الفرق بين تفكير الأمهات وبنات اليوم | أ.د علي جمعة

سائلة تسأل وتقول: ترتيب أولويات الشابات اليوم هو السعي إلى المستقبل وترتيب هذا المستقبل، ولم يكن هذا شأن الأمهات، أمهات كل من يعيش الآن كبيراً كان أو صغيراً. الأمهات كانت تفكر في إنشاء البيت، وأن الأم إنما هي مصدر الحياة، تخرج منها الحياة، وهي سبب العناية والرعاية، فتفكر البنت. دائماً وتحضر نفسها لقيادة هذا البيت الذي ستكون ربة له، والرب هو السيد والرب
هو الصاحب. كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راعٍ وهو مسؤول عن رعيته. هل السؤال ما عليه؟ بنات اليوم يعني أمر طيب أو أن ما كانت عليه الأمهات أمر طيب؟ الحقيقة أن ما كانت عليه الأمهات كان أقرب إلى سعادة ابن آدم، كان أقرب إلى الفطرة التي خلق الله
الناس عليها، كان أقرب إلى أن يعيش الإنسان قاصداً سعادة الدارين، ولكن عندما تتقدم المصالح على المبادئ قد... ينعكس الحال وقد لا ينعكس، ولذلك ما كانت عليه الأمهات أطيب وآمن وأسعد وأولى مما عليه البنات. البنت لها عقلها وثقافتها وعلمها، وقد لا ترى في البديهة أن ما كانت عليه الأمهات هو الأسعد. تخوض
تجربتها، لكن عليها أن تعلم أن كبار السن ممن جربوا عرفوا أن هذا هو الأسعد. عليها أن تعلم وأن تعرف أنها لم تحط علماً بما أحاط به الكبراء والأولون، وأنها تعلم شيئاً وغابت عنها أشياء. وغابت عنها أشياء - جمع شيء - هي عرفت شيئاً واحداً فقط، لكنها لم تعرف عشرين شيئاً آخر، وهذا ما نراه عندما تتقدم السن في الشرق والغرب، في أمريكا وفي اليابان بالمرأة. فإنها تنظر إلى المسألة بنظرة أخرى،
وكثير منهن ما يندمن على اختيار هذا الخيار الذي تركناه لها لأنه مباح من هذا الأفضل والأطيب والأحسن الذي جاء من تجربة البشر.