الرؤوف | من أسماء الله تعالى الحسنى | أ.د علي جمعة

الرؤوف | من أسماء الله تعالى الحسنى | أ.د علي جمعة - اسماء الله الحسنى, تصوف
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مع اسم من أسماء الله الحسنى التي ذكرها أبو هريرة رضي الله تعالى عنه في حديثه المشهور إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا من أحصاها دخل الجنة، هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. عد منها أبو هريرة اسم الرؤوف، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها. فنحن نلجأ إلى الله سبحانه وتعالى
لأنه رؤوف، والرأفة في حقيقتها التي هي في الإنسانية شفقة. قال تعالى في شأن أولئك العصاة الذين ينشرون الفاحشة ويتباهون بها ولا تأخذكم بهما رأفة أي شفقة في دين الله، سبحانه وتعالى منزه عن مماثلة البشر، فرأفته ليست هي هذا الشعور القلبي الذي نجده في أنفسنا من شفقة وعطف وحنو، بل إنه رؤوف وحنان ورحمن لكن بطريقة لا تشبه ما عليه البشر، لأن الرب رب والعبد عبد وهذا مقرر في لغة العرب أن ما كان موصوفا به الله
فهو ليس كما هو موصوف في حالة البشر لأن الله سبحانه وتعالى هو غيب الغيوب لا تدركه الأبصار وهذه الحياة الدنيا نراها ونشعر بها ونخالطها ونتصل بها اتصال المماسة نلمسها ونعرف ما في قلوبنا من معنى الرحمة ومن معنى الرأفة معنى الشفقة ومعنى العطف ومعنى الحب والود نعرف كل هذا في أنفسنا وندركه إدراكا تاما كما نتذوق الطعام ونشعر بالشراب وكما يحدث لنا الماء الري في أنفسنا أو يحدث لنا الطعام الشبع في أنفسنا محسوسا ولكن صفات الله سبحانه وتعالى شيء آخر فهو سبحانه وتعالى متعال وهو سبحانه
وتعالى عنده رأفة، الله الرحمن الرحيم، رحمن الدنيا يرحم فيها المؤمن وغير المؤمن، المسلم وغير المسلم، ورحيم الآخرة يرحم فيها سبحانه وتعالى في الآخرة المؤمنين ويعاقب غير المؤمنين بما قدموا من إفساد في الأرض وطغيان وبغي في هذه الحياة الدنيا، ومن تكبر على المؤمنين كلما شاهدوهم وصفوهم بالإجرام وبالمخالفة وبالفساد. في الدنيا إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون، وإذا مروا بهم يتغامزون، وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين، وإذا رأوهم قالوا إن
هؤلاء لضالون، وما أرسلوا عليهم حافظين. فالله سبحانه وتعالى رحمن الدنيا ورحيم الآخرة يرحم في الآخرة المؤمن الذي صبر والذي حمل الرسالة والذي عمر الأرض. والذي عبد الله والذي زكى نفسه والذي فعل الخير فقد أفلح في الآخرة ولكن الرؤوف هنا فيه تجاوز فوق الرحمة فالله سبحانه وتعالى بالرغم من أن هذا الإنسان بالعدل لا يستحق الرحمة فيدخل في نطاق الرأفة ولذلك فالرأفة تعطى لمن لم يكن مستحقا
للرحمة لأنه لم تتوافر فيه صفات من أن نرحمه إنما من فضل الله وكرم الله أن جعل دائرة أخرى للرأفة، ولذلك نستعمل في حياتنا العادية ذلك التلميذ الراسب الذي نريد أن ننجحه فيقول تمتع بدرجات الرأفة ولم نسمها بدرجات الرحمة لأن الرحمة إنما تكون لذلك الذي امتنع أو منع من الامتحان مثلا لأنه قد أصيب في حادث فالرحمة تقتضي علينا أن نذهب إليه وأن نمتحنه في مكانه أو أن نؤجل امتحانه أو أن نتعامل معه بشيء من الرحمة، لكن هذا دخل وقصر في الإجابة فاستحق
درجات لا تنجحه، فإذا بنا نعطيه درجات الرأفة، فالرأفة لمن لا يستحق الرحمة، فالله سبحانه وتعالى لم يغلق الباب فقد يكون هؤلاء الناس طائفة من الناس قد لا تستحق الرحمة لأنهم اعتدوا عن نية وقصد وما إلى ذلك، ولكن حالهم هذا يستحق الرأفة لأنهم مع هذا كانوا من الضعف والوهن وكانوا من الاضطراب وعدم جمع الهمة في حالة مزرية استحقت الرأفة والشفقة، ولذلك فالله سبحانه وتعالى رؤوف رحيم رؤوف بمن لا يستحق ورحيم بمن يستحق
إلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته