القوي المتين | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع اسم من أسماء الله الحسنى سبحانه وتعالى، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها. نعيش هذه اللحظات مع اسمه سبحانه وتعالى القوي، ومع اسمه أيضا سبحانه وتعالى المتين، وهما اسمان قد وردا في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه القوي المتين، وقد يكون من الأسماء المزدوجة كالسميع البصير، كالأول الآخر الظاهر الباطن، مثل هذه الأسماء التي تذكر معا كالنافع الضار المعطي المانع، وهكذا من الأسماء التي فيها مقابلة، ولكن هنا هي كالسميع البصير وليس
كالضار النافع مثلا لأن فيها ازدواجا ولكن فيها كمال السميع البصير معا تفيد كمال العلم، القوي المتين تفيد كمال التصرف، ولذلك فهما اسمان يذكران معا، فهو سبحانه وتعالى هو القوي المتين. أمرنا ربنا سبحانه وتعالى بالقوة على المستوى الفردي، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، لأن المؤمن الضعيف بما عنده من الإيمان ما زال في حظيرة القوة من وجه من الوجوه فهو قوي
بإيمانه وإن كان ضعيفا في الحياة الدنيا لكن الله سبحانه وتعالى يريد أن نكون أيضا أقوياء في الحياة الدنيا فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وليس معنى هذا أن الله سبحانه قد يخرج المؤمن الضعيف من دائرة الحب أو من دائرة الخيرية لكنه على كل حال هو أقل من المؤمن القوي الذي ينفذ أوامر الله سبحانه وتعالى، والقوة هنا هي قوة الإرادة وقوة الهمة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ليس الشديد بالصرعة يعني الشديد ليس هو المصارع الذي يصارع الناس. فيغلبهم، إنما الشديد هو الذي يملك نفسه حين الغضب، فالقوة هنا تتمثل
في ضبط النفس، القدرة على التعقل وأن يتحكم العقل في جسم الإنسان وفي وجدانه. لا تغضب ولك الجنة. الإنسان إذا غضب خرج عن حد الحكمة، وإذا خرج عن حد الحكمة ذهب إلى حد التهور، وهنا يتصرف تصرفا قد يدمر ولا يعمر، قد يؤذي ويضر ولا ينفع، والمؤمن مأمور في كل ذلك أن يكون نافعا، أن يكون قويا بمعنى أن يكون ملتزما وعنده همة وعنده إرادة، المؤمن القوي في ذاته يكون الجماعة القوية، وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن
رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم، والإرهاب هنا هو قوة الردع، فإذا كان المؤمنون أقوياء فإن أعداءهم لا يستطيعون أن يهاجموهم أو أن يدمروهم أو أن يعتدوا عليهم، وهنا يأتي السلام فإرهاب العدو هنا معناه قوة الردع، أما الإرهاب الشائع في كلام الناس من جراء الترجمة عن اللغات الأجنبية فهو يسمى في لغة العرب بالإرجاف، وكلمة الإرجاف معناها الذين يفرضون آراءهم بالقوة على الناس ويجعلون أنفسهم وكلاء وحفظة وكفلاء على خلق الله، وهؤلاء الناس قد خرجوا بذلك عما أمر
الله به عباده، وأرشدنا فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره، وأرشدنا لكم دينكم ولي دين، وأرشدنا ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن، وأرشدنا فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا أي أن الأمر مردود إلى يوم القيامة في الحساب والعقاب والثواب والأمر فيما كنا فيه نختلف ينبئنا فيه ربنا سبحانه وتعالى يوم القيامة أما في هذه الدنيا فإن الله قد حرم الإرجاف فيها لكنه هو القوي المتين بمعنى أن يجب علينا أن نلتزم بذلك التزاما قويا متينا يقول
ربنا سبحانه وتعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما إلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم السلام ورحمة الله