الحميد | من أسماء الله تعالى الحسنى | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع اسم من أسماء الله الحسنى، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، نعيش هذه اللحظات مع اسمه سبحانه الحميد، والحميد اسم من الأسماء التي وردت في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه المشهور الذي تعرفونه جميعا وهو على وزن فعيل فهو سبحانه وتعالى محمود من البشر وهو يستحق كل الحمد ولذلك فإن
الحمد لله رب العالمين والألف واللام في كلمة الحمد قد تكون للجنس أي تقول جنس الحمد لله رب العالمين وقد تكون هذه الألف واللام للاستغراق وكلمة استغراق معناها كل الحمد يعني استغرقنا كل أنواع الحمد لله رب العالمين فالألف واللام سواء كانت للجنس أو للاستغراق فإن هذا يدل على أن الحمد أول من يستحقه هو الله سبحانه وتعالى هو رب العالمين فهو حميد الله أمرنا بحمده وشكره فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون وعلمنا
في الفاتحة التي نقرأها سبع عشرة مرة كل يوم في الصلاة على سبيل الفرض أن نبدأ فنقول بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين فأول ما نقوله بعد البسملة التي نبدأ فيها باسمه تعالى الحمد لله رب العالمين نقر أن كل الحمد وأن جنس الحمد إنما هو لله رب العالمين، ثم أمرنا أن نشكر الناس وجعل ذلك من كمال حمده سبحانه وتعالى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يشكر الناس لا يشكر الله، وأمرنا إذا ما قدم أحد إلينا معروفا أن نقول له جزاك الله خيرا، وقال من قال لأخيه وقد قدم له معروفا جزاك الله خيرا فقد أجزل له الشكر،
كلمة "من لا يشكر الناس لا يشكر الله" كلمة عظيمة تدل على أخلاق المؤمن وأنه يجب أن يشكر الله سبحانه وتعالى حتى في صورة شكر البشر على كل نعمة يوصلها الله سبحانه وتعالى إليه عن طريق أولئك البشر، ولذلك يقول العرب: شكرا وهي منصوبة وسبب نصبها أنها مفعول به وكان هناك فعل محذوف تقديره أشكرك شكرا أشكرك شكرا يكون فيها المفعولية وبعضهم يسميه المفعول المطلق عندما يأتي
الفعل مثل المصدر مثل المفعول به أشكرك شكرا وليس مثلا أذكر شكرا أو أقدم لك شكرا أشكرك شكرا فيسمونه مفعولا مطلقا وذلك لأن أشكرك فيها الشكر وشكرا فيها الشكر، فكان الشكر مكررا مرة في الفعل ومرة في المصدر، ولذلك يقولون إن المفعول المطلق فيه تأكيد، لأن كلمة شكرا التي وردت هنا قد أعيدت مرة أخرى بعد أن ذكرت في الفعل، فذكرت مرة داخل الفعل أشكرك لأن أشكرك مشتملة على شكر وصرح بها. مرة
أخرى شكرا بالتصريح فمرة بالتلميح ومرة بالتصريح فذكرت مرتين وما يذكر مرتين يسمى تأكيدا إذن فنحن نؤكد الشكر انظر إلى فلسفة العربية عندما يقول أحدنا للآخر لا يقول له شكر أبدا يقول له شكرا بالنص معناها أنني أشكرك شكرا مؤكدا ذلك تحقيق لمعنى كلمة الحميد ونحن نشكر الناس إنما نحن نشكر الله سبحانه وتعالى لأنه هو الذي يستحق الشكر وأمرنا أن نشكر الناس حتى نصل من هذا الشكر إلى شكره سبحانه وتعالى، لا يشكر الله من لا يشكر الناس، والله سبحانه وتعالى وهو محمود
بهذه الصفة هو حامد أيضا لأنه قد حمد أنبياءه وأولياءه ومن أطاعوه في هذه الحياة الدنيا فالله سبحانه وتعالى يشكرهم، ولذلك عندما نعزي يقول أحدنا للآخر شكر الله سعيك، فالله يشكر سعيه ويتقبل الطاعات فهو يشكر بذلك المطيع، لأن الله عندما يتقبل الطاعة فهذا من فضله ومنه وكرمه. الله سبحانه وتعالى حميد، فسبح واحمد ربك فإنه هو الولي الحميد.
إلى لقاء آخر نستودعكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته