الحكم العطائية | من 71 - 80 | أ.د علي جمعة

الحكم العطائية | من 71 - 80 | أ.د علي جمعة - الحكم العطائية, تصوف
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه قال رضي الله تعالى عنه وقدس سره إنما جعل الدار الآخرة محلا لجزاء عباده المؤمنين لأن هذه الدار لا تسع ما يريد أن يعطيهم ولأنه أجل أقدارهم عن أن يجازيهم في دار لا بقاء لها إذا هذه تؤكد أن الدنيا فانية وأن الله سبحانه وتعالى سينعم على المؤمنين بالنظر إليه، ولكن النظر إليه سبحانه لا يكون في الدنيا الفانية، إنما يكون في دار البقاء. في الدنيا الفانية
لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، في الدنيا الفانية لا يستطيع الإنسان أن ينظر إلى ربه ولكن في الآخرة لهم الحسنى وزيادة قال العلماء الزيادة النظر إلى وجهه الكريم فاللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم في جنة الخلد يا أرحم الراحمين والنظر إلى وجه الله لا مزيد عليه في التمتع الحسي والمعنوي والنظر إلى الله لا يكون بالأبصار وبالأحداق إنما يكون بشيء يخلقه الله سبحانه وتعالى قال تعالى وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها
ناظرة، وجوه يومئذ ناضرة يعني من النضرة، نضرة النعيم، إلى ربها ناظرة، فالوجوه تنظر وليس العين، لأنه لا يدركه سبحانه وتعالى البصر، إنما الذي يدركه شيء وراء ذلك يخلقه الله سبحانه وتعالى في العبد كما خلقه في سيد المرسلين صلى الله عليه وآله. وسلم في ليلة المعراج فرآه كما قال ابن عباس وكما ورد في سورة النجم على إرجاع الضمير إلى الله سبحانه وتعالى كما ثبت في البخاري إنما جعل الدار الآخرة محلا لجزاء عباده المؤمنين لأن هذه الدار تضيق عما ادخره ربنا سبحانه وتعالى للمؤمنين تضيق
عنها ولا تتسع لها ولو أنه أعطانا هنا لديك الدنيا يعني لو أنزل علينا النعيم الذي ادخره لنا في الآخرة لهلكت الدنيا، الجبال لا تتحمل، الأرض لا تتحمل، هذه الدنيا مبناها على الذرات واتساق الأجساد واجتماع الجواهر وهي لا تتحمل ما أعده الله لنا من النعيم. إذا عرفت ذلك هانت عليك الدنيا بما فيها لأنها ليست أهلا للبقاء إذا عرفت ذلك فهي ليست أهلا للنعيم، إذا عرفت ذلك فلأن الله سبحانه وتعالى أجل أقدارهم عن أن يجازيهم في دار لا بقاء لها، فيكون الجزاء مؤقتا وجزاء ربنا
للمؤمنين مؤبدا. من وجد ثمرة عمله عاجلا فهو دليل على وجود القبول آجلا، إذا فبعض الناس يرى ثمرة عمله الآن فالله كريم من أن يعطيه الآن ويحرمه غدا، فاللهم نعوذ بك من السلب بعد العطاء ومن الحور بعد الكور. قال إذا أردت أن تعرف قدرك عنده فانظر فيما يقيمك، فلو كنت مشتغلا بالذكر والصلاة والعبادة والتلاوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورأيت أن الله قد وفق قلبك إلى ألا يتعلق بالدنيا وأن يحب
في الله وأن يبغض في الله وأن يكون هكذا فإن الله راض عنك وإذا كان قد أقامك في جمع حطام الدنيا وعلق قلبك فيها وجعلك دائم السرحان في الصلاة والتوهان في العبادة فاعلم أنك تحتاج إلى أمر آخر من ذكر الله والإكثار منه الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بابنا إلى الله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وبابنا إلى رسول الله الصلاة عليه يتقنها الجاهل والعالم والعارف والغافل اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم أكثر من الصلاة على رسول الله يتقبلك الله ويعود لسانك على ذلك قلبك
على ذلك ثم سرك على ذلك بعد روحك على ذلك متى رزقك الطاعة والغنى بها عنها فاعلم أنه قد أسبغ عليك نعمة ظاهرة وباطنة فالله متى رزقك الطاعة ثم رزقك ألا تلتفت إليها فاعلم أن الله سبحانه وتعالى يحبك وقد أسبغ عليك نعمة ظاهرة وباطنة وما إذا أسبغ الله عليك نعمة فماذا تفعل؟ تكثر الشكر والحمد له، ثم تعجز عن الشكر والحمد له سبحانه وتعالى، فإذا عجزت عن ذلك فقد تحققت خير ما تطلبه منه، ما هو طالبه منك، يعني خير شيء تطلبه من الله الاستقامة، والاستقامة نقول اهدنا،
يعني نطلب من الله، إنه اهدنا الصراط المستقيم، فنحن نطلب من الله الصراط المستقيم وهو طلب منك أن تستقيم كما أمرت فيكون خير ما تطلبه منه هو ما يطلبه منك فيكون اللهم وفقنا لحسن عبادتك وذكرك وشكرك ونور قلوبنا بذكرك وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين واجعلنا مع الصادقين وهو أمرنا فقال يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين. الحزن على فقدان الطاعة مع عدم النهوض إليها من علامات الاغترار. قد نقول أنا لا أذكر، أنا لا أطيع، أنا أعصي
وحزين وأبكي، ولكن ليس هناك نهوض وهمة للعودة إلى الله، فيكون ذلك اغترارا. ولذلك لا بد أن نبادر بالرجوع إلى بالقيام بالأذكار وكلما تركناها رجعنا إليها وكلما نسيناها لا نيأس من أنفسنا فيها حتى يستقيم الحال ويرى الله منا ذلك فيمن سبحانه وتعالى علينا بكثرة الذكر وبالاستقامة عليه قد نذكر بألسنتنا ولا تحضر قلوبنا ثم نذكر بقلوبنا ثم نذكر بأرواحنا ثم نذكر بأسرارنا وهكذا فلا نيأس أبدا لأن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون فاللهم اجعلنا من التوابين واجعلنا من المتطهرين وارضنا برضاك
ما العارف من إذا أشار وجد الحق أقرب إليه من إشارته ليس العارف الذي يمد يديه ويقول يا رب فيستجيب له هذا ليس العارف هذا رجل صالح أو امرأة صالحة بل العارف من لا إشارة له يعني يرضى بقضاء الله فيه ولا يدعو ولا خلاف ذلك ساكت هكذا لفنائه في وجوده سبحانه يعني راض بكل شيء يأتي يدعو على أحد ويقول ادع عليه لماذا لا تتركه يأتي قرار يقول إقرار لماذا ألا يحسن هكذا فلا يرفض ولا يطلب فيصبحون كشأن كبار الملوك يطلبون ولا يرفضون ولكن
الآن لا يرفضون ولا يطلبون، هذا من التربية التي يربونهم بها وهم يربونهم على الغرور والاغترار، ولكن هذا وصل إلى هذه الحالة من فنائه في وجود الله سبحانه وتعالى ووجوده وانطوائه في شهوده، يرى ربه في كل شيء فيستحيي أن يقول له يا رب غير، اسكت واخجل، هذا من هو؟ هذا العارف بل العارف من لا إشارة له لفنائه في وجوده وانطوائه في شهوده، طوال النهار يرى ربه فطوال النهار يرى الفيلم الخاص بربه، سيعترض ويقول له: لا، أزل هذه من هنا وضع هذه من هنا، ولكن أنا نفسي هكذا، فتبقى لا تعرف وتدعو ويستجاب وقال ربكم ادعوني
أستجب لكم وسيستجيب لك لا يوجد مانع ولكن تكون درجة ثانية فهناك درجة ثانية وهناك درجة أولى فالدرجة الثانية يدعو ويتعبد بالدعاء ويستجيب الله الدعاء ويمن على عبيده ويظهر آياته سبحانه وتعالى في خلقه ولكن يوجد ما هو أعلى من ذلك وهو الحب وهذا الحب أعلى شيء في المعرفة الرحمة، وينبت من الرحمة الحب، فما الأساس الرحمة أم الحب؟ لا، الأساس الرحمة، ولذلك أنزل وقال ماذا؟ بسم الله الرحمن الرحيم، لم يقل بسم الله الحبيب المحب أبدا، لقد جاء بها من أصلها لأن أصل الحب عطاء، والعطاء لا يأتي إلا من رحمة، وأصل
الحب الكرم. والكرم لا يتأتى إلا بالرحمة وأصل الرحمة ولذلك لا تتأتى الرحمة إلا إذا كان لديك رحمة، ولذلك كرر فقال بسم الله الرحمن الرحيم. انتبه لم يقل بسم الله الرحمن، وإنما قال بسم الله الرحمن الرحيم، أي أن الرحمة لا تأتي إلا من الرحمة، فالرحمة هي الأساس الذي تتولد منه ويتولد منها الحب ويتولد منها الكرم ويتولد منها الوفاء ويتولد منها الشهامة وإنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق قالوا إنما شرح بسم الله الرحمن الرحيم يعني النبي ماذا فعل في الدين كله يشرح لنا ما معنى بسم الله الرحمن الرحيم قالوا فالقرآن
مجموع في الفاتحة والفاتحة في البسملة والبسملة في فقط وفقط في الباء والباء في نقطتها فهي التي كانت عندما قال الله كن فيكون قالوا إن الكون كان نقطة فانفجرت فكان هذا الكون فأصل الحكاية نقطة منها البداية صارت فصارت خطا فالتف فصارت دائرة فتكونت فصارت مثلثا فمربعا ثم تحيزت فصارت أكوانا نقطة والنقطة هذه أهي معدومة أم موجودة لا تعرف أهي من ناحية معدومة لأنها لا وجود لها ومن ناحية موجودة لأنها بها كان ما كان بتكوين الله الرجاء ما قارنه
عمل وإلا فهو أمنية ونقول أبنية وأمنية مثل أضحى وأضحى وأثفى فنقول أماني وأماني وأثافي وأضاحي وليس لها رابع مطلب العارفين من الله الصدق العبودية والقيام بحقوق الربوبية يبقى إذن العارف بالله لا بد أن يكون صادقا في عبوديته قالوا اعرف نفسك تعرف ربك ولا بد أن تقوم بحقوقه سبحانه وتعالى من إظهار العبودية له والتأدب معه فاللهم أدبنا معك وعلمنا الأدب معك واسلك بنا الطريق إليك ببسطك
كي لا نبقى مع القبض نتلاقى اذهب فرحا حتى لا تبقى كئيبا واقبض كي لا يتركك مع البسط وتجد نفسك حزينا حتى لا تظن أن الله لا يحب الفرحين الذين هم على هذا الحال دائما وأخذ في وجهه وأخرجك عنهما كي لا تكون لشيء دونه فأنت لله ولا يبقى عليك حال بل يقلبك في كل حال من هو الله في حال بسطك وفي حال حزنك وفي حال خروجك من همومك إنما أنت لله فلا إله إلا الله ولا يبقى إلا الله ولا يثبت عندك إلا الله لا إله إلا الله
ولذلك قالوا عنه أنه الاسم الأعظم الله خلاصة الحكاية هكذا الله فلا إله إلا الله قالوا إذا أسقطت الألف من كلمة الله فإن ذلك يدل على الله، فكلمة الله عندما تحذف منها الألف يبقى ماذا؟ لله، وإذا حذفت اللام يصبح له، وإذا حذفت اللام الثانية يصبح هو، فلا إله إلا هو، وما نحتاج إلى هذا يا أولاد، ففي جميع اللغات يوجد وحدة وخداي وما شابه وما أدري ما في العبرية والسريانية والفارسية والإنجليزية والفرنسية ولن تجد شيئا أبدا مثل الله، جل
جلاله. اللهم ارض عنا برضاك واهدنا بهدايتك وأنقذنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك ووفقنا إلى ما تحب وترضى وأنزل علينا السكينة يا أرحم الراحمين وقنا الزلل والخطأ والخطيئة ووفقنا إلى ما تحب وترضى اللهم حبب فينا خلقك اللهم اهدنا بهدايتك واهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت نور قلوبنا وخفف عنا وارحمنا وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اشفع لنا يا سيد الخلق يا أرحم الراحمين واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظما بعدها أبدا ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب
يا رب يا رب يا رب نسمع الشيخ سيد في مدح رسول الله حيث كان يحب رسول الله أن يسمع المدح فكان يجلس كعب بن زهير ويضع له عباءته ويسمع من عبد الله بن مسعود ويقول إذا أردتم أن تسمعوا القرآن كما أنزل فاسمعوه بقراءة ابن أم عبد وعين بلالا مؤذنا له وقال هو أندى منك صوتا فكان يحب الصوت الحسن واختار أبا محذورة للأذان بمكة فاختبره من مجموعة واختاروا هكذا مثل لجنة الاستماع في الإذاعة ولكن هذه لجنة استماع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجمل الناس وأحلى الناس صلى الله عليه وآله وسلم هو
واسطتنا بيننا وبين ربنا تلقى الوحي على قلبه الشريف هو سيد الخلق أجمعين لا يدخل الجنة من لم يحب صلى الله عليه وسلم ويخفف عن الكافر بحبه فلو أحبه الكافر خفف الله عنه أخرج البخاري أن أبا لهب يخفف عنه كل يوم اثنين لأنه فرح بمقدم النبي ومولده فأعتق ثويبة الكافر الذي في قرآن يتلى إلى يوم الدين في المحاريب وفي الصلاة خفف الله عنه بحبه للنبي صلى الله عليه وسلم وكان أبو لهب يحب النبي واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه هو كافر بعقله لكن قلبه مع النبي، ولذلك زوج ابنتيه أم كلثوم ورقية من ابني أبي
لهب، ولكن فما بالك لو أحبه المؤمن كيف سيكون، فالله حببنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم