السلام ج1 | من أسماء الله تعالى الحسنى | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع اسم من أسماء الله الحسنى، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، مع اسمه السلام سبحانه وتعالى، وهو اسم من الأسماء التي وردت في الكتاب والسنة، وهذا يدل على أن المسلمين من أهل السلام وهم حملة سلام للعالم حتى إن قتالهم وجهادهم هو في سبيل الله لرفع الطغيان ودفع العدوان ونشر السلام فهم
يضربون على أيدي من يريدون فسادا في الأرض ولذلك يعد من البلية العظمى والمصيبة الكبرى أن ينشأ أناس لا يدركون هذا من دين الإسلام فيشوهون صورته لدى الفاهمين وغير الفاهمين له العالمين فحسبنا الله ونعم الوكيل، ولكن الحق أبلج والباطل لجلج، ولذلك فإن الحق يزهق الباطل والحمد لله رب العالمين. المسلم تحيته في الدنيا هي تصدير ذلك الاسم، فعندما يقابل الآخرين يقول السلام عليكم، والمسلم إذا ما أنهى صلاته فإنه يقول السلام عليكم وكأنه يبدأ حياته الجديدة بعد أن التقى بربه. يواجه
بها الناس بالسلام، الصلاة صلة بين العبد وربه، يغفر الله بها الذنوب، ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شأنها: والصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما، وفي الحديث أن الإنسان بعد الصلاة يقول احترقت أي أذنبت حتى تأتي الصلاة الأخرى فيمحو الله ذلك، وربنا سبحانه وتعالى يقول وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة فجعل الصلاة محصورة بين قولين حسنين يقولوا للناس حسنا قبل الصلاة ثم الصلاة التي تنتهي بقوله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكذلك
السلام اسم من أسماء الجنة فهي دار السلام لهم دار السلام عند ربهم دار السلام التي تسمت بها عاصمة الإسلام بغداد فسموها دار السلام لأنها تدعو إلى السلام وتدعو إلى الإسلام والسلام أيضا هو الذي اشتق منه الإسلام فكلمة سلام جاءت من سالمه وكذلك هنا السلام بمعنى الإسلام إذا يجب علينا أن نتفهم حقيقة السلام في الإسلام لأنه اسم من أسماء الله تعالى تخلقوا بأخلاق الله وإن جنحوا
للسلم فاجنح لها وتوكل على الله فالسلام مأمور به البشر جميعا وتأتي الحرب ويأتي القتال وتكون هذه الأحوال إنما هي درء للمفاسد وجلب للمصالح وليست مقصودة في ذاتها ولذلك ترى المسلمين والحمد لله رب العالمين على مر القرون وكر الدهور لم يستعمروا بلدانا دخلوها فعاشوا فيها وتزوجوا منها وأنجبوا وكونوا الأسر وما أدراك ما العائلة حب ومودة ونسب وصلة وصهر وبقاء في وطن ينتمون إليه، لم يأخذوا خيرات البلاد إلى
بلادهم الأصلية، لم يجعلوا الحجاز جنات ومروجا وكانوا يستطيعون ذلك بدعوى أن فيها مكة والمدينة المدينتين المقدستين عند المسلمين، واحدة فيها بيت الله الحرام والثانية فيها المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فكيف هذا يفعلون هذا لأنهم لم يظلموا العباد بل دخلوا بالسلام وخرجوا بالسلام وعاشوا بالسلام ودعوا إلى السلام ورأيت الناس حينئذ وحينما رأوا منهم هذا يدخلون في دين الله أفواجا إذ السلام اسم من أسمائه تعالى يجب علينا أن نتخلق به وأن نفهم مداه وأن نعلم علاقته بدين الإسلام وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته