الحكم العطائية | من 16 - 20 | أ.د علي جمعة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، قال سيدي ابن عطاء الله السكندري رضي الله تعالى عنه ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين: كيف يتصور أن يحجبه شيء سبحانه وتعالى؟ بل المحجوب أنت، لا يحجبه شيء لأنه عظيم وليس هناك من الأكوان ما يقدر على أن يحجب ربه فإن الله سبحانه وتعالى هو الأول والآخر وهو الظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير جل جلاله فلا يمكن أن يحجب
الله سبحانه وتعالى شيء، إنما المحجوب هو أنت، هذا الحجاب حجبك أنت عن تنزل الأنوار أو عن كشف الأسرار، كيف يتصور أن يحجبه شيء؟ وهو الذي أظهر كل شيء فقد كان قبل الحجاب هذا المدعى وهو الآن على ما عليه كان إذا فلا يمكن لشيء أن يحجبه إنما هذه الأشياء تحجب من تحجب العبد عن ربه كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر بكل شيء سبحانه وتعالى بقدرته وحكمته وبديع صنعه ظهر بالعالم
العلوي وبالعالم السفلي وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد، كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر في كل شيء؟ كل شيء يشعر بافتقاره إلى الله وبحاجته إلى الله، كل شيء يوقن في نفسه الباطنة أنه لله ومن الله وبالله، لكن معاكسات النفس الأمارة بالسوء هي التي تعكر على الإنسان صفو فطرته، الإنسان إذا ترك نفسه لنفسه أيقن بوجود الله وبقوة الله وبرحمة الله، كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر لكل شيء؟ فالله
سبحانه وتعالى ظهر للكائنات فسبحته، وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم، وهذا التسبيح المستور عن الخلق تسبيح حال حتى إن جسد الكافر يسبح لربه قهرا عنه، لكن وإن أبى عقله الإيمان وإن أبت نفسه الذكر وإن أبى لسانه أن يتحرك لذكر الله وأبى قلبه أن يرق لذكر الله، فإنه من ناحية الكون يسبح لله لأنه داخل في مفهوم الشيء، فالشيء يطلق ويراد منه كل الممكن وكل الموجود. وعلى ذلك فهو
يسبح لله قهرا، كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الظاهر قبل وجود كل شيء، وهو الآن على ما عليه كان، كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو أظهر من كل شيء. سألوا العارف: ما الدليل على وجود ربك؟ قال: ربنا سبحانه وتعالى هو اعظم من الدليل وهو لا يحتاج في ظهوره إلى دليل لأنه سبحانه وتعالى كان قبل الدليل وكان مع الدليل ويكون بعد الدليل فإن أقمت عليه الدليل فقد انتقصت قدره دليل، حسنا وما الدليل على أنه غير موجود؟ لو
أقمت ألف شبهة لا تطمئن لها النفس لأن النفس في النهاية تسأل نفسها من أين أنا فلا تجد جوابا شافيا وافيا كافيا إلا أنني مخلوق لله، كل ما بعد ذلك أصبح ترهات وخرافات وكلام ما أنزل الله به من سلطان ولا يقبله العقل ولا يقبله النقل، كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الواحد الذي ليس معه شيء لأن نحن جميعا فناء وجميعا محتاجون إلى الله في وجودنا وكلنا إنما نحن من الله خلقا فيبقى هو معه أحد، من؟ أحد من واثنان من؟ ما يوجد لا أحد ولا
اثنان ولا معه أحد إطلاقا لأنه يقول للشيء كن فيكون عدما وإيجادا، يبقى هو الحقيقة المطلقة هو الخالق الوحيد هو الفاعل الحقيقي أما وجودنا فمنه. وليس منا كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو أقرب إليك من كل شيء، كيف يتصور أن يحجبه شيء ولولاه ما كان وجود أي شيء، يا عجبا كيف يظهر الوجود في العدم أم كيف يثبت الحادث مع من له وصف القدم، أنت موصوف بالعدم إما مآلا فبالموت والانتهاء في عالم ، وإما ابتداء
فقبل خلقك لأنك كنت عدما، حالا فإن وجودك إنما هو من وجود الله وأمره، فأنت في مقابل الحقيقة عدم أي لا وجود لك قائما بذاتك، إنما القائم بذاته هو الله، فمن عرف ربه بالبقاء والقدم عرف نفسه بالفناء والحدوث، يا للعجب كيف يظهر الوجود في العدم أم كيف يثبت الحادث مع من له وصف القدم، يعني لو كنت تستحي وعندك حياء لا تقول عن نفسك موجود، استح واخجل أن تقول عن نفسك موجود والله موجود، يعني هكذا هو إما هو موجود فأكون أنا يعني ما
هو في أنا هذا الذي هو لا حول ولا قوة بالله التبرؤ من الحول والقوة من كل جهة والخضوع لله والاستكانة له والتوكل عليه والرضا به والتسليم بأمره هذا حال المؤمن فالله سبحانه وتعالى أقرب إلينا من حبل الوريد قال رضي الله تعالى عنه ونفعنا الله بعلومه في الدارين ما ترك من الجهل شيئا يعني جاهل جدا ما ترك من الجهل شيء يعني شرب الجهل كله أبو جهل ما ترك من الجهل شيئا من أراد أن يحدث في الوقت غير ما أظهره الله فيه يعني
يظن أن له حولا وقوة يظن أنه يقدر أن يفعل شيئا يظن أنه يستطيع أن يعاند ربه ويصارعه والعياذ بالله فيغلب مثل الوثنيات اليونانية يقول الإنسان يتصارع مع الآلهة ثم يغلبها، العقلية التي هناك في الغرب مبناها هكذا أننا نصارع الكون ونغلبه ونصارع الإله أيضا ونغلبه، أما المسلمون فلا، المسلمون أصحاب حقيقة وهذا الكلام ترهات وخرافات ما ترك من الجهل شيئا بل شرب الجهل كله، هذا الصنف من الناس ، من أراد أن يحدث في الوقت غير ما أظهره
الله فيه، الله أظهر أننا نجتمع الآن، لو اجتمع من في الأرض جميعا ليمنعونا الآن ويجعلونا نجتمع غدا ما استطاعوا، أو أمس لا يقدرون، لا هم ولا نحن، هذا التسليم المطلق، هذه الحقيقة هكذا، عندما تعرف هذه الحقيقة ماذا تفعل؟ أتترك الأسباب؟ قال امش في الأسباب وارض. بها لأن ترك الأسباب جهل والاعتماد عليها شرك لكن تركها جهل لأن الأنبياء لم تترك الأسباب قال رضي الله تعالى عنه إحالتك الأعمال على وجود الفراغ من رعونات النفس ما هو خائف أن يأتي واحد قاصر
يفهم من الأولى أنه تترك نفسك تتسيب وكل ما نقول لك ألن تصلي تقول فقط عندما أتفرغ قليلا، ألن تذكر عندما أتفرغ، ألن تفعل الخير عندما أتفرغ، ألن تذهب لتعمر الأرض عندما أتفرغ، أن أستريح قليلا هكذا، وأنت لن تستريح ولن ترى راحة حتى تموت، فمن رعونات النفس تأجيل الأعمال، تأجيل عمل اليوم إلى الغد. والآن إلى ما بعده أبدا بادروا بالأعمال الصالحة وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ، دائما ربنا هكذا يقول ففروا إلى الله هكذا يعني انظر كيف يطلب منا الفرار والمسارعة والمبادرة وهكذا يكون العصيان هنا من رعونات النفس إحالتك الأعمال على وجود الفراغ
انتظر لما أفضى من رعونات النفس فإياك وإياك يكون إذا لا بد أن يكون المسلم المؤمن صاحب همة يفعل مباشرة ولا يؤجل عملا في الآن لما بعده قال رضي الله تعالى عنه لا تطلب منه أن يخرجك من حالة ليستعملك فيما سواها فلو أرادك لاستعملك من غير إخراج يرقى بك إلى نوع آخر من التوكل وهو عدم الطلب أنت أيها الطبيب ابق طبيبا كما أنت ولا تأت تشكو وتقول
لا هذا أنا أريد أن أتفرغ للذكر وحفظ القرآن ولماذا لست أدري ما أقامك الله في هذا ولو أرادك على ما أنت عليه من عمل ومنفعة للناس وتخفيف ألم المرض عن الخلق وإلا رأيت نفسك حافظا للقرآن أو شيء من إن كنت تريد هذا فلا تجلس تتذمر وتصبح متبرما من حالك، أقم نفسك حيث أقامك الله واستوف شروط ما طلبه منك، ثم بعد ذلك الاستيفاء وبعد ذلك الاستكمال لشروط ما طلبه الله منك، والمستشار مؤتمن، يجب على القاضي أن يدرس القضية جيدا، يجب على الطبيب أن يتابع الحالة جيدا، يجب على المهندس ان يكون امينا في عمله
يجب على المفتي أن يذاكر حتى يعرف حكم الله ويطلع على الواقع ويتأنى في فهم السؤال، يجب على كل واحد أقامه الله في مكان أن يكون مخلصا لله في ذلك المكان، فإن المستشار مؤتمن والخيانة بئست البطانة، والتقصير في المهنة نوع من أنواع الخيانة وعدم الأمانة، فيقول لا تطلب منه ان يخرجك من حالة ليستعملك فيما سواها، يرتقي هذا إلى حال الرجال والنساء، فكثير من الرجال يريد ويتمنى أن يكون امرأة، وكثير من النساء يتمنين لو أنهن كن رجالا، فيقول فيهن رسول الله وفيهم: لعن الله المتشبهين
من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال، ويقول ربنا سبحانه وتعالى: وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ قل يا رب وفقني فيما أقمتني فيه الحكاية ليست خصومة وصراعا الحكاية تكامل ووقوف عند إرادة الله وتمتع وتلذذ بما أقامك الله فيه فإن أقامك في شيء من الفقر او الغنى أو القوة أو الضعف أو الصحة أو المرض أو الجاه أو عدمه أو الذكورة أو الأنوثة ارض وسلم وعش حياة سعيدة لأن هذا الدين غايته سعادة الدارين ولا
تكون السعادة إلا بالرضا والقناعة فلو أرادك لاستعملك من غير إخراج ولجمع لك بين مرادك الصحيح إن كان صحيحا وبين ما أنت عليه قال رضي الله تعالى عنه ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين، ما أرادت همة سالك أن تقف عند ما كشف لها إلا ونادته هواتف الحقيقة التي تطلب أمامك، ولا تبرجت له ظواهر المكونات إلا ونادته حقائقها إنما نحن فتنة فلا تكفر، والواحد الماشي في طريق الله أحيانا يصل. للمحطة الواحد
مسافر لأسوان من القاهرة لأسوان في محطات بني سويف والمنيا وأسيوط محطات وأنت سائر هكذا قم لما الواحد في طريق الله يصل للمحطة قم تحدثه نفسه أنه وصل فماذا يفعل إذن يعني نام واستراح أنزل إذن في هذه المحطة انتهى انتهينا القطار سيدخل الجراج إذن تحدث نفس العابد كذلك عندما تحدثه نفسه بهذه الطريقة ويميل قلبه إلى الدعة والراحة وأنه قد وصل إلى شيء ما ومرتبة مع الله تدعوه إلى الراحة وإلى ترك العمل يسمع هواتف الحقيقة تخاطب نفسه
بواردات على فكرة محطتك لم تأت بعد محطتك أمامك امش احذر أن تنزل احذر أن تتراخى إياك أن تدع العمل ولذلك انظر ماذا يقول ما أرادت همة سالك، سالكا في الطريق إلى الله همته أن تقف كفى ذلك عندما كشف لها ظهر لها محطة من محطات الوصول والترقي مع الله في طريقه إلا ونادته هواتف الحقيقة تنقذه وتبين له لإخلاصه ونيته الصادقة التي تطلب أمامك استمر لم تصل هذه
من ناحية الوصول إلى الأنوار، عندما رأى نورا قال: يا الله هذا نور الله، واتضح أن النور شيء خفيف وليس نور الله، قيل له: أتريد نور الله أمامك؟ فمتى يكون الإنسان قد وصل؟ عندما يموت، عندما تغادر الروح الجسد، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين أي الموت. ليس اليقين أنه جازم صلى الله عليه وسلم وأولياء الله جازمون حتى قالوا لو كشف الحجاب ما ازددنا يقينا من ناحية اليقين الجزم يعني، أما اليقين هنا فهو الموت يعني أفضل ماض فإنك لا تنسكب عليك الأنوار ويحدث لك حل من التكليف إلا بالتشريف والتشريف
الذي هو الموت أن روحك تخرج إلى بارئها إلى الرفيق الأعلى، انظر كلام سيدنا رسول الله إلى الرفيق، هذا تشريف رقي، فمتى يتم التشريف فيسقط التكليف بالموت، إما لأنك عائش لا ولا تبرجت، هو يتكلم عن الأنوار يتكلم عن الأسرار، فقد تبرجت كشفت عن وجهها كشف، فيكون كشف عن ماذا عن المستور والكشف عن المستور كشف عن ماذا كشف عن الأسرار أم تبرجت له ظواهر المكونات التي حولنا هذه كشفت أسرارها ما سر هذا العمود ما سر هذا الكرسي ما سر هذا
الإنسان الذي أمامي أنه فان وأنه حادث وأنه محتاج إلى الله وأنه لا حول ولا قوة له وأنه مخلوق وأن هذا الخلق بمدد مستمر، الكلام الذي نحن جالسون نشرحه هذا سر ، لا يعرفوه، فيقولوا لك لماذا أنا موجود ها هو يرى نفسه مع ربه، فالأسرار هذه تبرجت له، فماذا يحدث في قلب العارف السالك نادته حقائقها التي هي فانية غير باقية حادثة. إنما نحن فتنة فلا تكفر، هذه المكونات كلها البشر والأشياء والعوالم
والمكونات حجاب يحجبني عن ربي عندما أنشغل به، حجاب يحجبني عن ربي عندما أنسب إليه العمل والفعل والخلق دون الله، حجاب عندما لا أعلم ولا أرى الله فيه وخلفه وأنه به سبحانه، هكذا كفر يعني ماذا غطى ومنه الزراع يسمون الكفار لأنهم غطوا، إنما نحن فتنة فلا تكفر. ماذا؟ تكفر نفسك عن الأنوار، تستر نفسك بحجاب عن الله، فتمشي وتنسب الأعمال للناس، فتغضب من هذا وتتخاصم مع
هذا وترضى عن هذا، وبعد ذلك تبغضه مرة أخرى. والنبي يقول: أحبب حبيبك هونا ما، فلعله أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك يوما ما لأن من النفاق إذا خاصم فجر، يعني كرهت واحدا ربنا يغفر له ربنا يسامحه خلاص، فلا تقعد تجعلها شغلا، فلعله أن يكون حبيبك يوما ما فتخجل من كثرة ما قد ذكرته بسوء، فحقائق هذه المكونات تخبرك أنها فتنة وأنها حجاب لك عن الله إلا إذا عرفت حقائقها فأنارت قلبك ورفعت حجابه فرأيت الله