الصبور | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع اسم من أسماء الله تعالى وهو ختام أسمائه التي وردت في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: الصبور. نعيش هذه اللحظات ولله الأسماء الحسنى. فادعوه بها، والصبور اسم مما يُطلق على الذات العلية، والصبور اسم مما يُطلق على الذات العلية ويُطلق أيضاً على البشر. والله سبحانه وتعالى لا يناله من عبادة نفع ولا ينال منهم ضر، ولا يؤثر فيه إيمان مَن آمن ولا كفر مَن كفر، ولا
يصل إليه ما نقدمه من لحوم للفقراء. ولا من عطايا للمساكين ولا من عبادة نعبده بها، فإنه لا يستفيد منها شيئاً. نحن الذين نستفيد من عبادتنا ومن صدقاتنا ومن أعمالنا الصالحة، ونحن الذين نضر أنفسنا حينما نخالف ربنا سبحانه وتعالى. ولأن الله سبحانه وتعالى لا يمكن لأحد أن يوصل إليه الأذى ويوصل إليه العدوان ويوصل إليه. الحرب إذا ما أراد أن يحارب الله وأن يحارب أنبياءه ورسله وأن يحارب الخير فإن ذلك كله لا يستطيع أحد أن يؤذي الله به. كان الله صبوراً على
عباده، يرى الكفر من الكافرين والفسق من الفاسقين والانحراف من المنحرفين ويتركهم ويرزقهم لأنهم صنعته وهو يحب صنعته، فهو يحب الإنسان الذي خلقه. الإنسان للجنة طريق، الجنة سهل، طريق الجنة لا يكلف، طريق النار صعب، طريق النار يكلف الإنسان. وترى الحلال الذي أحله الله في منتهى الرخص وليس له ثمن دنيوي، وترى المعصية التي حرمها الله في منتهى الغلاء ولها ثمن يدفعه العاصي، فإذا به يخسر الأمرين جميعاً: يخسر ماله ويخسر رضا الله. عنه من
أجل ذلك كان الله صبوراً المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم
الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الباعث الشهيد الحق الوكيل القوي فوراً الأذية بالناس، بل إنه يمد لهم مداً ويعفو عنهم عفواً ويجعلهم في نعمة غير متناهية. الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذ
عباده ابتداءً ولا يؤاخذ عباده إلا من أجل أن يرجعهم إلى حظيرة الإيمان، إلا من أجل أن يرجعهم إلى الطاعة. صبور سبحانه وتعالى وهذا الصبر. ليس هو على حقيقته البشرية فإن الإنسان منا إذا صبر وحبس نفسه شعر بالألم ولكن الله سبحانه وتعالى صبور بمعنى أنه ليس سريعاً في المؤاخذة وليس سريعاً في إيقاع العقوبة بالناس بل إن الله سبحانه وتعالى سريع في العفو سريع في الرزق سريع في المغفرة سريع في الرحمة فالله سبحانه وتعالى ليس صبره كصبرنا،
صبرنا لا بد أن يكون جميلاً لا يتلوه تبرم ولا يتلوه ألم ولا يتلوه حيرة، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون، لأن الإنسان إذا صبر فإنما يشعر بالضيق ويشعر بأنه قد حبس نفسه، ويحتاج إلى أن يوجه هذا إلى الله وأن يجعله خالصاً لوجه الله. فلا يتبرم بقضائه، ولذلك هو محتاج لأن يصف صبره بأنه جميل حتى يكون على هذه الصفة. أما صبر ربنا سبحانه، صبر ربنا سبحانه وتعالى، فهو جميل مطلقاً لأنه ومن غير أن يوصف بأنه جميل هو جميل، فإن الله جميل يحب الجمال. الصبور
يذكرنا بأننا ينبغي أن نرغب فيما عند الله. وأن نحذر عقابه وأن لا نتعدى على ربنا سبحانه وتعالى في أوامره ونواهيه معتمدين على أنه صبور وعفو وغفور، بل ينبغي علينا أن نستحيي من الله وأن نبادر وأن نسارع إلى مغفرة من ربنا سبحانه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.