السلام ج2 | من أسماء الله تعالى الحسنى | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع اسم من أسماء الله تعالى، مع أسمائه الحسنى، حيث أطلق الله سبحانه وتعالى على نفسه اسم السلام، والسلام قد اشتق منه الإسلام، فالإسلام دين السلام وربنا سبحانه وتعالى هو السلام لأنه هو الرحمن العفو الغفور لأنه هو الرؤوف بعباده
والله سبحانه وتعالى قد خلق هذا الكون وجعله على الوفاق والتكامل، التكامل بين الذكر والأنثى والتكامل بين الغني والفقير والتكامل بين الإنسان والكون وبين السماء والأرض وبين الشمس والقمر في كونه كله قد جعله على التكامل لم يجعله على الصراع والنزاع والحرب فالله سبحانه وتعالى ليس حربا وليس كما كان في تصورات الوثنية اليونانية أن هناك إلها للحرب يسمى مارس، هذا الإله الذي للحرب وكان من صفات الله الحرب، لكن الله سبحانه وتعالى سمى نفسه بالسلام
والسلام ضد عدم الطمأنينة والاضطراب وعدم الاستقرار، ضد الحرب والقتل والدم الذي يجري مخالفا لاسم الله سبحانه وتعالى. والسلام كما أنه هو الذي اشتق منه لفظ الإسلام هو أيضا تحية المسلمين فإذا ما لقي المسلم أخاه فإنه يسلم عليه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والسلام الذي في هذه التحية هو الله سبحانه وتعالى ولذلك عندما كان الصحابة يقولون السلام على الله السلام على النبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقولوا هكذا فإن
السلام هو الله فيبدأ أحدنا أخاه بقوله السلام عليكم يعني الله لكم وفي عونكم والذي بيني وبينك ابتداء هو الله فإذا كان الله بيني وبينك فإن العلاقة تدوم فإنه ما كان لله دام واتصل وما كان لغيره انقطع وانفصل السلام كما أنه المسلمون هو أيضا الذي يبدأ به المسلم حياته بعد الخروج من الصلاة، فالصلاة تبدأ بالتكبير "الله أكبر" ولكنها تختتم بالتسليم فيقول المؤمن عن يمينه وعن يساره وكأنه يسلم على الملائكة التي صلت معه أو مع جماعة المسلمين
حيث يصلون صفا واحدا أو مع جماعة المسلمين الذين صلى بهم أحدهم إماما. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ورحمة الله هذه البداية التي إذا ما انتهى بها الإنسان من صلاته فكأنها بداية لحياته تبدأ بالسلام ربنا سبحانه وتعالى أمرنا إذا ما انتهينا من الصلاة وقبل الصلاة أن تكون علاقتنا بالناس أن تكون علاقتنا بالناس حسنة قال وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة فإذا انتهت الصلاة بالسلام ففيه دلالة على
بدايتنا مع الأكوان ومع الإنسان، والسلام أيضا اسم من أسماء الجنة فإن من أسمائها دار السلام ودار السلام وهي الجنة سميت بذلك لأننا لا نرى فيها نزاعا ولا خصاما ولا صداما ولا صراعا بل نرى فيها طمأنينة وأمانا وسلاما فسميت بدار السلام وهي دار الله سبحانه وتعالى لإكرام عباده المؤمنين، والسلام اسم أيضا لهذه الحالة التي يتوافق فيها الإنسان مع نفسه فيكون في سلام
مع نفسه أو مع غيره فيكون في سلام مع الخلق، وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله. السلام قضية كبيرة لا تختص بحياتنا الدنيا بل إنها تتعداها ذلك إلى الآخرة، تحيتهم فيها سلام، فحتى تحية أهل الجنة ستكون باستعمال ذلك الاسم الشريف السلام، يلقيه بعضهم على بعض دلالة على الحالة التي يعيشونها طلبا لهذه الحالة التي بها سعادة الإنسان، والتي بها إقرار عمارة الأرض، والتي بها عبادة
الله، والتي بها تزكية النفس. أسماء الله سبحانه وتعالى ينبغي علينا أن نتحلى بها وأول ذلك وأولاه هو السلام، إلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.