المجلس التاسع عشر من شرح متن الغاية والتقريب | أ.د علي جمعة

المجلس التاسع عشر من شرح متن الغاية والتقريب | أ.د علي جمعة - الغاية والتقريب, فقه
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا رسولِ اللهِ وآلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، قالَ المصنفُ: الإسلامُ، فهناكَ شرائطُ وجوبٍ وهناكَ شرائطُ صحةٍ. شرائطُ الوجوبِ تعني متى تنشغلُ ذمةُ المؤمنِ بهذه الصلاةِ، ثلاثةُ شروطٍ: الإسلامُ. حسنًا، شخصٌ غيرُ مسلمٍ،
هل هو مخاطبٌ بفروعِ الشريعةِ؟ أي غيرُ المسلمِ. عندما يؤذن الفجر، كان الملائكة قد وجهت إليه خطاباً: "قم فصلِّ". ولو كان الأمر كذلك، يكون غير المسلم مخاطباً بفروع الشريعة، وهو أمر فيه خلاف بين الأصوليين: هل يُكلَّف غير المسلمين بفروع الشريعة؟ يعني طوال النهار، يا عيني عليه، ثم الملائكة تقول له: "خيَّبك الله، لم تصلِّ، خيَّبك الله". ما توضأت، سيخيبك الله، ما صمت. هكذا قاعدون، يعني
عليه أم ليس مخاطبين لأنه لم يسلم بعد؟ فهنا ماذا يتبع عندما يقول أن شرط الوجوب هو الإسلام؟ إذاً الصلاة ليست واجبة على غير المسلم، يعني الكافر ليس مخاطباً بفروع الشريعة، أي أن غير المسلم لا يتوجه إليه خطاب. الصلاة إنما يتوجه إليه خطاب إسلام، نقول له أسلم وليس نقول له صلِّ، نقول له أسلم، وبعد إسلامه نقول له صلِّ لأنك دخلت في دائرة الإسلام. هل هما أمران أم أمر واحد؟ خلاف بين العلماء، فمن قال أنه أمر واحد فهو يخاطب الكفار بفروع الشريعة، ومن قال
لا، فالإسلام. شرط الوجوب أن يكون مخاطباً، فلا يُخاطب الكفار بفروع الشريعة، شرط الوجوب هو الإسلام. نعم، لكن الذي خارج الإسلام غير مكلف. وافترض أنه أسلم وهو عمره أربعون سنة، هل نقول له أن يعيد كل هذا؟ أم أن الإسلام يجبُّ ما قبله؟ فالحديث نصه: "الإسلام يجبُّ ما قبله"، أي نبدأ صفحة عليك أن تصلي من الآن بعدما دخلت الإسلام، فقد وجبت عليك الصلاة والزكاة والحج والصيام، وحُرمت عليك السرقة،
وحُرم عليك كذا وكذا إلى آخره. وإذا كان هذا الكافر معه زوجته، لكنه متزوجها ليس على سنة الله ورسوله، بل متزوجها على سنة الصنم الذي كان يعبده أو الطوطم الذي كان يتبعه، الاثنان لا يجددان عقدهما بل يستمران بالنكاح الأول أو الزواج الأول، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أسلم الناس لم يجدد لهم عقودهم ولا زواجهم. ليست هذه عقود باطلة، إنها ليست عقوداً باطلة، ولم يصف من كان كذلك بأنه ابن زنا، لا، بل هو نكاح صحيح ولكن
عندما أسلم. يبقى على عقده الأول، العقد الذي أبرمه في الشهر العقاري هذا، أو لا أعرف في قصر الحكم أو في أي مكان في أي بلد. مثال ذلك من أسلم ثم خرج من الإسلام ثم عاد مرة أخرى، هل يلزمه أن يعيد العقد ثانيةً؟ الصلوات فيها قولان: قالوا يعيدها، وقالوا لا يعيدها. لأنَّ عمله باطل ومردود، فمن شروط وجوب الصلاة الإسلام. وخارج دائرة الإسلام ليس هناك خطاب أصلاً متوجه إليه، فإذا أسلمتَ فالإسلام يَجُبُّ ما قبله.
والبلوغ أيضاً، إذ إنَّ الطفل خارج نطاق تكليف الصلاة. فإذا صلَّى طفل في سن السابعة أو العاشرة ولم يبلغ بعد. وصلّى كانت صلاته نافلة صلاة وصحيح، وكالمعتاد يذهب ليتوضأ ويستر العورة ويؤدي ما هي شروط الصحة، نحن الآن ما زلنا في شروط الوجوب، لكنه تجاهل الوقت. قلت له: "يا ولد، هل صليت؟" فقال لك: "ممم" ويزوم مثل الذئب هكذا، "ممم صليت والله".
ما بال شكلك؟ لماذا لم تصلِ؟ "ممم صليت ولا أي شيء هل سيحاسب عليها عند الله؟ لا، لأن البلوغ شرط الوجوب. فإذا لم يكن هناك بلوغ فليس هناك وجوب. إذاً، إن شاء الله، هذا الولد أفعاله لا يؤاخذ عليها حتى البلوغ. كان في الماضي الأطفال الصغار، الصبيان، يُلبسونهم حزاماً من ذهب، أتفهم؟ ويُلبسونهم حُلياً أو يُلبسونهم القفطان. يصنعوه بالذهب هكذا، هو قال يريد أن يلحق يلبس الذهب قبل أن يصبح رجلاً ويحرم عليه الذهب. والله، وهذا الولد قال
لا، لن يحرم عليه لأنه ماذا؟ لم يبلغ بعد. سيدنا الشيخ البغدادي كان يلبس القفطان الذهبي هذا وفيه حزام ذهبي، فدخل على شيخه، قبّل يديه، وبعد ذلك قال له: قال: "هذه المنطقة، التي هي ما هي؟ منطقة الحزام، منطقة وجبة". قال: "من ذهب؟". قال: "نعم، من ذهب". قال: "ألست ذكراً؟". قال: "بلى". "ألست رجلاً؟". قال: "بلى". فقال: "إذاً لا
يليق بك هذا، وهو طفل لم يبلغ بعد، لكنه يريد أن يدربه على الأمر الذي سيكون بعد البلوغ، أي لا يجوز لقوله تعالى: ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾، فهذه الأشياء للبنات وليست للصبيان. فذهب إلى أمه وبكى وخلعها، فلم يعد إليها، رضي الله تعالى عنه. يعني أنه أيضاً ينزه نفسه عما هو مباح، لأنهم عندما ألبسوه هذا كان مباحاً، والبلوغ والعقل لا. بد أن يكون الإنسان معه عقل، فالنائم ليس معه عقل، والذي تلاحظ تأثير المخدر فيه أثناء العملية ليس لديه عقل،
والمجنون والمعتوه ليس لديهما عقل، إذاً العقل أيضاً شرط من الشروط، شروط الوجوب. إذاً شروط الوجوب كم واحدة؟ ثلاثة: الإسلام والبلوغ والعقل، فقط، ولم تعد الحرية شرطاً، نعم هي ليست من شروط الوجوب ولم تعد الذكورة، نعم فالمرأة مكلفة. إذًا إذا توفرت هذه الشروط الثلاثة في الإنسان فيكون مكلفًا بالصلاة وجوبًا. فإذا لم يفعل ذلك، فسيكون حسابه عند الله وحده. وحد التكليف هو إلزام ما ليس فيه مشقة، أو طلب ما ليس فيه مشقة.
قولان للعلماء، بعضهم عرّف التكليف بأنه إلزام، والثاني قال له: هكذا ستُخرِج المندوب والمكروه، لأن الإلزام لا يكون إلا في الواجب والحرام. فبدلاً من أن تقول "إلزام"، أفضل منها أن تقول ماذا؟ "طلب". فيكون الطلب منه ما هو ملزم، ومنه ما هو ليس بملزم، فتشمل الأحكام الأربعة. حسناً، فماذا عن الحكم الخامس ليس فيه تكليف لما أبيح لك أن تأكل الملوخية. ما نوع التكليف في ذلك؟ يعني ماذا ستفعل من المشقة؟ لأن الكلفة هي المشقة. طلب ما فيه
مشقة هذه هي الكلفة. التكليف هكذا: طلب ما فيه مشقة. الكلفة هذه تعني المشقة. أنه أبيح لك أن تأكل فاكهة أو أن... أتأكل مانجا أو أن ترتدي القطن، ليس فيها شيء، ليس فيها مشقة، ولذلك الإباحة ليست من التكليف. الله! ألم تقولوا إن الأحكام التكليفية خمسة ومنها الإباحة؟ تأتي الآن لتقول لي إن الإباحة ليست من التكليف؟ قلنا: نعم. ولماذا عددتها من التكليف؟ لأن الشيء بالشيء يُذكر، ليس هذا. لتقسيم التكليف، الأحكام التكليفية أربعة. التكليف في أربعة، أما الخامس فهذا الخامس لا يجري عليه شيء،
بل هو ملحق بها لأنه تمام العدد. فإذا كان هناك شيء يسمى "الشيء بالشيء يُذكر"، فحين تجيب هكذا سيعرفون أنك حضرت عند المشايخ الأزهرية. إن لم تُجب فأنت حر، نعم، أنت موجود. يعني لا يحدث شيء، ما الذي تعلق به الخطاب؟ هم تعلقوا بها الخطاب لأنه تعلق بها الخطاب، هذا هو الذي نقول عنه أن الشيء بالشيء يُذكر، لأن الخطاب إما أن يكون طلباً وإما أن يكون إباحة. حسناً، والصلوات المسنونات وهذا هو ما سوف نقوله في اللقاء الثاني إن. شاء الله والحمد
لله رب العالمين