الفتاح | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة

الفتاح | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة - اسماء الله الحسنى, تصوف
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع اسم من أسماء الله تعالى من أسمائه الحسنى، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها. مع اسمه الفتاح، والفتاح صيغة مبالغة تبالغ في الصفة التي في اسم الفاعل مثل غفار ومثل رحمن ومثل رحيم، فهذه المبالغة فعلان فعيل كحليم وعظيم وكريم وفعال فعال لما يريد غفار فتاح وهكذا صيغة مبالغة فهي ليست
قاصرة على إقرار الصفة بأنه يفتح فهو فاتح بل أنه يكرر ذلك ويزيد ومنه الخير كله والفتح معناه انكشاف الأسرار والأسرار قد تكون أسرارا متعلقة بالملكوت والملك والملكوت يكون العالم وهو ما سوى الله وقد تكون أسرارا متعلقة بالله إذا فعندنا مقام الألوهية وهذا مقام مستقل وعندنا عالم لكنه ينقسم إلى قسمين عالم
الغيب وهو الملكوت وعالم الشهادة وهو عالم الملك عالم الملك هو الذي ندركه بحواسنا أو بالآلة ولذلك فنحن يتسع عالمنا كل حين عندما نستطيع بالمجهر بالتلسكوب بالمجهر أن نطلع على العوالم التي حولنا سواء كانت دقيقة أم عظيمة جليلة، كلما اطلعنا بحواسنا واستطعنا أن ندرك حقائق هذا الكون وسنن الله فيه، فإن ذلك يعد من كشف الأسرار ومن الفتح، فالله سبحانه وتعالى يفتح علينا في عالم الشهادة كما أنه أيضا من رحمته يفتح علينا من عالم الغيب،
وعالم الغيب غيب فإن العقلية العلمية ينبغي ألا تتجرأ على نسبة شيء إليه إلا إذا كان ذلك عن طريق الوحي من عند الله الذي يعلم السر وأخفى والذي يعلم ما في الصدور والذي يعلم ما للوجود وأن ندرك كل عالم على حقيقته لأن الحقيقة والحق هما المبتغى للإنسان العاقل ذي الفكر المستقيم في هذا العالم يفتح الله علينا في
عالم الشهادة بمعرفة أسرار الكون ويفتح الله علينا في عالم الغيب بمعرفة أسرار هذا الغيب ويفتح الله علينا أيضا في عالم اللاهوت هذا اللاهوت المتعلق بالمقام الإلهي سبحانه ربنا
سبحانه وتعالى كما قلنا له صفات الجمال وله صفات الجلال يسميها العلماء الرحموت والرهبوت صفات الجلال والرحموت من الرحمة وصفات الجلال الرهبوت من الرهبة، والله سبحانه وتعالى يجمع بين الرحموت والرهبوت حتى يستقيم حال العالم، لذلك يخوف الله به عباده "يا عبادي فاتقون"، والله سبحانه وتعالى وهو في حالة الكمال فهو إله، ومن هنا جاءت كلمة اللاهوت لأنه هو الإله الكامل الذي يجمع. بين الأمرين إذن الله لنا أن ندرك بعض صفاته
وبعض أسمائه، وهذه الأسماء هي عمود التربية، فكلمة فتاح يفتح الله لنا طريقا إليه ويفتح الله لنا كشف أسرار عالم الغيب ويفتح الله لنا كشف أسرار عالم الشهادة، وينبغي على الإنسان أن يقدر فتح الله عليه وأن يقوم بواجبه في كل ذلك بواجبه بأن يستعمل ما فتح الله عليه للاستعمال الحسن، فإن كان في عالم الغيب فليستعمله في العبادة، وإن كان في عالم الشهادة فليستعمله في عمارة الأرض التي أمرنا بها، والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير، من سلك
طريقا يلتمس فيه علما يسر الله له طريقا إلى الجنة والنبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بعبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس، اللهم يا ربنا افتح علينا روح العارفين بك وعلمنا الأدب معك واسلك بنا طريقا إليك، إلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله.