الطريقة المثلى لحفظ القرآن وعدم نسيانه أ.د/ علي جمعة | أفيقوا يرحمكم الله |

حفظ القرآن وبعد أن حفظه تفلت منه، أخرج البيهقي حديث: "من حفظ القرآن خمسة خمسة لم ينس". ولذلك تحفظ خمس آيات خمس آيات أو خمسة أسطر خمسة أسطر، ومن هنا كان هذا الداركنار أو البركنار الذي هو المصحف الذي طبعه مصحف الملك فهد على خمسة عشر سطراً، بدايته آية. ونهايته ماذا؟ في الإطار، أي في الحاشية، وهذا كان يكتب منه كل سنة مصحفاً علي بن سلطان القاري المكي ويهديها إلى الخليفة، كل سنة يكتب مصحفاً ويتمه. وكان
علي بن سلطان القاري إماماً للقراءة في مكة، وكان خطاطاً، وكان الخطاط لا يُجاز إلا إذا أتمّ المصحف، أليس كذلك؟ يعني يكتب فقط هكذا، لا بد أنه يُتِمّ المصحف. فكان الشيخ علي بن سلطان القاري، علي القاري، يكتب مصحفاً على طريقة البركنار ويهديه إلى مَن؟ إلى مولانا الخليفة السلطان في إسطنبول. ثم شاع هذا النوع بدايةً في تركيا لأن الذي ابتدع هذا أو أبدعه حامد أفندي، وهو أقدم من سلطان القاري. كان القارئ في القرن السابع عشر، وحامد أفندي كان قبله بنحو مائة سنة، فهو الذي وازن
القرآن هكذا بحيث إنه يبدأ بآية وينتهي بآية، وعدد الأسطر خمسة عشر سطراً، وعدد الجزء عشرين صفحة. وتعلق هذا بحفظ القرآن، فكانوا يقرؤون أو يحفظون الصفحة الأخيرة من كل جزء، الصفحة الأخيرة من كل. جزء ثم يعودون فيقرؤون الصفحة التاسعة عشرة من كل جزء فيحفظونها، ثم الثامنة عشرة، ثم السابعة عشرة، ثم هكذا إلى أن يتم القرآن، فيتصور في ذهنه ولا يستطيع أحد أن يخرجه منه. وهذا تم في تركيا حتى مع الأولاد الذين لا يتقنون العربية ولا يعرفونها، كانوا يحفظون القرآن ولا يعرفون. شيئاً
في العربية هو هكذا يُحفَظ فقط، وهذا من إعجاز القرآن الكريم أن أحداً لا يعرف معناه ولا يعرف كيف يقع، ولكنه يحفظه ويحافظ عليه ويقوم به في رمضان. فالبركنار تعلّق بها نظام حفظ، وكان هكذا يحفظون، وهناك كانت. أنا أدركت ستة آلاف مدرسة في اسطنبول يحفظون على هذه الطريقة. كل يوم صفحة، فكان يتم في ستمائة يوم سنتين إلا قليلاً، ثم بقية السنتين يراجع مراجعة وحفظاً، وكان كلما يحفظ شيئاً فإنه يراجع ما مضى، ولكن كان المقرر صفحة كل يوم، هذا والله تعالى
أعلى وأعلم.