الحكم العطائية | من 26 - 29 | أ.د علي جمعة

والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، اللهم اغفر لنا ذنبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار، واغسلنا من خطايانا كما يغسل الماء، كما يغسل الثوب بالماء البارد، اللهم يا ربنا نقنا من خطايانا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيننا وبين خطايانا كما بعدت بين المشرق والمغرب واهدنا في من هديت وعافنا في من عافيت وتولنا في من توليت وبارك لنا فيما أعطيت واصرف عنا شر ما قضيت ولا تردنا خائبين وعلمنا العلم النافع وأعنا
على العمل به وافتح علينا فتوح العارفين بك اللهم علمنا الأدب معك اللهم يا أرحم الراحمين انصر الإسلام والمسلمين وأعز أهلك أهل الدين، اللهم يا رب العالمين سدد رمي المجاهدين وثبت قلوبهم وأنزل السكينة على قلوبهم وقلوبنا وقلوب أمهات الشهداء. اللهم تقبلنا عندك بقبول حسن، اللهم اجعلنا من ورثة الأنبياء. اللهم يا أرحم الراحمين ارحمنا، ويا غياث المستغيثين أغثنا، ويا صريخ المستصرخين استجب دعاءنا، واجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً وتفرقنا. من بعده تفرقا معصوما. اللهم يا رب احشرنا تحت
لواء نبيك يوم القيامة واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا، ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب. عاملنا بكرمك ولطفك ورحمتك يا أرحم الراحمين قبل أن تعاملنا بعدلك. اللهم يا أرحم الراحمين هذا. حالنا لا يخفى عليك وضعفنا ظاهر بين يديك وأمرنا كله إليك، لا ملجأ منك إلا إليك، لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك. اللهم يا ربنا اغفر ذنبنا واقبل توبتنا وارحم حوبتنا وارحم ضعفنا. اللهم يا ربنا أيدنا بمدد من عندك وافتح علينا من خزائن فضلك
ما توصلنا. به إليك اللهم يا ربنا متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم في جنة الخلد يا أرحم الراحمين وأحينا مسلمين وأمتنا مسلمين غير خزايا ولا مفتونين اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم نعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق اللهم يا ربنا نعوذ بك من كل ما استعاذك منه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعبادك الصالحون ونسألك من كل خير سألك منه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعبادك الصالحون وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم كاملاً. قال المصنف
رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين في كتابه الماتع الحكم رضي الله. تعالى عنه: من علامات النجاح في النهايات الرجوع إلى الله في البدايات، يعني ما بُني على حق دام واتصل، وما بُني على الباطل انهدم وانفصل. وإذا بدت البدايات صحيحة كانت النهايات على غاية النجاح والقبول من عند الله. فكيف تكون البدايات وما النهايات؟
البدايات هي الالتزام بالشرع الشريف، فما من أهل الله تعالى إلا وأمر بما أمر الله به ونهى عما نهى الله عنه، أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، ولم يعكس فيأمر بمنكر أو ينهى عن معروف. تصحيح البدايات أن تلتزم بهمة بما أمرك الله به وأن تنتهي عما نهاك الله عنه، أي أن تلتزم معالم الشرع الشريف الذي ما أنزله الله للعالمين عبثاً وإنما جعله سبباً لخيرهم ولحسن معاشهم وارتياشهم ولحسن معادهم ورجوعهم إلى
الله سبحانه وتعالى يوم القيامة. والالتزام بالشرع الشريف يبدأ بالطهارة، فإنها مقدمة الصلاة، والصلاة عماد الدين وذروة سنامه وأعلى الأمر وخير موضوع، والفرق بيننا وبين الكافرين والمشركين. لا يسجد أحد على وجه الأرض لربه. إلا المسلمون ولا يتوجهون إليه بتلك العبادة إلا هم فهم خير العابدين جمعوا في تلك العبادة ما عليه الملائكة الكرام في الملأ الأعلى فمنهم راكع ومنهم ساجد ومنهم قائم ومنهم تالٍ ومنهم ذاكر ومنهم من يصلي
على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومنهم من يتوجه ومنهم من يتعلق ومنهم من يخشع فجمع المسلم بين ذلك كله في صلاته فتوجه إلى القبلة طاهراً خاشعاً وسجد لربه راكعاً قائماً مصلياً ذاكراً تالياً مسبحاً، فجمع بين أنواع العبادات التي كانت عليها الملائكة ولا زالت في الملأ الأعلى، تصحيح البدايات بأداء الزكوات وصيام رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً على سنة رسول. الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يقبل الله ذلك كله إلا بحب النبي صلى الله عليه وسلم وحب آل بيته، فإن
حب النبي المصطفى والحبيب المجتبى وحب آل بيته من أركان الإيمان، لا يقبل الله عدلاً ولا صرفاً ممن لم يدخل حب النبي قلبه، فإذا دخل حب النبي قلبك. فاعلم أنك على الخير وأنك مختوم لك بالسعادة، وإذا كان على غير ذلك فهذا هو الخذلان المبين، ويجب عليك أن ترحل مما أنت فيه إلى رضوان الله بأن تحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يتم حبه صلى الله عليه وسلم إلا بحب أهل بيته. قال صلى الله عليه وآله وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وعترة أهل بيتي". ترك فينا كتاب الله نهتدي به، وترك
فينا عترة أهل بيته نحبهم بحبه ونوقرهم بتوقيره، ونُبتلى فيهم ببلائنا ونُكلَّف فيهم بتكليفنا لله. فينبغي علينا أن نصبر عليهم وألا نغتابهم وأن نقوم بهم. وأن لا نجعلهم يحتاجون إلى الناس، وأن نعتقد فيهم حُسن الخاتمة، وأن نتألم لمن عصى الله منهم، وأن نرده رداً جميلاً، وأن نبكي عليه بكاءنا على أولادنا وآبائنا، وأن نحبهم أكثر من حب أهلينا. لا يقبل الله صرفاً ولا عدلاً إلا بحب النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ومن...
محبة آل البيت الكرام لأجل أن الطهارة كانت أول البدايات. قالت السيدة نفيسة عندما توفي الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه - وكان إمام الدنيا وناصر السنة، وكان من أهل البيت الذين يحرم عليهم طلب الزكاة، وهم بنو هاشم وبنو المطلب، وهو كان من بني المطلب وكان الإمام الأجل - رحمه الله كان يحسن الوضوء، فإذا أحسن الوضوء فقد صحح البدايات، ومن صحح البدايات أنجح الله له النهايات. فأشارت بالبداية إلى النهاية. بعض
الناس القاصرين يظنون أن "كان يحسن الوضوء" تعني بالكاد يتوضأ، لا، "كان يحسن الوضوء" هذه مسألة أخرى، كان يحسن الوضوء أي أنه كان على علم وإخلاص. وكان على الطريقة المحمودة وكان على الشرع الذي أمرنا أن نتمسك به فصار إمام الدنيا نذكره إلى يومنا هذا وهو صاحب مصرنا هذا لأنه مدفون فيها ولذلك شاع مذهبه هنا وأصبحت مصر من أركان المذهب الشافعي عبر التاريخ. كان رحمه الله يحسن الوضوء فترحمها حكمة وذكرها للبدايات حكمة وفيها إشارة. ما معنى اليوم أن نجاح النهايات إنما
يكون بتصحيح البدايات؟ من علامات النجاح في النهايات الرجوع إلى الله في البدايات. ومنها قولهم: ما بُني على باطل فهو باطل، نعم، وما بُني على الصحيح فإنه يصح. وإذا تركت العود ينبت معوجاً، فإذا أقمته استقام، فإذا استقمته في بداياته نجح. في الإقامة في نهاياته وكذلك من تربى على مثل هذه الأخلاق صغيراً فإنك توقره كبيراً. قال رضي الله تعالى عنه ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين: من أشرقت بدايته أشرقت نهايته، فالله كريم والكريم إذا وهب
ما سلب، فإذا قد حافظ عليك الله في بداياتك وعصمك في شبابك كان ذلك. علامة ودلالة على أنك سيُختم لك بخير، أما إذا كانت البدايات ليست مشرقة بل مظلمة بأن كانت عاملة ناصبة والعياذ بالله، "قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا". بعض الناس هكذا، "ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش" سيدنا. رسول الله يقول لنا هكذا: "رُبَّ
عابد ليس له من عبادته إلا النصب إلا التعب". بعضهم هناك في الأديرة وما شابهها إلى آخره، وهم على غير الحق، يعبدون الله بالليل والنهار ظانين أنهم على خير. وهي عاملة، مجهوداً، ناصبة، متعبة، تصلى ناراً حامية، تُسقى من عين آنية، لأنها منحرفة الصراط المستقيم وعن العقيدة الصحيحة وعن مراد الله من كونه وعن توحيده وتفريده سبحانه وعن نسبة الألوهية لغيره. إذاً من أشرقت؟ والإشراق يتم بأي شيء؟ مَن الذي أشرقت؟ هذه الشمس. وما شمس الأمر؟ شمس الأمر رسول الله صلى الله عليه
وسلم الذي أضاء الدنيا بوجوده. شمس الأمر أن تجعل رسول ليكن محمد صلى الله عليه وسلم قدوتك وإمامك وأسوتك الحسنة، فإذا فعلت ذلك فقد أشرقت بداياتك. أما إذا تركت رسول الله وذهبت يمنةً ويسرةً فإنك لا تكون على الخير مهما عملت. من أشرقت بداياته أشرقت نهاياته. قال رضي الله تعالى عنه: ما استُودع في غيب السرائر ظهر في شهادة الظواهر، الأمور التي تكمن في الداخل سوف تظهر في الخارج ولا بد من ذلك، ستعرفهم في لحن القول، لا
محالة ستخرج كلمة هكذا وهكذا. خيركم من إذا رآه الناس ذكر الله. النبي عليه الصلاة والسلام يقول هكذا، ينظر إليك فتتذكر الله. هناك أناس عندما تنظر إليهم تتذكر الشياطين على الفور، ولكن وجهه منير هكذا وجميل، من أين؟ من طول القيام بالليل. قال: "من طال قيامه بالليل أنار وجهه في النهار". أهل الله يقولون هكذا من الذكر، لأن القلب بيت الرب سبحانه وتعالى، فمن عمَره بذكره أنار به وجهه. تجد المسلمين وجوههم منيرة، بينما تنظر إلى الآخرين فتجدهم كالحين، ليس أبيض ولا شيء ولا قمحي حتى، فهذا أبيض شاهق
ومع ذلك يشيع ظلمة، فثمة فرق بين الذي يشيع ظلمة وبين الذي يشيع نوراً، وهذا يأتي من الإيمان ويأتي من القلب الذي في الداخل الذي ينعكس على الظواهر. إذا خشعت القلوب خشعت الجوارح، إذا خشعت القلوب ظهر ذلك على جوارحه فيسمونه بالسمت سِمَةُ الصالحين تعني أنك حين تنظر إليه تشعر بأنه صالح، عليه سِمَةُ الصالحين تظهر في النظر. تجد الشاب من هؤلاء عينه ذاهبة ووجهه هكذا، وهو يتلفت يميناً وشمالاً حائراً، لكن الآخر تجده رزيناً مطمئناً. وهناك فرق بين الحائر
وبين المطمئن، فإذا كان قلبك مطمئناً سيظهر هذا على جوارحك، وإذا كان... قلبك حائر وسيظهر هذا على جوارحك، ونعوذ بالله من التعبان. إنهم ثلاثة: تعبان وحيران ودفآن، فاللهم اجعلنا من صنف الدفآن، ولا تجعلنا من صنف التعبان ولا الحيران. إذا كان ما بداخلك سيظهر للخارج، فكل إناء بما فيه ينضح، والعوام يقولون: ها هو الكلام الذي بدأنا به على وشك أن يبان مضغ اللبان عندما تجلس تمضغ اللبان في فمك مُخفياً إياه، زاعماً أنك لا تفتح شفتيك، لكن سيظهر عليك وأنت جالس تفعل ذلك، فهو
أمر معروف. فانظر إلى الرجل وانظر إلى أثر هذا في الناس، يعني هم جاؤوا بكلام "كل إناء بما فيه ينضح" وما إلى ذلك من الحكمة التي استودعت ظهر في شهادة الظواهر الحاجة المشاهدة التي خارج الظاهرة أمام الناس تتعلق بهذا؛ بعض الناس ينافق ويرائي ويحاول. ما رأيك؟ لا يستطيع، لا يعرف، يحاول قليلاً ثم يمل، لا يكمل، لا يعرف كيف يستمر. لكن الثاني مستمر دوماً، تغيب عنه عشر سنوات وترجع إليه فتجده كما هو، لكن الأول هذا... الذي يتظاهر بالحب يذهب ويغير ويصعد وينزل،
قال: دلائل الحب لا تخفى على أحد، كحامل المسك لا يخفى إذا عبق. يعني الذي يضع مسكاً تفوح رائحته، لا يستطيع منع انتشار عطره، وسيظهر أثره عليه مهما أخفى نفسه. لأن التقي الخفي محمود عند الله، لكنه مهما اختفى إلا أنه يكون ظاهراً، في حياتنا كان منهم الشيخ عبد الرحمن حسن رحمه الله تعالى، عاش وحيداً ومات وحيداً، واشتغل بالعلم بالليل والنهار. وكنت إذا رأيته رأيت الأنوار تتلألأ على صفة النبوة كأن الله قد أورثه نوراً. كان
منهم الشيخ صالح الجعفري الذي كان يجلس في هذا المجلس، رحمه الله ورضي عنه، كم نفع. كان منيراً في وجهه، حلواً في منطقه، عذباً في كلامه، محباً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويوصي الناس بحبه، ويعلم الناس حبه صلى الله عليه وآله وسلم. عاش على الخير ومات على الخير، وها نحن نذكره بالذكرى الحسنة بعد ممات أولئك الأفاضل من الذكرى الحسنة. التي نذكر الناس عليها، وهذا من رحمة الله بنا وبهم، رضي الله تعالى عنهم. قال رضي الله تعالى عنه: "شتان"، يعني
هناك فرق كبير بين من يُستدل به أو يُستدل عليه. من يُستدل به يعني خلاص، كل ما تقول شيئاً مثلاً يقول لك: "هذا أنا في أزمة"، تقول: "لا يوجد ربنا يا أخي هو مؤمنٌ بالله إيمانًا لا يتزعزع، ثم بعد ذلك يتكلم بهذا الإيمان. ومن يستدل عليه هم أصحاب علم الكلام والتوحيد والرد على الشبهات وما شابه ذلك. نعم، ينبغي أن يكون هذا في مقام جدال الكافرين لا في استحضار الأدلة للمؤمنين، فإن الله سبحانه وتعالى لا يحتاج أن أحد فهو
أظهر من كل الأكوان وأظهر من الدليل، فما الدليل الذي يدل عليه إذا كان هو الأصل. هل تستطيع أن تتصور الدنيا من غير ربنا؟ هل تستطيع أن تعيش من غير ربنا؟ هل تستطيع أن تشعر بوجودك من غير ربنا؟ ما هذا الكلام الفارغ، فشخص يقول لك ما الدليل. على وجودك لا أُقيم، أنت الدليل على عدمه. لو عرفت أنه هو موجود سبحانه وتعالى، بل هو واجب الوجود، بل هو الوجود الحق سبحانه وتعالى، وكل ما عداه باطل فانٍ حادث له نهاية وله بداية. أما الله الذي لا إله إلا هو، خالق السماوات والأرض، فهو ليس كمثله شيء وهو البصير رب السماوات والأرض لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، فعّال لما يريد، خلقكم وما تعملون. شتان
بين من يستدل به، يقول لك: "اتقِ الله يا أخي، هذا في حق ربنا، ألا تتقي الله؟ لا تظلمني، لا تفعل هكذا". يتكلم بما أن ربنا حقيقة لا تحتاج إلى كلام منطلق من والثاني يا عيني ما زال يبحث، ما زال يبحث، دعه يبحث حيراناً وربما متعباً. شتان بين من يُستدل به أو يُستدل عليه. المُستدل به عرف الحق لأهله، هل هناك شيء أوضح من ذلك؟ ولا يصح في الأفهام شيء إذا احتاج النهار إلى دليل. قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد، طعم الماء من سَقَم، ما هي الحكاية؟ لا
يصح في الأفهام شيء إذا احتاج النهار إلى دليل. إنه كلام فارغ. المُستدَل به عرف الحق لأهله وأثبت الأمر من وجود أصله. ما هو أصل الوجود هذا؟ إنه الله، والاستدلال عليه من عدم الوصول إليه. مرة يقولون أن الإمام الرازي ألف كتاباً ألف دليل على وجود الله، وأحياناً ينسبونها للغامدي أو السيف الغامدي، وأحياناً ينسبونها إلى الإمام الرازي. المهم أن أحد الأئمة ألّف كتاباً ذكر فيه ألف دليل على وجود الله. أقاموا له احتفالاً وأركبوه على برذون - والبرذون هو فرس جميلة مزينة - وطافوا به في البلدة.
مثل هذه الموالد التي نقيمها، مجرد ضجيج وصخب وما شابه ذلك، حفلات نقيمها احتفالاً. وبعد ذلك امرأة عجوز [حضرت] والحفلة هذه كانت في نيسابور، ونيسابور هذه الآن من بلاد إيران. فسألت امرأة: "ما هذه الحفلة؟ خيراً؟" قالوا لها: "هذا شخص عظيم جداً عندنا، حجة الإسلام، إمام الأئمة، فخر الدين، ألّف هناك ألف دليل على وجود الله. قالت أو كان لديه ألف شك، أي كان لديه ألف مشكلة، ألف شك في وجود الله، حتى يجد لكل شك دليلاً يرد عليه كي يثبت وجود الله بألف
دليل. فسمعها الإمام المؤلف، سمع المرأة وهي تقول هذا الكلام، فقال: "اللهم إيماناً كعجائز نيسابور". هذا الإيمان الصحيح هو أن ربنا يريد دليلاً أم أنه لا يريد دليلاً؟ هو ألَّف الكتاب رداً على المتحيرين والخائبين، لكن في نفس الوقت "اللهم إيماناً"، يعني اطلب منك إيماناً كإيمان عجائز نيسى بوردو الذين هم على الفطرة، يعني لا ينسى نفسه فيصبح هو اثنين: مؤمن بينه وبين الله، لا يحتاج. للأدلة ولكنه سرد الأدلة للآخرين، للحائرين، لغيرنا. فإن الإيمان نعمة تحمد ربك عليها، والاستدلال
عليه من عدم الوصول إليه. واحد يريد أن يستدل عليه ولم يعرفه بعد. إذاً نحن عرفناه في ماذا؟ يا سلام! عرفناه في الرحمة، وعرفناه في النعمة، وعرفناه في استجابة الدعاء، وعرفناه باللطف الجاري بنا، وعرفناه في المصائب عرفناها في كل لحظة، في كل نفس، في كل خطرة. وإلا فمتى غاب حتى يُستدل عليه؟ أنت تستدل على الغائب وهو غائب. إنني قريب، أجيب دعوة الداعي إذا دعاني. احذر أن تقول ربنا بعيد، ومتى بَعُدَ حتى تكون الآثار هي التي توصل إليه؟ الله سبحانه وتعالى أظهر من... الظهور وأظهر من الأكوان لينفق ذو سعة من سعته الواصلون
إليه، ومن قُدِر عليه رزقه السائرون إليه. هذا كلام جديد وأمر خطير نؤجله إلى الأسبوع القادم إن شاء الله تعالى.