العليم | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة

العليم | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة - اسماء الله الحسنى, تصوف
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع اسم من أسماء الله تعالى، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، مع اسمه سبحانه العليم. وكلمة العليم صيغة مبالغة من العلم، فالله عليم والله علام والله عالم عليم بكل شيء لأنه سبحانه خارج الزمان ليس قبله شيء وليس بعده شيء هو الذي خلق البداية وهو الذي خلق النهاية ولذلك فهو عليم في كل الأزمان وبكل الأزمان عليم بكل شيء لأنه هو الذي خلق
كل شيء ليس هناك شيء في الدنيا يغيب عنه عن سمعه وبصره وقدرته وإرادته عليم بالظاهر الذي يعلمه غيره من الملائكة والملأ الأعلى أو يعلمه الأنبياء والأولياء أو يعلمه الناس عندما يحدث فيما بينهم وأمامهم لكنه أيضا عليم بذات الصدور وعليم بالباطن وعليم بالنيات عليم بكل شيء بمعنى أنه عليم بما لم يحدث كيف لو كان قد حدث وما الذي يترتب عليه حينئذ العلم صفة كاشفة إن كشف الكون كله لله نعم هو عليم من أثر ذلك العلم
الرجاء، إذا كان الله سبحانه وتعالى عليما بحالي فأنا أرجو منه الرحمة والعفو والمغفرة، ومن آثار هذا العلم الخوف والرهبة، فإذا كان الله سبحانه وتعالى عليما بما في صدري وعليما بكل عملي وعليما بكل حياتي وزماني في الماضي وفي الحاضر وفي المستقبل فهو ليس قابلا لأن يخدع ولذلك أكون صادقا بين يديه وأكون أيضا ومن آثار ذلك العلم مستحيا منه لأنه يعلم حقيقتي ويعلم ما الذي قدمت بل ويعلم أكثر مما أعلم فقد يكون قد صدر مني الشيء وأنا أنوي فيه نية حسنة إلا
أنني أضمر في داخلي نية أخرى أو أنني أتشوق بقلبي إلى مصلحة أو إلى أذية أحد من الخلق بهذا الذي أظنه بيني وبين نفسي، بيني وبين نفسي من الصالحات، لكن الله سبحانه وتعالى عليم بهذا وذاك، عليم بما يقع في خاطري وعقلي، وعليم بما يقع في سري وقلبي، وعليم بما وراء ذلك مما قد اختزنته نفسي من خير أو شر. أمر مخيف ولذلك فنحن بين الرجاء والخوف مع ربنا سبحانه وتعالى نرجو رحمته ونخشى عقابه وغضبه وفي الوقت نفسه نحن على درجة من الحياء وفي الوقت نفسه نحن على درجة من الصدق معه فلا
يمكن أن نكذب على الله سبحانه وتعالى اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعلم لا أعلم فإن علمه أوسع من علمي فعيل فعال هي صيغة مبالغة من فاعل فهو عالم لكن لكنه سبحانه وتعالى علام ولكنه سبحانه وتعالى عليم أيضا نوع الله سبحانه وتعالى بين عالم وعلام وعليم ليخبرنا أنه بكل شيء عليم وأنه بذلك على كل شيء قدير وأنه بذلك رحمن رحيم وأنه بهذا حي فالعلم يقتضي الحياة ولذلك
من أسمائه العلي الحي القيوم، الحي القيوم لا بد أن يكون عليما والعليم لا بد أن يكون حيا، والعالم العلام العليم لا بد أن يكون قيوما قام بنفسه فلا يحتاج إلى أحد من خلقه وقام الكون به فكل شيء وكل أحد يحتاج إليه سبحانه. وتعالى فارق كبير بين العبد الفاني والرب الباقي فهو سبحانه وتعالى هو الباقي وسبحانه وتعالى لا يبقى إلا وجهه ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام كلمة عليم لها أدب ومن آدابها أن ينتهي الإنسان عن المعصية وأن يؤمن
بالله وأن يستحي منه وأن يسلك طريق الطاعة إلى لقاء آخر أستودعكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته