الطلاق المعلق | أ.د. علي جمعة

حدثت مشكلة بين زوجين منذ ست سنوات وبعد ذلك قال لها: "انظري الآن، إذا ذهبتِ إلى أي مكان بدون علمي تكونين طالقاً". عادةً بعدما يقول لها "تكونين طالقاً" يستثني حضرته بعض الأماكن الخاصة بالحياة اليومية، يبدو مثل دورة المياه أو شيء مشابه، ومنزل والدتي. فهو يوجد تحيز هنا. وبعد مرور فترة على هذا وبناء الثقة والمصداقية ودون وقوع السبب نهائي في هذا الوقت، جلست بيني وبين نفسي ودون علم زوجتي بهذا الأمر ورجعت إلى نفسي
وقلت: أشهد الله أنني أحلها من هذا الطلاق المعلق ولا أريد إيقاعه حتى في حال حدوث هذا السبب، ومنذ حوالي ثلاثة أسابيع خرجت زوجتي. بدون علمي نسيت أنه منذ ست سنوات قال لها هذا الكلام الفارغ، وهذا أيضًا من ضمن المغفلين. لماذا أقول من ضمن المغفلين؟ حسنًا، هذا فيه قدح في السائل فلن يسأل مرة أخرى. لا، أنا أريد الناس أن تفهم فقط، فأنا لا أقصد أن أشتمهم وإنما قصدي... اعلم الناس أن هذا خطأ، لا تفعل هكذا دون علمي إلى مكان مع إخوتي، وقلت لها: أنتِ بذلك أوقعتِ السبب المعلق، رجع ثانية للحث، لا، ما دمت قلت بينك
وبين نفسك، بل هذا كما يقول الشيخ ابن عابدين على أنه من تعليق الفور، يعني ماذا تعليق الفور يا جماعة العلماء؟ يعني تكونين طالقاً إذا ذهبتِ دون علمي إلى هذه الأماكن دون تلك الأماكن الآن. وهذا الآن ينتهي بماذا؟ بالجلسة. فمن اليوم التالي إذا ذهبت هذه المرأة إلى أي مكان فلا تعليق. حسناً، ما الذي يدل على أنه كان فيها الآن وهي غير موجودة، أنه رجع عن رأيه وأشهد؟ الله على أن هكذا إلى آخره، الحكاية ليست لعبة، فما دام
هذا يمين فور ويريد أن يبقى مغفلاً مرة ثانية، فليحلف مرة ثانية ويقول في نفسه من داخله: "وهذا ليس يمين فور"، فتتعقد في رأسه، فالغفلة هكذا ليس لها حدود، الغفلة ليس لها حدود.