الستير | من أسماء الله تعالى الحسنى | أ.د علي جمعة

الستير | من أسماء الله تعالى الحسنى | أ.د علي جمعة - اسماء الله الحسنى, تصوف
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، وأسماء الله الحسنى كثيرة، بعضها ورد في الكتاب في القرآن الكريم وبعضها ورد في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه في رواياته الثلاث التي أخرجها الترمذي وبعضها ورد على لسان النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يرد لا في حديث أبي هريرة برواياته المختلفة ولا في القرآن
الكريم. أسماء الله الحسنى في القرآن الكريم مع التتبع ومع الاشتقاق تصل إلى أكثر من مائة وخمسين اسما، وفي السنة بالتتبع مع هذه الروايات ومع الاشتقاق تصل إلى مائة وستين اسما وأكثر، وإذا ما حذفنا المكرر بين المائة والخمسين والمائة والستين الوارد في الكتاب والسنة تكون أكثر من مائتين أو مائتين وعشرين، وهذه الأسماء كلها إنما وصف الله بها نفسه من أجل أن يتخلق بها الإنسان فيما يجوز له فيه التخلق، وأن يتعلق بها الإنسان فيما يجوز له به التعلق وأن يصدقها الإنسان فيما يجب عليه أن يصدقه من أجل أن يعلم من يعبد ومن
أجل سعادة الدارين ومن أجل أن يسير في هذه الحياة الدنيا وهو على صلة دائمة بالله إما بذكره وإما بسلوك الطريق إليه وإما بطاعته وإما بنحو ذلك من العبادة وعمارة الأرض وتزكية النفس من هذه الأسباب التي لم ترد في كتاب ولا في حديث أبي هريرة، وإن كانت قد وردت في السنة النبوية الشريفة. الستير على وزن فعيل، وهذا ورد في قوله صلى الله عليه وسلم أن الله حيي ستير يحب الستر، فالله سبحانه وتعالى يستر المؤمن
في الدنيا، ولذلك يأمرنا رسول أمرنا الله صلى الله عليه وسلم أن نستر المؤمنين ونتجاوز عن هفوات ذوي المكانة، فإذا أخطأ أحدنا فإنه يجب على أخيه أن يستره، فاستر على أخيك ولو بطرف ثوبك، من ستر مؤمنا في الدنيا ستره الله يوم القيامة، إن دين الإسلام مبني على الستر وعلى العفو وعلى عدم إشاعة الفاحشة دين الإسلام مبني على عدم التفاخر بالمعصية، بل يجب علينا أن نستر هذه المعصية حتى تنسى وحتى يستمر من وقع فيها وقدر عليه هذا البلاء في التوبة
إلى الله من غير فضيحة، ولذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنصيحة ونهانا عن الفضيحة، فإذا ما نصحت أخاك في السر برفق وكأنه هو أنت، فإنها نصيحة وإذا ما جهرت بذلك فإنها فضيحة. فأمرنا بالنصيحة دون الفضيحة والنبي صلى الله عليه وسلم سار على هذا النهج يعلم أصحابه ويعلمنا ويعلم العالمين إلى يوم الدين أن الأصل هو الستر والله سبحانه وتعالى يستر المؤمن مرات ولذلك فجيء لعلي بن أبي طالب بشخص يستحق الحد لأنه
قد ارتكب جريمة من الجرائم وجاءت أمه تتشفع فقال لها علي أن الله سبحانه وتعالى لا يفضح العبد في المرة الأولى، ابنك هذا قد اعتاد الإجرام وارتكب هذه الجريمة مرات. قالت كيف تعلم؟ قال لأن الله سبحانه وتعالى ستير يحب الستر، وبعد أن أقام عليه العقوبة سأله أي مرة هذه فقال هذه هي المرة العشرون أي أن الله سبحانه وتعالى ستره مرة وثانية وثالثة ورابعة وخامسة لا بل ستره عشرين مرة وهو يرتكب ذلك الجرم لا يستحي من الله ويضر الناس ويوقع بهم الأذى
بكل أنواع الأذى في أعراضهم أو أموالهم وأيضا يتهم بعضهم بعضا ظانين أنهم هم الذين ارتكبوا هذه المعصية في حين أن هذا هو الذي ارتكبها كان ينبغي عليه أن يتوب إلى الله وأن يتمتع بستره ولكنه لم يفعل، الله سبحانه وتعالى يستر فعليك أيها المؤمن أن تستر، تستر نفسك أولا ولذلك نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجاهر بالمعصية وأن نفتخر بها وتستر أخاك ثانيا ولذلك أمرنا أن نستر
على المؤمنين إلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته