القيوم | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة

القيوم | من أسماء الله الحسنى | أ.د علي جمعة - اسماء الله الحسنى, تصوف
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع اسم من أسماء الله تعالى وهو اسمه القيوم، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها. وورد في السنة القيام أخرجه النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغيث بالله في صلاة الليل فيناديه باسمه. يا قيوم السماوات والأرض، قيوم لفظة نادرة في أوزان العربية، قيوم ما وزنها صعب ليس شائعا، قيوم قيام فعال سهلة هذه، لكن قيوم كأنها
فريدة، قيوم فإذا اختص الله بها نفسه لأنه لا يسمى أحد بقيوم إلا هو، وإذا أردنا أن نسمي بشرا بهذه اللفظة الجميلة نقدمها بكلمة عبد فنقول عبد القيوم سبحانه وتعالى كما نقول عبد الرحمن، أما هو فنسميه قيوما هكذا قيوما بماذا؟ إذا كان بعض الناس حاول أن يقيس عليها، نجد في المغرب يسمون عميد الكلية قيدوما قياسا على قيوم قيدوم، لكن الحقيقة أن قيوما كلمة فريدة. ماذا تعني؟ إنه قائم بنفسه فلا يحتاج إلى
غيره. وهو فارق بين المخلوق والخالق، ومن الأمور الفارقة بين المخلوق والخالق القيوم، فهذا هو القيوم يعني القائم بنفسه وكل الكائنات من العرش إلى الفرش قائمة بغيرها، والقيام هنا أمران بشأن الأول الاحتياج، تجد الإنسان محتاجا إلى غيره محتاجا إلى الطعام ومحتاجا إلى النوم ومحتاجا إلى غيره يعاونه ومحتاجا إلى أبيه وأمه يرعونه صغيرا ومحتاج إلى أبنائه يشبع فيهم رغبته الأبوية أو الأمومية أو الأمومية وهكذا محتاج لكن الله لا يحتاج إلى أحد وفقير
في معناها الثاني معناها أنه مخلوق يأخذ مدده من الله والله يخلقه دائما بحيث أنه لو انقطعت عنا الخالقية لانقطعت عنا المخلوقية يعني هو قرر سبحانه ألا يخلق فلم نكن مخلوقين فأفنانا، فنحن قائمون هنا بخلق الله لنا، ليس خلقنا وتركنا، لا، بل خلقنا ولا يزال يخلقنا، فنحن نحتاج إليه حتى في وجودنا، ونحتاج عامة كما خلقنا، محتاجين لغيرنا، لكنه لا يحتاج لهذا ولا لذاك، قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد
ولم لم يكن له كفوا أحد، هذا معنى القيوم، ولذلك جعلوها أيضا من الأسماء السبعة الأصول التي يذكر بها لا إله إلا الله، هو حي قيوم حق قهار، وكثيرا ما يجمع بين الحي والقهار، وكثيرا ما ورد في السنة أنه اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، يا حي يا قيوم وسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو به فقال سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب الله الحي القيوم كلمة عظيمة ينبغي
أن نفهمها ولكن أيضا ينبغي أن نتعلق بها ثم ينبغي بعد ذلك أن نعيش فيها ولذلك يحسن توكلنا على الله واعتمادنا عليه والرضا بقضائه والتسليم بأمره والوقوف عند أمره ونهيه سبحانه وتعالى، ثم بعد ذلك كله يجب علينا أن نسعى في الأرض في عبادته وعمارتها وتزكية أنفسنا تعلقا بالحي القيوم سبحانه وتعالى. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن علينا بأن يفتح علينا فتوح العارفين به. اللهم نور قلوبنا واغفر ذنوبنا واستر عيوبنا. ويسر غيوبنا واجعل القرآن الكريم
ربيع قلوبنا وجلاء همنا وحزننا واجعله حجة لنا ولا تجعله حجة علينا أقمنا في الحق وأقم الحق بنا واسلك بنا الطريق إليك يا رب العالمين وصلى اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته