الجميل جـ 1 | من أسماء الله تعالى الحسنى | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع اسم من أسماء الله الحسنى التي وردت في الكتاب أو في السنة، زيادة على ما ورد في رواية أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه في حديثه المشهور الذي أخرجه الإمام الترمذي عن سيدنا أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة ثم أخذ أبو هريرة رضي الله تعالى عنه في عدها ورويت بروايات
مختلفة كل منها يختلف عن الأخرى فيما يزيد عن ثلاثين اسما في كل رواية بحيث إننا لو جمعنا كل هذا لكانت أسماء الله الحسنى تربو على مائة وستين اسما في السنة، وإذا تتبعنا أسماء الله في القرآن لوجدناها تزيد على مائة وخمسين اسما في القرآن، ولو جمعنا بين الأمرين لوجدناها تزيد على مائتين وعشرين اسما في الكتاب والسنة معا مع حذف المكرر، فهناك أسماء جاءت في السنة خارج حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه منها أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينهى الأمة وصحابته الكرام عن
الكبر قال أحدهم يا رسول الله إن أحدنا يحب أن يكون ثوبه جميلا وأن يكون نعله جميلا قال إن الله جميل يحب الجمال إنما الكبر بطر الحق عدم العدل لأنك وأنت تظلم فكأنك تتكبر على مراد الله وأمره في كونه، ومن هنا أتت هذه العبارة التي صارت كالمثل بين المسلمين: إن الله جميل يحب الجمال. إن الله جميل وصف لربنا سبحانه وتعالى باسم من أسمائه التي
ما دامت قد وردت في الكتاب أو السنة فهي من الأسماء الحسنى والتي قال الله لنا فيها ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، فالله جميل. كلام مهم في غاية الأهمية لأن الله بذلك يعلي من قيمة الجمال أو يجعل الجمال قيمة، وإذا كان الله يحب شيئا فهو يكره ضده، فإذا كان الله يحب الصلاح فهو يكره الفساد، وإذا كان الله يحب الإيمان فهو يكره الكفر، وإذا كان الله يحب الكرم فهو
يكره البخل، وهذا واضح في دين الله أن الله سبحانه وتعالى إذا أحب شيئا فإنه يكره ما كان ضده، وعلى ذلك فإن الله جميل يحب الجمال فهو يكره القبح، والجمال عند الفلاسفة يتعلق بالنظر فليس هناك جمال إلا ما كان منظورا. فلا يسمى عندهم المشموم من طيب الورود والأزهار جميلا، وإنما الجمال هو شكل الوردة والأزهار لأنها متعلقة بالنظر، ولكن الجمال في شريعة الإسلام يتعدى هذا، فهناك من الصوت ما
هو صوت جميل وهناك من النظر ما هو منظر جميل وهناك من الأفعال ما هو فعل جميل وهناك من المعاني ما هي معان جميلة يقول ربنا سبحانه وتعالى فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون فوصف الصبر بالجمال والصبر معنى وحال يحبس فيها المؤمن نفسه من أن تنحرف إلى التطرف أو الطغيان أو العدوان أو التصرف غير السليم في الوقت غير المناسب هذا
المعنى وهذه الحالة موصوفان بالجمال في كتاب الله فالجمال إذن لا يقتصر على المنظور كما هو عند الفلاسفة، بل إنه أيضا يذهب إلى الثوب الجميل وإلى النعل الجميل وهو من المنظور، ويذهب أيضا إلى السراح الجميل فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا، فوصف الفعل بالجمال وهكذا لو عشنا مع هذا الاسم لوجدناه أنه يتخلل في حياتنا كلها فينشئ إنسانا. الحضارة وينشئ إنسان العمران وينشئ عابدا لله
فاعلا ما يرضيه جميلا في ظاهره وباطنه وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته