الشهيد | من أسماء الله تعالى الحسنى | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع اسم من أسماء الله الحسنى، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، نعيش هذه اللحظات مع اسمه سبحانه وتعالى الشهيد، وكلمة شهيد كما مر لدينا كثير في أسماء الله تعالى على وزن فعيل، فعيل تصلح في اللغة العربية لاسم الفاعل والاسم المفعول، إذا فشهيد تصلح
لهذا، فهو سبحانه وتعالى هو الشاهد اسم فاعل شاهد لأنه يرانا في ظاهرنا ويرانا في باطننا وهو أعلم بذات الصدور من أي أحد كان، هو مطلع سبحانه وتعالى على حركة النملة الصماء النملة العمياء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء، أي يعلم كل شيء، فهو سبحانه وتعالى على كل شيء قدير وبكل شيء عليم. الله سبحانه وتعالى شاهد، شاهد بمعنى أنه يرى لأنه هو السميع البصير، شاهد بمعنى أنه سبحانه وتعالى سوف يشهد على الحقائق، فهو شاهد على هذه الحقائق
أن كثيرا من الناس في الأرض يشككون في نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والله شاهد عليهم في الدنيا وشاهد عليهم يوم القيامة كثير من الناس يرتكب الذنب ثم ينكره ولكن الله سبحانه وتعالى بعلمه شاهد عليهم وسوف تشهد ألسنتهم وجلودهم وأيديهم على أنفسهم ولكنه سبحانه وتعالى هو الأكبر المطلق على كل ذلك فإنه لا تغيب عنه مثقال ذرة من خردل في السماوات ولا في الأرض ولا أكبر من ذلك ولا أصغر إلا وهي عنده سبحانه وتعالى في كتاب مبين، الله سبحانه وتعالى شاهد على كل شيء، شاهد على أولئك الذين
يفعلون الخير فيما إذا كانوا قد فعلوه. لوجه الله تعالى أو أنهم قد فعلوه لسمعة ورياء، أما الذي فعله لوجه الله تعالى فثوابه مدخر عند الله سبحانه وتعالى، وأما ذلك الذي فعله لدنيا يصيبها أو لسمعة يريدها فإن الخير هو الخير والخير سوف يؤتي أثره في الحياة الدنيا، لكنه سبحانه وتعالى شاهد على أن ذلك لم يكن لوجهه خالصا ولم يكن لوجهه تاما لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما إذا فالخير خير والصدقة صدقة والمعروف والأمر به هو معروف وأمر بالمعروف والإصلاح بين الناس
خير إلا أن هذا قد يكون لابتغاء مرضاة الله وهنا فسوف يؤتي الله أولئك أجرا عظيما وإما أن يكون لغير ذلك من الأمور وهنا فإن الله سبحانه وتعالى لا يقبل من الإنسان أن يفعل فعلا لغيره شهيد بمعنى أيضا أنه مشاهد وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة يوم القيامة سنرى ربنا سبحانه وتعالى لا بأعيننا وحدقاتنا فإن الله لا يحيط به شيء فهو ليس جسما ولا كونا من الأكوان بل هو رب العالمين والرب رب والعبد عبد وهناك فارق بين المخلوق والخالق ولكن وجوه يومئذ ناضرة نراه بكيفية أخرى
وليست هي كيفية ما نرى به الأشياء في عالم الدنيا ننظر إلى ربنا سبحانه وتعالى ويمتعنا الله بالنظر إلى وجهه الكريم يوم القيامة فهو هنا يشاهد لكنه لا يرى بالأعين إنما يرى بكل الذات بطريقة أخرى لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد فنحن نرى الله سبحانه وتعالى في تجلياته في هذا الكون نراه في الطيور يغرد نراه في جمال الزهور، نراه وهو قد وضع الرحمة والرأفة في قلب الأم على وليدها، سواء كانت هذه الأم في عالم الحيوان أو في عالم الإنسان، نراه
وهو يدبر هذا الكون الحكيم، وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد، نعم اعبدوا الله كأنكم ترونه، فإن لم تكونوا تراه فهو يراك إلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته