الحكم العطائية | من 6 - 10 | أ.د علي جمعة

الحكم العطائية | من 6 - 10 | أ.د علي جمعة - الحكم العطائية, تصوف
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، قال سيدي ابن عطاء الله السكندري نفعنا الله، شكك في الوعد عدم وقوع الموعود وأن تعين زمنه لئلا يكون ذلك قدحا في بصيرتك وإخمادا لنور سريرتك، فالإنسان يلتجئ إلى الله
ولكنه لا يعرف أين الخير ولو علم الخير علم الغيب لاستكثر من الخير وما مسه السوء، ولو علم أن الخير هو ما أراده الله ما طلب. اختلفت الأقوال لكن وقفنا عند ذلك. حسنا فلماذا تقول سبعة إذن؟ لا لأنك سمعتني أشرح هذه في العشيرة فاختلطت ما بين الأزهر وبين العشيرة. حسنا يقولون
نحن واقفون عند الحكمة السادسة. ليس السابعة وما له نقول الحكمة السادسة قال رضي الله تعالى عنه لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك فهو ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك لا فيما تختاره لنفسك وفي الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد يعني لا حول ولا قوة إلا بالله كن مؤدبا مع الله، ومن الأدب مع الله الرضا بما قسمه الله والتسليم بما أجراه الله سبحانه وتعالى عليك في الكون. ولذلك إذا أردت الدعاء وأردت الالتجاء
فافعل ذلك عبادة وليس تطلعا للدنيا، واسأل الله سبحانه وتعالى خير الدنيا والآخرة، فهو مالك السماوات والأرض ومالك الدنيا ومالك الآخرة. مالك يوم الدين سبحانه وتعالى فالالتجاء إلى الله وحده ولا يكون مقصودك إلا الله ولا تتعلق بالزمان ولا بالمكان ولا بالأشخاص ولا بالأحوال ولا تلتفت إلى ما سواه واجعل قلبك خاليا من السوى واجعل مقصودك الأعظم هو الله سبحانه وتعالى والتجئ إليه بهذا الدعاء فإما أن يستجيب لك فيه
فورا أن يؤجله فيستجيب بعد مدة وإما أن يدخره لك عبادة وثوابا يوم القيامة، فيبقى الدعاء خيرا كله استجيب أو لم يستجب لأنك لا تدري أين الخير ولا تدري الغيب ولا تدري ما هو أصلح لك، والذي يعلم ذلك كله هو الله سبحانه وتعالى لا إله إلا هو ولا حول ولا لا قوة إلا بالله يعلمك الأدب مع الله في أمور الأمر الأول إذا ما دعوت الله فادعوه عبادة، لا تدعوه سبحانه وتعالى تشوقا وطلبا للدنيا، إنما ادعوه
عبادة، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول الدعاء هو العبادة في حديث أبي هريرة الدعاء هو العبادة، هذا حديث صحيح أخرجه الأربعة حديث آخر أقل صحة لكنه صحيح أيضا لكنه أقل إسنادا يقول الدعاء مخ العبادة، انظر الفرق، الدعاء مخ العبادة يعني أعلى شيء في العبادة، أما الآخر الدعاء هو العبادة يعني الصلاة دعاء والزكاة دعاء والحج دعاء والصيام دعاء، الدعاء هو العبادة يعني حقيقة العبادة، هذه الصلة التي بينك وبين الله. في بعض الناس عندما يدعون ربنا آتنا في الدنيا
وما لهم في الآخرة من خلاق، يا مولانا اجعل ابني ينجح، والشيك الذي علينا يسدد، والقضية الموجودة يتنازلون عنها، كله دنيا، ما أحد قال أبدا ادع الله أن يفتح علي فتوح العارفين به، ادع أن الله يعلمني الأدب معه، ادعو الله لكي يشفع لنا نبيه يوم القيامة، أدعو الله أن يدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عذاب ولا عتاب، أدعو الله أن يعلي درجتي يوم القيامة، أدعو الله أن يستر عيبي وأن يغفر ذنبي، أدعو الله أن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم أبدا، كل هذا اللهم استجب لمن حضر ولمن غاب ولأحيائنا
وأمواتنا اللهم إننا في حاجة إلى رحمتك ولسنا في حاجة إلى مؤاخذتنا فاعف عنا واستر عيوبنا وارحم زلاتنا واقبل توبتنا إنك على كل شيء قدير يا حليم يا الله يا الله يا الله هذه من بركة سيدي ابن عطاء نقرأ كتابه فنذكر الله وترق قلوبنا لذكره ما هذا وهو قاعد يأخذ ثوابا الآن مما ترك من بعده من نصيحة للمسلمين وذلك من إخلاص نيته نور الله بذلك قلبه فكان منورا رضي الله تعالى عنه وأرضاه
وضريحه هنا في سفح المقطم يزار عليه من الأنوار وجلائل الأسرار ما لا يخفى على عارف قال لا يمكن أن يؤخر الله الأمد ليعلمنا الأدب معه، تأخر أمد العطاء ودعوتك لا يستجيب لك، لا يحدث شيء في قلبك من التبرم من الاستئخار، وبعد ذلك لا تسيء الأدب مع الله، كن حسنا كن راضيا، قل يا سبحان الله لقد كنت أضيع نفسي، لقد كنت أدعو بشيء والله أعلم كان. يترتب عليها ماذا يا لطيف سبحانك يا كريم لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك
ما ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون والعياذ بالله ونحن قد من الله علينا بسيد الخلق وبالإيمان به صلى الله عليه وآله وسلم فانتقلنا من الظلمات إلى النور ومن الكفر إلى الإيمان ومن الضلالة إلى الهدى فالحمد لله الذي منحنا ذلك من غير حول منا ولا قوة إنما هو محض توفيق من الله وهداية من الله فكان الصحابة يقولون ما أنعم الله علي بنعمة بعد نعمة الإسلام ليس هناك شيء أكبر من نعمة الإسلام يا إخواننا لا مال ولا جاه ولا صحيح ولا كذلك إلى آخره بعد نعمة الإسلام أكثر من كذا أو كذا ويعدد نعم الله عليه لكن بعد نعمة الإسلام فالله هدانا وجعلنا من
المؤمنين فلا تيأس لأن اليأس من صفات الكافرين وإنما ماذا نعمل نفهم الأدب مع الله يقتضي ماذا الفهم يكون أول شيء يعلمها لنا أنك إذا دعوت فادع عبادة وادع عبادة يعني ماذا يعني لا تجعل قلبك متعلقا بالمطلوب ادعه وكأنك تقول يا رب افعل لي كذا إن شئت معناها هكذا افعل لي كذا بإرادتك وقوتك وحولك متى شئت وإن شئت اللهم اصرف عنا السوء بما شئت وكيف شئت وإن شئت اللهم إن لم يكن بك على غضب فلا أبالي انظر إلى كلام سيد المرسلين مع ربه يعلمنا الأدب أول شيء الدعاء عبادة ثاني شيء بعد أن أخليت قلبك عن المطلوب وجعلته
وجعلت المطلوب هو الله وليس الغرض الذي تدعو فيه دنيويا أو أخرويا جعلت المطلوب هو الله فلا تيأس مع الإلحاح في الدعاء من تأخر المدد فإن المدد من الله فهو ضامن لك الإجابة فيما يختاره لك لا يكون في كونه إلا ما أراد لا فيما تختاره لنفسك ما دمت لا تعرف شيئا فهذا تبرؤ من الحول والقوة أم لا تبرؤ من الحول والقوة وخروج من حولك وقوتك إلى حول الله وقوته، أليس هذا ثقة بالله؟ إن هذا ثقة بأن ما في يد الله أعظم مما في يدك وأن تدبير الله أعظم من تدبيرك،
فإذن هو يعلمنا كل هذه المعاني أن الدعاء عبادة وأن نخرج من حولنا وقوتنا إلى حول الله وقوته وأن نثق بما في يد الله أكثر مما نثق بما لدينا وألا يتطرق إلينا اليأس لأن اليأس من صفات الكافرين ونحن مؤمنون والحمد لله رب العالمين وفي الوقت الذي يريد سبحانه فإذا ما سلمت هذا التسليم كنت مجلى يعني ماذا يعني مرآة المرآة مجلى للصور تقف أمامها فتظهر فيها من صورتك التي تظهر فيها فيسمونها المرآة مجلى أي تتجلى فيها صورتك، فأنت
قلبك سيصبح مجلى لإرادة الله. يا لهذا إنك ستصبح شيئا عظيما جدا، إنك ستصبح يا أخي عبدا ربانيا ويصبح قلبك مجلى إرادة الله. ما هذا فجأة؟ نعم بالتسليم والرضا، عندما سلمت وتوكلت ورضيت عن الله يرضى الله عنك وتصبح مجلى أنوار. الله سبحانه وتعالى وقلبك يصبح مرآة تنعكس فيها إرادة الله في كونه فتصير عبدا ربانيا تقول للشيء كن فيكون من إرادتك، أأنت لك إرادة أصلا؟ أنت عدم هذا، أنت مجرد هذا، أنت لا لك إرادة ولا أنت تقول للشيء كن فيكون ولا أنت أصلا شيء، بل أنت عدم.
إذن ما الذي يحدث، الذي يحدث أنك خلصت نفسك من الحماقة والرعونة وطهرت قلبك من الرغبات والشهوات وجعلته لله، يرضى برضا الله ولا يتحرك إلا بإذنه، فتنعكس عليه إرادة الرب سبحانه وتعالى، فيصير قلبك مجلى لصفات الله، وإذا صار كذلك كنت عبدا ربانيا، عبدا منسوبا إلى الرب لا إلى الشيطان. ولا إلى الهوى ولا إلى النفس الأمارة بالسوء ولا إلى الدنيا، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الدينار، أين عبد الدينار وعبد القطيفة، لقد جعل نفسه كذلك، فرأيت الذي اتخذ إلهه هواه، ما هو إلا أن هناك أناسا يتخذون الشيطان إلها، والهوى إلها، والدنيا إلها، والقطيفة، والدرهم،
وكان رسول الله صلى عليه وسلم تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة لا في الوقت الذي تريد يبقى هذا حول وقوة ولا تبرأ من الحول والقوة تبرأ من الحول والقوة لا يشككنك في الوعد عدم وقوع الموعود وأن تعين زمنه لئلا يكون ذلك قدحا في بصيرتك التي هي العين التي ترى بها القلب حقائق الأمور أن هناك بصرا نرى فيه المحسوسات وهناك بصيرة نرى فيها الحقائق وتتنزل عليها الأنوار وتنعكس على الحقائق فيرى الأسرار وتنكشف له حقيقة أن الله على كل شيء قدير يمكن أن تفهمها بعقلك لكن حينئذ ستشعر بها بقلبك حقيقة أن الله خالق كل شيء حقيقة ولكن هذا أنت
تفهمه بعقلك حينئذ ستراها بقلبك، فهناك إذن فرق بين فهم العقل وبين رؤية الأمر ومشاهدته بعين البصيرة، إياك أن تغلق بصيرتك وتغمض عينك، إياك أن تفقئ بصيرتك فتصبح أعمى البصيرة لأن ذلك لا حل له وإطفاء لنور سريرتك، هناك أنوار في الداخل والنور عندما تشعله في الغرفة ترى الأشياء التي فيها أليس وعندما تطفئه لا ترى شيئا، فلو نور بصيرتك انطفأ داخل قلبك فلن ترى شيئا يا عزيزي إذن. فإذا انتبه حتى لو حدث أن مضى الزمن عليه، لأن الأمر عبادة. كان أحد مشايخنا يمشي مع أحد الناس
الذين لا يفهمون ومعهما شخص ثالث، فمروا برجل من أهل البصيرة فقال له إن الله يرزقك بولد، قال للثالث إن الله يرزقك بولد. فلما خرجوا من عند الشيخ قال العارف هذه بشارة، وقال الجاهل هذا دجال كيف عرف الغيب، والرجل الثالث تردد بينهما هل سيرزقني الله أم لن يرزقني بالولد. وبعد ذلك كبر الرجل في السن ولم يكن له أي جاء وقته ولم
يأت ولد وبعد ذلك قال للعارف الجاهل قال للعارف انظر ها هو ها هو لم يأت ولد ولا شيء قال له أنت فهمت كلام الشيخ فهمت أنت كلام الشيخ أم لم تفهم قالوا ماذا ولد يكون ولد وانتهى الأمر أنا فهمت كلام الشيخ ولد سيأتي له إذن هذا الشيخ هو الذي سيأتي بالولد، مات الشيخ ومات الرجل الآخر الذي كان سيأتيه الولد أيضا ولم يأته ولد ولا شيء، فقال الجاهل للعارف ها هو قد مات ولم يأت بولد ولا بنت، فقال له أفهمت كلام الشيخ؟ إذن إذا كان الله في قلب منفتح يرى بنور الله ويفهم. الكلام على حقيقته
يرزقك الله بالولد هو قال له في الدنيا فقال له العالم قال له يا أخي هو قال له في الدنيا قال له يرزقك الله الولد في الدنيا ولا يعني إن صبرت على حالك هذا رزقك الله بالولد في الآخرة يطوف عليهم ولدان مخلدون لا أنا ماذا دعونا نرى الفرق بين الاثنين يا إخواننا لأن هذا الجهل أصبحنا نحن أغلبنا هكذا جهل من هذا النوع لا نريد أن نفتح على أنفسنا الأبواب ولا نريد أن نفهم ما وراء السطور متمسكين كالمسامير فيها وهذا هكذا لا يوصلك إلى مراد الله، سبحانه وتعالى فتح لك الأبواب وكشف لك الأسرار وأنزل
لك الأنوار فلا تغلق الباب على نفسك قال له يا أخانا تأمل في الكلام يرزقك الله الولد قال له في الدنيا قال له طيب ولماذا لم تقل ذلك وهو حي قال له لأن الكلام محتمل أنا تأكدت الآن من معنى كلام الشيخ معنى كلام الشيخ يرزقك الله الولد في الآخرة وهو حي ممكن في الدنيا أو في الآخرة رزقه في الدنيا كان بها ما رزقه في الدنيا يبقى في الآخرة انظر إلى الحلاوة التي فيها تصحيح كلام الناس وانظر إلى الجهالة التي فيها اتهام الناس بالباطل والزور هذا تصرف الجهلة وهذا نور الناس الطيبين ماذا
تريد أن أفعل ما هذه؟ تعال يا محمد، ماذا أفعل بها؟ ما هذه؟ ها أكتب بها هنا. لكن هذه ليست كراسة يا محمد، هذا كتاب. انتهى، شكرا لكم. يا سلام! أمددنا؟ نحن قلنا له شيئا؟ نحن اعترضنا؟ نحن اعترضنا، وافقنا على الفور. قلنا له: ما هذا يا محمد؟ قال لي: هذا إشارة هي في إشارة جلبت ألما ومسطرة، مسطرة تدل على الصراط المستقيم، الخط المستقيم والقلم يدل على أن ما جرى وما
كتب فإنه سيكون ولا يكون في كونه إلا ما أراد، وهذا هو الصراط المستقيم، هو هذا الذي قاله محمد لنا الآن، الألم والمسطرة يعني آمن بالله وامش على الصراط المستقيم هذا الذي كلفت به وتفهم من هذا ماذا عند الله أن الله سبحانه وتعالى قد خط بالقلم ما كان وما يكون وأن الإيمان بذلك إنما هو الصراط المستقيم حسنا ولكن إذا كنتم تريدون إشارة أي إشارة طيب إذا فتح لك وجهة من التعرف فتح لك وجهه من التعرف يعني جاء ألم وستره وفتح لك شيئا هكذا فسيفتح لك شيئا ذا معنى
فلا تبال معها إن قل عملك هيا هذه بشرى لكم إذن فلا تبال معك إن قل عملك يعني القضية يا إخواننا ليست بكثرة الأعمال، مهمة جدا وكثرة الأعمال ترقق القلب، قيام الليل كثرة الذكر والولع به لا يزال لسانك رطبا بذكر الله والمحافظة على الفرائض والصلوات والصيام وكذلك والإكثار من النوافل من شأن المرسلين قام صلى الله عليه وسلم بعدما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر حتى تورمت قدماه وكان أجود الناس وكان أجود ما يكون وكان أجود ما يكون رمضان وكان يدخر طعام سنة فلا يبقى عنده إلا أيام عليه الصلاة والسلام لكن ما
سبقكم أبو بكر بكثرة صلاة أو صيام وإنما سبقكم بشيء وقر في قلبه إذن ما في القلب هو الأساس عندما نقول هو الأساس ليس معناه أن الأعمال انتهى الأمر فنفرط فيها لا هذا نحن في أحوج ما نحتاج إليه هو كثرة الأعمال، ولكن مع كثرة الأعمال ليست هي المقصد الأول بل هي المقصد الثاني، فهي مقصودة والمقصد الثاني، فنحن نؤكد على الأعمال تأكيدا شديدا ولا تنس هذا، وحين نقول بأهمية مشاعر القلب لأنها هي الأساس، لا نقلل من أهمية العمل فإنه ما فتحه لك إلا أن يتعرف إليك ولذلك قال اللهم افتح علينا
فتوح العارفين بك اللهم افتح علينا وعلمنا الأدب معك اللهم افتح علينا من خزائن رحمتك وأنزل السكينة على قلوبنا كل هذا الكلام ما معناه أنه ما دام استجاب لك وفتح فإنه أراد أن يتعرف إليك لأنك أنت عندما يأتيك في البريد شيء قوم اعلموا أن في أحد أرسلها تقرؤون من الذي أرسلها، فهذه النعم كلها من الذي أرسلها؟ الله ألم تعلم أن الله هو الذي أنعم عليك بهذه النعمة هو الذي أنعمها عليك، فأعمالك أنت تهديها إليه، وماذا تهدي إليه مما هو منعم به عليك؟ أعمالك هذه عبارة عن
أي أشياء تقدمها، امتحان تؤديه، أجبت صحيحا أم خطأ، تستحق امتيازا أم جيد جدا أم جيد أم مقبول أم تسقط، لا أعرف من الذي سيعرف من هو المقوم الذي سيصحح، حسنا جاء ليعطيك الشهادة، هذه الشهادة تستطيع أن تناقش فيها وتقول له لا أم نعم، ما انتهى الأمر حسنا، فهذا كلام صحيح، فهناك مراتب في الدنيا ما بين الطالب والأستاذ، فما بالك بين المخلوق والخالق سبحانه جل جلاله الذي لا مثيل له، أي أننا نقول هذه الأشياء لضرب المثال لأنه بضرب المثال يتضح الحال،
ولكن رب العالمين أعطاك هدية وأنت قدمت شيئا، فما قدمته محل نظر للقبول والرد لكن ما أورده هو عليك من فتح ليس محل نظر، إنما هو نعمة محضة وفضل محض، ولذلك لا تغتر بعملك واشكر الله سبحانه وتعالى على ما من عليك من فضله العميم ونعمته العليا ومنته الكبرى، حتى إذا ما وصل الأمر إلى فتح يعلمك الأدب معه والأدب في طريقه فرحت به. فينبغي عليك أن تفرح لتنوع أجناس الأعمال بتنوع واردات الأحوال، انظر ربنا
سبحانه وتعالى جعل لنا صلاة وبعد ذلك جعل لنا صياما، أمرنا بالزكاة، أمرنا بالحج، أمرنا بالذكر وبالتلاوة وبالدعاء وبالامتناع عن الفواحش وبفعل الخيرات وبالفروض وبالنوافل، تنوعت الأعمال لماذا؟ لأن كل عمل له وارد له جائزة له فتح، فيبقى سبحانه وتعالى أعطاك دليل العمل الذي تستطيع به أن تتوسل إليه وتتوصل إليه سبحانه وتعالى لأنه سوف يفتح عليك بصلاتك أنواعا من الفتوح ويورد على قلبك أنواعا من الخواطر والإيرادات والأحوال بخلاف ما يوردها عليك وأنت صائم وبخلاف
ما ينزله عليك من أنوار وكشف للأسرار وترقية للحال وأنت حاج أو معتمر وبخلاف ما تشعر به من لذة وأنت متصدق أو مزكي حتى وأنت تقبل الزكاة لأن قبول الزكاة فرض كأدائها حتى قال الشافعية يقاتل عليها من امتنع عن قبضها إذا كان فقيرا فيقال له خذ الزكاة فإذا قال لا فإنه يقاتل كمن يقاتل على منعها انظر إلى العزة أي أن الفقير وهو يأخذ مني لا يأخذ مني منة بل يأخذ مني فرضا علي وعليه، أي
لم تعد المسألة فيها منة بل فيها مطالبة، بل وليس فيها مطالبة فحسب بل لو امتنع بالتعفف أي قام الشرع لا يقبل منه هذا التعفف بهذه الصيغة ويقول له أتريد أن تبطل مراد في شريعته أراد الله أن يأخذ المال من الأغنياء فيرده على الفقراء فينفق الفقير فيحرك السوق يذهب يشتري طعاما وشرابا فالبقال يستفيد وملبسا ومسكنا ومركبا فالناس تستفيد والسوق يعمل لكن أنت لا تريد أن تأكل ولا تشرب فكيف إذن والناس تأكل من أين وأنا أضع الزكاة لن أنفقها لأنها ليست إذن أنت أوقفت حركة المجتمع، انظر إلى الكلام أي في عزة، أي أن القضية ليست قضية غني وفقير وأعلى
وأسفل، هذه القضية هنا قضية مراد الله من شرعه ومراد الله من خلقه. قال رحمه الله تعالى الأعمال صور قائمة مثل هذه الزجاجة صورة قائمة لكن فيها مياه من الداخل، فهي إنها وأرواحها ووجود سر الإخلاص فيها، فما هي المياه التي تروي؟ هل هي الأعمال أم الإخلاص؟ الإخلاص في مياه من غير إناء سوف تتبدد وتضيع في الأرض، والإناء من غير مياه، أتريد أن يبقى إناء من غير مياه؟ لكن كم قيمته؟ ثلاثة قروش أو نحو ثلاثة قروش، ولكن عندما يكون فيها مياه قد تصل إلى مليون جنيه عندما تكون محتاجا إليها تريد أن
تشرب وتنقذ نفسك من الموت ومعك المليون تدفع المليون لها منفعة ولكن الإفادة ما منفعتها تابعها حتى تحفظ فتبقى مهمة أم لا غاية في الأهمية إذن ما هو المقصود لا بالرغم من أنها غاية في الأهمية إلا الأهم هو الماء الذي في داخلها الذي يحدث الري أو الشبع عند الإنسان، الماء والطعام وليس الإناء، لا يحدث الري. إذن علينا أن نفهم هذا المعنى الجليل الذي يجعل الأعمال يقول الأعمال صور قائمة وأرواحها وجود سر الإخلاص فيها. إذن لا بد لك من الأعمال ولا بد لك أيضا من أن تضع فيها سر الإخلاص، إنما الأعمال بالنيات
وإنما لكل امرئ ما نوى، والله تعالى أعلى وأعلم. نستمع الآن إلى