القهار | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع اسم من أسماء الله الحسنى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها نعيش هذه اللحظات مع اسمه القهار والقهار هو الاسم السابع من هذه الأسماء السبعة التي أرشد إليها أهل الله الذاكرون أرشدوا الناس إليها للإكثار من الذكر لأنها تلخص صفات الله سبحانه وتعالى كلها التي ذكرها في كتابه والتي أوردها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سنته وهي لا إله إلا الله والله هو الحي القيوم الحق القهار ولقد تحدثنا عنها في
حلقات سابقة والقهار ابتداء هو اسم من أسماء الجلال فهو القاهر فوق عباده سبحانه وتعالى وهو الذي قهر كل شيء ولذلك يعده بعض العارفين بالله من أسماء الجمال أيضا لأن الله سبحانه وتعالى من جلاله قهر العرش الرحمن على العرش استوى واستوى أي قهره واستولى عليه العرش أعظم الكائنات في هذا العالم وحتى لا يدخله الغرور ويظن أنه في عظمته أنه شيء قهره الله سبحانه وتعالى فاستولى
عليه، وهذا هو معنى الاستواء. لقد استوى بشر على العراق من غير سيف أو دم مهراق، يعني استولى بشر على العراق. فاستوى لها معان في اللغة العربية تصل إلى خمسة عشر معنى، منها هذا القهر. ائتيا طوعا أو كرها، قالتا أتينا طائعين. فالله سبحانه وتعالى قهر السماوات وقهر الأرض وعرض عليهما إن كانتا تأتيان طوعا أم كرها فقالت السماوات وقالت الأرض أتينا طائعتين، هذا المعنى وهو معنى فيه جلال، والله سبحانه وتعالى قاهر لأعدائه قاهر لمن خرج عن مراده من
خلقه فأفسد. فأفسد. في الأرض قاهر لمن أراد علوا في الأرض وطغيانا وبغيا وعدوانا، وهذا المعنى يواجهه أيضا أنه لما قهر هذا الكون قهره للإنسان فسخر لنا ما في السماوات وما في الأرض، وهذا المعنى فيه جمال فالله قد سخر لنا الحيوان وأباح لنا أن نأكله فيما يجوز لنا أن نأكله من المأكولات. اللحم وسخر لنا النبات وأباح لنا أن نستعمله وأن نأكله وكأن هذا الكون مائدة للرحمن سبحانه وتعالى نأكل منها ما نشاء وما يطيب لنا أن نأكله وهذه
المائدة مائدة الرحمن جاءت من قهر الله لهذه الأشياء لصالح الإنسان إذن فالقهار له تجل في الجلال وله تجل في الجمال وكان المسلمون عندما يذهبون إلى الجهاد في سبيل الله يذكرون هذا الاسم كثيرا اسم القهار يا قهار وكان هذا الاسم له عجائب وغرائب وأسرار في تقوية قلوب المجاهدين في سبيل الله وقهر أعدائهم وطغيانهم ولذلك ونحن نذكر بهذا الاسم فإننا
نطلب جماله وجلاله نطلب جماله في تسخير هذه الأكوان لنا ونطلب جلاله يصد الله عنا العدوان والطغيان وأن يثبت أفئدتنا على الإيمان وأن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى وأن يجعلنا لا نسجد إلا إليه ولا نتذلل إلا لديه فإنه سبحانه وتعالى هو الحق القهار هذا الاسم إذا ما ذكرناه بهذه النية الصالحة فإننا سنرى آثاره في قلوبنا وسنرى أحواله في أنفسنا ولا ينبغي علينا ألا نتعلق به متمنين أن يوقع الله سبحانه وتعالى الأذية بغيرنا، بل نريد نصرة الحق ونريد
أيضا نصرة الدين ونريد أيضا صد العدوان والطغيان، لا إيقاع الأذى بالناس، فإنما بعثنا كما بعث رسولنا صلى الله عليه وسلم رحمة مهداة، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، هذه من أسماء الله أسماء تثلج الصدور وتهدئ النفوس وتذهب غيظ قلوبنا عندما نتعرض لشيء من كدر الدنيا، إلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.