الحكم العطائية | من 21 - 25 | أ.د علي جمعة

الحكم العطائية | من 21 - 25 | أ.د علي جمعة - الحكم العطائية, تصوف
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، اللهم اشرح صدورنا واغفر ذنوبنا ونور قلوبنا واستر عيوبنا واقبلنا على ما نحن عليه يا أرحم الراحمين، وهب مسيئنا لمحسننا واغفر لنا جميعا، اللهم صل على سيدنا محمد في الأولين وصل على سيدنا محمد في الآخرين وصل على سيدنا محمد في الآخرة وسلم تسليما كثيرا وعلى آله الأطهار وعلى أصحابه الأبرار وعلى أتباعه بإحسان إلى يوم الدين قال رضي الله تعالى عنه ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين طلبك منه اتهام
له وطلبك له غيبة منك عنه وطلبك لغيره لقلة حيائك منه وطلبك من غيره لوجود بعدك عنه لا حول ولا قوة إلا بالله تبرأ من حوله وقوته فوصل إلى مرحلة الرضا والتسليم ورأى كل شيء في الكون بفعل الله لأنه لا إله إلا هو فرضي بما كان فلم يقلق ولم يحزن على ما فاته ولم يتشوق إلى غير مراد الله في كونه وعلى ذلك فإذا
دعا الله دعانا محض عبادة وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين إذن الدعاء هو العبادة الدعاء هو العبادة هو يسمونه ماذا ضمير الفصل فيه لا فصل به فصل فيه لا فصل به يعني الدعاء العبادة هو ينبغي أن نحن هنا نؤكد يعني أن هذا هو الخبر لذلك المبتدأ فقالوا الدعاء العبادة يعني
قد يتوهم متوهم أن الخبر لم يأت بعد مثل قوله ذلك الكتاب فيقول لك أين الخبر لا ريب فيه ولكن لما يرى أن ذلك مبتدأ والكتاب خبر فيقول ما هو ذلك هو الكتاب فيأتي بهو من أجل أن يبين لك أن المعرفة التالية لذلك المبتدأ إنما هي خبر وليست صفة له فجاء بضمير الفصل وضمير الفصل يعمل شيئا آخر وهو الحصر والقصر يقول لك الدعاء هو العبادة فإذا ما دعوت ربك دعوته متعبدا وليس متشوقا الذي
يطلب الدنيا والذي يطلب الآخرة طلبه للدنيا وطلبك للآخرة حجاب إذا ما رفع شعرت بحلاوة الإيمان وبحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلبه، طلبك منه اتهام له إذا لم يكن على صفة العبادة. انظر في الفرق بين أن يريد الله هذا وبين أن تقول يا الله أريد هذا ولا أقولها بلساني إلا عبادة لك، أي ليس فيك نظر في نفسك للمطلوب بل لتراك ولم يبق فيك إلا الرضا بما أراده الله فربنا
أخر عليك المطلوب قم لتسعد وتبقى فرحا والحمد لله أنا أديت الذي علي عبدت ربي وما رأيت فلا أحزن إذا ما تأخر الطلب الثاني يقول ماذا الثاني يقول يا رب ما أنا دعوتك ها هو الله ألا تستجيب لي هذا لا اعتراض ولكن التسليم المطلق أن تجعل لهجك بالدعاء عبادة فانظر إلى سيدنا رسول الله وهو يرشدك الدعاء هو العبادة يعني اجعله عبادة ولا تجعله طلبا وتشوفا فمن الذي يقدر على ذلك نحن جميعا متعلقون بها تعلق الكلب بالعظم أجل
والله متعلقون بها تعلقا بحيث إننا نحزن على المفقود ونفرح بالموجود ولكن دعاء الصالحين اللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا دعاء الصالحين أنهم لا يحزنون على المفقود ولا يفرحون بالموجود هم لا يتركون الدنيا بل يحصلون عليها لله فإن فقدوها فلا بأس وهذا يعني أنها كانت ملكنا هذه ملك الله يعطيها من يشاء وطلبك له أي هات اتهاما له، حسنا ما دام يعرف حاجتك وسيقضيها، ألست تعرف أنه على كل شيء قدير
وأنه بكل شيء عليم، وطلبك منه غيبة منك عنه، اللهم أوصلني إليك، أي معنى ذلك أنك لم تصل بعد، فيكون معنى ذلك أنك غائب، هذا كلام عال جدا، وطلبك من غيره تطلب حاجة لغيره سبحانه وتعالى وليست له، تطلب أن يشفي الله ابنك أو ينجحه أو يسد ديون فلان، لقلة حيائك منه. لو كان عندك حياء لقلت: اللهم افعل الخير كله. وطلبك من غيره فهذه مصيبة، فهذا من غيره
مصيبة لوجود بعدك عنه، فتكون أنت بعيدا جدا، فابدأ أصبح لازما عليك أن تسير في الطريق حتى تستقيم لك الأمور مع الله قال رضي الله تعالى عنه ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين، ما من نفس تبديه إلا وله قدر فيك يمضيه يعني شريط القدر الذي قلت لكم عنه ربنا خلقنا وما زال يخلقنا وما من نفس يخرج وما من نفس تدخل إلا بقدر الله، ولو أنه قطع عنا إمداد الخلق لفنينا، سنغلق مثل السينما. لو أن الله
قطع إمداد الخلق عن السماوات والأرض فقط والملائكة خارج السماوات هكذا تتفرج، سيصبح الشريط مغلقا، لن يجدوا أمامهم شيئا، لا المسجد الأزهر ولا نحن ولا الأرض ولا السماوات ولا الشمس الشيء أم أي شيء سيغلق الإمداد سبحانه ستضيع ستذهب ما هذا يعني أنا أخلق كل يوم خلقا جديدا نعم كل يوم لا كل لحظة أبدا كل ثانية طيب ما الثانية هي اللحظة كل ثلث ثانية أقل اللهم لا
تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك ولا أقل من يصبح شيئا غير متناه، يصبح نحن وميضا متتاليا، هذا إذا انقطع عني الإمداد فلن أموت، لا أموت، ما أموت، يصبح جسدي موجودا، هذا أنا أفنى ويفنى معي الكون إذا انقطع عنا الإمداد، يخففها لك الشيخ بدلا من أن يتشوش عقلك ويقولها لك بصورة بسيطة، ما من نفس هو في الحقيقة أقل من ذلك بكثير ما من نفس تبديه إلا وله قدر فيك يمضيه هل فهمتم؟ حسنا قال رضي الله تعالى عنه لا تنتظر
فراغ الآخرين كلما يأتي يقول لك صل تزك تلحق نفسك قم تقول السلام أفضل أصل الشواغل والمشاغل كثيرة طيب مما من الذي أنت انتهيت اذكر الله يقول لكن أصل أنا مشغول جدا، فمتى يأتيك هذا الفراغ؟ عندما يأتيك الموت، يأتيك يعني يميتك، متى سيأتيك الفراغ؟ كان أحد مشايخنا الظرفاء رحمه الله يقول: لقد انشغلنا انشغالا يمكن أن نقول لعزرائيل عندما يأتينا: والله إننا لسنا متفرغين من شدة الانشغال، فيبقى هناك شيء فراغ يبقى أنت منتظر الفراغ كيف إذا
كان الأمر كذلك أنت لست فارغا لا يصلح يا إخواننا لا بد أن نبادر إلى الله ونفر إليه لا تنتظر فراغ الأغيار ما الأغيار هذه جمع غير من الغير هذا غير الله ها ما الذي غير الله الكون كله سموه السوى والغير فإن ذلك يقطعك عن وجود المراقبة له يجعلك منشغلا بالدنيا وما أنت متذكر ربك أبدا، وعندما تعمل عملين ثلاثة زكيت صليت ذكرت تصبح فرحا بنفسك عاملا مثل الديك المتكبر بالرغم من أنه هو الذي وفقك إلى ذلك وخلق فيك فعل الطاعة فما كان منك إلا أن يجب عليك بذلك الحمد والشكر حمدته
وشكرته فلا بد عليك من الحمد مرة أخرى والشكر مرة أخرى على أن وفقك أن حمدته وشكرته ولن ننتهي فلا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فإن ذلك يقطعك عن وجود المراقبة له فيما هو مقيمك فيه طلب منا العبادة وطلب منا العمارة وطلب منا تزكية النفس وسئل بعض العارفين متى يستريح الفقير، إلى الله شأنه أنه محتاج إلى الله دائما فهو مع الله دائما لا ينساه، الفقير إلى الله دائما في السير إلى الله، تجد
الفقير لو أن الغني صاحب الدنيا فقير الدنيا وغني الدنيا يعطيه شيئا هكذا كل يوم قم تجده ملتصقا به كل يوما ما تنتبه إلى أنه يتسول، إنه يتسول من ربنا، إنه واقف على باب الله، وعندما يتسول من ربنا ووجد النعمة لا يريد أن يمشي، واقف دائما، سأل بعض العارفين: متى يستريح الفقير من هذه الوقفة؟ فقال: إذا لم ير وقتا غير الوقت الذي هو فيه يستريح، متى؟ عندما يتلذذ فيه يبقى مرتاحا ومسرورا ولو قلت له امش يقول لك لا كيف أمشي وإلى أين
سأذهب قال رضي الله تعالى عنه ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين لا تستغرب وقوع الأكدار ما دمت في هذه الدار هذه الدار دار تكليف وابتلاء وامتحان حتى قالوا اللهم أخرجنا من دار البلاء بلا نعم، هذه دار، اللهم أخرجنا من دار البلاء، بلاء حسنا، فهذه دار البلاء أصلا، فعندما تأتي الأحزان من ضيق، من أزمة، من مرض، من رسوب في امتحان لا قدر الله، أي ينجح الله الطلاب، لا تحزن، أليس هذا شأن هذه الدار: عثرة فنهضة فزحف فنبوة، فإنها
لم تبرز إلا ما هو مستحق لشأنها هكذا، كدرة كلها إلا ما هو مستحق ومستحق وصفها وواجب نعتها، فما اسمها؟ من أين جاءت هذه الدنيا؟ من الدنو ومن الدناءة، فما صفتها؟ لما اسمها هكذا دنيا، فماذا تريدها أن تكون؟ أتريد الدنيا أن تكون لك خالية من الأكدار صافية من المنغصات؟ الدنيا معناها أنها دنيئة، فعندما يكون الإنسان دنيئا فماذا نتوقع منه؟ الأخلاق العالية والصفات الباهرة هذا شأنها. قال رضي الله تعالى عنه:
ما تعسر مطلب أن تطلبه بربك، ولا تيسر مطلب أن تطلبه بنفسك، أي إذا كان الأمر إنما بحسب موافقتك للحق سبحانه وتعالى مع الرضا التام والتسليم الكامل والتوكل بما عند الله سبحانه وتعالى حتى وكأنك ترى ما في الكون إنما هو مرادك أنت، والأمر
ليس كذلك، فما القلب عندك إلا مجلى لصفات الله سبحانه وتعالى تظهر فيه إذا ما رفعت الحجب عنه، فتتلألأ الأنوار وتنكشف الأسرار ويهدأ البال ويصلح الحال، فالحمد لله رب العالمين.