اللهم انزع حب الدنيا من قلوبنا وازرع حب الحياة | أ.د على جمعة

سؤال: تقول: "اللهم انزع حب الدنيا من قلوبنا وازرع فيها حب الحياة"، ولم نفهم الفرق بين حب الدنيا وحب الحياة. الإسلام عندما جاء دعانا إلى سعادة الدارين، اسمه هكذا، وكتبنا هكذا: "سعادة الدارين في الصلاة على سيد الكونين"، أو "سعادة الدارين". إذن توجد سعادة في الدنيا وتوجد سعادة. في الآخرة الدنيا والآخرة اسمهما الحياة، فإذا كان حب الحياة هو حب الدنيا والآخرة، لكن حب الدنيا هذا أعرج ناقص،
فهو يحب الدنيا فقط بشهواتها وبلائها وكل شيء. اللهم انزع حب الدنيا من قلوبنا، لكن حب الحياة لا. نحن نحب الحياة في الدنيا ونحب الحياة في الآخرة ونريد أن نحجز هكذا. هو على الأمرين الدنيا والآخرة، ما بالهم يغضبون؟ لماذا تغيظينني؟ لأن هذا هو الفرق. هم لا يريدون أن نذكر الآخرة، ونقول لهم: لا، إنها الحياة الحقيقية لو كانوا يعلمون. هذه هي الآخرة، هذه هي الحياة الحقيقية. لماذا؟ لأن الدنيا بزمن الله أو زمن الملأ الأعلى، لأن الله ليس عنده زمن. إنما
هو خلق الزمن، تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، يعني مما تعدون، يعني خمسين ألف سنة. فاصبر صبراً جميلاً، إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً. خمسون ألف على خمسة وعشرين ساعة، يصبح في اليوم ألفا سنة، الساعة بألفي سنة. تمضي ساعة فوق وتمضي ساعة تحت عندنا. هنا تمضي ألفي سنة، يعني سيدنا النبي انتقل منذ أقل من ساعة، ألف ومائة وقليل، فلم تمض الألفي سنة بعد. ساعة لا، ثلث. النبي توفي منذ ساعة لا، ثلث. أنهم يرونه منذ ألف وأربعمائة وتسع وثلاثين سنة، وتسع وأربعين سنة، ونراه قريباً. هذا ما زال،
هذا على الفور مباشرة، مباشرة. ها إن الدقيقة بثلاثة وثلاثين سنة وثلث، يعني أنت عشت مائة سنة هنا تكون قد عشت ثلاث دقائق هناك. يا أهل الجنة حياة ولا موت بعدها، يا أهل النار حياة ولا موت بعدها، فتكونون خالدين فيها أبداً. فالنون هي الحيوان، والحياتان الصحيحتان هما الآخرة أم الدنيا؟ ظهرت أن الآخرة هي الصحيحة، فكيف لا؟ لا أحب الثلاث دقائق ولا أحب أن نكون خالدين فيها أبداً. أنا أحب الاثنين، أحب هذه وأحب تلك. أما الذي يحب الدنيا وحدها ويريد أن يأخذها
بالطول والعرض في الشهوات والمعاصي وعدم تقديمها كمزرعة للآخرة فهو فاسد. لا، حب الحياة يجب علينا أن نعلمه أبناءنا. لماذا من لا يحب الدنيا، ما الذي يجعله... يظن الناس خطأً أن هناك أفراداً من النشء ظهروا وقالوا: "نحن لا نحب الدنيا، نحن نحب الآخرة"، فإذا حدث ذلك ماذا تفعلون؟ تريدون أن تموتوا، فذهبوا يفجرون أنفسهم. خيّبك الله يا ولد، ليس هكذا. حُبّ الدنيا وحُبّ الآخرة، لا تحب الدنيا فقط وتنسى الآخرة وإلا تكون أعرج، ولا تفعل ما أنت... تفعل ذلك لأنك ستكون أعرج أيضاً، لأن هذه الدنيا التي
خلقها ربنا هي دار الابتلاء ودار الاختبار والمزرعة للآخرة، فإذا أسأت فيها وأفسدت فيها تكون قد خسرت الدنيا والآخرة.