى هو أساس مفهوم لا حول ولا قوة إلا بالله. لا حول ولا قوة إلا بالله. ولا حول ولا قوة إلا بالله. هذه كنز من كنوز العرش وهي واحدة
من الجمل التي سماها أهل الله بالباقيات الصالحات كما يقولون. يعني علَّم الإسلام والمسلمين ذكر الله، فعلمهم الباقيات الصالحات وعلمهم الكلمات. الطيبات كلمات الباقيات الصالحات خمسة. بقيت الخمسة من العشرة يسمونها كلمات الطيبات، يعني العشرة كلمات الطيبات: سبحان الله، الحمد لله. كلنا نحفظها لكن نقولها لكي نركز فيها: سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله. وهؤلاء يسمونهم، هؤلاء الخمسة، الباقيات الصالحات يعني. ما هي الباقيات الصالحات؟ يعني هي تلك الأعمال التي تبقى بعد انتقال الإنسان إلى الرفيق
الأعلى وإلى ربه بجوار ربه. ما شاء الله، طاشت العبارات وذهبت الإشارات ولم يبق إلا ركعات كنا نؤديها بالليل نسبح. ما هي الصلاة وماذا فيها؟ إن صلاتكم هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، تهليل وتكبير وتسبيح وحمد ولا يصلح فيها من كلام، وقوموا لله قانتين. الحديث هكذا، فإذاً الصلاة التي فيها الباقيات الصالحات هذه التي نذكر فيها ربنا سبحانه وتعالى دون أن نتكلم فيها كلام الناس: أريد أن آكل، وأريد أن أشرب، وأريد أن أنام، أريد أن أقرأ، أريد أن أذهب، أريد أن ذلك وقوموا لله قانتين عابدين ذاكرين في الصلاة لا يوجد كلام. الناس فيه تسبيح وتهليل. لا حول ولا قوة إلا بالله. بقية العشرة حتى تكون الفائدة كاملة:
إنا لله وإنا إليه راجعون، أستغفر الله، حسبنا الله ونعم الوكيل، توكلت على الله، والصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. لأنها من الذكر لأنها اشتملت أيضاً على اسم الله "اللهم صلّ على سيدنا محمد"، فكان ذكراً لله. علّمنا الإسلام الذكر عن طريق أسماء الله الحسنى، "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها". علّمنا الإسلام الذكر، وهذا الذكر له معانيه، ومن معانيه: معنى "لا حول ولا قوة إلا بالله" أنه لا يكون في كونه إلا ما أراد وأنه لا يكون في كون إلا ما أراد يعني أن الله خلقكم وما تعملون فنحن وأعمالنا مخلوقة لله، وخلق فسوى وقدر
فهدى، كل هذا يعني أنه لا حول لأحد من المخلوقات ولا قوة لأحد من المخلوقات من الملائكة من الإنس من الجن من الأنبياء من الأولياء. من الصديقين من الشهداء من القادة من الكفار من المسلمين، من لا حول لأحد في خلقه ولا قوة لأحد في خلقه إلا ما أراده الله سبحانه وتعالى أن يستعمله، أو أن يكون هذا التبري من الحول والقوة تبرؤاً تُرى به الحقيقة، لا أنت الذي خلقت أفعالك ولا أنت الذي أثرت الكون ولا أنت شيء في هذا الكون سوى أنك من عبيد الله سبحانه وتعالى، فإذا أراد لك شيئًا فلا رد لقضائه،
ولو اجتمع أهل الأرض جميعًا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإذا اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك بشيء إلا ما كتبه. الله عليك! رُفِعَت الأقلام وجفّت الصحف وانتهى الأمر. طيب، إذا كان الأمر كذلك، فتسأل مَن؟ قال: "إذا سألت فاسأل الله". طيب، تستعين بمن؟ قال: "وإذا استعنت فاستعن بالله". طيب، تتوكل على من؟ قال: "توكلت على الله"، "وما توفيقي إلا بالله"، "إن الله يحب المتوكلين"، "وإذا عزمت فتوكل على الله". إن الله يحب المتوكلين، ما شاء الله، أي أنك في التوكل تحقق عملياً مفهوماً عقائدياً
مستقراً في الذهن، موجوداً في الكلمات الطيبات، موجوداً في الباقيات الصالحات، عنوانه "لا حول ولا قوة إلا بالله". أنت تحققها وتحولها إلى عمل، أي تحولها إلى عمل صالح تتبرأ فيه من حولك ومن قوتك. وفي هذا التوكل تعتمد اعتماداً حقيقياً وأساسياً ابتدائياً وانتهائياً على الله سبحانه وتعالى، وفيه لا تسأل إلا الله، وفيه أنك لا تستعين إلا بالله، وفيه أنك قد تصرفت وقمت بأفعال، أي فعلت واختلطت بالأسباب
دون أن تعتمد عليه، دون أن تعتمد على الأسباب، ولا بد أن تفعلها، وهذا هو الفرق تحدث العلماء عن الفرق بين التوكل والتواكل؛ فالتوكل هو أن تفعل السبب ثم تقول يا رب وقلبك معلق به، وإيمانك يعلم أنه لا يكون في كونه إلا ما أراد، وأن كل شيء عنده بمقدار، وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله. أما التواكل فهو أن تترك السبب. فالفرق بين التوكل يفعل المتوكل على الله السبب، وفي التواكل يترك هذا السبب. سنة الأنبياء ماذا إذاً؟ دعنا نرى أقوالهم
ونرى أعمالهم. سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم أحد، والله تعالى يقول: ﴿والله يعصمك من الناس﴾ يعني لا أحد سيناله، نعم، لكنه يجمع بين درعين. والدرع هذا قميص من درعًا ويلبس درعًا مقلوبًا لكي يحمي ظهره ويحمي صدره الشريف. ممّا يحمي ماذا من هذا؟ لن يعرف أحد أن يضربه. صحيح، والله يعصمكم من الناس، والله يعصمكم من الناس. يمكن أن يُجرح، نعم صحيح، الناس لم تقدر عليه أن تميته، لكن يجرحونه، وقد كان، فشجّوا رأسه وكسروا رباعيته وسنّه وغير آخره وكتمت
فاطمة الدم النازف بالحصير المحروق، وهذا موجود في السيرة. كل هذا جميل عن سيدنا النبي لأنه كان يأخذ بالأسباب، يأخذ بالأسباب على أبدع ما يكون. فيلبس المغفر الطائي، وهو من الحديد على الرأس، ويخالف بين درعين. هذا يدل على أمور منها الأخذ بالأسباب، ومنها قوة جسده الشريف. كنا اشتدَّ الوطيسُ فاحتمينا برسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، فكان هو أقربنا إلى العدو، فكان أقربنا إلى العدو عليه الصلاة والسلام. يعني عليه الصلاة والسلام كان مثالاً، ولا أعرف أن هذا توفيقٌ من عند الله، فلا يوجد بشرٌ يتحمل كل هذا؛ صائمٌ بالنهار وقائمٌ بالليل. "أبيتُ عند ربي يُطعمني ويسقيني". لست كهيئتكم وبعد ذلك فليتحدث من يتحدث وليفعلوا ما يفعلونه.
سيدنا رسول الله هو بابنا إلى الله صلى الله عليه وسلم، شيء بديع، شيء لا يكون إلا أنه رسول وأنه سيد الخلق وأنه خاتم المرسلين وأنه حبيب رب العالمين صلى الله عليه وسلم. نعم، فليقل القول ولو. توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يُرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً. ما شاء الله، انظر كيف يقول العلماء: لو توكلتم على الله حق التوكل، حق توكله، سيرزقكم. لا تخف إذن، فليكن قلبك متعلقاً بالله، نعم بالله. حسناً، اجلس إذن في بيتك، وما دام لا يكون في الكون إلا... ما أراد ودام، لا حول ولا قوة إلا بالله. فلتبقوا في بيتكم وأن
الرزق سيطرق الباب أو تجدوا سر الذهب ملقى على السطح أو شيء من هذا القبيل. إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة. يقول ماذا؟ "كما ترزق الطير". حسناً، والطير ماذا تفعل؟ تغدو وتعود وتذهب. طيب، سنعرف ماذا يا مولانا بعد الفاصل إن شاء الله فاصل نعود إليكم فابقوا معنا فاصل ثم نواصل. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عدنا إليكم من الفاصل الجزء الثاني من حلقة اليوم من المبشرات برنامج مع فضيلة الإمام الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. مولانا كان يتحدث لنا عن حديث شريف لسيدنا رسول عليه وسلم قال: "لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا". فضيلة مولانا، فقد استنبط العلماء من هذا الحديث أن الطيور تغدو وتروح، نعم، ليست قاعدة في العش منتظرة الطعام يأتيها. "تغدو" أي من الغدو،
والغدو يعني الصباح، أي تخرج في الصباح. هكذا خرجت من أوكارها وأخذت تجري طلباً لرزقها ثم تعود أي من الرجوع كما نعود ونحن في المدرسة حيث يقال لنا ستعودون تعودون هي تعود أي ترجع، فتأخذه وهي جائعة أي في مخمصة، والمخمصة تعني أنها جائعة بطنها فارغة، بطنها فارغة، وتعود وهي شبعى قد شبعت وسرت شاء الله وتكون أعشاشها وغيرها من الأشياء التي جلبتها معها في فمها أو في منقارها أو نحو ذلك، فتأخذها وتطير بها. إنها لم تمكث في البيت وفي العش وتقول: ليرزقني ربي، نعم وفي الوقت نفسه هي مع الله، وإن الله سبحانه وتعالى لم يخلق أحداً وينساه، وما كان ربك.
نسياً فسيرزقك، سيرزقك، فأجمل في الطلب، يعني لا تذل نفسك لأجل أن تطلب ما ليس لك، لا تتشوف وتتحارب هكذا وتجري جري الوحوش، قال لك غير رزقك لا تحوش. الناس المجربة الحكيمة رأت هذا في "فأجملوا في الطلب"، أجملوا في الطلب، يعني اجعل طلبك مجملاً أو اجعل طلبك جميلاً، هي الاثنين تمشي فأجملوا في الطلب يعني لا تدققوا هكذا أو اجعلوها جميلة هكذا واجعلوها لله، ولذلك يقول لك: لا، إن الله يرزقك أكثر مما لو أذللت نفسك أو أذللت نفسك لغيرك وطلبت من غيرك. نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسأل الناس، وجعل السؤال من غير.
وجه حق نكتة سوداء في وجه الإنسان يوم القيامة لدرجة أنه نهاهم حتى أن يسأل الناس شيئاً. نعم، وهذا يعني دليل رقي كبير جداً، فكان أحدهم إذا سقط سوطه من يده وهو على فرسه لا يسأل أحداً أن يناوله، بل ينزل ليأخذه بنفسه. نعم، لا يقول: لو سمحت ناولني هذا. ناولني هذه، إنها شيء بسيط يعني. واسأل ماذا؟ لكن ينزل ويحضر حتى لا يسأل الناس شيئاً. ما هذه العزة! ما شاء الله، هذه عزة كبيرة وتصنع في النفس شيئاً كبيراً جداً. إذن التوكل على الله ينشئ العزة في النفس، ينشئ الجمال والإجمال في الطلب، ينشئ في نفس الإنسان مجاهدة الأسباب، مع عدم الاعتماد عليها ولذلك قالوا عبارة
جميلة جداً في هذا العلماء: نعم، الاعتماد على الأسباب شرك، والاعتماد على الأسباب شرك، وترك الأسباب جهل. جميل، وترك الأسباب جهل، جميل. الاعتماد على الأسباب شرك. لماذا؟ يعني هل يوجد أحد يفعل شيئاً مع الله؟ لا أحد يفعل شيئاً مع الله، صحيح، حسناً. قدّام هكذا، نتركها تكون جاهل البعيد؟ نعم، الأبعد يكون جاهلاً لأنه خرج عن سنن الأنبياء صحيح، وفعل فعلاً لم يفعلوه وادّعى أن هذا من الدين. نعم، الإمام الغزالي حجة الإسلام أبي حامد الغزالي حذّر جداً من هذه النقطة، أن بعض الناس من جهلهم الشديد يدّعون أشياء لم تفعلها. الأنبياء، نعم، فيقول: إن من أراد
ألا يستعمل النقد المتداول بين الناس، نعم، أو النقود التي لدينا هذه، نعم، نقول له: لماذا لا ترضى أن تأخذ أجرك؟ قال: والله أنا متورع، ما هو ورع، يعني ورع، كيف يكون ورعاً؟ لا نفهم هذا. أنت عملت فيجب أن تأخذ أجرك، وهذا خاصتك... قال: لا، ولكن السبب أنك لم تنتبه أن المائة جنيه التي أعطيتني إياها كانت في يد شارب خمر، أو كانت في يد امرأة لعوب، أو كانت في يد زانٍ أو زانية، أو غير ذلك إلى آخره، أو أن الله... ما علاقة هذا بي؟ حسناً، افترض أن المائة جنيه... تورع في غير موضعه يعني أنها صدرت مني إليك لأجل مقابل عملك، نعم. قال: لا، أيضاً المرء يتورع عن أن يلمس شيئاً لمسه العصاة.
لا حول ولا قوة إلا بالله. فالإمام الغزالي قال: والله هذا ليس ورعاً، هذا قليل الأدب. نعم، هذا رجل قليل الأدب، هذا الرجل. نعم، ماذا؟ الذي جعل الإمام الغزالي يعنف عليه هكذا قال: لأنه تورع ورعاً لم يتورعه الأنبياء. صحيح! من أنت؟ كانت تأتي الدراهم والدنانير وما كانوا يأخذونها. ما هذا التشدد؟ هذا التشدد كلمة عامية خالصة في مصر، تعني التنطع والتكلف. ما هذا التنطع السخيف؟ نعم، كيف أنك أنت... تدّعي أنك قد تورعت ورعاً لم يتورعه الأنبياء؟ لا، صحيح هذا يُعَدُّ قلة أدب وحياء مع الأنبياء الذين هم أمثلة وأسوة حسنة. إذاً، التوكل له أثر وهو صفة مرتبطة
ارتباطاً عضوياً تاماً بقضية مفهوم لا حول ولا قوة إلا بالله، مفهوم التبري، مفهوم مخالطة الأسباب على وجهها باعتبارها. إنها من سنن الأنبياء، وعدم الاعتماد عليها قلباً باعتبار أنه لا يكون في كونه سبحانه إلا ما أراد. التوكل صفة من صفات المؤمنين تدخلهم في البشرى، تدخلهم في حب الله، لأن الله سبحانه وتعالى أحب أشياء وكره أشياء، فمما أحب التوكل عليه. التوكل يرقى حال الإنسان مع ربه. التوكل في... النهاية هي صفة من صفات ذلك الجيل الموعود بتأييد الله ونصر
الله والتوكل. الفرق بينه وبين التوكل فعل السبب. فمن يفعل السبب فهو متوكل، ومن ترك السبب فهو متواكل. جميلٌ ما شاء الله. وكان فضيلتكم سيدنا الإمام أبو حامد الغزالي في إحياء علوم الدين قد ضرب مثالاً. لعابدٍ أو أحدٍ من المدّعين الذي يدّعي التوكل، وكان جالساً لا يعمل في كهفٍ يتعبد، فجاءه شخصٌ وقال له: "من أين تأكل؟" فقال: "رزقي، وفي السماء رزقكم وما توعدون". فقال له: "ألا تعمل حتى يأتيك الرزق؟" فوضع له طعاماً وقال له: "كُلْ". فمدّ يده، فقال له: "لماذا تمد يدك؟ انتظر وتدخل في فمك ما أعطيه بيدي، آخذ هذا، آخذ بأسبابه. فلماذا آخذ بالأسباب في الأكل ولا آخذ بها في عملي هنا؟ يا مولانا، دعنا نتذكر قول الحق تبارك وتعالى: "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله". وفضلاً لم يمسوا سوءاً. هل التوكل يا مولانا مرتبط بالانتصار؟
يعني ليس فقط التوكل أن الله يرضى عنا، بل ننتصر بأن نتوكل على الله سبحانه وتعالى. التوكل حقيقة الإيمان لأنه حقيقة "لا حول ولا قوة إلا بالله". أي فعندما يأتي شخص ويخوفني بغير الله سبحانه وتعالى، فهذا لم يعرف الحقيقة ولم يعرف أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، ولم يعلم أن الله سبحانه وتعالى ينصر من ينصره، ولم يعلم أن الله يدافع عن الذين آمنوا، ولم يعلم هذا الجاهل أن الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، لأنه هذا جهل، نعم، لم يلتفتوا يأخذونه مأخذ الجد أن هو اخشوهم لماذا اخشوهم هذا فعل أمر نعم يقول لي اخش هؤلاء الناس
فزادهم إيمانا هذه هي النقطة الأولى أول شيء أنهم التفتوا إلى إيمانهم وهم متوكلون على الله فوجدوا أن إيمانهم قد استحضر ونحن مرة قبل ذلك قلنا أن زيادة الإيمان هي عبارة عن استحضار الإيمان في تركيز وتأمل العقل والمعيشة فيه ليس أن يكون في الهامش، هامش الذهن. فعندما استحضروا الإيمان زاد إيمانهم، قائلين: "نحن مؤمنون، من هذا الذي سيُخيفنا؟ من هذا الذي سيحارب الله؟ من هذا؟ نحن وما علينا إلا أن ننفذ أوامر الله سبحانه وتعالى". وقالوا: "حسبنا الله" أي كافينا الله. ونِعْمَ الوكيلُ، ما شاء الله. وكيلٌ على وزن فعيل، وفعيلٌ تأتي بمعنى الفاعل وبمعنى
المفعول في لغة العرب. ومعنى هذا أن الله سبحانه وتعالى هو الذي نتوكل عليه والذي يوكلنا، فهو اسم فاعل واسم مفعول. فالمتوكَّل عليه فهو وكيل. وكيلُك ربنا يعني توكل على الله واستند إليه وارمِ حِمْلَك على سبحانه وتعالى كما يقول العوام أو أنه هو الذي أوكلنا هذا، يعني نحن ماذا نفعل؟ نحن نقوم بما أمرنا الله به. فالوكيل بمعنى اسم فاعل ووكيل بمعنى اسم مفعول لأنها على وزن يصلح للدلالة على الاثنين. حبيب يعني محب أو محبوب وهكذا. ربنا يجعلنا من المتكئين يا مولانا. نستكمل الحوار عن التوكل ونربط بينه وبين إعداد القوة "وأعدوا لهم ما استطعتم من
قوة" في الخلق في الحلقة القادمة إن شاء الله يا مولانا. إلى ذلك الحين، نستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حفظكم الله ورحمكم.