المجلس الثالث والثلاثون من شرح متن الغاية والتقريب | أ د علي جمعة

المجلس الثالث والثلاثون من شرح متن الغاية والتقريب | أ د علي جمعة - الغاية والتقريب, فقه
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام سنة مؤكدة فإن فاتت لم تُقضَ لأن سببها زال، ويصلي لكسوف الشمس وخسوف القمر ركعتين في
كل ركعة قيامان يطيل القراءة فيهما وركوعان يطيل التسبيح فيهما دون السجود، ويخطب بعدهما خطبتين، ويسر في كسوف الشمس لأن ذلك يكون صباحاً، ويجهر في كسوف القمر إذاً فظاهرة الخسوف والكسوف ظاهرة تنتج عن دوران الأرض حول الشمس في محورها ودوران القمر حول الأرض في محوره، ففي بعض الأحيان
يقع القمر في مواجهة الشمس فتحدث ظاهرة الكسوف، وفي أخرى تقع الشمس في مواجهة القمر فتحدث ظاهرة الخسوف، وهي ظواهر نتجت من الخلقة الإلهية وأن الله سبحانه. وتعالى قادر على أن يختل النظام فنتأثر سلباً كما أنه قادر على أن يسير النظام على نظامه فنتأثر إيجاباً، ولذلك فإن الظاهرتين تستوجبان أولاً شكر
الله رب العالمين، لأنه إنما فعل ذلك حتى ننتبه إلى ما ألفناه من أوضاع يقول لنا فيها دوام الحال من المحال، وأني كما متعتكم بالنعم. أعاقبكم بالنقم، وثانياً نوع من الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يعيد الأمر إلى ما كان عليه، فقد جعل الشمس سراجاً وجعل القمر نوراً، وحجب هذا السراج وذلك النور منقصة في حق كون الإنسان
في كون الله سبحانه وتعالى، وهنا نلجأ إلى الله بتلك الصلاة حتى يفرج عن تلك النعمة. وحتى تعود النعمة مرة أخرى، ولما مات سيدنا إبراهيم بن سيدنا النبي من ماريا عليها السلام كسفت الشمس، فقالوا: هذا من أجل موت إبراهيم، يعني الشمس حزنت على سيدنا إبراهيم فحُجبت أو أظلمت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لبيان الحقيقة ولعقلية الواقع
العلمية: إن الشمس والقمر آيتان من آيات. الله لا يخسفان لموت أحد ولا لميلاده، فإذا رجعنا إلى الحق والحقيقة وكان عليه الصلاة والسلام لو سكت لصارت هذه عقيدة أو ذلك الكلام عند الناس، فالحمد لله الذي جعلنا مسلمين، وهذه العقلية التي رباّنا عليها سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم هي التي نشرت الإسلام في العالمين. وعرف الناس الفرق بين العقلية الخرافية التي تتبع الأوهام وبين العقلية التي تدرك الواقع حتى
تتعامل معه تعاملاً صحيحاً. صلاة الكسوف والخسوف سنة مؤكدة، يعني باتفاق هي ليست فريضة، وهذه الفريضة إنما هي تلك الصلوات الخمس التي بعد ما تعلمها الأعرابي قال: "هل علي شيء غير هذا؟" قال: "لا"، قال. إذا والله لا أزيد عليها ولا أنقص؛ يعني عندما يأتي كسوف لن يصلي صلاة الكسوف، وفي العيدين لن يصلي صلاة العيدين، وهكذا. فإذاً هذه سنة فقط وليست
فريضة، وتُعلم بالحساب، يجوز للحاسبين الفلكيين أن يضبطوا ويقولوا متى تكون الشمس والقمر والأرض على خط واحد في الوقت الفلاني في اليوم الفلاني في الساعة الفلانية. ووصل ابن يونس في زيّه إلى العاشرة، يعني ماذا تعني العاشرة؟ حيث إن الدقيقة ستون ثانية، والثانية ستون ثالثة، والثالثة ستون رابعة، والرابعة ستون خامسة، والخامسة إلى العاشرة. ولم يستطيعوا حساب ما فوق العاشرة إلى أن جاء أحمد زويل وجعل فيها ثواني، لكن جماعتنا الذين في التاريخ وصلوا إلى
تحديد. الأمر بالعاشرة، قم أنت عندما تقرأ العبارة لا تفهمها؛ ماذا تعني بالعاشرة؟ بأصابعك العشرة؟ أم تعني بالعاشرة بالإيمان العاشرة؟ ماذا تعني عاشرة؟ لا هي كذلك لأنها الثانية والثالثة والرابعة والخامسة وهكذا. العاشرة تصبح جزءاً من ستين من التاسعة، جزء من ستين من الثامنة. وتظل تقول هكذا حتى تصل. إلى الدقيقة وإنا لله وإنا إليه راجعون. بدأ الكسوف والخسوف، بعضهم قال الكسوف للشمس والخسوف للقمر، وبعض اللغويين قالوا هما مترادفان، يعني يجوز أن تقول على الاثنين كسوف، ويجوز أن تقول على
الاثنين خسوف، لا يوجد فرق بينهما، كسوف وخسوف واحد. فعندما يخطئ شخص أمامك ويقول لك خسوف الشمس، اتركه، فلم ترد أو... خسوف القمر لا يُحدث شيئاً، ليست قضية يعني لماذا؟ لأن هناك ترادفاً بين الكسوف والخسوف، لكن ما جرى عليه العمل والاستعمال أن الكسوف للشمس وأن الخسوف للقمر. ثم تقوم بصلاة ركعتين فقط، ركعتين فيهما شيء من الغرابة. ما الغرابة التي فيهما؟ أنهما في كل ركعة ركوعان. نحن معتادون في كل ركعة ركوع واحد، نركع ونقوم فقط وانتهى الأمر، لكن لا، هذا ليس صحيحاً،
في كل ركعة ركوعان: ركوع أول ثم تقوم وتقرأ، لا تقرأ الفاتحة الآن، بل تكمل القراءة وتطيل فيها حتى يزول الكسوف عن صاحبنا القمر أو صاحبتنا الشمس، هل تفهم كيف؟ نحن ننتظرها أن تعود إلى حالتها الطبيعية، لأن هذا الأمر قد يستمر إلى خمسة وعشرين دقيقة. دقيقة، أي أن الكسوف والخسوف يصل إلى هذا؛ ففي أمور بسيطة يستمر سبع أو ثماني دقائق، وفي أمور أخرى يستمر لك خمساً وعشرين دقيقة. فهذه الخمس والعشرون دقيقة تحتاج يعني أن تُقرِّب البقرة إذاً لكي تنتهي بعد القراءة الطويلة. وبعد ذلك تنحنحت
أو بدأت تأتي راكعاً، قال: "تأخذ استراحة"، يعني استراحة، ماذا تعني؟ استراحة. يعني على ماذا؟ على الركوع. تأتي في الركوع بثلاث تسبيحات، لا هنا يمكنك أن تأتي مثلًا بإحدى وعشرين أو ثلاث وأربعين، يعني تطيل في الركوع تطويلًا، ليس ذلك الذي يعني أن الإمام عادةً ما بين ثلاثة إلى خمسة، وعندما يصل إلى سبعة يبدأ بعض الناس بالتذمر خلفه ويزمجرون مثل الذئب. مولانا، آه مولانا، طولت يا مولانا، وهكذا. لا، المرة هذه ستجلس مدة في الركوع الأول، وبعدها تقوم لتكمل القراءة، وتقرأ لك نحو جزء أو اثنين، وتركع ثانية، وتطيل
ثانية في الركوع. إذن هي أمور غريبة، حكاية صلاة الكسوف هذه. إنها تحتاج استعداداً، ولذلك كان بعض مشايخنا عندما يأتي كسوف واحد... يدخل هكذا عليه وهو في الدرس: "مولانا، الشمس كسفت يا مولانا". هو من النابتة يريد أن يقوم، يعني يصلي الآن. يقول له: "إن شاء الله ستنتهي، إن شاء الله ستنتهي"، وهو يعلم أنها سنة وذاك يظنها فريضة. "يا مولانا، يعني لن تصلي يا مولانا بهذا الشكل؟" نعم هذا عمل، أي تضجين لا نحبه نحن. هذا التضجين سينفك إن شاء الله، وفعلاً انفك.
يعني نحن بعد الدرس خرجنا فوجدناها منفكة، وكل شيء في أمان الله. فإذا كانت القضية هكذا، يعني لن تطبق سنة سيدنا رسول الله، وتقاطع مباشرة بالحذاء وتأتي إلى خلفه، لا، سنطبق ولكن مع التهيؤ ومع... يعني التوازن مع الله، لا تجعل الناس تعبد ربنا كرهاً، دعهم يعبدونه بحب، ليس بإثبات الحالة، ليست مثل هذه الطريقة، نحن هكذا فعلنا كذا، ما هذا كله؟ هذا كله عبارة عن تشدد في الدين، وبعد ذلك يقوم مثل قصة العيد، يلقي خطبتين يحمد فيهما ربه ويلتجئ إليه أن يستر عليه. معنا ويعني يشكره على نعمه
ونعمائه سبحانه وتعالى والله تعالى أعلى وأعلم