الحكم العطائية | من 206 - 220 | أ.د علي جمعة

الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه اللهم اشرح صدورنا للإسلام تفسحوا في المجالس واحد يقول لأخيه ما هو في متسع خلف يعني جاء جلس مكانه ويقول له في متسع خلف اللهم وسع أخلاقنا ووسع علينا الأرض ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة، أي أن هناك سعة لمن يهاجر. قال هاجروا ولو شبرا من الأرض، قال صلى الله عليه وسلم هاجروا
ولو شبرا من الأرض، أي أنك لو تزحزحت نصف شبر هكذا تكتب لك هجرة. قال لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، أي انو بقلبك العمل الصالح قم يقع هذا العمل موقعه وكأنك قد هاجرت في سبيله، لا هجرة يعني لا هجرة من المدينة من مكة إلى المدينة وهكذا بعد الفتح ما هو انتهى صارت مكة ديار إسلام إلى يوم القيامة، يقول أبو بكر العربي تصير مكة والمدينة دار إسلام إلى يوم القيامة لا يدخلها الدجال يعني الذي يحاوله اليهود أن يدخلوا يثرب أم لا يثرب ما لا شيء خلاص ستظل المدينة ومكة دار أمن وإيمان وسلم وإسلام إلى يوم القيامة قال هذه بشرى بشر الله بها المسلمين أن
الحرمين يظلان على الإسلام إلى يوم القيامة قال رضي الله تعالى عنه ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين من الأغيار يملؤه بالمعارف والأسرار، القلب لا يبقى فارغا، حقيقة من حقائق طريق الله سبحانه وتعالى أن القلب لا يبقى فارغا، فإما أن تملأه بالدنيا فيخرج منه نور الله، وإما أن تملأه بنور الله فتخرج منه الدنيا، والقلب لا يحب الشراكة، إما الدنيا وإما ربنا، لا تنفع الشراكة. يبقى الاثنان معا يريدان الدنيا والآخرة ويريدان الدنيا
والله ما لا ينفع فرغ قلبك من الأغيار تعني السوى ما السوى هذا الغير غير من غير الله لا هذا نحن ها قد بدأنا نستجيب ها الحمد لله بدأنا نفهم كلام المشايخ فرغ قلبك من الأغيار جمع غير الأغيار أي سوى الله يبقى فقط الله سيبقى فارغا هكذا لا ينفع هذا الفارغ هذا يكون مجنونا على فكرة قلب فارغ هكذا خالصا خاما هكذا هذا يكون مجنونا وبما أن فيه عقل وروح ونفس ناطقة محاسبة يكون لازما سيملأ
بشيء طردنا الأغرار سيملأ بماذا قال بالمعارف والأسرار ما المعارف كله ما يوصلك العلم بالأدب مع الله يبقى أن تقول اللهم علمنا الأدب معك، لا تستعجل منه العطاء، لا تستعجل النتيجة. كثير جدا من أهل الذكر يستعجلون النتيجة، تقول يا الله يعني أنا لم أصل بعد يا الله، أنت تنتظر أن تصل يعني تتعبد هكذا لكي تصل، فتكون عبادتك من أجل الوصول وليس تترك نفسك هكذا يقول نعم وما النتيجة يعني الله لا توجد نتيجة فيه الله لا تستعجل منه العطاء يعني لم يعطني شيئا وأنا أعبده ها هو لم يعطني شيئا
إذن فلماذا لا تعبده إذن ما دمت تنتظر هذا هو المستحق للعبادة وأنت لست مستحقا لشيء أبدا البتة هكذا فإن هذه كلها حقائق ولكن استبطئ من نفسك وجود الإقبال لو كان عندك شوق لله لكنت على الفور وجدته ووجدت الله معه قم للشيخ ممدوح أجلسه إلى البقية قل له اجلس هنا يا شيخ ممدوح قل له اجلس هنا وأنت صامت اجلس هنا ها هو حاضر اجلس فقط اجلس فقط اجلس ووحد الله لا تجلس كما أنت كل واحد حاضر ابق واقفا لا تستبطئ
منه العطاء ولكن استبطئ من نفسك وجود الإقبال أنت تتحرك لماذا ألا ترى نفسك ما أنت هكذا ما عندك شوق للعبادة أنت تريد أن تعمل وتنتظر النتيجة تظنها امتحان حقوق في الأوقات يمكن قضاؤها وحقوق الأوقات لا يمكن قضاؤها يعني الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، اللحظة التي فاتت وما شغلتها بذكر الله ولا بالتعلق به سبحانه لا تستطيع قضاءها، ولذلك صار كبار الصوفية العظام لا يقضون ما عليهم من أذكار، الذكر الخاص بي اليوم في الصباح فات
فأقوم أقول له حسنا الآن قال لي لا، ما هو الآن له ذكر آخر، فماذا سأفعل إذن؟ ما دام الجميع مشغول، أنت تلاحظ أليس كذلك؟ ليس هناك شيء فارغ وشيء مملوء، ما دام الجميع مشغول، فما مضى قد مات، ما مضى قد مات، من أين جاءوا بهذا؟ من أولياء الله، ما مضى قد مات، ما هو كله مشغول والمشغول لا يشغل كأسا وممتلئة فبماذا ستمتلئ مرة أخرى، فالوقت الذي معك له حقوق فيجب أن تؤديها، وأما الحق الذي فات بالأمس فلن تستطيع قضاءه أبدا لأن الأوقات لا تقضى، إذ ما من وقت يمر إلا ولله عليك فيه حق، هاك قد وضحتها لك، هاك جديد
هناك حق جديد فتصبح الحقوق متتالية وأمر مؤكد، فكيف تقضي حق غيرك وأنت لم تقض حق الله؟ ماذا ستفعل فيما فاتك إذا كنت وراءك واجبات أخرى يجب أن تقضيها الآن؟ إنك لو اشتغلت بالفائت سيضيع عليك الحاضر. حقوق في الأوقات يمكن قضاؤها وحقوق الأوقات لا يمكن قضاؤها. يمكن قضاؤها إذ ما من وقت يمر إلا ولله عليك فيه حق جديد وأمر أكيد فكيف تقضي فيه حق غيره وأنت لم تقض حق الله فيه يبقى إذن ماذا يحصل للإنسان الشعور بالعجز
والتسليم والرضا لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك هذا شعور بالعجز أمام الله ليس لك شأن بعد الآن انتهى قل له يا ربي أنا لن أستطيع أن أحمدك أنا عاجز ولا أعرف أن أعمل شيئا منك وإليك نرجع أغلق الهاتف المحمول أيضا اعتبرها ما فات من عمرك لا عوض له لن تستطيع أن تعوضه يا لها من عملية صعبة جدا هذا يعني يجب حصل لك منه ما لا قيمة له وأنت لا تعرف إن كان مقبولا أم غير مقبول فيجب أن تتوب الآن حالا وتكون
على خير لأنه لا يوجد عوض يعوضه ولا أنت تعرف متى ستموت ولأن ما مضى لا تعرف إن كان مقبولا أم لا فهذا هو المعنى لا حول ولا قوة إلا بالله، فلا يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته، هذا سيد الخلق، هذا صخرة الكونين، هذا إمام المرسلين، هذا خاتم النبيين، هذا صفوة الكون كله صلى الله عليه وسلم، ما أحببت شيئا إلا كنت له عبدا وهو لا يحب أن تكون لغيره عبدا، فكن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، ازهد فيما في أيدي الناس
يحبك الناس، وازهد في الدنيا يحبك الله، هذه النصائح النبوية المصطفوية لسيدنا عبد الله بن عمر، ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبونك عندما تعطي ولا تأخذ، فإن أخذت شيئا حاسبوك عليه وقالوا لك: ألست آخذا ما أعطيناك؟ وهكذا، فإن لم يكن بالكلام فبالنظر، وإن لم يكن بالنظر فبالضجر، وإن لم يكن بالضجر فبالكلام، إلا من عصم الله الله الذي عصمه الله من عصم الله سبحانه من عصمه الله انتهى فيصبح بريئا من هذه الأشياء، لماذا ينسى؟ كان مشايخنا يقولون لنا أتعرفون مساحات
السيارة عندما تمسح المطر النازل؟ هكذا قلوبنا تمسح من الكائنات والأغيار والأفعال التي يصدق عليها قول النبي صلى الله عليه وسلم ورجل أنفق نفقة حتى لا تدري شماله ما أنفقت يمينه، حتى هو لا يدري ماذا أنفق، وكان بعض مشايخنا على هذا المقام جاء أحدهم وسأله هنا وهم كانوا يجلسون هنا في سيدنا الحسين هنا بجانبنا هنا عند الحائط هذا المدهون، فجاء لله فذهب وأدخل يده وأخرجها فخرجت فيها ورقة بمائة جنيه هذا الكلام في الخمسينيات يعني بأن تشتري بيتا فأعطاه له فؤاد سمسار السماسرة هكذا
يكون عندهم ذكاء وهو أخذ ماذا وأعطى ماذا لكي يقاسمه قال ماذا هذا أعطى له مائة جنيه قال له والله يا بني أنا لا أعرف كم بلغت أرأيت كيف لا تعلم يمينه ما أنفقت شماله قال رضي الله تعالى عنه ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين، لا تنفعه طاعتك، هل ربنا ينال منك شيئا عندما تطيعه؟ ولا تضره معصيتك، هل أنت تنال من الله عندما تعصيه؟ أنت هباء، وإنما أمرك بهذه ونهاك عن هذه لما يعود عليك، لأنك عندما تطيع يعطيك ثوابا، وعندما تعصي تأخذ عقاب فنهاك وأمرك لنفسك لمصلحتك، أما هو سبحانه وتعالى فهو ليس محتاجا لأحد، لا يزيد في عزته إقبال
من أقبل عليه لأنه عزيز في ذاته، قادر على كل شيء، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، جبار القلوب وجبار السماوات والأرض، ولا ينقص من عزته إدبار من أدبر عنه، ووصولك إلى الله وصولك إلى العلم به، المعرفة أهم شيء في الطريق، المعرفة تعرف ربنا انتهى تصبح أنت من أهل الله، وإلا فجل ربنا أن يتصل به شيء أو يتصل هو بشيء، يبقى إذن المسافة التي بينك وبين ربنا ليست مسافة حسية ستمشي في الطريق، ونقول مقصود الكل هو الله ونهاية الطريق إلى الله لا تظن أن هذا يعني انتهاء الأمر فيأتي أحد ليقول لك هذا أنا
وصلت إلى أين يا خائب الرجاء وصلت إلى أين هل هو مكان قريب حتى تصل إليه أم تبتعد عنه إن مكانه قربك منه أن تكون مشاهدا لقربه أن تشعر أنه معك وبركته ووجود قربه لن تجده هكذا الحقائق ولذلك بوذا لما خرج يبحث عن ربنا رجع ولم يعرف كيف يحصل على شيء فقال والله هذا في شيء اسمه نيرفانا ما هذه النيرفانا قال كنت أريد هكذا أن أحتضن ربنا وأدخل فيه ويدخل في فلم أجده يبدو أنه غير موجود فكفر أنت منتبه العقلية المتعفنة كفر فهذا قال لك لا تفعل هذا الله
موجود ولكن ليس قريبا منك اقترب من مكان ها هذه ضل فيها ملايين البشر هذه الحكمة لأن فكر الرجل الأحمق هذا هو أنه عندما يصعد انتهى سيجده آخر الطريق هنا ولكن عندما يشد على نفسه قليلا سيلتقي معه فشد على نفسه قوي فلم فملتقاش قال يكون غير موجود إذن أنا ذهبت إلى هناك فلم أجد شيئا لا يصح هذا الكلام الحقائق ترد في حال التجلي مجملة وبعد الوعي يكون البيان فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه يعني لما نزل القرآن نزل مرة واحدة وها نحن نفسر فيه إلى كلما نقرأ كلما نجد شيئا جديدا كلما نقرأ كلما نجد شيئا جديدا فيكون
البيان آتيا بعد الإجمال كذلك يلقي إليك بالواردة وأنت في الطريق وبعد ذلك تفهمها تجلس تتأمل فيها كل حين تتأمل فيها والله هذا معناها كذا والله هذا الموقف معناه هو نفس الواردة التي جاءت لي من الله أيضا هذا الموقف معناه كذلك وهكذا متى وردت الواردات الإلهية إليك هدمت العوائد عليك، الواردات لما تأتي مثل الملوك أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها، فالواردات هذه مثل الملوك ترد على قلبك تفسد الدنيا فيه، قلبك يريد الدنيا والواردات تحطمها فتبقى أنت منشغلا بالواردات
فالدنيا تفسد قلبك فساد الدنيا في قلبك حلو أم قبيح يا رب تفسد كلها عليها الوارد يأتي من حضرة قهار سبحانه وتعالى ذلك لأجل ذلك لا يصادمه شيء إلا دمغه أصل الواردات آتية من الحضرة القهرية فعاملة مثل الدبابة فلو مشت على قليل من البلاستيك تصنع بهم ماذا الدبابة لن نجدهم أصلا نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، كيف يحتجب الحق بشيء والذي يحتجب به هو فيه ظاهر وموجود حاضر؟ يذكرنا بالحكمة القديمة أن الله ليس بمحجوب، هذا المحجوب أنت، فإن الله هو الأول والآخر والظاهر
والباطن، فهو سبحانه وتعالى بكل شيء عليم وبكل شيء محيط وعلى كل شيء قدير. فأين إذن الخفاء هذا؟ المخفي أنت، المحجوب أنت، هذه الحجب إنما هي ملفوفة عليك. لا تيأس من قبول عمل لم تجد فيه وجود الحضور. أحيانا يصلي الإنسان وقلبه لا يحضر، فربما قبل من العمل ما لم تدرك ثمرته عاجلا. يمكن أن يكون الذي لا يعجبك هذا والصلاة التي أنت لست أعجبها هذا هو الذي قبل منك فليكن في سبيل الله ولا تتعب لكي تجد اللذة، جاءت اللذة أم لم تأت لا يضر شيئا ولكن اتركها في سبيل الله اتركها
في سبيل الله، طيب والنبي اتركها في سبيل الله، لا بل لو تركتها في سبيل الله ستكون جميلة ولكن الناس خائفة يكفي ولكن ثق بالله واتركها لله، اتركها لله هكذا، أليس قلنا اتركها لله؟ فما بالك إذن؟ حسنا لا تزكي واردا لا تعلم ثمرته، جاءك وارد قوي جدا يقول يا الله هذا جميل جدا، وربما هو أي كلام من أبي ثلاثة صاغ عند ربنا، فليس المراد من السحابة الأمطار وإنما المراد منها وجود الأثمار، ماذا يعني عندما ينزل السيل ويغرق الدنيا ويملأ الشوارع؟ أنا
أريد المطر لماذا؟ لكي نتبلل به أم لكي يجعلها خضراء لكي تخرج الثمرة؟ إذن إذا كانت السحابة المقصود منها ليس المياه الكثيرة، المقصود منها الخير الذي الله سبحانه وتعالى سينبته ولو بقليل يجب ألا نأخذ بالظاهر وإنما نبحث عن الحقائق فاللهم يا ربنا اجمعنا على الخير واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه